الرياض: ينهي الرئيس الاميركي جورج بوش جولته في الشرق الاوسط يوم الاربعاء بعد أن أبلغ زعماء الدول المتحالفة مع واشنطن في المنطقة إن ايران تشكل تهديدا وإن جهود السلام الفلسطيني الاسرائيلي تحتاج دعمهم وإن ارتفاع أسعار النفط ليس في مصلحة أحد.وتوجه بوش الى مصر بعد أن قضى ليلتين في المملكة العربية السعودية مؤكدا على العلاقات الشخصية الوثيقة وكان قد صرح بأنه سيثير مخاوفه من ارتفاع اسعار النفط بشكل مباشر مع الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وكان بوش قددعا في السعودية إلى المساعدة في التخفيف من حرارة اسعار النفط المرتفعة، والتي بدأت في تهديد الاقتصاد الاميركي، من خلال مساعدة الدول المصدرة على زيادة العرض النفطي في الاسواق. وقال بوش انه يأمل في ان تبحث منظمة الاوبك تغيير مستوى الانتاج لأن، على حد قوله quot;اذا عانى احد اكبر الاقتصاديات المستهلكة للنفط، فان هذا يعني مشتريات اقل من النفط والغازquot;. يشار الى ان منظمة اوبك ستعقد لقاء في العاصمة النمساوية فيينا في مطلع شهر فبراير/شباط القادم لبحث حصص الانتاج التي رفضت المنظمة زيادتها في اجتماعها الاخير في شهر ديسمبر/كانون الاول 2007. ومن جانبه قال عبدالله النعيمي وزير النفط السعودي ان السعودية ستزيد انتاجها اذا تطلبت ظروف السوق ذلك.

الموقف السعودي

وعلى الرغم من جهود بوش في السعودية، التي امضى بها يومين، لم يظهر تغير في الموقف السعودي من ملفي السلام وايران. ورد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل على دعوة بوش الدول العربية لدفع جهود السلام مع اسرائيل بأنه لا يعرف مالذي يجب على العرب القيام به، اكثر مما قاموا تجاه اسرائيل. ويشير الفيصل الى المبادرة العربية للسلام التي تقوم على مبدأ انسحاب اسرائيل من كافة الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 مقابل تطبيع العلاقات العربية معها. اما بالنسبة لايران فقد قال الفيصل quot;ان ايران دولة مجاورة ومهمة في المنطقة، ولا يوجد لدينا شيء ضد ايرانquot;. ويقول مراسل بي بي سي في الرياض إن الأميركيين والسعوديين يختلفان في طريقة التعامل مع الملف الايراني. وتعارض السعودية ضربة اميركية عسكرية الى ايران بسبب الشكوك الاميركية حول النوايا الحقيقية لإيران في المجال النووي.

اخوة السلاح

من جهة ثانية، حملت صحيفة الاندبندنت على صفحتها الخارجية مجموعة من صور بوش الى جانب الملك عبد وكتبت تحت هذه الصور quot;اخوة السلاحquot; في اشارة الى العلاقة التي تجمع السعودية والولايات المتحدة. وكتب روبرت فيسك عن جولة بوش في الشرق الاوسط ان جورج بوش الذي نام في اسرة حريرية في قصور الملك عبد الله في السعودية شعر براحة وفيرة لكن هل الشرق الاوسط الذي يزوره بوش يتمتع يشعر بالراحة في هذه الاثناء. فبينما كان بوش يستمتع بالراحة في مزرعة المللك عبد الله في الجنادرية استهدف انفجار سيارة تابعة للسفارة الاميركية في لبنان قتل فيه اربعة ابرياء وقتلت اسرائيل 19 فلسطينيًا اغلبهم من حركة حماس ومن بينهم نجل احد زعماء الحركة محمود الزهار.

ويضيف فيسك ان بوش نسي الحديث هن ضمان الامن للفلسطينيين الذي قال انهم سيحصلون على دولة في نهاية ولاية اخر هذا العام لكن تحدث عن ضمان امن اسرائيل وركز كل حديثه على التهديد الايراني امام امراء الخليج الذين يعومون على بحور النفط. ويختتم فيسك الحديث عن هذه الزيارة بالقول quot;ان بوش الان لم يعد يتحدث عن الشرق الاوسط الجديد الذي بشر به قبل غزو العراق بينما هو يسترخي في قصور الملك عبد الله لكنه الان يعود الى الشرق الاوسط القديم الذي تتحكم فيه الشرطة السرية وغرف التعذيب والسجناء الذين يمكن ترحليهم بشكل سري والحكام والامراء الديكتاتوريين لكن المعتدلين ايضًا، وما لن يعترض عليه الحكام المستبدون في الخليجquot;.

الازدواجية الاميركية

وفي صفحة الرأي كتبت الاندبندنت عن زيارة بوش الى السعودية وقالت ان زيارة بوش تقدم مثالا واضحا عن ازدواجية المعايير لدى الادارة الاميركية في علاقات الخارجية فعندما وصل بوش الى البيت الابيض تحدث عن نشر الحرية والديمقراطية حول العالم باعتبارها قيم كونية وكانت الحجة التي تذرع بها في غزو العراق بعدما فشلت في العثور على اسلحة دمار شامل في العراق. فالسعودية حسب قول الصحيفة تكاد تكون الدولة الوحيدة الى جانب كوريا الشمالية البعيدة كل البعد عن القيم التي بشر بها بوش. وستكون الشكوى الوحيدة للرئيس بوش من السعودية هي ارتفاع اسعار النفط لانها تأثر على الاقتصاد الامريكي حيث ان النفط هو محور العلاقة الراسخة بين عائلة بوش والعائلة المالكة السعودية منذ عشرات السنين.

التسوية والمواجهة

اما صحيفة الفاينانشيال التايمز فتحدثت عن الزيارة وقالت ان امرين شغلا بوش خلال زيارته للشرق الاوسط وهما الشأن الفلسطيني ومواجهة ايران. ففي الشأن الفلسطيني تقول الصحيفة ان العديدين لا يشعرون بالتفاؤل الذي عبر عنه في امكانية توصل الفلسطينيين والاسرائيليين الى اتفاق سلام بنهاية العام وهو ما اشار اليه بوش عندما اعلن للصحافيين في السعودية ان جميع القادة الذين التقاهم خلال زيارته للمنطقة سألوه لماذا يبدو متفائلاً. وتقول الصحيفة ان الولايات المتحدة حريصة جدًا على الحد من الروابط التجارية بين الامارات العربية المتحدة التي زارها فبل السعودية وايران ويبدو ان الرئيس بوش قد حقق بعض النجاح في هذا الشأن بتجميد الامارات للتسهيلات المالية التي تقدمها للصادرات الامارتية الى ايران.

quot;رحلة بلا مبادىءquot;

وفي صفحة الرأي كتبت صحيفة الغارديان تحت عنوان quot;رحلة بوش بلا مبادىء ولا خطة وفائز وحيد كبيرquot; قالت فيه ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي يعاني من العديد من المشاكل داخل ايران هو اكبر المستفيدين من رحلة بوش الى الشرق الاوسط حيث انقذه الرئيس بوش من مشاكله عندمالا قرع بوش طبول الحرب ضد ايران وشن هجوما عنيفا على نجاد متهما اياه بانه اكبر راع للارهاب. وتقول الصحيفة ان بوش مطر السعودية باسلحة تزيد قيماها على 20 مليار دولار لمواجهة ايران قبل ان يتأخر الوقت حسب قول بوش. فكما تدخلت الارادة الالهية في ايصال نجاد الى الرئاسة في ايران عام 2005 حسب قول نجاد فإن على نجاد ان يشكر الله على ايصال بوش ايضا الى الحكم في اميركا، فأن تكون عدوًا لاميركا في هذه البقعة من العالم لن تعدم الاصدقاء.

فالمحافظون الجدد الذين يحاولون تصوير استراتيجية واشنطن في الشرق الاوسط العراق باعتبارها تمثل نجاحًا لهم، تعتمد على الاخبار الواردة من العراق التي تشير الى تراجع عدد القتلى في العراق بعد قيام قائد القوات الاميركية في العراق القيام بما كانت اميركا ترفض القيام به رفضًا قاطعًا حتى فترة قريبة، ألا وهو تسليح جماعات مسلحة محلية تضم في صفوفها عصابات حزب البعث السابق وشيوخ العشائر وتقديم المال لهم لحماية مناطقهم في المناطق السنية من العراق بناء على الاستخبارات الانكليزية التي اقترحت ذلك على واشنطن عام 2003 لكنها رفضته حينذاك. وحتى هذا الطريق محفوف بالمخاطر فهي على المدى الطويل لا تضمن قيام سيادة القانون وسيطرة الدولة على المناطق التي تسيطر قوات quot;الصحواتquot; المحلية بعد ان تحولت على مناطق مغلقة خالية من الشيعة.