المالكي بين خيارت التكنوقراط او الاغلبية او الوحدة الوطنية
القوى السياسية العراقية تبحث تشكيل حكومة جديدة
أسامة مهدي من لندن:
في وقت عاد فيه الرئيس العراقي جلال طالباني الى بغداد قادما من مدينة السليمانية الشمالية بالترافق مع وصول رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني من اربيل الليلة الماضية يبدأ قادة الكتل السياسية في مجلس النواب مباحثات مع مجلسي الرئاسة والحكومة تتركز على امكانية تشكيل وزارة جديدة برئاسة نوري المالكي نفسه بالتزامن مع انتقادات حادة وجهها له رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي النائب الديمقراطي توم لانتوس متهماً إياه بالطائفية وعرقلة قيام الدولة الديمقراطية في العراق حسب قوله.
وابلغ مصدر عليم quot;إيلافquot; ان بغداد ستشهد اليوم اتصالات جانبية بين الشخصيات السياسية وممثلي القوى السياسية تمهيدا لاجتماع رسمي بين قادة الكتل النيابية ومجلسي الرئاسة والحكومة غدا لتقرير مصير حكومة المالكي الحالية وامكانية تشكيل اخرى جديدة وتحديد صيغتها بين ثلاثة خيارات.. حكومة تكنوقراط ام اغلبية ام وحدة وطنية. وقال ان خيارات المالكي تتجه الان الى تشكيل حكومة تكنوقراط بعد ان بحث الامر مع المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني خلال اجتماعه به في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) الاربعاء الماضي حيث ابدى المرجع موافقته على ذلك.
واشار الى ان المالكي قد اتصل بجبهة التوافق السنية لترشيح وزراء تكنوقراط بدل وزرائها الخمسة المنسحبين من حكومته فأبلغته ان هؤلاء الوزراء هم من التكنوقراط اصلا لكنهم مازالوا عند موقفهم السابق بضرورة تنفيذ مطالب الجبهة الاثني عشر. كما طلبت الجبهة من المالكي لقبول المشاركة في حكومته الجديدة اعلانا علنيا منه بتنفيذ هذه المطالب لكنه اعتبر ذلك مطلبا تعجيزيا الامر الذي لن تشارك معه الجبهة في الوزارة الجديدة ما لم يغير المالكي موقفه وهو ما لايبدو متاحا حتى الان.
واوضح المصدر ان المباحثات التي ستشهدها بغداد غدا ستبحث ايضا دراسة امكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة اغلبية.. لكن تشكيل حكومة الاغلبية يعني ان تكون الوزارة الجديدة من الائتلاف الشيعي الموحد والتحالف الكردستاني وحدهما لكن التحالف غير متحمس لهذا الامر الذي قد يواجه عدم توفير اغلبية برلمانية للموافقة على الحكومة الجديدة. ويرى التحالف ضرورة الابقاء على صيغة أي حكومة تشكل على انها حكومة وحدة وطنية وهذا يستوجب مشاركة جبهة التوافق فيها لكن اصرار هذه على رفضها يضع المالكي في ورطة حقيقية لانقاذ وزارته من الشلل الذي تعانيه اثر انسحاب نصف وزرائها منها.
ومن جهتهم كشف نواب عراقيون النقاب عن محاولات تجريها اطراف عدة في مجلس النواب العراقي لايجاد ارضية لبرنامج عمل مشترك يهدف إلى تقديم مشروع باجراء تصويت لحجب الثقة عن المالكي لكن برلمانيين قالوا ان هذه المحالاوت تصطدم بجدار عدم ايجاد بديل له في الوقت الحاضر.
وأكد عدد من اعضاء البرلمان ينتمون إلى كتل برلمانية مختلفة ان سياسة المالكي خلال الاشهر الستة عشر الماضية كانت quot;محبطةquot; وهي كفيلة باعادة النظر في حكومته التي فشلت في التعامل مع عدة ملفات حيوية يعتقد ان حلها كان من الممكن ان يساعد كثيرا في تهدئة الوضع الامني الحالي. ويعتقد كثيرون سواء داخل الحكومة او خارجها ان حكومة المالكي التي شكلت في نيسان (ابريل) من العام الماضي واجهت العديد من التحديات التي شكلت في اغلبها عقبات حقيقية لم يتمكن نوري المالكي من تقديم حلول حقيقية وناجعة لها.

ومؤخرا انتقد مسؤولون اميركيون وغربيون المالكي وطالبه عدد منهم بالتنحي وهو ما اثار حفيظة المالكي الذي اعتبر هذه التصريحات تدخلا في الشأن الداخلي العراق ومطالبا هؤلاء المسؤولين بالاعتذار.
كما حذر نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي المالكي وقال قبل ايام على هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي في دبي ان على المالكي الا يستخف بتراجع التأييد لحكومته. وقال quot;هناك تغيير بعدد كبير من الكتل النيابية يجب ان تراقب الحكومة هذا الامر جيدا... هناك نوع من التفكك يجب ان تراقبه بدقة ولا تستخف بهذه الانسحابات وخسارة كثير من الدعم الذي كانت تتمتع به بالبداية.quot; واضاف quot;اذا استمر هذا الانحسار قد تهدد الحكومة بعدم توفر أغلبية نيابية.quot;
واضاف المصدر العليم ان المالكي يبدو متحمسا حاليا لتشكيل حكومة تكنوقراط بعد ان حصل على موافقة السيستاني على ذلك على ان يتمتع وزراؤها بكفاءات عالية تمكنهم من خدمة المواطنين.
وتزامنت حركة المالكي هذه مع توجه أربع شخصيات سياسية معارضة له إلى واشنطن بدعوة من الكونغرس وتوقيع 100 شخصية عراقية بينهم نواب من مختلف الكتل البرلمانية رسالة إلى الرئيس الاميركي بوش يطالبون فيها بدعم رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي باعتباره quot;بديلاً وطنيًا وديمقراطيًاquot; للأوضاع السياسية الحالية.
وتنعقد اجتماعات بغداد هذه ايضا مع استمرار الهجومات السياسية الاميركية للمالكي حيث وجه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي النائب الديمقراطي توم لانتوس انتقاداً لاذعا إلى المالكي متهماً إياه بعرقلة قيام الدولة الديمقراطية في العراق حسب قوله.
ودعا لانتوس المالكي إلى العمل الجاد من أجل بناء دولة ديمقراطية لجميع أبنائها، متهماً إياه بالانحياز الطائفي وقال quot;إلى أن يرى المالكي الطائرات الأميركية تحط في بغداد لإعادة نقل الجنود إلى الوطن سيبقى يدير الحكومة بوصفه زعيما شيعيا فئويا وسيعرقل جهود بناء جيش وطني قوي لمصلحة قوة تخترقها الميليشيات الشيعيةquot;. واشار لانتوس الى أن السلام في العراق يستوجب ضمان التعاون من جيران العراق ولا سيما إيران وسوريا وقال quot;لن يحُل السلام والاستقرار ما دام جيران العراق، ولا سيما إيران وسوريا ينشطون في تشجيع مجموعات عسكرية كوسيلة لمواجهة القوات الأميركية في العراق.quot;
وأوضح لانتوس أن الكونغرس سيظل يضغط من أجل حمل الرئيس بوش على إصدار أمر ببدء سحب القوات الأميركية من العراق.. وقال من دون تحقيق تقدم ملحوظ في العراق، وفي غياب شريك فاعل في الحكومة العراقية ستواصل الأغلبية في الكونغرس الإصرار على خطة انسحاب معقول ومسؤول من العراقquot;. وكان لانتوس يتحدث في بداية جلسة استماع مشتركة عن العراق عقدتها امس لجنتا الشؤون الخارجية والقوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي.