يبدأ اليوم زيارة للإمارات :
تصريحات بوش بشأن السلام... فرغته للنووي الإيراني في الخليج
تاج الدين عبد الحق من أبو ظبي: بدأ الرئيس الاميركي جورج بوش محادثات في أبوظبي مع رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بعد ساعة من وصوله قبل ظهر اليوم (الأحد) إلى العاصمة الاماراتية. و شارك عن جانب دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي و الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان و زير الخارجية و عدد من المسؤوليين الاماراتيين, فيما شارك من الجانب الاميركي كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية و الوفد المرافق للرئيس بوش.
و من المقرر أن يقيم الشيخ خليفة لضيفه مأدبة غذاء بعد قليل ينتقل بعدها الرئيس بوش إلى قصر الامارات لإلقاء محاضرة حول الأمن الإقليمي و ارتباطه بالأمن العالمي بدعوة من مركز الامارات للدراسات و البحوث الإستراتيجية, كما يلتقي الرئيس بوش بعد ذلك بمجلس الأعمال الاميركي في دولة الامارات الذي يضم حوالي 750 عضوا و سيقضي الرئيس بوش ليلته في أبوظبي قبل أن يسافر غدا الاثنين إلى دبي ليستكمل محادثاته مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وووصل بوش، الأحد، الى ابوظبي المحطة الثالثة في جولته في الخليج، حسبما افادت مسؤولة في السفارة الأميركية في الإمارات. وقالت المسؤولةإن quot;الرئيس بوش وصل على متن طائرته الرئاسية التي حطت في أبوظبيquot;. ووصل بوش الى الامارات، قادمًا من البحرين حيث اجرى محادثات مع العاهل البحريني، وإلتقى قوات الاسطول الاميركي الخامس التي مقرها المنامة.
وكان بوش قد باشر الأربعاء جولة في الشرق الأوسط، يركز خلالها على الدفع بجهود السلام قدمًا وتطويق quot;الطموحات العدوانيةquot; الإيرانية. وهو يزور الامارات بعد كل من إسرائيل والاراضي الفلسطينية والكويت والبحرين، على أن يختتم جولته بزيارة السعودية ومصر.

وتستغرق زيارة بوش في الامارات العربية المتحدة، 35 ساعة تقريبًا، ويجري خلالها محادثات مع رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ونائبه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إضافة إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة الاماراتية وتعد الامارات المحطة الخليجية الثالثة للرئيس بوش بعد زيارتيه لكل من الكويت والبحرين على التوالي.
وترى مصادر اماراتية ان تصريحات الرئيس بوش المبكرة حول عقد اتفاقية سلام بين الفلسطينين والاسرائيلين قبيل انتهاء ولايته ستساعده للتفرغ للملف الذي يعطيه جل اهتمامه، وهو الملف النووي الايرانيومحاولة الحصول على دعم دول المنطقة لخطة ( احتواء الخطر الايراني ) على حد تعبير الادارة الاميركية، وعلى الرغم من ان أجندة الرئيس بوش عشية وصوله للامارات تبدو اجندة اقليمية، الا ان العلاقات الثنائية بين الامارات والولايات المتحدة تحظى بنصيب كبير من اهتمامات الزائر الاميركي . فالولايات المتحدة ودولة الامارات يرتبطان بشراكة اقتصادية قوامها 12 مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ يضع الامارات كثاني اكبر شريك للولايات المتحدة بين الدول العربية بعد السعودية ويضع الولايات المتحدة على رأس الشركاء التجاريين للامارات بين الدول الغربية .

وعلى الرغم من ضخامة قيمة التبادل التجاري بين البلدين، فإنهما يسعيان الى زيادة الشراكة بينهما من خلال توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين. ومنذ ما يقرب من عامين يحاول البلدان تذليل عقبات فنية وسياسية تحول دون الوصول الى هذه الاتفاقية. ومن ابرز العقبات الفنية الخلافات على نطاق الاتفاقية. حيث تطالب الادارة الاميركية بأن تشملالاتفاقية القطاعين النفطي والمصرفي، وهو ما يعني فتح الاسواق الاماراتية للشركات النفطية والمصارف الاميركية فضلاً عن فتح المجال امام شركات الاتصالات، وهو مجال ظل محتكرا في الامارات لشركة مملوكة جزئيًا للحكومة، وهي شركة اتصالات لكن هذا الاحتكار انتهى بتأسيس شركة اتصالات ثانيةهي شركة الاتصالات المتكاملة وبوجود هاتين الشركتين، لم تعد السوق الاماراتية وهي سوق صغيرة نسبيًا مغرية لشركات الاتصالات الاميركية .

وفي المجال السياسي تطالب الادارة الاميركية بتعديلات على القوانين، بحيث تسمح بالتملك الحر، كما تطالب بإلغاء نظام الكفيل والسماح للعمال بحرية العمل النقابي، فضلاً عن اجراء تعديلات على التشريعات العمالية . وقد بدات الامارات خطوات مختلفة على هذا الصعيد بحيث يؤكد المسؤولون في الامارات ان المناخ التشريعي وظروف سوق العمل لم تعد من العوامل التي تعرقل ابرام الاتفاقية .
وقد لا يكون موضوع توقيع اتفاقية التجارة الحرة من بين الموضوعات التي سيتناولها بوش في زيارته القصيرة، الا ان تخصيص لقاء له مع مجلس الاعمال الاماراتي الاميركي الذي يضم اكثر من 800 عضو خلال الزيارة يعكس الاهمية التي تشكلها التجارة في علاقات البلدين. ويبلغ تعداد الجالية الاميركية في الامارات حوالى 28 الف نسمة الغالبية منهم من اصول عربية وآسيوية .

وكانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين قد تعرضت الى امتحان قاسٍ، عندما منعت شركة الموانئ في دبي مناتمام صفقة لادارة موانئ اميركية بذريعة ان ذلك ضار بالامن القومي الاميركي، وقد تمت تسوية هذه المسألة، الا انها اعاقت العمل باتجاه اتمام اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين .
وستتاح للرئيس الاميركي فرصة الاطلاع عن كثب على تجربة دبي في اليوم الثاني لزيارته للامارات حيث يمضي صباح اليوم الثاني في ضيافة الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس دولة الامارات حاكم دبي .

العلاقات الدفاعية
وترتبط دولة الامارات والولايات المتحدة بعلاقات تعاون دفاعية تتناول مجالات مختلفة. وفي اطار هذه الاتفاقية تقدم الامارات تسهيلات للقوات الاميركية العاملة في الخليج وفي افغانستان حيث تعتبر الامارات من قواعد الامداد الرئيسية لهذه القوات في المنطقة. ويتواجد في الامارات حوالى 2000 جندي اميركي موزعين في مناطق مختلفة تمتد من ابوظبي الى الغرب من الخليج العربي مرورًا بدبي وانتهاء بالفجيرة على الساحل الشرقي. ولا يثير الوجود العسكري الاميركي تحفظات ذات مغزى في الشارع الاماراتي بالنظر الى اجواء الانفتاح التي تعيشها الامارات والتي يحظى الوجود الغربي فيها بالترحيب، ومنها ان الوجود العسكري الاميركي ليس وجودًا ظاهرًا، خاصة وانه موزع على مساحة واسعة من الارض الاماراتية . وتتزود الطائرات الاميركية والسفن الحربية الاميركية في الخليج بجزء مهم من احتياجاتها من السوق الاماراتية .

ويشكل التعاون الدفاعي مع اميركا طريق باتجاهين بالنسبة إلى الامارات. حيث ابتاعت ابوظبيكميات كبيرة من الاسلحة الاميركية خلال العقدين الماضيين . وابرز هذه الاسلحة طائرات من طراز اف 16 التي تم تطويرها بمواصفات خاصة حسب الطلب الاماراتي . وبلغ عدد الطائرات التي ابتاعتها الامارات من هذا الطراز 80 طائرة بمبلغ اجمالي قارب 8 مليارات دولار . وكانت هذه الصفقة من ابرز الصفقات العسكرية لواشنطن مع دول المنطقة لأنها ابرمت في الوقت الذي كانت فيه الحرب الباردة تلفظ انفاسها الاخيرة وهو ما ادى الى كساد في سوق السلاح العالمي. وإضافة الى الطائرات الحربية ابتاعت الامارات انظمة صواريح وانظمة رادار متطورة . ويعتقد ان بطاريات من صواريخ باتريوت قد تم نشرها في بعض المناطق بالامارات خاصة بعد الاستعراضات الايرانية لصواريخها بعيدة المدى من طراز شهاب .

الطيران
وتعد دولة الامارات من اهم الشركاء في مجال صناعة الطيران المدني . فهناك رحلتان مباشرتان لطيران الامارات يوميا من دبي الى نيورك فيما تسير طيران الاتحاد المملوكة لحكومة ابوظبي رحلة يومية من ابوظبي . وهناك اتجاه لزيادة عدد الرحلات لتصل الى محطات اخرى في الغرب الاميركي .
وتشكل طائرا ت البوينج احد مكونات اساطيل شركات الطيران الاماراتية وخاصة طيران الامارات وطيران الاتحاد كما ان الامارات اعتمدت على شركات اميركية وبالخصوص شركة هيوز لفي تصنيع قمرها الصناعي للاتصالات الفضائية المملوك لشركة الثريا الاماراتية .

في المجال السياسي
وبالرغم من ان التحالف هو السمة الغالبة على العلاقات الاماراتية الاميركية فأن العلاقات بين الجانبين ظلت تسمح بوجود مساحة واضحة للاختلاف . فكثيرا ما تعرضت السياسة الاميركية في الشرق الاوسط للانتقاد من قبل المسؤولين الاماراتين وعلى الاخص في عهد رئيس دولة الامارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان . كما ان الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان وزير الخارجية لم يتورع عن اطلاق تصريحات عديدة لانتقاد بعض المواقف والسياسات الاميركية .
على ان هذا الاختلاف لم يمنع دولة الامارات من المشاركة في جهود رعتها الولايات المتحدة ومن ابرزها المشاركة في مؤتمر انا بوليس والمشاركة في مؤتمر المانحين في باريس الذي تبرعت فيه بمبلغ 300 مليون دولار للسلطة الفلسطينية .

وبخصوص العراق، فإن الامارات التي وقفت ضد غزو الكويت ، انتقدت الحصار ا على العراق بعد تحرير الكويت على ان هذا الانتقاد لم يمنعها من ان تلعب دورا مساندا للاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين .
وفي الموضوع الايراني ثمة نقاط التقاء بين الجانبين حيث تشارك الامارات الادارة الاميركية القلق من البرنامج النووي الايراني ومن توجهات ايران لامتلاك اسلحة دمار شامل والتي تعتقد انها توجهات لا تتفق مع الدعاية الايرانية التي تنادي بتعاون امني اقليمي . وترى الامارات ان الطموحات الايرانية في المجال العسكري لا تبعث على الثقة وانها تعزز التعنت الايراني في موضوع الجزر الاماراتية الثلاث التي تحتلها ايران منذ العام 1971 .

لكن الامارات تختلف مع واشنطن في هذا الملف بناحيتين :
الاولى الا يتم انتهاج اي وسائل ذات طبيعة حربية للتعامل مع هذا الملف بالنظر للمخاطر الذي يشكلها هذا الاسلوب على اوضاع المنطقة الاستراتيجية والاقتصادية والنفطية وغيرها
والثانية انها تخشى ان يكون بواعث القلق الاميركي من البرنامج النووي الايراني هي مصلحة اسرائيل بالدرجة الاولى وليس كما تروج من ان البرنامج يضر بأمن منطقة الخليج . وترى الامارات وغيرها من دول الخليج ان يتم التعامل مع الاسلحة النووية في الشرق الاوسط بمعيار واحد بحيث يكون الهدف النهائي تخليص المنطقة من اسلحة الدمار الشامل .

الارهاب
والى جانب القضايا السياسية فهناك تعاون وثيق بين الامارات والولايات المتحدة بشأن مكافحة الارهاب حيث مارست الولايات المتحدة الكثير من الضغوط لتعديل الرقابة على حركة الاموال من الامارات للخارج او من خلال جهازها المصرفي . وقد ابدت دولة الامارات تعاونا كبيرا في هذا المجال وقامت بمراقبة المصارف ومحلات الصرافة وادرجت عددا كبيرا من الشركات في القائمة السوداء .

وفيما تبدي الدوائر الرسمية في الامارات ترحيبا كبيرا بزيارة جورج بوش للامارات وتصفها بالزيارة التاريخية باعتبارها اول زيارة لرئيس اميركي للامارات الا ان بعض الاوساط الاعلامية ، قدمت صورا سلبية لاهداف جولة بوش وانتقدت بشكل خاص تصريحاته بشأن الصراع مع اسرائيل وشككت في قوله بأن اتفاقية سلام يمكن ان توقع بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي قبل انتهاء ولايته وقالت هذه الاوساط التوقيع قد لايعني السلام فقد وقعت اتفاقيات سلام لكن اسرائيل لم تتورع عن انتهاكها اوتنفيذها بما يتفق مع استراتيجيتها الاستيطانية والامنية . واعربت مصادر اكاديمية اماراتية عن خشيتها في ان تكون تصريحات بوش بشأن اتفاقية السلام مع اسرائيل هي قطع للطريق امام مضيفيه الخليجيين لاثارة المسألة التي يولونها تقليديا اهتماما كبيراgt;

ومن المنتظر ان يلقي الرئيس بوش محاضرة في قصر الامارات الفخم حيث يقيم خلال زيارته بدعوة من مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي يعتبر ( think tank ) للنخبة السياسية في الامارات . وقالت مصادر اماراتية ان الموضوع الرئيسي الذي سيتناوله الرئيس بوش في محاضرته سيكون الوضع في الخليج بقطبيه البرنامج النووي الايراني والوضع في العراق .
وعلى هامش الترحيب الرسمي بالزيارة أصدر مركز شؤون الإعلام التابع لديوان الشيخ سلطان بن زايد ال نهيان نائب رئيس الوزراء دراسة خاصة عن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش
وأكدت الدراسة أهمية هذه الزيارة التي يلتقي خلالها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة .
وأبرزت الدراسة جوانب شخصية في حياة الرئيس الأميركي جورج بوش باعتباره أول رئيس للولايات المتحدة يزور دولة الإمارات.وتناولت الدراسة التي صدرت باللغتين العربية والإنجليزية سيرة الرئيس الأميركي الذاتية مبرزةً الجوانب الإنسانية في شخصيته والتي أسهمت عبر كافة مراحل التدرج في بناء هذه الشخصية ذات السمات القيادية المؤثرة.
وأوضحت الدراسة أن بوش نشأ في أسرة كانت القضايا السياسية هاجسها الرئيس وشاغلها الأقوى وأن هذه النشأة تعد هي اللبنة الأولى في تشكيل ميوله واتجاهاته القيادية انطلاقاً من المشاركة في الخدمة العامة باعتبارها واجباً أخلاقياً سامياً وإظهاراً لأثر هذه النشأة فقد أثنى الرئيس بوش في سيرته الذاتية التي جاءت بعنوان quot;جذوة نبقي عليها مشتعلةquot; على جده ونظرته الواقعية بقوله / اعتقد جدي بريسكوت بوش أن المساهمة الأكثر أهمية وثباتاً هي تلبية الدعوة للخدمة العامة والاستجابة لها/.
وفي تفصيلها لدوائر اهتمام الرئيس بوش بالقضايا ذات الأبعاد الاجتماعية والإنسانية في بدايات انشغاله بالعمل السياسي أشارت الدراسة إلى أنه نظر إلى التعليم كضرورة إستراتيجية بقوله/ التعليم كان الأقرب إلى قلبي وكما قلت في خطاب تلو الآخر فإن التعليم بالنسبة للولاية يماثل الدفاع القومي بالنسبة للحكومة الفيدرالية فهو الأولوية الأولى والتحدي الأكثر إلحاحاً فإذا لم تقم الولاية بتعليم الأطفال وإذا لم تقم الحكومة الفيدرالية بالدفاع عن أميركا من التهديد الأجنبي سوف تبدو كل ما عداها من القضايا ثانوية مهما كانت أهميتها/.
وعرضت الدراسة لرؤى وقناعات عدد من الكتّاب والباحثين والمفكرين حول شخصية الرئيس جورج دبليو بوش والتي أظهروا فيها أن وازعه الديني والأخلاقي لم يكن وليد ظروف مؤقتة أو عوامل مصطنعة بل هو صفة وثيقة الصلة بنشأته وملازمة لشخصيته الإنسانية وتعبيراً عن هذا الوازع قال ديفيد إيكمان في كتابه / رجل العقيدة/.. الرحلة الروحية لجورج بوش/ أما جورج بوش فكان رجلاً ذا أخلاق عالية جداً وعقيدة عميقة نابعة من ذاته بحيث يدرك ميثاق أمته مع الله ولكن إيمان بوش أو تجديد عقيدته لم يكن عادياً فقد ازداد ارتباطه بالكنيسة وبالتالي بالحياة الاجتماعية وكانت لجهوده في دمج البرامج القائمة على العقيدة في حركة الإصلاح الاجتماعي أثر أفضل من البرامج الأخرى عندما يتعلق الأمر بتغيير سلوك شخصي كالإدمان على الكحول أو المخدرات أو إعادة تأهيل السجناء/.