المغرب والبوليساريو يتنافسان في نواكشوط
طرد وفد صحراوي من نشاط ثقافي يثير أزمة

سكينة اصنيب من نواكشوط: تسبب حفل افتتاح مهرجان الفيلم الموريتاني الذي تنظمه وزارة الثقافة في نشوب أزمة بعد أن اضطرت الوزارة لطلب مغادرة الوفد الصحراوي الذي يمثل جبهة البوليساريو التي تنادي باستقلال الصحراء عن المغرب. وقالت مصادر مطلعة أن مسؤولي وزارة الثقافة أصيبوا بحرج شديد بعد أن رفض السفير المغربي حضور الحفل ما لم يغادر الوفد الصحراوي، بدعوى أن الوفد الصحراوي لم يتلق دعوة رسمية لحضور الحفل. وأثار تصرف وزارة الثقافة ردود فعل متباينة بعد أن تناولت الصحف الموريتانية القضية بالكثير من التحليل، واعتبرته بعض الصحف quot;خروجا عن مبدإ الحياد الذي تمسكت به نواكشوط طيلة السنوات الماضيةquot;.

وقال محمد عبدي ولد ابراهيم عضو الوفد الصحراوي الذي مثل الجبهة في المهرجان أن الموريتانيين منعوا الصحراويين من عرض أشرطتهم في فعاليات المهرجان، وأشار في تصريح لجريدة العلم الجديد الموريتانية أن الحكومة الموريتانية ربما وافقت على طردهم مسبقا ومنعهم من أي نشاط. ونقلت نفس الصحيفة عن محمد فال ولد سيد رئيس رابطة أصدقاء الصحراء في موريتانيا قوله أن quot;طرد الوفد الصحراوي من نشاط رسمي في نواكشوط يشكل وصمة عار في جبين الحكومة الموريتانيةquot;، وأضاف أن هذا التصرف quot;يخرق مبدأ الحياد الذي تزمجر وتطبل له الدولة الموريتانية، لم أكن أتصور أنه بإمكان هيئة تحترم نفسها أن تطرد ضيوفا مهما كانوا فبالأحرى أن يكونوا صحراويينquot;.

وانتقد الصحراوي تصرف الوزارة، وذهب بعيدا في تحليله لطرد وفد بلاده حيث quot;طالب الحكومة الموريتانية بالاعتذار للصحراويين عن الاهانة التي وجهت لهم في نواكشوطquot; .

ويرى المراقبون أن ممثلي المغرب والبوليساريو في نواكشوط يتنافسان على كسب ود المسؤولين والمواطنين على حد سواء، ويجيدان لعبة شد الحبل فغالبا ما تثير أنشطة طرف حفيظة الطرف الآخر فيبادر الى لقاء مسؤولين موريتانيين أو تنظيم أنشطة لجذب الانتباه اليه.

وتضطلع السفارة المغربية بنواكشوط بنشاط هام على الصعيد الثقافي والاجتماعي، وتدعم أغلب أنشطة وزارة الثقافة الموريتانية كما تنظم عدة أنشطة من خلال المركز الثقافي المغربي بنواكشوط.

وتتباين آراء الشارع الموريتاني بخصوص قضية الصحراء بين داعم للمغرب ومؤيد لجبهة البوليساريو لكن النسبة العظمى من الموريتانيين تؤيد بقوة حلا يرضي الصحراويين والمغاربة ويحقق استقرار المنطقة ويساهم في انتشال اتحاد المغرب العربي من السبات الذي تسبب به خلاف الجزائر والرباط بخصوص الصحراء.

ويرى المراقبون أن نسبة كبيرة من الموريتانيين لا تدعم نشوء الجمهورية الصحراوية لأن ذلك سيحد من تواصل موريتانيا مع أوربا والمغرب على اعتبار أن استقلال الصحراء يعني أن موريتانيا ستفصلها عن أوربا دولتين وعن المغرب دولة واحدة، كما أن فرص تعاونها الاقتصادي والتجاري مع شريكها الرئيسي وهو الاتحاد الأوربي ستقل لأن الدولة الطارئة سينافسه في الحصول الى اتفاقيات مع الاتحاد الأوربي على اعتبار تشابه المنتجات الطبيعية القابلة للتصدير.

إلا أن المراقبين يجمعون أن أغلب الموريتانيين يدعمون حل ينهي الصراع في الصحراء، المنطقة التي تحد موريتانيا شمالا ولا تفصلها عن مناجم استخراج الحديد ثروة موريتانيا الكبيرة سوى أمتار قليلة، كما أن موريتانيا ترغب في التخلص من آلاف الصحراويين الذين يعيشون بمدن الشمال الموريتاني ويتاجرون بالمساعدات المقدمة للشعب الصحراوي ويلحقون أضرارا كبيرة بالاقتصاد الموريتاني.

وأيا كانت آمال الموريتانيين بخصوص قضية الصحراء وآرائهم بالحلول المقترحة فان متابعتهم للمفاوضات التي جرت مؤخرا بين المغرب والبوليساريو تؤكد مدى الاهتمام الذي يولونه للقضية سوى على مستوى الرسمي أو الشعبي حيث عين الرئيس الموريتاني رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر على رأس الوفد الذي مثل موريتانيا في المفاوضات.

وتعتبر موريتانيا معنية بهذا النزاع بعد أن تنازلت عن نصيبها في الصحراء الغربية التي تقاسمتها مع المغرب اثر انسحاب الاستعمار الاسباني. ورغم أن نواكشوط تعترف بـquot;الجمهورية الصحراويةquot; منذ عهد محمد خونه ولد هيداله (1979-1984) إلا أن علاقتها بالرباط ظلت متميزة منذ عهد ولد الطايع مرورا بالمرحلة الانتقالية ووصول الى عهد الرئيس الجديد سيدي ولد الشيخ عبد الله، وتعتبر العلاقات الموريتانية المغربية الأفضل والأكثر استقرارا من بين العلاقات التي تجمع البلدين بباقي دول المغرب العربي.

وكان مجلس الأمن الدولي قد دعا في الثلاثين من أبريل (نيسان) الماضي إلى التفاوض بدون شروط مسبقة حول مستقبل الصحراء تحت اشراف الامم المتحدة، ودعا في قراره الذي يحمل رقم 1754 المغرب وجبهة البوليساريو الى quot;البدء بمفاوضات من دون شروط مسبقة من اجل التوصل الى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفينquot;، وعلى قاعدة الأخذ باعتبار التطورات التي شهدتها القضية خلال الأشهر الأخيرة، في إشارة لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب وquot;مشروع سلامquot; الذي اقترحه البوليساريو.

ويؤكد مراقبون موريتانيون أن مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب يشكل قاعدة للمفاوضات وللحل المرتقب لانهاء أطول نزاع في القارة الافريقية، ويقضي المشروع المغربي بتخويل المحافظات الصحراوية حكما ذاتيا في نطاق سيادة المغرب ووحدته الترابية، لكن جبهة البوليساريو رفضت المشروع المغربي، وقدمت مشروعا لحل لمشكلة الصحراء كرد على مشروع الحكم الذاتي أطلقت عليه اسم quot;مشروع سلامquot; يعد بتقديم الجنسية الصحراوية إلى جميع المغاربة المقيمين بالمناطق الصحراوية، كما يعد بالحفاظ على مصالحهم في المنطقة، وبتقسيم الخيرات الطبيعية مع المغرب، وبالسماح بإنشاء قاعدة عسكرية مغربية في الصحراء الغربية.

وكانت جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، قد بدأت قتال الاحتلال الإسباني للصحراء الغربية عام 1973، وبعد انسحاب إسبانيادخلت في صراع مع كل من المغرب وموريتانيا قبل أن تنسحب الأخيرة عام 1979 لينحصر النزاع على الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو.