أسامة العيسة من القدس : تهافت سياسيو إسرائيل إلى بلدة اسديروت الإسرائيلية، التي تتعرض لسقوط القذائف الصاروخية محلية الصنع من قطاع غزة. ومن بين هؤلاء أيهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي جال برفقة وزير دفاعه عمير بيرتس، في البلدة، التي غادرها معظم سكانها، وبيرتس يسكن في البلدة، وكان رئيسًا لبلديتها قبل سنوات عديدة.

وخلال جولة اولمرت، سقطت قذيفة صاروخية على بعد 400 مترًا من المكان الذي كان يوجد فيه، فسارع مرافقوه إلى سحبه إلى مكان أكثر أمنًا.

وواجه من تبقى من سكان البلدة، اولمرت وبيرتس، بالهجوم عليهما، واتهامهما بالتخلي عن السكان، وعدم توفير متطلبات الأمن لهم.

وطلب أحد السكان من اولمرت مغادرة البلدة فورًا، وإرسال أجهزة الدولة المختصة لإجلاء من تبقى من السكان من البلدة.

أولمرت وبيرتس أثناء تفقدهم لاحد منازل سيديروت
وفي حين أن اولمرت لم يكن مرحبًا به ممن تبقى من سكان البلدة، كان الأمر مختلفًا مع زائر آخر، هو اركادي غايدمك، الثري الإسرائيلي من اصل روسي، والذي لا يجيد الحديث باللغة العبرية.

كان غايدمك، قداستأجر فندقًا في مدينة بئر السبع لسكان البلدة، منذ اليوم الأول لسقوط صواريخ القسام عليها، وتهافت السكان على الحافلات التي أرسلها غايدمك إلى البلدة لنقل السكان إلى الفندق، في حين أن خطوته هذه لاقت سخطًا من اولمرت الذي قال: quot;نحن لسنا بحاجة إلى منافسة غايدمك في نقل سكان اسديروت لأن هذا ما تريده حماسquot;.

ولم يرد غايدمك على اولمرت، ولكن سكان البلدة هم الذين تولوا ذلك قائلين: quot;ليس من البطولة في شيء، البقاء في مكان يفتقر للحماية الأمنية والملاجئquot;.

وجزء من السكان أمضوا ليلتهم في الملاجئ، في ظروف وصفوها بالصعبة، لافتقار الملاجئ للكهرباء والماء والمجاري، وهي تحتاج إلى إعادة ترميم بكلفة 6 ملايين شاقل.

وحمل غايدمك خلال زيارته لاسديروت الحل السحري، واعلن انه سيباشر في بناء ملجأ يتسع لآلاف الأشخاص، بكلفة تتراوح ما بين 50-60 مليون شاقل، سيدفعها من جيبه الخاص.

وهكذا، وبينما لم يقدم اولمرت وبيرتس سوى الوعود لسكان اسديروت، اتخذ غايدمك خطوة عملية، وأمام الملا متحدثًا بصوته الهادئ، مطمئنًا السكان، وكأنه أخ كبير لهم، يهمس في آذانهم، ويقدم لهم المساعدات، كان ذلك واجبه ومن دون تحميلهم جمائلاً على ذلك.

ودعا من تبقى من سكان البلدة الذين لم يرحلوا عنها، إلى الصعود إلى حافلاته والذهاب إلى الفندق الذي استاجره في بئر السبع، حتى تمر الظروف التي وصفها بالصعبة، ويعود السكان إلى منازلهم.

وقال غايدمك، بأنه سيجهز الملجأ الذي سيباشر ببنائه على الفور، بكل مستلزمات الراحة، من أماكن للنوم، ومطابخ، وحمامات، وقاعات لمشاهدة التلفزيون والأفلام السينمائية وغيرها، وعندها يمكن للسكان، ان يقيموا فيه، ولن تؤثر عليهم أية صواريخ.

وكان غايدمك، أرسل، في الصيف الماضي، ونتيجة لظروف مشابهة، من رغب من سكان البلدة على حسابه الخاص، إلى منتجع ايلات على البحر الأحمر، للترفيه عنهم، في خطوة أثارت الدهشة والاستغراب آنذاك، ولكن مع تواصل خطوات غايدمك العجيبة، لم يعد مفاجئا أي قرار يتخذه، مثل دعوته لاي من الإسرائيليين للمشاركة في حفلات الشواء الضخمة التي أقامها بمناسبة عيد استقلال إسرائيل في شهر نيسان (أبريل) الماضي، فلبى الدعوة الآلاف الذين تناولوا اللحم المشوي على حساب غايدمك، وقبل ذلك أقام حفلة أسطورية، بمناسبة راس السنة الجديدة، حضرها نجوم السياسة والفن والمجتمع والجمال في إسرائيل.

وتعرض بسبب ذلك إلى انتقادات من اولمرت وبيرتس، ولكن ذلك لم يثنه عما يخطط له، والذي لا يعرف عنه الكثير، وان كان افصح عن القليل منه، عندما أعلن قبل اشهر تأسيس حركة اجتماعية، لم يستبعد المراقبون أن تتحول الى حزب سياسي.

ومنذ ظهوره المفاجئ، على الساحة الإسرائيلية قبل بضعة سنوات، تحول غايدمك إلى شخص مثير للجدل، وذلك بسبب استخدامه ثروته التي توصف بالأسطورية، من اجل تحقيق أهدافه وشراء أي شيء معروض للبيع في إسرائيل.

غايدمك
ولا يكاد يمضي يوم، دون أن يكون غايدمك حديثًا لوسائل الإعلام، وقبل تدخله في قضية سكان اسديروت، احتل الصفحات الأولى للصحف، بسبب نادي بيتار القدس، لكرة القدم الذي اشتراه، والعنف الذي مارسه جمهور النادي بعد فوز الفريق بمباراة جعلته يتأهل لمباراة تالية على كاس إسرائيل.

واتخذ اتحاد كرة القدم قرارات عقابية للنادي والجمهور، وقرر أن تكون المباراة التالية في اسديروت، بعيدًا عن القدس، فطلب غايدمك من جمهوره الالتزام، والبقاء في القدس، حيث نصب شاشات عملاقة لتمكين الجمهور من مشاهدة المباراة، مع توفير كل أسباب الراحة لهم، وتجنيد مطربين لإحياء أمسية فنية رياضية.

ونجح غايدمك بإقناع الجمهور بالتخلي عن العنف، وقاد فريقه للفوز بكاس إسرائيل لدوري كرة القدم.

ولا يقتصر نشاط غايدمك على إسرائيل، وانما يمتد إلى روسيا ودول أخرى من بينها دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، ودول أخرى.

ومع تحول غايدمك إلى نجم إعلامي، يغيظ سياسي إسرائيل، تستمر الأسئلة حول طموحاته، ولم تؤد الأخبار التي تحدثت عن نيته الترشح لرئاسة بلدية القدس، إلى تقديم أجوبة عن هذه الأسئلة، لأن لا أحد في إسرائيل يصدق، بأن غايدمك سيقبل الجلوس في مقعد رئاسة بلدية القدس، على الرغم من أهمية المنصب، وانما سيكون، جواز مروره إلى مناصب أخرى.