خلف خلف من رام الله: ستستأنف إسرائيل شحنات الوقود إلى قطاع غزة اليوم الأحد، وذلك استجابة إلى قرار محكمة العدل العليا التي نظرت ظهر اليوم في الطلب العاجل الذي قدمه إليها مركز عدالة القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل وجمعية quot;غيشا - مسلكquot;، وبعد مداولات عقدتها المحكمة، قررت استصدار أمراً مرحلياً ضد تقليص كميات الوقود والمؤن الأخرى المنقولة من إسرائيل إلى قطاع غزة.
وقالت النيابة العامة في سياق لائحة جوابية قدمتها إلى المحكمة ردا على هذا الطلب أن إسرائيل ستستأنف اليوم نقل السولار إلى القطاع بالكمية التي كانت تنقلها قبل قرار التقليص، وأفادت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن النيابة العامة الإسرائيلية أوضحت أن هناك اعتبارات واسعة أمام وزير الدفاع بخصوص اختيار الشكل المناسب لإدارة العمليات في قطاع غزة بضمنها استخدام الوسائل الاقتصادية، وأشارت النيابة العامة مع ذلك إلى أن الدوائر الأمنية الإسرائيلية ملزمة بالحفاظ على ابسط الحقوق الإنسانية في قطاع غزة.
ويأتي هذا القرار بعد سجال عاصف في إسرائيل حول مدى انعكاس الحصار المفروض على قطاع على إيقاف الصواريخ المحلية الصنع التي يطلقها النشاء الفلسطينيون صوب بلدات جنوب إسرائيل، وكذلك بعد نجاح المواطنون الفلسطينيين في كسر الحصار جزئياً من خلال فتح ثغرات في الحدود المصرية، وهو ما أضطر السلطات المصرية للسماح لهم بعد ذلك بالمرور عبر البوابات الرئيسية للتزود بالاحتياجات والمؤن الأساسية.
ويدور حديث عن فشل في السياسة الإسرائيلية، حيث عبر الخبير الإسرائيلي يوحنان تسوريف عن اعتقاده أن الفشل في التعامل مع حماس والفلسطينيين بشكل عام، لم يبدأ فقط خلال اليومين الماضيين، بل إن الفشل الإسرائيلي بهذا الشأن يمتد إلى سنوات ماضية.
وأضاف الخبير تسوريف والذي عمل أيضاً مستشاراً لدى هيئة الحكم المدني لشؤون الأقليات العربية في الأراضي المحتلة: quot;وخاصة عندما فشلت إسرائيل في فهم انتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، وعندما تمسكت بمقولة إن حماس تريد القضاء على إسرائيل، وهي المقولة التي يوجد بشأنها شك كبير، لجهة أن حماس لم تعلن رسميا مثل هذا الكلام بل إن جل ما رغبت به حماس هو التأثير على المسيرة السلمية والمفاوضات بشكل عام، والقول بأنها تشكل المعادلة الأصعب وذات التأثير الأكبر من كل المعادلات الأخرىquot;.

ولفت تسوريف إلى أن حركة حماس وافقت في اتفاق مكة على إجراء مفاوضات مع إسرائيل وهذا كان واضحاً في البند الثاني من الاتفاق الذي قرأه محمود عباس بوضوح وعلى مسمع كل من حضر مراسم توقيع الاتفاق المذكور، إلا أن إسرائيل لم تلتقط الفكرة أو أنها تجاهلتها وأعلنت رفضها التحاور والتفاوض مع حماس. لا بل فرضت إسرائيل على محمود عباس مقاطعة حماس وعدم الحديث معهم، وهددته بمقاطعته إذا ما أقدم على الحديث مع حماس.
وأضاف تسوريف في حديث مع التلفزيون الإسرائيلي أمس: إن الأحداث الأخيرة أثبتت فشل السياسة الإسرائيلية لأنها لم تسمح لمحمود عباس بمحاورة حماس، ولم تقدم هي على محاورته، مما دفع حماس لاتخاذ قراراتها وتنفيذها بدون العودة إلى موافقة احد، وهذا ما تمثل في تدمير الجدار وفتح معبر رفح.
واقترح تسوريف إعادة تكليف أبو مازن بفتح حوار مع حماس، لا بل وحتى إجباره على ذلك بهدف جر حماس إلى مفاوضات، وربما التوصل معها ومع محمود عباس إلى اتفاق، لا توافق إسرائيل على تنفيذه إلا بعد اخذ موافقة الشعب الفلسطيني بأكمله، وهكذا تكون إسرائيل قد أقحمت حماس باتفاقات مقبولة من قبلها.

من ناحيته، قال بروفسور يورام ايتال رئيس مركز بحوث الشرق الأوسط هرتسوك إن التحدث مع حماس من أجل نيل اعترافها بإسرائيل أو اعتراف إسرائيل بها هو شيء غير ضروري، ولن يساهم في إيجاد حلول للأوضاع القائمة، ولكن ضرورة الحديث مع حماس بشان الأوضاع القائمة في غزة، هو شيء هام وضروري وملح، لأنه وبدون إجراء مثل هذا الحوار المباشر مع حماس ستجد إسرائيل نفسها أمام واقع أصعب بكثير مما هو عليه اليوم، وستجد نفسها في خصم حرب استنزاف، وعلى عدة جبهات ولفترة طويلة، بالرغم من أننا سنضطر لاستخدام قدراتنا العسكرية بدون هوادة او رحمة.
وأضاف: إن الأحداث خلال اليومين الماضيين أدت إلى تدهور كبير في العلاقات المصرية ndash; الإسرائيلية، بالرغم من كل الأحاديث المنمقة التي سمعت من قبل مسؤولين في الدولتين.
وتوقع ايتال أن تقوم إسرائيل باختلاق أزمة حول موضوع معين من أجل إحراج مصر ودفعها إلى اتخاذ إجراءات معادية للفلسطينيين، ولذلك فمن المحتمل أن ترد مصر بأن تقترح على إسرائيل الموافقة على التوصل إلى اتفاق مع حماس بشان الأوضاع السائدة، وهي أي مصر، ستستغل الأحداث لتقول لإسرائيل نحن ننصحكم باستغلال هذه الفرصة للتحدث إلى حماس، وعلى الأقل بشان إيجاد حل للوضع الراهن، ما قد يؤدي مستقبلا إلى هدنة لوقف إطلاق النار تستمر لعدة سنوات.