خلف خلف من رام الله: في ظل اقتراب موعد انعقاد الاجتماع الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش، والضغوطات التي تدفع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي نحو بلورة تفاهم أو اتفاق ليعلن عنه في الاجتماع المقرر عقده في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، جاء لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت أمس الاثنين في مدينة القدس، ولعل أهم النتائج التي أثمر عنها هذا اللقاء هي تشكيل لجان لمتابعة عملية التقدم السياسي.

ولكن يبدو أن أولمرت يريد معرفة نقاط ضعف الرئيس عباس، وما وافق عليه سابقاً في المفاوضات، أو دراسة تاريخ المفاوضات لفهم دهاليزها وحيثياتها، حيث كشفت مصادر إسرائيلية صباح اليوم الأربعاء عن طلب مكتب أولمرت مؤخرا من رئيس حزب ميرتس النائب يوسي بيلين، تزويده بـquot;وثيقة بيلين ndash; أبو مازنquot; التي تم التوصل إليها عام 1995، وحاول الطرفان خلالها رسم إطار لتسوية دائمة إسرائيلية ndash; فلسطينية. ويحتمل أن يكون اولمرت ومساعدوه سعوا إلى دراسة تاريخ المفاوضات، أو معرفة ما الذي وافق عليه في الماضي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ومحاولة استغلال ذلك كسابقة للمحادثات الحالية.

وكانت quot;وثيقة بيلين ndash; ابو مازنquot; بحثت سرا بين بيلين، الذي كان في حينه نائب وزير الخارجية وعباس الذي كان في حينه نائبا لياسر عرفات في م.ت.ف . وقد جرت محادثاتهما بالتوازي مع المفاوضات الرسمية على الاتفاق الانتقالي (أوسلو ب) وتم إجمالها قبل أربعة أيام من اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين.

وكانت الوثيقة أول محاولة من شخصيات رسمية من الجانبين اقتراح إطار لتسوية شاملة، ولكن رئيس الوزراء شيمون بيرس الذي خلف رابين، رد اقتراح بيلين للتقدم من الوثيقة إلى المفاوضات على التسوية الدائمة. ولم توقع الوثيقة فيما تنكر لها عباس الذي عرف على مدار سنين مضت بأنه مهندس اتفاق أوسلو، حتى أكد تأييده لها في حديث له مع مسؤول أميركي كبير قبل بضع سنين.

واتفق بيلين وعباس في العام 1995 على أن تبقى كل المستوطنات في الدولة الفلسطينية إذا لم تعرف كبلدات لليهود فقط ويبقي المستوطنون على جنسياتهم الإسرائيلية. مثل هذه التسوية إذا ما أقرت في المستقبل، ستوفر على إسرائيل إخلاء المستوطنات في الضفة بالقوة، مثلما فعلت في قطاع غزة.

كما جاء في وثيقة بيلين ndash; أبو مازن بان يحقق اللاجئون الفلسطينيون حق العودة في الدولة الفلسطينية وتقسيم القدس إداريا، في ظل تأجيل الحسم لتحديد السيادة في المدينة. ويفترض بالتسوية أن تضمن أن يكون رئيس البلدية يهوديا.

في القسم الأول من لقاء اولمرت ndash; عباس أمس، والذي كرس كما هو الحال دوما للأمور الجارية، شارك لأول مرة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وقد عرض الخطة الأمنية التي تبلورت بمساعدة المنسق الأميركي كيت دايتون. وتدعو الخطة إلى تشكيل ونشر خمس كتائب لقوات الأمن الموالية لعباس لترابط في أرجاء الضفة. ولم يطلب فياض نقل مدن فلسطينية في الضفة لمسؤولية السلطة أمنيا في هذه المرحلة، بل قال إن الانتقال سيتم مع تقدم الخطة الأمنية.

وطلب عباس من اولمرت تحرير سجناء فلسطينيين يحتجزون في إسرائيل كبادرة طيبة لشهر رمضان، الذي يبدأ في نهاية الأسبوع. ووافق اولمرت قائلا انه سيعرض تحرير السجناء على الحكومة قريبا دون أن يذكر عددهم. وقال عريقات بعد اللقاء انه اتفق على أن تحرر إسرائيل السجناء في الأسبوع الأول من رمضان.

وطرح عباس أهمية تحسين الحركة والعبور بين المدن الفلسطينية في الضفة. وقدر اولمرت بأنه بعد الأعياد سيطرأ تحسن، وقال إن جهاز الأمن وضع خطة ستعرض عليه الأسبوع المقبل. وأفاد مصدر أمني لصحيفة هآرتس معقبا بان الدراسة الشاملة في هذا الشأن لم تنته بعد. واغلب الظن، سيلتقي عباس واولمرت مرة أخرى في 25 أيلول.

والى ذلك أعلنت حركتا شاس ويسرائيل بيتنا بأن وزراءهما سيعارضان تحرير أسرى فلسطينيين مع حلول رمضان، إذا ما طرح هذا القرار على التصويت في الحكومة يوم الأحد المقبل. وقال رئيس يسرائيل بيتنا، الوزير افيغدور ليبرمان إن على الفلسطينيين أن يقدموا الآن بادرات طيبة كمكافحة ما أسماه بالإرهاب، وجمع السلاح ووقف التحريض. وفقط بعد ذلك يكون بوسع إسرائيل التفكير ببادرات طيبة أخرى من جانبها.