روسيا برئاسة ميدفيديف إمتدادًا لبوتين
موسكو: ذكر محللون ان الرئيس الروسى الحالى فلاديمير بوتين قد حقق انجازات مثيرة للاعجاب خلال فترتى حكمه بما فى ذلك تعزيز سلطة الكرملين والتحسن الملحوظ فى الاقتصاد.يذكر ان دميترى ميدفيديف النائب الاول لرئيس الوزراء فى حكومة بوتين قد فاز فى انتخابات الرئاسة الخامسة بروسيا، وفقا للنتائج الأولية التى اعلنتها لجنة الانتخابات المركزية.

خلال فترة رئاسته التى دامت ثمانية اعوام حقق بوتين اسهامات كثيرة لروسيا وحظى بشعبية قوية فى اوساط الروس.

وكانت افضل انجازاته التى اثارت الاعجاب هو دعم سلطة الكرملين عن طريق بناء quot;التسلسل الرأسى للسلطةquot; وهى شجرة سلطة ترجع بحق صنع القرار الى الجذور وتحديدا الى الحكومة المركزية، وانقاذ الدولة التى كانت عاجزة آنذاك من السقوط.

وبعد فوز بوتين فى انتخابات الرئاسة عام 2000 صعد حملة ضد حكام الاقاليم الذين كانوا يتمتعون بسلطة كبيرة تحت رئاسة سلفه الرئيس الراحل بوريس يلتسين.

وفى يونيو 2000 حرم بوتين الحكام ورؤساء المجالس التشريعية الاقليمية من مقاعدهم فى مجلس الاتحاد، مجلس الشيوخ فى البرلمان، ومن الحصانة من المحاكمة التى كانت تأتى معهم.

وايضا فى عام 2000 اقام بوتين سبعة quot;مناطق فائقةquot; فى مناطق روسيا الاتحادية التى تبلغ 89 منطقة. كل واحدة منها تراقب بواسطة مبعوث الرئاسة للتأكد من ان المناطق تحت كل منطقة تذعن لامرة القانون الاتحادى.

وقام بعد ذلك بالضغط من اجل اقامة قانون ضرائب جديد لجمع معظم عوائد الضرائب للحكومة الاتحادية التى تعيد توزيع الاموال بين المناطق.

يذكر ان الحرب الثانية ضد الانفصاليين فى جمهورية الشيشان فى القوقاز سحبت البلاد بشدة بعيدا عن الانفصال وعززت شعبية بوتين الى اعلى من 70 فى المائة.

وقد قام الرئيس بثانى خطوة له لتعزيز سلطة الحكومة المركزية عن طريق طرد المؤيدين لحكم الاوليجاركية من مركز السلطة وحتى من البلاد.

يذكر ان يلتسين الذى كان يعانى من ذبول شعبيته فى منتصف 1990 والذى كان فى السلطة انذاك تحول طالبا العون من أغنى أغنياء البلاد الذين جمعوا معظم ثرواتهم من انقاض الاتحاد السوفييتى المنهار. وأصبح لهذه الاوليجاركية من أمثال البليونير بوريس بيريزوفسكى وفلاديمير جوسينسكى دور هام فى صنع قرار الحكومة والهيمنة على وسائل الاعلام.

وبعد بضعة اشهر من انتخابات الرئاسة عام 2000 تم سجن جوسينسكى ثم بعد ذلك تم اقصاؤه من البلاد والموافقة على نقل السيطرة على التليفزيون الوطنى لشركة غاز جازبروم الاحتكار المملوك للدولة.

وقد تم تدمير الطموح السياسى لمؤيدى الاوليجاركية تقريبا فى عام 2003 عندما تم الزج بميخائيل خودوركوفسكى رئيس مجلس شركة يوكوس عملاق البترول الى السجن. وما يزال الرجل الاكثر ثراء فى البلاد يقضى فترة سجنه التى تبلغ ثمانية اعوام عقابا على الغش والتهرب الضريبى.

وفى الاعوام التالية بدأ بوتين فى تنظيم هيكل الحكومة وتعزيز حزب روسيا المتحدة المؤيد للكرملين كحزب حاكم باغلبية برلمانية لتعزيز السلطة التنفيذية.

كذلك تمكن بوتين ايضا من تحقيق تحسن اقتصادى مثير للاعجاب حيث سجل ما يقرب من 7 فى المائة معدل نمو اقتصادى سنوى من عام 2000 الى 2007 وجعل البلاد واحدة من اكبر عشر اقتصاديات فى العالم وعضوا فيما يسمى المجموعة الذهبية التى تضم الاسواق الواعدة البارزة التى تشمل البرازيل وروسيا والهند والصين.

وقد قامت حكومة بوتين باتخاذ سلسلة من المبادرات لتعزيز الاقتصاد منها توسيع الاستثمارات وتحفيز الاستهلاك المحلى وتحقيق فعالية الهيكل الصناعى وتشجيع صادرات منتجات التكنولوجيا الفائقة وتسهيل صادرات الطاقة واتخاذ اجراءات صارمة ضد الجرائم الاقتصادية والانشطة الاقتصادية السرية فضلا عن تحسين الانظمة النقدية والمالية والضرائبية.

ونتيجة لذلك فان اجمالى الناتج المحلى لروسيا الذى يعد مؤشرا اساسيا للاداء الاقتصادى قد زاد من 260 مليار دولار اميركى فى عام 2000 الى 1260 مليار دولار العام الماضى.

كذلك ارتفعت التجارة الخارجية من 150 مليار دولار فى عام 2000 الى 468 مليار فى عام 2006 وبلغت نصف اجمالى الناتج المحلى للبلاد فى الوقت الذى وصلت فيه الاستثمارات الاجنبية الاجمالية فى روسيا الى 198 مليار دولار اعتبارا من سبتمبر من عام 2007.

كذلك سددت روسيا كل ديون فترة الاتحاد السوفيتى واصبح لديها ثالث اكبر احتياطى نقدى فى العالم.

ولكن المحللين يعتقدون ان جزءا كبيرا من نمو الدولة الغنية بالغاز والبترول يرجع الى زيادة اسعار البترول التى تضاعفت اربع مرات من 20 دولارا للبرميل الى حوالى 100 دولار خلال فترتى حكمه كرئيس.

يذكر ان روسيا الاولى فى العالم فى تصدير الغاز والثانية فى انتاج البترول تقوم بتغذية ربع اسواق الغاز الاوروبية و ما تزال توسع خطوط انابيب الغاز والبترول الى المنطقة الاوروبية ومنطقة اسيا - الباسفيك. وهى تفكر ايضا فى انشاء اوبيك خاصة بالغاز. وهو مشروع اثار قلق معظم مشترى الطاقة مثل اوروبا والولايات المتحدة.

وبدعم من القوة الاقتصادية القوية شعر بوتين بالثقة فى عضلات روسيا العسكرية واعاد تنظيم السياسة الخارجية وبدأ فى اللعب بخشونة مع الغرب.

دعت الحروب فى الشيشان وغرق الغواصة النووية الروسية كورسك فى عام 2000 بوتين لإدخال اصلاحات عسكرية شملت تحسين نظام القيادة وهيكل القوات واعادة التجهيز وتطوير الاسلحة المتقدمة مثل الانماط الجديدة من الغواصات والصواريخ والطائرات المقاتلة وحاملات الطائرات.

وكذلك زاد الانفاق العسكرى لروسيا بمعدل بلغت نسبته 30 فى المائة منذ عام 2000 وسوف يتضاعف اربعة اضعاف الى 959 مليار روبل او ما يقرب من 39 مليار دولار اميركى فى عام 2008 ليمثل ما يقرب من 16 فى المائة من اجمالى الناتج المحلى الوطنى وفقا لما اظهرته الارقام الرسمية.

وفى يوم 17 اغسطس عام 2007 اعلن بوتين ان روسيا سوف تستأنف دوريات طائراتها القاذفة الاستراتيجية طويلة الامد فوق اوروبا وهى خطوة نادرة اتخذت بعد الحرب الباردة. وفى وقت لاحق من العام نفسه علقت روسيا تعهداتها فى معاهدة للحد من التسلح هى معاهدة القوات التقليدية فى اوروبا لتقول بصوت اعلى quot;لاquot; عبر الغرب فى رد على الخطط الاميركية لنشر درع صاروخى فى وسط اوروبا.

وفى الوقت نفسه فانه تحت حكم بوتين تحسنت ايضا العلاقات مع الاعضاء الاخرين فى المجتمع الدولى واستخدمت نفوذها فى القضايا الساخنة مثل القضايا النووية فى ايران وفى شبه الجزيرة الكورية والسلام فى الشرق الاوسط واستقلال كوسوفو وعززت دورها فى المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة وكومنولث الدول المستقلة ومنظمة شانغهاى للتعاون.

قال بوتين فى وثيقة صدرت قبل تقلده الرئاسة فى عام 2000 quot;روسيا فى وسط واحدة من اكثر الفترات صعوبة فى تاريخها. فللمرة الاولى فى الاعوام من ال200 الى ال300 عام الماضية تواجه تهديدا حقيقيا بالانزلاق الى المركز الثانى وقد يكون ايضا الى المركز الثالث بين دول العالمquot;.

ولكنه قد يغادر فى مايو منصبه شاعرا بالرضا لجهوده لاعادة روسيا مرة اخرى الى وسط الساحة العالمية وتحقيقه كثيرا من الاهداف التى حددها منذ ثمانية اعوام مضت.