المفكر الكويتي أحمد البغدادي لإيلاف:
العرب أمة لا تستحق الحرية وصلاحهم بعودة الاستعمار الغربي من جديد

إيلاف ndash; خاص: قال الدكتور احمد البغدادي إن مجلس الامة وحكومة الكويت ضالعان في الفساد الذي يملأ البلد وذكر استاذ العلوم السياسية السابق في جامعة الكويت ان مجلس امة الكويت لايملك اي حرية لمحاربة الفساد وان بعض اعضائه ضالعون في الفساد وهم اقرب للمتسولين مشيرا الى ان وزيري الداخلية والدفاع بعيدان عن المحاسبة لحاجة النواب لخدماتهم المهمة في ما يتعلق بمنح الجنسيات. وقال البغدادي في حديث لإيلاف إن العرب امة لاتستحق الحرية وان الدين الاسلامي يتعارض مع بنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان متهما الجماعات الدينية بالوقوف حول الترويج لاشاعة عمالة لاصلاحيين للغرب. متمنيا في الوقت ذاته بعودة الاستعمار الغربي من جديد.

وهنا نص الحوار

ما هي برأيك أسباب غياب الحريات وكثرة الفساد في الكويت رغم انه بلد يقال عنه ديمقراطي؟

من التناقضات التي تحملها لنا الديمقراطية ضعف الأمن وكثرة الفساد بسبب التأني في النظر في قضايا الفساد خاصة وأن درجات التقاضي القضائية بطيئة، ولهذا السبب تبحث الأنظمة الديمقراطية عن حلول عملية لهذه المشاكل. ولعل اعتماد مبدأ المحاسبة الضريبية والشفافية جزء من المثالية الديمقراطية الغربية. وبالنسبة إلى الكويت فيجب الأخذفي الاعتبار أن الكويت ليس بلدا ديمقراطيا بقدر تضمنه نظام حكم ديمقراطيا يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات، بمعنى أن الديمقراطية ليست نظام حياة بل نظام حكم . وفي ظل تنامي العشائرية والقبلية والطائفية والعلاقات الشخصية بسبب ضعف تنامي دور المواطنة، يصبح من الطبيعي أن تغيب الحريات ويكثر الفساد. من جهة أخرى يجب أن نلاحظ أن هيمنة الفكر الديني تحول دون انتعاش الحريات لأن الدين ذاته لا يفسح مجالا للحريات المدنية والسياسية.


هناك من يرى أن الحريات التي منحت لمجلس الأمة كان لها اثر غير جيد حيث استخدمت هذه الحريات السياسية للقضاء على الحريات المدنية كمنع المهرجانات والحفلات الغنائية كيف ترى ذلك؟
لم يمنح المجلس أي حريات، بل تقتصر مهمته على التشريع والمراقبة للسلطة التنفيذية. ولكن خضوع الحكومة للحسابات السياسية المعتمدة على نفوذ التيارين الديني والقبلي هو السبب في القضاء على الحريات المدنية والسياسية. ومن المفترض أن يكون المجلس أداة فعالة لحماية الحريات السياسية والمدنية، ولكن للأسف أن واقع الحال ليس كذلك . بل يوجد في المجلس أعضاء يريدون المزيد من العقوبات على ممارسة حرية التعبير خاصة في ما يتعلق بالأديان وتوابعها, إضافة إلى أن قانون الجزاء الكويتي ذاته يعتبر الحرية الفكرية الماسة بالأديان والصحابة والتاريخ الإسلامي من الجرائم الجنائية

هل ترى ان بعض التيارات الاسلامية الخليجية المتحالفة مع السلطة وبخاصة في الكويت هي بفتاويها غطاء للفساد المنتشر؟
لا تقوم الجماعات الدينية بتقديم الفتاوى للتغطية على الفساد السياسي, فالأمر ليس بحاجة لذلك، لكن تجاهل المجلس للفساد السياسي والإداري للحكومة داخل المجلس وعدم المحاسبة هو ما يساعد على انتشار الفساد. فمثلا لم يحدث أبدا أن قام أي نائب باستجواب وزيري الداخلية والدفاع رغم كارثة احتلال الكويت، حتى أن ميزانية هاتين الوزارتين لا تخضعان للمراقبة المسبقة لديوان المحاسبة!! وذلك بسبب حاجة النواب للخدمات المهمة التي يقدمها هذان الوزيران في ما يتصل بالتعيين ومنح الجنسية، والإقامات الخاصة بالعمالة الوافدة

برايك ماهو سبب التحالف الكبير بين التيارات الاسلامية والحكومات العربية رغم ان بعض هذه التيارات كما يعتقد البعض هي سبب ما يحل بالعالم من اعمال إجرامية؟
التحالف بين الحكومات العربية والتيارات الإسلامية أو لنقل الدينية، يعود إلى حقيقة حاجة هذه الحكومات الى من يقوم بمساندتها في التصويت داخل المجلس النيابي من جهة، ولعدم محاسبة الحكومة على أخطائها من جهة أخرى. إضافة إلى حقيقة القوة الاجتماعية لهذه التيارات بمعنى أنها تتحكم في الشارع العربي غير المنضبط سياسيا، وهو ما تريده الحكومات العربية في كثير من الأحيان. مثلا: في ما يخص حالة اتفاقيات السلام مع إسرائيل حيث يتحرك التيار الديني لتهدئة رجل الشارع بتبريره مشروعية هذه الاتفاقية دينيا.

هل ترى ان هذه التحالفات في طريقها للغياب؟
لا أعتقد أن هذه التحالفات ستزول في المستقبل القريب لعدم وجود البديل لها، والذي يوفر للحكومات العربية مجالا أوسع للحراك الاجتماعي والسياسي.

لماذا برأيك المثقفون العرب دعاة الاصلاح دائما موضع اتهام اما عملاء للغرب او دعاة سفور وانحلال؟
اتهام دعاة الإصلاح بالعمالة للغرب أسلوب رخيص تتبعه الجماعات الدينية كنوع من التحريض ومحاولة لإفشال الدعوات الإصلاحية من جهة, وحتى لا يجد هؤلاء الدعاة الإصلاحيون موضع قدم داخل المجتمع, لما يمثلونه من خطر على الفكر الديني .

هل تعتقد ان مجلس الامة بما يطرحه بعض اعضائه قادر على محاربة الفساد ام ان ما يدور بين اروقته اقرب للصراخ السياسي واستعراض البطولات كما يفسر عند بعض المراقبين؟

في الأصل إن من مهام البرلمان التصدي للفساد الحكومي من خلال المراقبة المستمرة لأعمال الوزراء، وكيفية إدارة الدولة. لكن الواقع أن البرلمانات العربية أصبحت جزءا أساسيا من منظومة الفساد بما يقوم به النواب من استغلال مناصبهم لمصالحهم الشخصية والإثراء غير المشروع، ومصالح أتباعهم حتى أصبح المنصب النيابي اليوم وسيلة لتحقيق المصالح الشخصية وليس المصلحة العامة.

يتباهى اهل الكويت بما يملكونه من حريات سياسية قادرة على محاسبة من تثبت ادانته بخرق القانون ,لكن هناك من يرى ان هذه الحريات تقصر عن ابناء الاسرة الحاكمة هل تؤيد مثل هذا الطرح اي ان بعض ابناء الاسرة الحاكمة بعيدون عن المحاسبة خاصة في ما يتعلق بقضايا الفساد المالي؟
من المستحيل في الكويت الحديث عن القضاء ومسألة العدالة في ما يخص ابناء الأسرة الحاكمة دون تعريض النفس للمشاكل القانونية الجزائية بما يعتبر مساسا ونقضا للسلطة القضائية وفقا للقانون الكويتي، حيث لا يجوز المساس بالقضاء. لكن إذ كان أحد أبناء الأسرة الحاكمة وزيرا فهو عرضة للمحاسبة السياسية من خلال الاستجواب النيابي, كما حصل مع وزير الصحة السابق ووزير الطاقة الحالي. لكن معروف أن لا عقوبات جزائية تصاحب الاستجواب سوى طرح الثقة والاستقالة أو الإقالة من المنصب الوزاري. وهناك أيضا محاكمة خاصة للوزراء بما يتناقض مع مبدأ العدالة والمساواة أمام القانون

في نقطة اخرى هل تؤيد من يقول ان العالم العربي استعصى على الاصلاح وان لاسبيل لهذا الاصلاح سوى الاستعانة بالخارج؟
نعم، العالم العربي عصي على الإصلاح لأسباب تتعلق بذات الشخصية العربية ذات المنحى الاستبدادي في المنزل والعلاقات الأسرية والعمل والحكم. ولا أعتقد أن التدخل الخارجي قادر على إحداث الإصلاح، لأن الأمر أصعب من مجرد فرض قوانين. كيف يمكن أن تصلح بعض الانظمة العربية وهي ترفض مراقبة سجونها ومحاكماتها؟ كيف يمكن للتدخل الخارجي إجبار أي نظام على الشفافية مثلا؟ نعم، من الممكن إحداث بعض التغييرات هنا وهناك، ولكن من المستحيل تحقيق حلم الدولة الديمقراطية المجتمع الديمقراطي إلا بالرغبة من الداخل، والإنسان العربي لا يملك تراثا في الديمقراطية طوال تاريخه العربي والإسلامي.

برايك لماذا يقف العرب ضد الاصلاح ؟

يقف العرب ضد الإصلاح لأن عملية الإصلاح لا تتوقف عند النظام السياسي، بل تطول كل شيء وجميع الأفراد والمؤسسات. وفي عالم يخلو تراثه من أي توجه ديمقراطي يستحيل تبني الإصلاح. كيف يمكن إخضاع الحاكم للمحاسبة المالية وذاته مصونة لا تُمس؟ كيف يمكن فرض مبدأ المساواة والدين الإسلامي ذاته يمايز بين الناس دينيا، وبين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، وبين المسلم وغير المسلم؟ كيف يمكن تبني بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدين يقف ضده، كما في حالة قتل من يخرج من الإسلام؟

ايضا لماذا يتوجس العرب من دعوات الخارج للاصلاح رغم ان هذه الدعوات هي التي اتت بمرأة الكويت للوزارة وسمحت لها بالترشح للانتخابات وكذلك سمعنا للمرة الاولى بانتخابات في السعودية عبر الانتخابات البلدية وسمعنا بانتخابات رئاسية للمرة الاولى في مصر وفلسطين والعراق؟
يتوجس العرب من الدعوات الخارجية للإصلاح لأنهم في حالة حدوث هذا التدخل، سيستحيل على الحكام التحكم في مسيرة الإصلاح. وما حدث من بعض التغيرات في الكويت ( الحق السياسي للمرأة) لم يؤد إلى انتخابها، فضلا عن كونه حدث بعد أكثر من أربعين عاما بعد العمل بالدستور؟ هل سننتظر كل مرة أربعين عاما لإنجاز خطوة ما؟؟ والانتخابات السعودية مهزلة صورية . وأما ما حدث في مصر فهو كارثة بكل المقاييس لمن رأى ما حدث من تلاعب وتزوير للنتائج على يد الحكومة المصرية. والانتخابات الجيدة للفلسطينيين انتهت بالقتال بين حماس وفتح . وبصراحة: العرب أمة لا تستحق الديمقراطية لأنها لا تستطيع تقبل نتائجها، والتعايش معها.

هناك من يرى انه لن يكون اصلاح ولاحريات في العالم العربي.. فهو بين خيارين اما حكوماته القائمة والتي ترفض الاصلاح الذي سيقوض وجودها واما التيارات الاسلامية التي ترفض مخالفيها ولاتعترف بشيء لاينبع من ادبياتها, هل تؤيد ذلك؟
الإصلاح في العالم العربي يحتاج إلى عملية quot; القلب المفتوحquot;. والناس نفسها لا تريد الديمقراطية فعلا، بدليل تأييدها الجماعات الدينية. هل أقول إن الحل الوحيد يكمن في ضرورة عودة الاستعمار الغربي كما حدث في الماضي، حيث يعود الفضل للمستعمر في نشر التعليم والحريات السياسية والمدنية، وفصل القوانين الدينية عن القوانين المدنية وفصل التعليم الديني عن المدني؟؟

لماذا قصرت التجربة الديمقراطية في الكويت عن المرأة ولم يسمح لها بالحضور السياسي، وزيرة او مرشحة لمجلس الامة سوى في الثلاث السنوات الاخيرة؟
التجربة الديمقراطية فعل إنساني في المقام الأول والأخير، والكويتيون أنفسهم، بمن فيهم المرأة، لم يعطوا قضية المرأة سياسيا الاهتمام الكافي مكتفين بحصولها على مناصب عليا في الدولة. فمديرة الجامعة إمرأة، وهناك سفيرة، ومسؤولات في مناصب تنفيذية عديدة في الدولة. ولولا الاحتلال العراقي للكويت لربما تأخر إقرار حقوقها السياسية . ولسوء الحظ أن الزمن لم يكن في صالح المرأة الكويتية بعد هيمنة الجماعات الدينية والتواطؤ الحكومي مع هذه الجماعات لمصالح سياسية.

هل تعتقد ان مجلس الامه قادر على محاربة الفساد ام ان هذا المجلس هو احد رموز الفساد خاصة في ظل اتهام بعض اعضائه بالفساد خاصة بعد ان اتهم احد اعضاء المجلس وهو وليد العصيمي زميله العضو احمد السعدون الذي ينظر له باحترام في الكويت لمحاربته الفساد بانه احد الضالعين بالفساد ؟
يدعي كثير من الأعضاء أنهم من خلال لجان التحقيق والاستجواب والأسئلة البرلمانية إنما يسعون إلى محاربة الفساد الحكومي بزعمهم. لكنهم يتغاضون عن الفساد السياسي الناشئ عن الوساطات التي يقومون بها لتحقيق مصالحهم ومصالح أتباعهم الشخصية. وما منظر النواب وهم يسعون للحصول على تواقيع الوزراء لمعاملات رسمية لا يعلم سوى الله مدى قانونيتها سوى دليل واضح على ممارسة الفساد السياسي علنا


هل ترى ان حكومة الكويت ضالعة بالفساد الذي يملأ سماء وارض الكويت كما يقول بعض اعضاء مجلس الامة؟
الحكومة الكويتية تترك الباب مفتوحا للفساد السياسي والإداري. وقد اعترف سمو الأمير الحالي حين كان رئيسا للوزراء بأن الفساد في البلدية لا تحمله الجمال، ومع ذلك لم يحرك ساكنا منذ ذلك الحين! ما يسمى لجنة تقصي الحقائق للتحقيق في كارثة الاحتلال العراقي والتي لم تدن أي مسؤول, كما اعتبر التقرير الخاص بهذه اللجنة من الممنوعات، ومعاقبة من يقم بنشر أي جزء منه جنائيا دليل على فساد حكومي ونيابي. ما تسمح به الحكومة من توقيع للمعاملات النيابية من دون أدنى احترام للقانون دليل على استمراء الحكومة والنواب للفساد السياسي. ما تقوم به الحكومة من تعيين للوزراء وفق كوتا قبلية وطائفية وشخصية دليل على فساد سياسي.

عرفنا ان دكتور احمد سجن وحكم عليه مرات بعد نشره مقالات تندرج ضمن حرية الراي او الدعوة للحريات، هل تعرض الدكتور البغدادي لمضايقات بعد نشره مقالات تدعو إلى القضاء على الفساد او محاسبة متهمين باختلاسات مالية؟
لم يحكم عليّ بالسجن سوى مرة واحدة استمرت اسبوعين ثم ألغى سمو الأمير الراحل بقية العقوبة. وحاليا يوجد حكم بالسجن سنة، وهو حكم معلق يتم تطبيقه إذا ما تمت إدانتي في أي جنحة جديدة. وفي الحقيقة لم أتعرض لأي أذى عند كتابتي عن الفساد السياسي والإداري، وهو أمر عادي في الكويت ما لم يتم ذكر أسماء أشخاص بعينهم، ومن ثم يحق لهم اللجوء للقضاء ضمن قانون القذف أو السب أو الطعن في الذمة الشخصية، وهو ما لم يحدث.