بدء الجولة الأولى من المباحثات الايرانية العراقية في طهران
مناقشة ترسيم الحدود واتفاقية الجزائر مؤجلة بانتظار حل سياسي
أٍسامة مهدي من لندن :
بدأت في طهران اليوم جولة أولى من مباحثات ايرانية عراقية حول ترسيم الحدود بين البلدين وخاصة في شط العرب الممر الجنوبي بينهما لكن اتفاقية الجزائر المثيرة للجدل الموقعة بين العراق وايران عام 1975 وملحقاتها ستكون خارج هذه المباحثات بانتظار حل سياسي على اعلى مستوى يعتقد انها ستكون ضمن اجندة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد خلال زيارته الى بغداد في الثاني من الشهر المقبل .

وقال وكيل وزير الخارجية العراقي رئيس وفد بلاده في المباحثات محمد الحاج حمود إن الجلسة الأولى من المفاوضات بين البلدين حول موضوع ترسيم الحدود البالغ طولها حوالى الف و500 كيلومتر ومجرى شط العرب قد بدأت اليوم في أجواء إيجابية مشيرا إلى أنه ستكون وهناك جلسة أخرى عصر اليوم واخرى غدا الاربعاء. وأضاف أن هذه القضية لا تنتهي بلقاء واحد نحتاج إلى بذل مجهود فني كبير وحتى الان نسير بالطريق الصحيح . وحول الخلاف على تعديل اتفاقية الجزائر التي طالب العراق بتعديها وقوبل برفض إيراني قال حمود في تصريح بثته وكالة quot;اصوات العراقquot; إن quot; هذا ليس من اختصاص الوفد انما سيحل على المستوى السياسي حيث إن مهمتنا فنية بحته ونعيد تمثيل الحدود ونعيد شط العرب الى مجراه القديم أما القضايا الاخرى المتعلقة بالقضاية السياسية فتخص السياسيين.quot;

ومن المنتظر ان تبحث الخلافات حول هذه الاتفاقية خلال زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى بغداد في الثاني من الشهر المقبل . ووقعت معاهدة الجزائر في آذار (مارس) 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه ايران محمد رضا بهلوي بحضور الرئيس الجزائري هواري بومدين إلا ان صدام اعتبرها لاغية وكان ذلك احد اسباب اندلاع الحرب العراقية - الايرانية عام 1980 واستمرت ثماني سنوات .. ثم عاد الى العمل بها عام 1990 بعد احتلال الكويت وقبيل الحرب الأميركية على العراق. وتنص المعاهدة على تقسيم مياه شط العرب الممر المؤدي الى الخليج العربي بين البلدين طبقاً لخط التالوك الذي يمثل أعمق نقطة داخل الممر المائي على ان تقوم ايران من جانبها بوقف دعمها للاكراد الذين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش العراقي في شمال البلاد.

وعن الدور الأميركي في المباحثات الحالية نفى الحاج وجود أي دور من هذا القبيل وقال quot;لا يوجد اي دور اميركي بهذا الموضوع نهائيا وان هذه مفاوضات مباشرة بين وفدين عراقي وايراني.quot; واشار الى انه ستكون هناك جوالات أخرى مستقبلية متعلقة بهذا الموضوع وقال quot; أعتقد أننا سنحتاج الى جولات أخرى لان العمل سيستغرق وقتا طويلا وانه ليس بالعمل البسيط مجرد توقيع بسيط بل فيه جانب ميداني يأخذ وقتا طويلا.quot; واوضح أن الوفد العراقي في هذه المفاوضات يضم عددا من الفنيين والاختصاصيين من مستويات عالية وبينهم مدراء عامون وخبراء في قضايا الحدود فيما يضم الوفد الإيراني مختصين على المستوى نفسه من وزارة الخارجية الايرانية ووفد فني مشابه لنظيره العراقي .

وقد عادت اتفاقية الجزائر الموقعة بين العراق وايران قبل 32 عاما الى واجهة العلاقات بين البلدين مؤخرا إثر إعلان مسؤولين عراقيين الى الحاجة لدراستها من جديد وإجراء تعديلات عليها الأمر الذي رفضه المسؤولون الايرانيون بشدة .
وشكلت الحكومة العراقية الشهر الماضي وفدا يضم خبراء من الوزارات المعنية مثل الموارد المائية والنقل والداخلية والدفاع والخارجية لإجراء مباحثات في طهران حول تفعيل وتنفيذ هذه الاتفاقية وهو أمر ترغب فيه ايران وتصر على الاعتراف بالاتفاقية والعمل على اتخاذ اجراءات للمضي قدما للعودة الى بنودها بعد ان مضى 28 عاما على تمزيق الرئيس السابق صدام حسين لها عام 1980 ولتشعل قصاصاتها الممزقة حربا ضروسا بين البلدين استمرت ثمانية اعوام وادت الى سقوط مليون قتيل من ابناء البلدين .

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني اكد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ان الاتفاقية ملغاة لكنه تراجع عن ذلك بعد 24 ساعة موضحا انها قائمة وليست ملغاة لكنها تخضع للحوار من اجل تعديل بعض بنودها وشدد على انه لم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي إلغاء الاتفاقية القائمة وذلك اثر اتهام وزير خارجية ايران منو شهر متكي لاميركا بدور في تصريحات طالباني هذه .

واضاف طالباني في بيان أنه عندما عقد الرئيس السابق صدام حسين حينما كان نائبا للرئيس وشاه ايران محمد رضا بهلوي الاتفاقية فقد عارضتها المعارضة العراقية السابقة بجميع فصائلها القومية والاسلامية والديمقراطية باعتبارها حبل نجاة للدكتاتورية الصدامية التي كانت تترنح تحت ضربات الثورة الكردية لذلك اعتبرتها ملغية وغير شرعية. وشدد على ان الاتفاقية قائمة وغير ملغية وفق القوانين والاعراف الدولية ولكن هناك ملاحظات حول بعض البنود ولكنها خاضعة للحوار والاتفاق المشترك بين الجانبين الصديقين الايراني والعراقي. واضاف أن الاتفاقية قائمة وليست ملغية بل نافذة ولايجوز لطرف واحد ان يلغي أو ينسف هذه الاتفاقية. لذلك فهذه حقيقة يعرفها فخامة الرئيس ولم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي إلغاء الاتفاقية القائمة .
ومن جانبه اكد وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي تمسك بلاده بالاتفاقية محذرا الاميركيين من quot;الدخول في هذه اللعبة من جديدquot;. وقال ردا على سؤال عن موقف ايران من تصريحات طالباني ان quot;الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول لا تتعلق بحكم يحل مكان حكم آخرquot;. واضاف quot;لا يمكن لتغير النظم السياسية ان يخل بالمعاهداتquot;. وقال quot;ننبه الاميركيين الا يبدأوا لعبة جديدة وان يتعلموا الدرس من الفشل الذي منيوا به في ألاعيبهم السابقةquot;، موضحا ان طهران لمست لدى طالباني quot;خلال زياراته لايران وخلال مناقشتنا لهذه القضية موقفا آخر غير هذاquot;.

وخلال الشهر الماضي اشار وكيل وزير الخارجية العراقية محمد الحاج حمود ان العراق يرغب في مباحثات مع الجانب الايراني لبحث إعادة شط العرب الى مجراه السابق ورفع السفن الغارقة وإزالة الألغام . وقال إن هناك مسألة معلقة تتعلق بحقول النفط مؤكدا انه عند وضع الحدود بشكل دقيق ستتم معرفة عائدية المكامن النفطية . وعن مصير اتفاقية 1975 قال حمود انه من المبكر الحديث عن اتفاقية جديدة مؤكدا ان البلدين الان بصدد حل مشاكل عملية مثل شط العرب والحدود التي كانت تمثل العمود الفقري للاتفاقية .

وتؤكد وثائق مركز علوم البحار في جامعه البصرة أن شط العرب هو نهر ناتج من التقاء نهري دجلة والفرات، حيث يلتقي النهران في مدينة القرنة على بعد 475 كم جنوب بغداد . ويبلغ طوله حوالى 190 كم ويصب في الخليج العربي عند طرف مدينة الفاو التي تعتبر أقصى نقطة في جنوب العراق . ويصل عرض شط العرب في بعض مناطقه إلى كيلومترين ومروره يكون كاملا في الأراضي العراقية غير ان لإيران إطلالات عليه من منطقة أبي الخصيب وحتى المصب ويطلق عليه الجغرافيون منذ الأزل شط العرب لكن الإيرانيين يسمونه نهر quot;اروندرودquot; .