من بينهم مسؤولين ما زالوا يتقلدون مناصب في أهم قطاعات الدولة

كشف اللائحة النهائية لناهبي المال العام في المغرب

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: أفادت مصادر مطلعة أن الهيئة الوطنية لحماية المال العام في المغرب تستعد لكشف اللائحة النهائية بأسماء ناهبي المال العام ومرتكبي الجرائم الاقتصادية والحقوقية في المملكة. وقالت المصادر ذاتها، لـ quot;إيلافquot;، إن هذه اللائحة تضم أسماء وزراء سابقين ومسؤولين أمنيين كبار وموظفين سامين استغلوا مناصبهم في مراكمة ثروات هائلة خارج نطاق القانون، مؤكدة أن سلطة الإتهام يجب أن تتحرك لمحاسبة المتلاعبين بالمال العام في المغرب.

وأبرزت المصادر نفسها أن عدد الأسماء الواردة في اللائحة يفوق الـ 30 بكثير، وروائح صفقاتهم تزكم الأنوف، كما أن بعضهم ما زال يتقلد مناصب في أسلاك الدولةquot;، مشيرة إلى أن الكشف عنها سيتم خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد انتهاء المرصد الوطني لمراقبة استعمال المال العام في الانتخابات من البث في شكايات قدمت له بخصوص بعض تجاوزات التي شابت عملية الاستعداد لهذا الاستحقاق الانتخابي.

وذكرت أن مراسلة وجهت بهذا الخصوص إلى مسؤولين حكوميين وسياسيين وغيرهم، جرى من خلالها المطالبة بالبحث في الثروات التي راكمها المتورطون، وعلى رأسهم المسؤولين الأمنيين، طيلة ال 50 السنة الفارطة.

وبخصوص التحريات حول تورط مسؤوليين في الأمن والدرك والقوات المساعدة في تهريب السموم البيضاء، أي ما بات يعرف بقضية quot;الشريف بين الويدانquot;، أشارت المصادر إلى أن كتابات أرسلت إلى الجهات المعنية في هذا الشأن تدعو إلى النبش في الصفقات التي جرى من خلالها تشييد مبان أمنية بأموال لمهربين دوليين للمخدرات في طنجة، مشددة على ضرورة رصد جميع التجاوزات المرتكبة في هذا الملف.

وترتكز مطالب الهيئة على اتخاذ إجراءات صارمة لحماية المال العام عبر إقرار دستور ديمقراطي والقيام بإصلاحات سياسية تكرس الفصل الحقيقي بين السلطات، وتمكين السلطة القضائية من القيام بدورها بكل ما يلزم من نزاهة واستقلالية، وإنشاء مؤسسات قوية قادرة على المراقبة الفعلية للمال العام. كما تشدد، حسب ما جاء في بيان أصدرته عقب محاكمة رمزية أجرتها أخيرًا لمختلسي المال العام، على أهمية حذف ما يعرف بالامتياز القضائي الذي يتمتع به الوزراء والموظفون الكبار في الدولة، والذي يسهل الإفلات من العقاب في مثل هذه الجرائم.

وكشفت أن لهذه الآفة عواقب كبيرة تتمثل في معاناة 50% من السكان البالغين من الأمية، كما أن عدد الأطباء لا يتعدى 46 طبيبًا لكل مئة ألف من السكان، إضافة إلى أن هناك نقصًا كبيرًا في مجال السكن.

وأوضح البيان أن حجم الأموال المنهوبة من البنوك، والتي من بينها البنك العقاري والسياحي، بلغت 8 مليارات درهم (890 مليون دولار أميركي)، وفي quot;بنك القرض الفلاحيquot; وصلت إلى 846 مليون درهم (95 مليون دولار)، إضافة إلى المبالغ الضخمة التي نهبت من مؤسسات مالية ومصرفية أخرى مثل البنك الوطني للإنماء الاقتصادي، والتلاعبات في عمليات الخصخصة والفوارق الفادحة بين الرواتب.

وتبلغ مجموع المبالغ المالية، التي قضت المحاكم المختصة بإرجاعها لفائدة الدولة، بعد إلغاء محكمة العدل الخاصة، ما مجموعه 38679544.54 في 42 ملفا، لم يسترجع منها سوى 4 ملايير.
وينتظر مسؤولو الهيئة بشغف كبير أن يصل التحقيق في ملفات الفساد المالي، التي يرون بأنها أحيلت على القضاء، بانتقائية تامة لإماطة اللثام عن بعض الجرائم المرتكبة مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية، بما فيها حجز جميع ممتلكات المتورطين.

غير أن كل هذا لا ينفي، حسب ما صرحت به مصادر مقربة من الهيئة، أن ظاهرة الفساد ونهب المال العام تسير نحو الاستفحال بسبب عدم إحالة جميع المتورطين على القضاء، إذ إن الفارين من العدالة يلجأون إلى دول لا تربطها بالمغرب اتفاقيات قضائية ثنائية لتبادل المجرمين والمبحوث عنهم على الصعيد الدولي، بل إنهم يلجأون أحيانًا حتى إلى دول تربطنا بها اتفاقيات قضائية، ولكن يصعب إلقاء القبض عليهم، إما لاعتبارات سياسية أو لاحتمائهم بمراكز النفوذ أو لاعتبارات قانونية، ومنها عدم مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، وبالتالي يصعب الحجز على ممتلكاتهم وأموالهم بالبلدان، التي يقيمون فيها.

وتتعالى في المغرب الأصوات الحقوقية والجماعية المطالبة بسن قانون يحمي كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام، وذلك بهدف التشجيع على فضح هذه الجرائم الاقتصادية.