بلال خبيز من بيروت:أكد رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، متانة التحالف الذي جمع بين الطرفين إستنادًا إلى وثيقة التفاهم الموقعة في كنيسة مار مخايل على خط التماس التقليدي في الحرب الأهلية اللبنانية بين الشياح وعين الرمانة، وهو الموقع الذي شهد يوم 27 كانون الثاني الماضي أحداث الشغب والتي سميت بالأحد الدامي، والتي كان نتيجتها سقوط سبعة شهداء وعشرات الجرحى.

جاء هذا التأكيد في حديث تلفزيوني جمع الزعيمين، في سابقة اعلامية لم يشهد لها لبنان مثيلاً، من حيث جمع قطبين بارزين في برنامج تلفزيوني واحد. وهذا يعكس مدى اهتمام الرجلين بلم ذيول الاحداث التي جرت، وسد الفجوات التي اصابات التحالف بين القوتين السياسيتين اللتين، ولأسباب عديدة، تشكلان عمود المعارضة اللبنانية الفقري.

وبصرف النظر عن تأكيدات الزعيمين، وعن إرادتهما الصادقة في احلال السلام في نفوس اللبنانيين، على ما عبرا بوضوح، إلا أن الأكيد والثابت انهما يشعران معًا بأن هذا التحالف قد تعرض لضربة قوية على المستوى الشعبي في احداث الأحد الدامي، وانهما يعملان معًا على اعادة تمتين عراه. وكان الجنرال عون في وقت سابق على الحديث التلفزيوني، قد تحدث امام جمهور من التعبئة الطلابية في حزب الله عن اهمية هذا التحالف، ودوره في درء الفتنة التي كان مقدرًا لها ان تندلع على نطاق واسع يوم الاحد الدامي لولا ان هذا التفاهم قد ساهم في اطفاء هذه الشرارة، حيث اقتصرت التحرشات على جهة واحدة ولم تواجه برد مماثل. ورد الجنرال عون اسباب التعقل في ردود الفعل إلى آثار هذا التفاهم بين حزب الله والتيار والوطني الحر.

ومهما يكن من امر هشاشة التحالف والجروح التي مني بها طوال السنتين الماضيتين، إلا ان الاهتمام الذي ابداه الزعيمان لا يمكن اعتباره امرًا مذمومًا على الرغم من وجاهة بعض ما ورد في ردود وجوه من فريق 14 آذار على الحديث التلفزيوني للزعيمين، حيث اعتبر بعضها، خصوصًا النائب الياس عطالله، امين سر حركة اليسار الديمقراطي، ان الممارسات اليومية على الارض لا تتفق مع تصريحات الرجلين، كما لمح، وزير الشباب والرياضة، احمد فتفت إلى واقعة ان اطلاق النار الغزير في الهواء في بعض مناطق بيروت والضاحية الجنوبية رافق بداية الحديث التلفزيوني ونهايته. مما يتنافى مع ادعاء الحض على تجنيب البلد فتنًا هو على قاب قوس او ادنى من الدخول في مرماها. لكن ذلك كله لا يمنع من تسجيل واقعة ان الزعيمين أرادا لملمة اثار ما جرى وحصر نتائجها ومترتباتها الخطرة، على نحو يمكن التحكم به في ما بعد، ولا يجعل البلد ينزلق إلى هاوية لا يمكن لأحد التحكم فيها.

كان الحديث التلفزيوني بمجمله مرتكزًا على معالجة هذه النقطة بالذات، ولم يكن مقدرًا ان يتم حرفه عن مساره. لذلك لم يسجل في هذا الحديث مواقف مهمة او غير معتادة على مستوى الأزمة الرئاسية الراهنة، ومهمة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في تذليل العقبات التي تعترضها. فأعاد الزعيمان تأكيد مواقفهما السابقة بخصوص الثلث الضامن في حكومة الوحدة الوطنية، وتفسيرهما للبند الثاني من المبادرة العربية الذي يعلن عن ضرورة تشكيل الحكومة بعد حصول الانتخابات الرئاسية في 11 شباط/فبراير الحالي، وانتخاب المرشح الوحيد للرئاسة العماد ميشال سليمان رئيسًا، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يكون للموالاة فيها القدرة على الاستئثار بالقرار، ولا يكون للمعارضة فيها القدرة على التعطيل. فيما يصر فريق المعارضة على المشاركة في الحكم وذلك يعني حصول المعارضة على عدد من المقاعد يتيح لها تعطيل القرارات التي لا تناسبها. وفي هذا المجال يمكن ملاحظة ان زعيمي المعارضة لم يلجآ إلى التصعيد في مواجهة مهمة عمرو موسى، وانهما لم يستغلا حوادث الاحد الدامي لرفض ترشيح العماد ميشال سليمان واعتباره مرشحًا غير توافقي، وقد تم تثبيت هذا الموقف في اجتماع كتلة نواب الوفاء للمقاومة النيابية التي اعتبرت ان النتائج الاولية للتحقيق الذي يجريه الجيش اللبناني لإيضاح ملابسات ما حصل في يوم الشغب ايجابية ومبشرة، وهذا ما عاد وأكد عليه الامين العام لحزب الله في الحديث التلفزيوني.

وقد سبق الحديث التلفزيوني المشار إليه شيوع اخبار عن تسليم وزير الخارجية السوري وليد المعلم الرئيس المصري حسني مبارك دعوة إلى حضور القمة العربية قبل اكثر من خمسين يومًا من موعد انعقادها، في شرم الشيخ بحضور وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط، ومن هذا اللقاء تم تسريب معلومات تفيد أن الرئيس المصري ربط حضور القمة في دمشق بتسهيل عملية انتخاب رئيس للبنان. والارجح ان مصر لن تؤكد رسميًا مثل هذا الخبر، لكن عدم التأكيد والتسريب يؤشران إلى تزايد الاهتمام المصري في الشؤون اللبنانية، وعودتها إلى التأثير في مجريات الوضع اللبناني الداخلي. ومن جهة ثانية، كان لافتًا تصريح السفير الإيراني في لبنان محمد رضا شيباني الذي أعلن أن إيران لا تزال ترى العماد سليمان مرشحًا توافقيًا، وانها تدعم المسعى العربي ومستعدة للمساهمة في انجاح هذه المبادرة.

ولا تلغي الإشارات الإيجابية في هذا السياق واقع أن جو التشاؤم ما زال سائدًا في لبنان، وأن مهمة الأمين العام موسى في لبنان ما زالت مهددة بالفشل جديًا، وابرز دليل على ذلك ان نبيه بري رئيس المجلس النيابي استبق وصول موسى إلى لبنان بالإعلان عن احتمال تأجيل جلسة انتخاب الرئيس إلى الثالث من آذار/مارس المقبل إذا تعثرت مهمة الأمين العام.