نجاد يوافق على طلب أستاذ أميركي دفنه في إيران

موسكو: تمكنت الولايات المتحدة في غضون الأسابيع الثلاثة الأخيرة من quot;قصفquot; إيران مرتين. ففي البداية صرح الرئيس جورج بوش في خطاب ألقاه في أواخر أغسطس/آب أمام أعضاء منظمة المحاربين القدامى quot;الفيلق الأميركيquot; بأن صنع السلاح النووي في إيران يهدد منطقة الشرق الأوسط بـquot;الهولوكوست النوويquot; وأن هذا الخطر لا ينحصر في حدود هذه المنطقة وإنما يشكل مشكلة عالمية وأن الولايات المتحدة سوف تتصدى لهذا التهديد كيلا تتأخر. ولم يسبق للرئيس الأميركي أن يتحدث بهذا القدر من الصراحة عن تأهب الولايات المتحدة للقيام بعملية عسكرية ضد إيران.

وباتت المعلومات التي تم quot;تسريبهاquot; إلى صفحات quot;ساندي تايمزquot; اللندنية من الخبير الأميركي لشؤون الأمن القومي في quot;مركز نيكسونquot; أليكسيس ديبت امتدادًا طبيعيًا لخطاب بوش. ويدور الحديث حول خطة جاهزة أعدها البنتاغون - حسب الزعم - لتوجيه ضربات جوية مكثفة إلى 1200 هدف في إيران. وتستهدف الخطة تجريد الجيش الإيراني من كل قدرته القتالية خلال ثلاثة أيام.

كاتب المقال: بيوتر غونتشاروف
ومن المرجح أن مثل هذه الخطة موجودة فعلاً. فأولاً، لأن هذا السيناريو يبدو أكثر كل السيناريوهات السابقة فعالية من الناحية العسكرية وثانيًا، لأن هذا يناسب أسلوب تعاطي الولايات المتحدة التي تحبذ أن تشرح مسبقًا تفاصيل أعمالها اللاحقة. وذلك، من جهة، من أجل تقويض الروح المعنوية للعدو، ومن جهة أخرى، من أجل تهيئة السكان المدنيين بغية تجنب سقوط ضحايا بينهم.

وأخيرًا أجرت قناة quot;فوكسquot; التلفزيونية الأميركية حديثًا مع الرئيس السابق لهيئة أركان القوات الجوية الأميركية الذي تطرق إلى شرح سيناريو خاص له. صحيح أن هذا السيناريو لا يتصف بالأصالة خلافًا للمذكور أعلاه. ولكن ليس ذلك هو الرئيس.

من البديهي أن طهران تتعرض في الأيام الأخيرة لضغط صريح من جانب الولايات المتحدة. فلم توجه حتى الآن إلى طهران مثل هذا التحذير العنيف بخصوص العملية العسكرية المحتملة ضد إيران. فماذا يكمن وراء كل ذلك؟

من غير المرجح أن يرجع تشديد الإدارة الأميركية الحالية لسياستها تجاه إيران إلى برنامج الأخيرة النووي حصرًا. فلا تزال السياسة التي تنتهجها طهران في المنطقة تشكل مصدر إزعاج رئيسيا للبيت الأبيض. والدليل على ذلك نداء توجه به الرئيس الإيراني إلى واشنطن داعيا إياها لسحب قواتها من العراق. وأكد محمود أحمدي نجاد للبيت الأبيض أن quot;طهران تتمتع بقوة كافية لملء الفراغquot; الناتج عن انسحاب الأميركان. وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في معرض تعقيبها على احتمال quot;ملء إيران للفراغquot; أن هذه المسألة بالذات quot;مطروحة موضع الرهانquot;.

ولم يقض نداء أحمدي نجاد إلى سحب القوات الأميركية من العراق مضجع إدارة الرئيس بوش وحدها. فوزراء الخارجية العرب الذين حضروا اجتماع الجامعة العربية في القاهرة عبروا هم أيضًا عن قلقهم الجدي إزاء تصريح الرئيس الإيراني. إذ ارتأوا فيه تدخلاً في الشؤون الداخلية للعراق. وهذا جزء من قلقهم فقط عبروا عنه جهارًا.

ولا شك في معرفة أحمدي نجاد أين تكمن النقطة الحساسة لسياسة الولايات المتحدة إزاء منطقة الشرق الأوسط. فإن النظام الإيراني بما له من المطامع الإقليمية المدعومة بطاقاته الاقتصادية والعسكرية والخاماتية يمثل مشكلة خطيرة حقا بالنسبة للبيت الأبيض. وتدل كل الدلائل على أن واشنطن لم تتمكن حتى يومنا هذا من صياغة سياسة معينة تجاه إيران في حال انسحابها من العراق. ومن هنا quot;التسربquot; المتواصل للمعلومات بصدد مخططات البنتاغون والضربات الجوية المحتملة الخ.

ويطرح نفسه السؤال التالي: كم من الوقت ستستمر هذه التهديدات وإلى ما ستنتهي؟ ويعتبر بعض المبعوثين السياسيين للاتحاد الأوروبي المتخصصين في تحليل سياسة الولايات المتحدة على نطاق الشرق الأوسط أن العملية العسكرية الأميركية ضد إيران واقعية تمامًا فيما إذا لم تترك طهران مخرجًا آخر لواشنطن. ويصعب على المرء أن يتصور الوضع حيث تترك الولايات المتحدة حلفاءها في الشرق الأوسط لوحدهم وجهًا لوجه مع إيران الواقفة قاب قوسين أو أدنى من امتلاك القنبلة الذرية.

وقد أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في حديث أدلى به أخيرًا لمجلة quot;Spiegelquot; الألمانية أنه في تشرين الثاني/نوفمبر أو على الأكثر في كانون الأول/ديسمبر القادم سيكون واضحًا هل تفي إيران بوعودها المتعلقة ببرنامجها النووي أم لا. وإذا فشلت في الوفاء بها فسوف يعني ذلك أن quot;طهران فوتت الفرصة الهامة إن لم تكن الأخيرةquot;.