مغنية يتصدر صحف بريطانيا ومعطيات جديدة في سوريا
أسامة العيسة من القدس: بالنسبة لإسرائيل، فان اغتيال عماد مغنية، الذي يوصف بالثعلب لقدرته على النجاة من مطاردة الموساد وأجهزة مخابرات غربية له طوال سنوات، يعتبر أحد ابرز النجاحات التي حققها جهاز الموساد في تاريخه.

ومثلما يحدث في عمليات من هذا النوع ينفذها الموساد، وتسارع إسرائيل إلى نفيها علنا، تبدا الصحف الغربية بنشر ما تقول انه تفاصيل عن هذه العمليات، استنادا إلى مصادر استخبارية إسرائيلية، ويستمر ذلك عدة سنوات، فيما تصبح تل أبيب مقصدا للصحافيين الاستقصائيين الذين يعملون في كبرى الصحف العالمية، لإعداد تحقيقات عن عملية الاغتيال.

وعادة ما يجد هؤلاء في إسرائيل، من هو مستعدا للتحدث، من المقربين من الموساد، وعلى الأغلب فان هؤلاء يقدمون للصحافيين الأجانب، ما يريد الموساد تسريبه للصحافة، ويكون ذلك لأسباب عدة من بينها إرسال رسائل علنية، لأطراف متعددة، وأيضا لبث رسائل داخلية، حول قوة وقدرة جهاز الموساد، الذي تضعضع في خلال العقدين الأخيرين.

وللصحافيين الأجانب أيضا مصادرهم الخاصة، مثل رجال الموساد المتقاعدين، الذين أيضا لديهم الاستعداد للحديث، ويملك هؤلاء عادة شذرات من معلومات، نتيجة علاقاتهم المتشعبة بالوسط quot;الموساديquot; ومحافظتهم على علاقات مع رفاق الدرب السابقين، وأيضا يستطيعون أن يقدموا تصورات حول طرق عمل الموساد، والأماكن التي تحدث فيها العمليات، خصوصا إذا كان خدموا في مثل هذه الأماكن، وخبروها جيدا، ولديهم معلومات حول عملاء للموساد تم زرعهم فيها سابقا.

وفي حالة اغتيال مغنية، لم تتغير الأمور كثيرا، فصدرت صحيفة الصاندي تايمز البريطانية اليوم، بتقرير، قالت فيه بوضوح أن الموساد هو المسؤول عن اغتيال مغنية في العاصمة السورية دمشق، ويتضح من خلال ما نشرته الصحيفة من تفاصيل عن عملية الاغتيال، بان ثغرات أمنية، وقع فيها الثعلب اللبناني، رغم انه عادة لا يمكن أن يقع فيها شخص حذر مثله، إلا إذا كانت فترة مطاردته الطويلة، ونجاته من محاولات اغتيال سابقة، جعلته يثق بنفسه كثيرا، وهو ما يعني من الناحية الأمنية، خطا قاتلا، دفع مغنية ثمنه غاليا جدا.

ووفقا للصحيفة البريطانية، فان مغنية قتل بعبوة ناسفة زرعها الموساد في مركبة غنية، وفجروها عندما تأكدوا بان الثعلب دخل إلى المركبة وجلس على كرسي القيادة.

واستندت الصحيفة البريطانية، في تقريرها إلى مصادر استخبارية إسرائيلية، لتشير بان مغنية، كان يشارك في احتفال عقد في المركز الثقافي الإيراني في العاصمة السورية، حضره قيادات التنظيمات الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقارا لها، وهو أمر غريب بالنسبة لشخص مثل مغنية، يفترض انه يعيش تحت الارض، ولا يشارك في مناسبات عامة.

وحسب الصحيفة، خرج مغنية من المركز الثقافي الإيراني، في الساعة العاشرة والنصف، ليعود إلى منزله، ويبدو أن عملاء الموساد كانوا يرصدون كل حركة من حركاته، ورأوا السفير الإيراني وهو يقبل مغنية مودعا، وهذا يعني، أن شخصية مغنية كانت معروفة من قبل البعض مثل السفير الإيراني في دمشق، ويعلمون بتحركاته، وهو ما يشير إلى ثقوب أمنية أخرى، وقع فيها الثعلب.

ولم يعش مغنية ليدرك فداحة مثل هذه الأخطاء، لانه بعد ثوان فقط من دخوله لمركبته، وقع الانفجار القاتل، الذي كان يراقبه عملاء الموساد بفرح وربما وجدوا وقتا لتبادل التهاني، بينما فاجأ المتجمعين في المركز الثقافي الإيراني.

أما كيف وقعت الانفجار، تقول الصحيفة البريطانية، بان عملاء الموساد تمكنوا من زرع عبوة متفجرة في مسند راس كرسي المركبة، ووضعوا هذا المسند في المركبة بعد أن فكوا المسند القديم، ولكن متى تم ذلك وكيف؟، وهل كانت مركبة مغنية بدون حراسة علنية او سرية؟، وأين الترتيبات الأمنية التي يفترض أن الثعلب كان يتخذها؟ فهي أسئلة، لن يوجد لها إجابات الان، وان كانت تشير إلى اوجه تقصير كبيرة في حماية مغنية.

والرواية التي تقدمها الصاندي تايمز، تناقض ما تتحدث عنه مصادر حزب الله، من أن مغنية قضى بانفجار عبوة وضعت بجانب مركبته، وليس في داخلها.

ونشرت صحيفة يديعوت احرنوت، نقلا عن مصادر صحافية اجنبية، قولها بان عملاء الموساد الذين نفذوا عملية اغتيال مغنية، دخلوا الى سوريا، متنكرين كحجاج وسياح ايرانيين.

وبالإضافة إلى مثل هذه التفاصيل، التي تقدمها الصحيفة البريطانية، كجزء من رواية اغتيال مغنية، فإنها تنشر في تقاريرها، ما هو متوقعا، مما تحرص عادة الأجهزة الإسرائيلية من الإعلان عنه، عن طريق غير مباشر، وهو هذه المرة صحيفة الصاندي تايمز، مثل أن مغنية كان في العاصمة السورية دمشق، للتحضير لعمل كبير، ضد أهداف إسرائيلية بالتعاون مع سوريا، انتقاما للغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشأة في دير الزور في شهر أيلول (سبتمبر) 2006، والتي تقول مصادر إسرائيلية، بأنها كانت منشاة نووية تقيمها سوريا بالتعاون مع كوريا.

وحتى الان فان الاعترافات الإسرائيلية حول تلك الغارة خجولة، بينما نشرت الصحف الغربية، تفاصيل، وصورا، وأبدت اهتماما بتفاصيل ما حدث في ذلك اليوم الغامض من خريف العام الماضي.

وقالت الصحيفة، بان مغنية، كان في دمشق، في مهمة، لدراسة إعادة تسليح حزب الله، بصواريخ إيرانية الصنع من طراز فاتح -110 قادرة على حمل رؤوس حربية كيماوية ويطال مداها تل أبيب.
وفي مثل هذه الحالات، من النشر، استنادا لمصادر مجهولة، قد تكون المعلومات الإضافية، على هامش عملية اغتيال مغنية، والتي مصدرها على الأرجح الموساد، حقيقية، أو فيها جزء فقط من الحقيقة، أو ربما لا صحة لها أصلا، والهدف من ذلك نشر معلومات، كنوع من التشويش، على العمل الرئيسي، وهو هنا اغتيال مغنية، أو تسريب معلومات لإرباك الخصم، والقول له quot;نحن نعرف ما تفعلquot;، أو نشر معلومات كاذبة، لجعل الخصم يحتار في مدى المعلومات المتوفرة لدى إسرائيل عن نشاطه.

وفيما يتعلق بتداعيات مغنية، فان مصادر سياسية إسرائيلية، سربت معلومات للصحافة، بأنه يوجد اعتقاد، بان حزب الله قد ينفذ عمليات ضد إسرائيل بطائرات بدون طيارين، تحوي عبوات ناسفة، وبسبب ذلك فان سلاح الجو الإسرائيلي اخذ الاستعدادات اللازمة لإحباط هذه العمليات المفترضة.
أما في جانب حزب الله، فان الاعتقاد الذي يساور قادة الحزب، حسب التقديرات الإسرائيلية، هو اندلاع مواجهات مع الجيش الإسرائيلي.

وفيما يتعلق بالجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله، نفى ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، ما نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة دير شبيغل الألمانية، بان اولمرت يدرس جديا الإعلان رسميا عن كون الاثنين لم يعودا على قيد الحياة.

ونشر الموقع الإلكتروني للصحيفة الألمانية الخبر، دون استنادا لأي مصدر، وحسب ديوان اولمرت، فانه طالما لم تتوفر معلومات مؤكدة عن مصير الجنديين الأسيرين، فان إسرائيل تعمل من الافتراض انهما على قيد الحياة، ولكن مصادر سياسية أشارت إلى احتمال اعتماد تقييم جديد لوضع المخطوفين.

ورغم عملية اغتيال مغنية، فان المفاوضات بين إسرائيل وحزب الله، بشان تبادل الأسرى مستمرة، بوساطة ألمانية، ويذكر بان اولمرت كان زار ألمانيا مؤخرا والتقى المستشارة الألمانية، وبحث معها موضوع الجنديين الإسرائيليين الأسيرين، وبحث الأمر أيضا مع رؤساء الأجهزة الأمنية الألمانية.