أهمية التوقيت و موقف الدول الغربية
توافق جديد بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية
يوسف عزيزيمن طهران:
بعد يومين من المباحثات المكثفة التي أجراها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي مع المسؤولين الكبار في ايران اعلنت الوكالة الدولية انها اتفقت مع طهران حول حل القضايا العالقة الخاصة بالبرنامج النووي الايراني خلال فترة تمتد الى اربعة اسابيع.
ولم يتحدث البيان عن اتفاق جديد بل تحدث عن توافق جديد.

اعلنت ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان صدر مساء امس في العاصمة النمساوية حيث لم تشر الى اتفاق جديد و لم تتحدث عن بنود خاصة به.
وجاء في البيان ان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي اتفق خلال محادثات اجراها يومي الجمعة و السبت مع مرشد الثورة الايرانية اية الله علي الخامنئي و الرئيس محمود احمدي نجاد quot; وجوب إنجاز وثيقة العملquot; الهادفة الى توضيح كل المسائل العالقة quot;خلال الاسابيع الاربعة المقبلةquot;.

ونذكر ان وثيقة العمل (أو الموداليته كما يصفها الايرانيون) تم التوصل اليها بين البرادعي و الامين العام السابق للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي لاريجاني خلال السنة الماضية لمعالجة المسائل العالقة في البرنامج النووي الايراني.

في الحقيقة تسعى ايران و بتعاونها مع الوكالة الدولية ان تبعد ملفها النووي من حالته الامنية ليصبح ملفا عاديا و قد ساعدها في ذلك التقرير الذي نشرته 16 مؤسسة امنية و استخباراتية اميركية.
وتنصquot; وثيقة العملquot; الهادفة الى توضيح كل المسائل العالقة، تنص على اتفاق بين ايران و الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول قضايا البلوتونيوم و اجهزة الطرد المركزي بي2 وبي1، و بلوتونيوم 210، و اليورانيوم المعدني، و تشمل مشاورات أجراها الجانبان من اجل معالجة القضايا العالقة كذرات اليورانيوم الملوث في كلية الهندسة في جامعة طهران و منجم quot; غولشينquot;.
في الواقع حدد بيان الوكالة الدولية الاطار الزمني اللازم لإنجاز quot;وثيقة العملquot; باربعة اسابيع وهي الفترة اللازمة ndash; من وجهة نظر الجانبين - لحلحلة المشاكل بين ايران و الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعقب الاعلان عن البيان اكد مدير الوكالة الايرانية للطاقة الذرية غلام رضا آغازادة ان الملف النووي الايراني السلمي يطوي مراحله الاخيرة. ووصف آغازادة الذي كان يتحدث للقناة الاولى للتلفزيون الايراني وصف زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الى طهران بالمهمة للغاية مؤكدا انها جاءت في مرحلة حساسة.
وشدد آغازادة ان الحوار مع البرادعي تناول موضوع بناء جسور الثقة المتبادلة بمنتهى الشفافية ورأى انه لاحاجة لكي تكون الدول الغربية طرفا ثالثا في الحوار بين ايران و الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واشار مدير الوكالة الايرانية للطاقة الذرية الى تأكيد الجانبين ان الوكالة الدولية تعتبر المرجع الوحيد الذي يجب ان يبت في موضوع البرنامج النووي السلمي الايراني و تتوقع طهران منها الحصول على التطمينات اللازمة.

واعتبر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إرسال ملف ايران النووي الى مجلس الامن الدولي بانه كان قرارا غير قانوني موضحا أن إبقاء هذا الملف في المجلس المذكور بعد الاعلان عن شفافيته يعتبر عملا غير مبرر.

اهمية التوقيت
ترتبط اهمية التوقيت الخاص بالاعلان عن بيان الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقضايا محلية و اخرى دولية.
فالجميع يعلم ان ايران مقبلة على انتخابات برلمانية و حكومة الرئيس احمدي نجاد بحاجة الى انجازات داخلية لتظهر نفسها بانها حكومة ناجعة و موفقة حيث لم تستطع حتى الان تحقيق وعودها المتعلقة باحتواء التضخم و تخفيض اسعار السلع؛ كما ان موجة البرد الاخيرة زادت الطين بلة حيث اخذ العديد من البرلمانيين يتهمون الحكومة بانها غير قادرة على حل مشكلات الناس اليومية و الطارئة معا. فهذا يعني ان الحكومة و التيار المحافظ الموالي لها بحاجة الى ان يقول للشعب الايراني انه انهى الملف النووي الايراني بسلام و ان الملف و إثر جهودها ndash; اي الحكومة ndash; سيخرج من مجلس الامن و سيعود الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

والعامل الثاني لأهمية التوقيت هو القضايا الدولية و التهديدات الغربية و اهمها احتمال فرض عقوبات جديدة على ايران. ونحن نعلم ان العقوبات السابقة أثارت بعض المشكلات في القطاعات الاقتصادية. ولاننسى التهديدات الاخيرة التي جاءت على لسان الرئيس الاميركي جورج بوش في دولة الامارات العربية المتحدة و كذلك التصريحات التي يدلي بها بين الحين و الاخر الزعماء الفرنسيون و البريطانيون و الالمان.
فايران تتصور انها اذا تعاونت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الوقت بالذات يمكنها ان تقي نفسها من العقوبات الاقتصادية المقبلة و لربما الاخطر منها.
المصادر الغربية تقلل اهمية التوافق

لم ترد طهران مباشرة على التصريحات الاميركية و الغربية التي تقلل اهمية التوافق الاخير بين ايران و الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن يعتقد المسؤولون الايرانيون، بما فيهم المدير العام المساعد للوكالة الايرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي، ان مواقف الدول و منها الدول الغربية اصبح اكثر اعتدالا قياسا للسابق.
ويبدو ان سعيدي يعزو الامر الى التعاون المكثف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن رغم كل الجهود التي تبذلها ايران في التعاون مع البرادعي و الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاتكف الولايات المتحدة الاميركية عن ضغوطها في هذا المجال لأنها لاتريد انهاء الملف النووي الايراني بل ترغب في ان يمهد هذا الحل ndash; او اي حل اخر ndash; الطريق لتحسين العلاقات الايرانية ndash; الاميركية و ان تنهي الصراع المستمر منذ 30 عاما لصالحها.