يحظى بثقة إيران والمجلس ولكن بلا هيمنة على الإئتلاف
عمار الحكيم يستعد لخلافة والده خلال أيام

بوش وطالباني بحثا المصالحة العراقية وتعديل اجتثاث البعث

أسامة مهدي من لندن : من المنتظر أن تعلن قيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي خلال أيام قليلة عن اختيار خليفة لرئيس المجلس السيد عبد العزبز الحكيم زعيم الإئتلاف الشيعي الموحد الحاكم والمصاب بسرطان الرئة الذي يعالج منه في طهران، والذي عاد الى بغداد اليوم بعد انتهاء جولة من العلاجات، حيث تشير التوقعات إلى أن نجله عمار هو المرشح الأقوى لخلافة والده. وتعقد قيادة المجلس اجتماعات منذ ثلاثة أيام لإختيار خليفة للحكيم الذي يبدو أن السرطان قد انتشر في جسمه على حد توصيف أطباء أميركيين ويحتاج إلى علاج طويل بالكيمياوي وسيبعده عن العراق وعن تسيير شؤون المجلس الأعلى والإئتلاف الحاكم.

وقد تنتهي هذه المداولات خلال أيام قليلة لن تتعدى الأسبوع المقبل لتكون قيادة المجلس قد حسمت أمرها من اختيار خليفة للحكيم (58 عامًا).

ويبدو أن أقوى المرشحين لخلافة الحكيم هو نجله عمار إلى جانب عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية وهمام حمودي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب رئيس لجنة كتابة الدستور وتعديلاته لكن عقبات تقف أمام اختيار الشخصيتين الأخيرين. فبالنسبة إلى عادل عبد المهدى فإنه لا يحظى بثقة الإيرانيين لتولي رئاسة المجلس المرتبط بهم بشكل وثيق... أما همام حمودي فإن عقبة أصوله البغدادية تحول بين تسميته خليفة للحكيم نتيجة التنافس الديني والذي تطور إلى سياسي خلال السنوات الأربع الأخيرة بين النجف وبغداد .

عمار الحكيم يخطب في مهرجان باحدى مدن الجنوب العراقي
ولذلك فإن عمار الحكيم يبقى المرشح الأقوى لزعامة المجلس بسبب المواصفات التي يتمتع بها والتي تؤهله لهذا المنصب القيادي الذي سيحوله ايضًا الى لاعب اساسي في السياسة العراقية . فعمار هومن سلالةآل الحكيم الذين هيمنوا على المجلس منذ تأسيسه في طهران بداية ثمانينات القرن الماضي... إضافة إلى الثقة الكبيرة التي يضعها فيه الإيرانيون الذين يحتفظون معه بعلاقات وثيقة وخاصة مع مقر قيادة رمضان المكون الرئيس للحرس الثوري الإيراني المهتم بالقضايا العراقية، وهو ما ينعكس بشكل جيد على علاقة عمار مع مرشد الثورة الإيرانية غلي خامنئي .
يضاف إلى ذلك أن عمار قد أصبح متمرسًا سياسيًا من خلال تمثيل والده في الكثير من الإجتماعات واللقاء والحوارات السياسية داخل العراق وخارجه إضافة إلى النيابة عن والده في مناطق الجنوب العراقي الشيعية وترؤسه لمؤسسة شهيد المحراب التي تنتشر مقراتها في بلدات وقرى محافظات جنوب ووسط البلاد على الخصوص.
ويقول العارفون بشخصية عمار إنه سيتمكن عندما سيتم الإعلان رسميًا عن خلافته لوالده من الإستمرار بنهجه في المحافظة على وحدة المجلس الأعلى وتنظيماته المختلفة... لكنهم يشيرون إلى أنه لا يملك قدرة الوالد في المحافظة على وحدة الائتلاف الشيعي الذي يضم تنظيمات سياسية شيعية عدة، وهو ما قد يخلخل من وحدة الإئتلاف المتصدعة اصلاً نتيجة المواقف المتضاربة لفصائله. ويتوقعون عدم وقوف المرجعية الشيعية العليا في النجف بوجه اختيار الحكيم لزعامة المجلس الأعلى وانه سيمنح لقب حجة الإسلام والمسلمين، على الرغم من عدم تقدمه في العلوم الدينية .

وقال حميد رشيد عضو قيادة المجلس الأعلى، إن المجلس سيحتفظ بزعامة كتلة الإئتلاف في كل الظروف حتى بعد اختيار خليفة لعبد العزيز الحكيم الذي قال إنه يدير حاليًا شؤون المجلس والائتلاف من خلال اتصالات هاتفية يجريها من طهران التي اتجه إليها بعد زيارة للولايات المتحدة لإجراء فحوصات أكدت إصابته بسرطان الرئة. وكان الحكيم قد غادر المستشفى في طهران السبت الماضي بعد تلقيه العلاج وانتقل إلى محل إقامته وسيخضع للإشراف الطبي هناك.
ونقلت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأسبوع الماضي عن مسؤولين أميركيين قولهم إن أطباء أخصائيين في سرطان الرئة في مركز أندرسون للسرطان في جامعة تكساس في هيوستن كشفوا على الحكيم البالغ من العمر 57 عاما ووضعوا خطة للعلاج بعد أن تم تشخيصه بسرطان الرئة. وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن الحكيم يدخن بكثرة، الأمر الذي قد يكون وراء إصابته بالمرض.

سيرة الحكيم الأب
وعبد العزيز الحكيم الذي يتزعم أبرز كتلة برلمانية شيعية لها 128 مقعدًا في مجلس النواب هو ابرز الوجود السياسية الممثلة للشيعة في العراق الجديد ويتزعم الائتلاف الشيعي الموحد الحاكم .
وبعمامته السوداء التي ترمز الى سلالة الرسول ونظارته السوداء تتنازع الحكيم مشاعر انتمائه quot;إلى الثورة الايرانية المنتصرةquot; وما هو ممكن التحقيق في الواقع المعقد طائفيًا في العراق. ويحاول الحكيم الموازنة بين احلامه القديمة بشان الاسلام السياسي مع الخطر الحقيقي لاندلاع حرب اهلية مع المسلحين الذين يقولون انهم يقاتلون باسم السنة والقادم معظمهم من خارج العراق.
وعادة ما يكرر الحكيم قائلا quot;نحن لا نسعى الى اقامة دولة شيعية في العراق بل الى حكومة تكون اولويتها احترام رأي الشعب وتنظيم انتخابات وتشكيل حكومة تدعم مشاركة الجميع. ان افضل دولة للعراقيين هي الدولة الديمقراطيةquot;. واصبح الحكيم زعيمًا للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق اثر اغتيال شقيقه محمد باقر الحكيم في آب (اغسطس) عام 2003.
والحكيم يحمل لقب حجة الإسلام (وهو منصب وسط في التراتب الديني الشيعي) وسبق أن تعرض لمحاولتي اغتيال بسيارات مفخخة وهو يرأس لائحة الائتلاف الوطني العراقي التي تحظى بمباركة المرجع الشيعي اية الله العظمى علي السيستاني.
وينفي الحكيم نجل آية الله العظمى محسن الحكيم أحد المراجع الشيعية بين 1955 و1970 والقائد السابق لميليشيا حزبه، فيلق بدر، أن تكون منظمته قد خدمت إيران التي كان يتخذها مقرًا وعاد منها سنة 2003 بعد 21 عامًا من المنفى. ويقول الحكيم الذي قتل 30 من افراد اسرته في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين quot;نحن من اسرة عراقية معروفة جدًا. نحن اسرة مراجع. نحن من النجف وحين اصبح الوضع بالغ الصعوبة علينا في العراق، غادرنا الى ايران غير اننا حافظنا باستمرار على استقلاليتناquot;.
واقترب المجلس الأعلى الذي ناضل ضد نظام صدام حسين من واشنطن وأعلن حل قوات بدر المسلحة التابعة له والمكونة من عشرة آلاف مسلح. وكان الحكيم قد نبه الشيعة الى عدم تكرار الخطأ الذي ارتكبوه إثر ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني حين قاطعوا انتخابات المجلس التأسيسي، ممّا نجم عنه تهميشهم لثمانين سنة.
وتمت اعادة انتخاب الحكيم الشهر الماضي رئيسًا للمجلس الأعلى في دورته التاسعة... وهو متزوج من كريمة السيد محمد هادي الصدر وله أربعة أولاد أشهرهم عمار الحكيم رئيس مؤسسة شهيد المحراب للتبليع الاسلامي .

عمار الحكيم عقب افراج القوات الاميركية عنه
.. والابن الخليفة المنتظر
لعمار الحكيم المعمم ذو الثلاثين عامًا شخصية متميزة اكتسبها من علاقته مع عمه الراحل محمد باقر الحكيم وهو رئيس مؤسسة شهيد المحراب التي اقترن اسمها بعمه، فورث عنه الهالة التي تمتع بها لدى انصار المجلس الاعلى وعمل على توسيعها في معظم مدن العراق، واتخذ من النجف مقرًا له ليكون قريبًا من مؤسسته واتباعه ومن المرجع السيستاني الذي تربطه به علاقه جيدة .
ولد عمار الحكيم في النجف عام 1971 وتولى بعدها إدارة quot; مدرسة دار الحكمة quot; للعلوم الدينية التي انشأها عمه الراحل السيد محمد باقر الحكيم .
بدأ لمعان نجم عمار الحكيم قبل سقوط نظام صدام حسين حيث كان يظهر على بعض الفضائيات في حوارات quot; دينية quot; ثم دخل العراق مع عمه آية الله محمد باقر الحكيم .
وقبيل اغتياله قام الحكيم العم محمد باقر الحكيم، بتأسيس دار التبليغ الاسلامي كجناح ثقافي اضافة الى منظمة بدر الجناح العسكري التنظيمي للمجلس الأعلى. وبرز عمار الحكيم من خلال مؤسسته التي اطلق عليها فيما بعد quot;مؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الإسلاميquot;، والتي تعد اليوم اقوى مؤسسة ثقافية في العراق خصوصًا بعد أن أصبحت الآن مؤسسة تعمل على النطاق quot; الدولي quot;. وسجلت مؤخرًا لدى الامم المتحدة ويديرها عمار من خلال مكتبه في النجف .
واستطاعت مؤسسته حتى الآن افتتاح اكثر من سبعين فرعًا في العراق وبناء اكثر من 570 مسجدًا وحسينية وانشاء مئات المكتبات العامة، إضافة الى عدد كبير من الدورات الثقافية للشباب والاطفال وغيرهم .
وعرف عمار الحكيم بجولاته المكوكية في المحافظات والاقضية العراقية اضافة الى الدول العربية والاسلامية حيث تكررت زياراته الى الامارات العربية وقطر وعمان والاردن، إضافة الى ايران وباكستان والولايات المتحدة الاميركية وسويسرا وبريطانيا وغيرها من الدول .

ويتميز عمار الحكيم بوسامه وثقافة جيدة ولسان لبق ويتقن فن الخطابة... لكنه يتهم بمحاولة السيطرة على عدد كبير من العقارات في مختلف المحافظات العراقية لحسابه الخاص. ومؤخرًا اعتقلته القوات الاميركية في محافظة واسط في العراق اثناء عودته من زيارته لإيران وقامت باحتجازه لأكثر من احد عشر ساعات واطلقت سراحه بعد ضغوط سياسية من قبل الحكومة العراقية ومظاهرات خرجت من قبل مؤيديه في عدد من محافظات العراق .

وقد غادر عمار الحكيم العراق الى ايران بصحبة عائلته بعد مطاردة آل الحكيم في العراق. وعاش في ايران معظم شبابه واقام علاقات واسعة مع الجهات المؤثرة في صناعة القرار الايراني .
وحين قام عمار الحكيم عام 2005 بزيارة لواشنطن ركز خلالها مع محاوريه على ضرورة تشكيل تحالف استراتيجي مستقبلي بين النجف وواشنطن ليمتد إلى لبنان وإيران... بحيث يمكن لهذا التحالف أن يؤثر على علاقات أميركا ايجابيًا في لبنان وايران كما يعتقد.
ونتيجة النفوذ الواسع الذي اكتسبه عمار الحكيم وانخراطه في عمليات واسعة لتصدير النفط العراقي وانخراطه في نشاطات سياسية خارجية جمعته مع العديد من القادة فقد أخذ العراقيون يشبهونه بعدي نجل الرئيس السابق صدام حسين .
لكن عمار الحكيم يرد على هذه التهمة بقوله لمجلة الشاهد العراقية: quot;من الذي يطلق عليّ مثل هذا المسمّى ولماذا؟ وهل في شكلي أو سلوكي أو أخلاقي، أو أعمالي أو تصرّفاتي أو في منهجي وفكري، ما يشبه أو يتوافق أو يوحي، لا سمح الله، بأي شيء له علاقة بالديكتاتور السابق، أو بأي من أنجاله أو أقاربه؟ نحن في عهد يتحمّل فيه المرء مسؤولية تبعات ما يعمل ويفعل. العراق الآن ساحة مفتوحة للعمل السياسي الوطني لكل من يريد أن يعمل. ولو كان في سلوكي ما يشين أو يسيء، لا سمح الله، فللآخرين وسائل التشهير وليس القذف والذم إن كانوا صادقين. أما أنا فإني فخور بما أنا فيه، فأبي معروف وجدّي معروف وعمّي شهيد المحراب أشهر من أن يعرف. فكيف أكون عاديًّا؟ وكيف يمكن أن يشبه أبي صدّامًا!! إنهم هم من يقولون ذلك، ربما من باب السعي لتشبيه الأمس باليوم أو اليوم بالأمسquot;.

في آخر حديث له أمس الخميس حول الاوضاع السياسية في البلاد، اكد عمار الحكيم على التطور الامني الحاصل على الرغم من الاعلام الذي يضخم الامور بغية محاصرة العراق ونقل الصورة القاتمة له عن طريق نقل اخبار القتل والمفخخات وبصورة مضخمة، مشددًا على ضرورة مساهمة العشائر في المحافظة على الامن والاستقراره، مستشهدًا بدور عشائر الانبار في حفظ أمن مدينتهم من عناصر القاعدة .
واكد على اهمية ان يكون الوضع الامني خطًا أحمر للمسيرة السياسية مشيرًا الى ضرورة اشاعة ثقافة الأمن. ودعا السياسيين الى حسم مواقفهم من العملية السياسية قائلاً إنه لا يمكن أن يكون للسياسي قدم في الحكومة واخرى في المعارضة.

وحتى الآن تعرض عمار الحكيم لأكثر من 13 مجاولة اغتيال فاشلة، كان آخرها جنوب بغداد الشهر الماضي أثناء قدومه من النجف إلى بغداد .