اسلام اباد: أغلقت مراكز الاقتراع ابوابها في الانتخابات العامة الباكستانية بعد عملية إدلاء بالأصوات وصفت بانها بطيئة.

وادلى الناخبون الباكستانيون منذ الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي وحتى الخامسة مساء لاختيار 342 عضوا سيمثلونهم في الجمعية الوطنية الباكستانية التي تعتبر البرلمان المركزي لعموم باكستان.

وعلى الرغم من الانتشار الأمني الكبير، حيث تم نشر حوالي نصف مليون من قوات الأمن الى جانب 80 الف جنديا لتأمين الانتخابات إلا انه سجلت اعمال عنف وهجمات مسلحة وتفجيرات في عدة مناطق في انحاء البلاد مما ساهم في تردد العديد من الناخبين في الذهاب للإدلاء بأصواتهم.

وقد تضع هذه الانتخابات -التي أجلت بسبب مقتل زعيمة المعارضة ورئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو- نهاية لمرحلة الحكم العسكري المباشر منذ عام 1999 بقيادة الجنرال مشرف الذي قاد انقلابا عسكريا ضد رئيس الوزراء السابق نواز شريف.

كما يمكن ان تؤدي هذه الانتخابات الى نشوب اضطرابات جديدة في حال اختلاف القوى السياسية المشاركة فيها على نتائجها رغم تعهد مشرف بأن تكون quot;شفافة ونزيهة وديمقراطيةquot;.

وبعد الإدلاء بصوته في مدينة روالبندي -المحاذية لإسلام آباد- دعا الرئيس الباكستاني برفيز مشرف إلى نبذ الخلافات. وقال: quot; ينبغي أن نتخلى عن منطق المجابهة، وأن نتبنى رؤية تصالحيةquot;.

وكان الحزبان السياسيان المعارضان الرئيسيان قد حذرا من ان انصار مشرف يخططون للقيام بعمليات تزوير على نطاق واسع وهددا بالقيام بعمليات احتجاج واسعة ما لم تكن الانتخابات نزيهة.

واعلن حزب الشعب ان هذه الانتخابات quot;لن تكون حرة ونزيهةquot; متهما انصار مشرف بالتخطيط لملء صناديق اقتراع باوراق اقتراع مزورة.

اما حزب الرابطة الاسلامية فقال ان انصار مشرف قد وضعوا خطة لتزوير الانتخابات على نطاق واسع.


وتشهد باكستان العديد من الازمات وكان آخرها زيادة حدة أعمال العنف في البلاد بعد دخول مشرف في مواجهة مع جماعات إسلامية مسلحة حاولت اغتياله اكثر من مرة.

كما برزت الهجمات الانتحارية الموجهة ضد مراكز الأمن والجيش والتجمعات السياسية في اعقاب اقتحام الجيش الباكستاني للمسجد الاحمر الذي تحصن فيه عدد من أتباع إمام المسجد من الاسلاميين.

وتقول السلطات الباكستانية إن هؤلاء الإسلاميين حاولوا quot;فرض مفاهيمهمquot; على المجتمع فقاموا بحرق محلات بيع الاشرطة الموسيقية ومنعوا العديد من النشاطات التي يعتقدون انها لا تتماشى مع العقيدة الاسلامية.

كما تواجه باكستان التي يبلغ عدد سكانها اكثر من 160 مليونا انقساما عميقا بين القوى الاسلامية التي توصم بالتشد من جهة والقوى السياسية التقلدية من جهة اخرى.

وتضم القوى الإسلامية زعامات دينية وقبلية تتعاطف مع حركة طالبان وتقدم لها الدعم في الطرف الاخر من الحدود مع افغانستان التي ينتشر فيها قوات الناتو منذ اسقاط حكم طالبان عام 2001.

اما القوى السياسية التقليدية فتضم حزب الشعب وحزب الرابطة الاسلامية وغيرها من القوى السياسية التي ترى ان انتشار ما يوصف بالحركات المتطرفة ووصولها الى الحكم بطريقة او اخرى يمثل مشكلة لباكستان وللعالم باسره.

ومبعث خوفها امتلاك باكستان لاسلحة نووية، كما يمكن ان يحول ذلك باكستان الى قاعدة ينطلق منها التطرف والعنف الى خارج الحدود.

ولا تخفي الحركات الإسلامية المسلحة في باكستان أجندتها الخارجية مثل تعاطفهم مع المسلحين في الجزء الهندي من الكشمير ودعم حركة طالبان وايواء عناصر القاعدة من مختلف الجنسيات في المناطق القبلية الباكستانية الخارجة عن سيطرة الدولة تقريبا.

ورغم الخلافات الكبيرة بين حزبي المعارضة الرئيسيين والعديد من القوى السياسية الباكستانية فإن هدفا وحيدا يجمعها وهو وضع نهاية لمرحلة حكم مشرف.

فالاسلاميون المعادون للولايات المتحدة الامريكية يرون في مشرف حليفا قويا للولايات المتحدة وان محاولاته للحد من نفوذ الاسلاميين في البلاد جاءت لإرضاء امريكا التي يشعر ازائها اغلبية الباكستانيين بالعداء.

كما تسعى القوى السياسية التي دخلت في مواجهة سياسية مع الرئيس مشرف الى تصفية الحسابات معه وانهاء حقبته في الحكم رغم مساعيه في الحفاظ على نفوذه.

واستعدادأ لهذه المواجهة ولاحتمال خسارته الانتخابات بادر مشرف الى تعيين مقربين منه في قيادة الجيش والأجهزة الامنية وتشكيل هيئات يمكن عبرها للرئيس السيطرة على العديد من الملفات مثل الاسلحة النووية والبرنامج الصاروخي الباكستاني.

ورغم تعاطف الرأي العام في باكستان مع حزب الشعب الباكستاني في أعقاب اغتيال زعيمة الحزب بنظير بوتو لكن لايتوقع المراقبون فوزه باغلبية مقاعد البرلمان وبالتالي سيضطر الى عقد تحالفات مع القوى السياسية الاخرى.

ويشعر مشرف بالقلق من امكانية تحالف حزب الشعب مع حزب الرابطة الاسلامية بزعامة نواز شريف، عدوه اللدود بعد انقسام الرابطة ما بين مؤيدين لمشرف ولنواز شريف.