واشنطن: كان الرئيس الأميركي جورج بوش دائما -حتى عندما تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوياتها بسبب حرب العراق- يشير بفخر إلى ما يعتبره أكبر انجازاته وهو حسن إدارة الاقتصاد.

لكن الآن مع ارتفاع أسعار النفط مقتربة من مستويات قياسية ووجود سوق الرهون العقارية على حافة الانهيار والركود الذي يلوح في الأفق يجد بوش أن حتى ما كان يبدو مضمونا في ميراثه الرئاسي المهترئ يتسرب من بين يديه.

ويجاهد بوش لوقف التراجع الاقتصادي وتهدئة أسواق المال العالمية المضطربة بخطة تحفيز اقتصادي تتكلف نحو 150 مليار دولار.

وحتى إذا نجحت الخطة في تحقيق الهدف منها فان بوش يواجه صعوبة في الحفاظ على مكان له في التاريخ.

فلم يبق له سوى أقل من عام في السلطة وهو متورط في حرب خارجية لا تحظى بشعبية وجدول أعماله المحلي متوقف بسبب سيطرة المعارضة على الكونجرس وهو يجاهد من أجل إثبات وجوده مع تحول الاهتمام إلى معركة اختيار خليفة له.

وقال تيري مادونا خبير العلوم السياسية بكلية فرانكلين اند مارشال في بنسلفانيا الذي يتوقع ان يحتل بوش في النهاية مكانا ضمن أقل 25 بالمئة من رؤساء أميركا شعبية quot;ما تشير اليه الأوضاع الآن هو ان ميراثه سيكون في غاية القتامة.quot; وأضاف quot;من الصعب تصور ان يحقق عودة قوية.quot;

وكثيرا ما يشبه بوش الجمهوري نفسه -اخذا في الاعتبار تراجع شعبيته- بالرئيس الاسبق هاري ترومان الديمقراطي الذي لم يكن يحظى بشعبية كبيرة عندما ترك السلطة ولكن ازداد التقدير له الآن لحسن تعامله مع الصراع بين الكوريتين والحرب الباردة.

وأكد بوش مرارا ثقته في انه سوف يثبت أنه كان على حق.

لكن أغلب المحللين السياسيين يرفضون هذه المقارنات قائلين إن حكم التاريخ على بوش سيكون أقرب الى رؤساء اعتبروا اكثر محدودية مثل وارين هاردينج وفرانكلين بيرس وجيمس بوكانان.

ولم يكن هذا هو المفترض عندما تولى بوش السلطة عام 2001. واسماه انصاره في باديء الامر quot;رئيس بماجستير في ادارة الاعمالquot; أي قادر على ادارة الاقتصاد كما يدير رئيس تنفيذي شركة.

لكن منتقدي بوش من الديمقراطيين يرون ان مليارات الدولارات أهدرت على حرب العراق المستمرة منذ خمس سنوات وان التخفيضات الضريبية الكبيرة التي اقرها كانت تخدم مصالح الاغنياء في حين لا تسهم بالكثير في رفع مستويات معيشة الفقراء.

وهو الآن يواجه خطر الدخول في مرحلة ركود ثانية في عهده في حين يتهاوى الدولار على مستوى العالم بعد المكانة الكبيرة التي كان يحظى بها.

ومثل الكثير من الرؤساء السابقين تحول اهتمام بوش في الفترة الاخيرة الى التركيز بدرجة أكبر على شؤون العالم مع قرب انتهاء فترة ولايته ومع رؤيته لثقله السياسي الداخلي يهتز.

ويدفع بوش اسرائيل والفلسطينيين للتوصل الى اتفاق سلام بحلول نهاية فترة ولايته لكن الاطراف على جانبي الصراع تتشكك في ذلك قائلة انه مجهود قليل في وقت متأخر جدا من جانب رئيس لم يكن في الاغلب منخرطا في دبلوماسية الشرق الاوسط.

وفي حديث مع صحفيين يرافقونه في جولته الاسبوع الماضي أقر بوش ان امامه quot;عمل كثير لمحاولة بناء الثقةquot; في جهوده.

وحتى فيما يتعلق بالمكاسب الامنية في العراق التي حدت من حجم الانتقادات في الداخل يبدو ان الحرب احدثت اثرا طويل الامد على مصداقية الولايات المتحدة في الخارج يقول العديد من المحللين ان اصلاحه يحتاج لسنوات.

وتقلصت قدرته على حشد المجتمع الدولي ضد ايران بسبب تقرير للمخابرات الأميركية عن أن طهران تخلت عن برنامجها للتسلح النووي في عام 2003 والذي يتناقض مع تأكيداته السابقة انها تعمل بنشاط على امتلاك سلاح نووي.

كما ان ما بدا انه عدم قدرة بوش على تهدئة ارتفاعات أسعار النفط كان واضحا خلال زيارته الاسبوع الماضي لدول خليجية منتجة للنفط ناشدها رفع القيود على الانتاج لكنه عاد دون الحصول على وعد ملموس بذلك.

وحتى الجمهوريون مثل بوش الذين يسعون لأن يرشحهم الحزب لانتخابات الرئاسة هذا العام يبدو انهم يتنصلون من ميراثه في بعض الاحيان. فكتب المرشح مايك هوكابي مقالا في أواخر العام الماضي اتهم فيه ادارة بوش بانها quot;تتعامل بعقلية متعنتةquot; على الساحة الدولية.

وفي الوقت نفسه يتطلع العديد من زعماء العالم الى من سيخلف بوش وهو ما لا يخدم الرئيس في سعيه لتحقيق انجازات كبيرة في السياسة الخارجية في الاشهر المتبقية من فترة ولايته.