أسامة العيسة من القدس: أنهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حسابها مع حركة فتح في قطاع غزة، بالطريقة التي تابعها الجميع في أنحاء العالم، ونفذت ما أسمته حسما، وعملية جراحية استئصالية، لما وصفتها مجموعة عميلة أو لحدية (نسبة إلى جيش لحد الجنوبي اللبناني)، ولكن ما يزال ينتظر الحركة الكثير لتحسمه لصالحها في قطاع غزة، خصوصا مع تنظيم جيش الإسلام، الذي يطرح نفسه الان، كفرع للقاعدة في القطاع، مع توفر مؤشرات بان تنظيم القاعدة يوافق على ذلك.

ويقود تنظيم جيش الإسلام، ممتاز دغمش، الناشط السابق في لجان المقاومة الشعبية، وظهر اسم هذا التنظيم لاول مرة، في الصيف الماضي، عندما شارك الجناح العسكري لحركة حماس، ولجان المقاومة الشعبية، في خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط.

ورغم نجاح عملية الخطف، واعتبارها عملية نوعية، إلا أن شهر العسل، بين حماس ودغمش لم يطل، حيث اصبحت لحماس الكلمة الأولى في مصير الجندي الإسرائيلي الأسير، في حين وجه دغمش وتنظيمه انتقادات عدة لحماس حول ملف هذا الجندي، خصوصا لجهة التصريحات الوفيرة التي كان يطلقها مسؤولون من حماس عن سير المفاوضات غير المباشرة لإطلاق سراح شليط مقابل أسرى فلسطينيين.

وتسارعت عمليات التباعد بين حماس، ودغمش، بشكل دراماتيكي، واخذ دغمش يطرح نفسه كممثل للقاعدة في فلسطين، وعبر عن ذلك، بعد خطف الصحافي البريطاني آلن جونستون، واشتراط إطلاق سراحه، بإطلاق بريطانيا لسراح الفلسطيني أبي قتادة المعتقل في المملكة المتحدة. ولا يمثل ممتاز دغمش، فقط تنظيم جيش الإسلام، الذي تبقى قدراته ونفوذه محدودة، مقارنة بحماس، وانما عائلة دغمش القوية وصاحبة النفوذ في مدينة غزة، رغم محاولته تمييز نفسه وتنظيمه عن عائلته.

وفي حين أطلق خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تصريحات تتعلق بسعي حماس للإفراج عن جونستون، رد دغمش على ذلك بعقد مؤتمر صحافي قال فيه انه لا يوجد أي اتفاق بين تنظيمه وحركة حماس على إطلاق سراح الصحافي البريطاني، وكرر شروطه للإفراج عن جونستون. واخذ دغمش يستخدم أساليب تنظيم القاعدة نفسها، فنشر شريطا على موقع إسلامي مقرب من حركات الجهاد العالمية، هدد فيه بقتل جونستون، إذا لم تفرج بريطانيا، عن أبي قتادة.

واخذ دغمش يقدم نفسه، بما يليق بصفته الجديدة كأحد زعماء تنظيمات الجهاد العالمي، واصدر بيانا مهره بتوقيع (الشيخ ممتاز بن محمد بن دغمش) مضيفا إليها كنيته (أبو محمد). ويعتقد أن دغمش هو من أسس منظمة سيوف الحق، التي تبنت عدة عمليات حرق لمقاهي إنترنت، وإطلاق نار على مدارس مختلطة وغير ذلك.

وفي بيانه الجديد الذي نشر امس بدا أن دغمش ذهب خطوة أخرى في صراعه مع حماس، نافيا أن تكون له علاقة بمحمد دحلان، القائد الفتحاوي المكروه من حماس، ومذكرا هذه الحركة انه خطط معها لاغتيال دحلان اكثر من مرة. وقال دغمش في بيانه إن quot;ما يثار على ألسنة الكذابين من أنني تابع لدحلان هو محض كذب وافتراء وأنا منه بريء وهم يعلمون ذلك، وعندهم أدلة وبراهين ما يثبت أني بريء من دحلان وقومه بعد أن حصلوا عليها من مقرات الوقائي والاستخبارات البائدةquot;. ووجه دغمش خطابه لمن اسماهم quot;أبناء حماس المضللينquot;، قائلا لهم quot;اسألوا قيادتكم عن الخمس مرات التي حاولنا فيها معا اغتيال محمد دحلانquot;.

وهدد دغمش، انه في حالة أنكرت حماس ذلك فانه سيكشف أسماء قيادات حماس التي تورطت معه في التخطيط لاغتيال دحلان. وعلل دغمش عدم النجاح في اغتيال دحلان قائلا quot;لم يكن الأمر توفيقا من الله ولكن النوايا لم تكن خالصة لله بل كانت نوايا حزبية والله المستعان ومن بيده الحياة والموت هو الله quot;.

وحاول دغمش أن يميز نفسه وتنظيمه عن عائلة دغمش، قائلا إن quot;بعض الأطراف حاول استغلال مسألة عائلة دغمش في تحميل وزرها وأخطائها على ظهر ممتاز دغمش ولكن الكل يعرف أن العائلة منها من ينتمي إلى ألوية الناصر وإلى حماس وإلى جيش الإسلام وإلى حركة فتح فهي عائلة كبيرة أما أن يتم تحميل كل الأخطاء على شخصي غير مقبولquot;.

وحسب مصادر صحافية، فان حركة حماس تعد لاستهداف عائلة دغمش، التي تسكن في حي الصبرة في مدينة غزة، للقبض على ممتاز، وتحرير الصحافي البريطاني، وانها تتحرك عسكريا على الأرض تمهيدا لشن عملية كبيرة لتحقيق ذلك. وتعمل عائلة دغمش في التجارة، خصوصا في تجارة المواشي، وحسب مصادر صحافية إسرائيلية، فان عائلة دغمش تعمل أيضا في التهريب، وتعتبر من عائلات المافيا في غزة.

وتعتبر عائلة دغمش، إحدى العائلات الكبيرة ذات النفوذ في قطاع غزة، والتي تشكل تحديا أمنيا حقيقيا لمسعى حماس فرض سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، ويعتقد أن مسألة تحرير الصحافي البريطاني ستكون النافذة التي ستدخل منها حماس لكسر شوكة هذه العائلة، مثلما فعلت مع عائلة بكر، خلال الأيام الماضية. ولكن المعركة المقبلة المتوقعة بين حركة حماس وعائلة دغمش، ستكون في أحد أوجهها معركة بين حماس واحد اذرع تنظيم القاعدة، حيث أصبحت مواقع ومنتديات مقربة من القاعدة تتعامل مع ممتاز دغمش باعتباره المجاهد أبو محمد.