قم : يتوجه الناخبون الإيرانيون يوم الجمعة القادم إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد في بلادهم، وعشية الاستعدادات الجارية على قدم وساق لهذه الانتخابات طرحنا جملة من التساؤلات على آية الله حسين علي منتظري الذي يعد من كبار المرجعيات الشيعية في إيران. كان منتظري المتزوج من شقيقة زعيم الثورة الإسلامية آية الله روح الله الخميني قد ترأس في الماضي اللجنة التي صاغت الدستور الجمهوري الإيراني، ولهذا فهو يعتبر الوريث الطبيعي للخميني .

وعلى إثر الانتقادات التي وجهها منتظري لحملة القمع التي شهدتها البلاد في منتصف الثمانينات ، قام الخميني بعزل آية الله منتظري ووضعه رهن الاعتقال المنزلي ودام هذا الحال حتى أربع سنوات خلت .يمكن وصف حسين علي منتظري بانه المحافظ على المستوى الاسلامي والبراغماتي على المستوى السياسي مع ما يكنه من احترام عميق لحقوق الانسان .

وشدد منتظري في المقابلة الحصرية التي منحها لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء على quot;حق سائر الحكومات والشعوب بالولوج إلى التكنولوجيا والطاقة النوويةquot; وأضاف quot;إن الاخطاء التي ارتكبتها الجمهورية الاسلامية والاستفزاز الرخيص الذي انتهجته الحكومة الراهنة هي الأسباب التي يقوم على أساسها انعدام الثقة الدولية حيال بلادناquot; وأردف quot;هذه الاخطاء أفضت إلى لحمة دولية تتبدى معالمها في العقوبات على ايران مع تبعات مثيرة للقلق على الشعبquot; معرباً عن المنى في ان quot;تأخذ الحكومة في اعتبارها هذه المصاعب وتتخلى عن سياستها العاطفية والمتطرفة من أجل تخطي العزلة كي لا تؤدي الضغوط السياسية والاقتصادية الى تركيع السكانquot; .

وفي إشارة إلى الاتهامات الموجهة لطهران بالتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها وخاصة العراق، قال حسين علي منتظري quot;رغم ان من واجبنا مساعدة البلدان القريبة منا والتي نشاطرها العقيدة والثقافة والتي تعيش واقعاً صعباً في المرحلة الراهنة إلا ان هذا العون لا يجب أن يتحول قط إلى تدخل وكذلك لا يتوجب على القوى العظمى التأثير على خيارات البلدان النامية عبر مساعداتها الاقتصاديةquot; .

وفي رد على سؤال حول استبعاد الكثير من المرشحين الذين كانوا ينوون خوض انتخابات الرابع عشر من الشهر الجاري، قال آية الله منتظري quot;إن إسقاط أسماء الأشخاص المتميزين من ذوي الخبرة وكذلك الضغط الممارس على الصحف والصحافيين والنساء والطلبة سيفضي إلى تعميق الهوة بين الشعب والسلطة وستصبح شرعية الحكومة ومؤسساتها نتيجة لذلك موضع نقاشquot; واردف quot;لا يسعني فهم السبب الذي يحول دون تحسب الحكومة لتبعات خياراتهاquot; وأضاف quot;إن التضخم وذيوع البطالة أديا إلى سخط الناس ولهذا فإن قرارات من هذا القبيل لن تسهم إلا في إذكاء روح التململquot; وتابع quot;إن البرلمان الذي يتم في ظل هذه الظروف لا يمكن ان يكون تمثيلياً لسواد الإيرانيين الذين سيرون أنفسهم محكومين من أقلية متسقة عاجزة عن الاستجابة لاحتياجاتهمquot; .

ويجسد منتظري حنق الناس في إيران نتيجة جود حكومة احمد نجاد في تقديم المساعدات للمنظمات الشرق أوسطية والأمريكية اللاتينية، فيقول quot;بديهي أن من يدفع ثمن المساعدات المقدمة لبلدان ومنظمات أجنبية سيكون الشعب الايراني الذي عانى في مناطق كثيرة شتاء هذا العام من البرد القارص وشح وقود التدفئةquot; .

وقدم آية الله منتظري حصيلة للسنوات التسعة والعشرين من عمر الجمهورية الإسلامية فقال quot;لا اتهم أحداً بالخيانة لكن لا يسعني تجاهل تطرف البعض وتسلط البعض الآخر مما حال دون تجسيد الأهداف الرئيسية لثورتنا والتي كانت تتلخص في الحريات السياسية والمدنية لسائر أبناء الشعبquot; .

وأشار منتظري إلى التواجد الحاشد للعسكريين ورجال الدين على المسرح السياسي الايراني وهو ما يلقى انتقاداً واسعاً من القوى الاصلاحية حيث قال quot;اما عن تدخل العسكريين في الحياة السياسية فأستشهد بتصريحات الراحل آية الله خميني الذي رأى أنه ليس من مصلحة البلاد ولا القوات المسلحة التدخل في اللعبة السياسية والانتصار لهذا الطرف أو ذاكquot; وأضاف quot;وكذلك رجال الدين فإن من واجبهم الابتعاد قدر الامكان عن المناصب التنفيذية وعن مراكز السلطة حتى لا يتأثر دورهم الروحي القائد للشعبquot; مذكراً بأن هذا الموقف المناهض لحضور رجال الدين في السلطة كان السبب في قيام آية الله خميني بإبعاده.

وعن عقوبة الاعدام المدرجة في الشريعة الاسلامية لم يبد حسين علي منتظري معارضة لها ولو انه على قناعة بأن هناك افراط من جانب الجمهورية الاسلامية في تطبيقها وأضاف quot;عقوبة الاعدام منصوص عليها في جرائم الدم بطلب أقارب الضحية وفي حالات نادرة اخرى ودائماً إذا ما أقر المتهم بما اقترفه من ذنبquot; وأردف quot;لكن لا يمكن ان ينتج الاعتراف قط عن استخدام للقوة او التعذيب او وسائل أخرى للضغطquot; واصفاً عقوبة الجلد التي طبقها القضاة الايرانيون مؤخراً بأن quot;شروط اصدار حكم كهذا صعبة لدرجة قد تصل إلى الاستحالةquot; وتابع quot;فلكي يثبت المرء جرم الزنا يفترض في القاضي أن يستمع إلى أربعة شهود عيان وهذا مستحيلquot; وخلص إلى القول quot;الاسلام لا ينص مطلقاً على ان يجلد الابناء على يد الآباء كما حصل مؤخراً للأسف حينما قام أب بجلد ابنته ذات الأربعة عشر عاماً لشكه في صلتها برجلquot; .