للاشتباه في توظيفها (إرهابيا) وترويجها لـquot;فتاوى مستوردةquot;

طوارئ في الجزائر ضدّ مقاهي الأنترنت

كامل الشيرازي من الجزائر: بدأت السلطات الجزائرية حراكا واسعا هذه الأيام ضدّ مقاهي الأنترنت المنتشرة على طول محافظات البلاد، على خلفية الاشتباه في توظيف تلك النوادي من طرف متشددين في الترويج للعنف، واستخدامها كمطيات في تسويقهم لما يُطلق عليها محليا quot;فتاوى مستوردةquot;، وشهدت عاصمة الجزائر وضواحيها، تحركات أمنية مكثفة إثر تحصيل معلومات تحدثت عن استخدام مشبوه للشبكة العنكبوتية لتوظيف مجندين جدد من طرف ما يسمى (قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي)، واتخاذ المتشددين لنوادي الأنترنيت كقواعد للتواصل مع مجموعات الإرهاب داخل البلد وخارجه.

وبعد إشهار تنظيم (القاعدة) لسلاح الأنترنيت في الإيقاع والتغرير بشباب جزائريين كي يسلكوا طريق الانتحار، علمت quot;إيلافquot; من مراجع محلية، أنّ حملات دهم شٌرع فيها وشملت عددا من فضاءات الأنترنت على مستوى أحياء شعبية تعرف بكونها معاقل للتطرف، وتم خلال العملية مراجعة قوائم لمواقع جهادية تنقل كيفيات صناعة المتفجرات وتلقن فنون القتال، كما تبث صورا عن معسكرات تدريب، ويزورها الشباب بكثافة، وللحيلولة دون وقوع المحظور، تحرص أجهزة الأمن على إحباط ما تسميها quot;الخلايا الإرهابية النائمةquot;، مع الإشارة أنّ كثير من الشبان العاطلين عن العمل، اختفوا في ظروف غامضة خلال الأشهر الأخيرة، ويشتبه في التحاقهم بمجموعات الإرهاب بعدما تمّ التغرير بهم.

وما زاد من شكوك الجهات الأمنية، ما جرى اكتشافه قبل أيام عن نشاط شبكة دعم وإسناد لمجموعة متمردة بولاية الوادي (600 كلم جنوب الجزائر)، كانت تتألف من ثمانية أشخاص بينهم صاحب مقهى للانترنت، نسبت إليها المسؤولية عن مصير أربعة شبان كانوا دائمي التردد على هذا المقهى قبل اختفائهم المفاجئ قبل فترة.

وتقول السلطات أنّ هناك سبعة آلاف نادي أنترنيت غير مراقب تستوعب مليون شاب جزائري، وبمنظارها فإنّ التوصل إلى فرض رقابة عليها من شأنه إبطال درجة تأثير الفتاوى المتطرفة بعد أن استغل متشددون شبكة الأنترنيت للترويج لأفكارهم بالصوت والصورة، وبعد أن عمد (تنظيم القاعدة) إلى تصوير كل اعتداءاته وبث صورا حول تمرس عناصره على الأعمال القتالية في الجبال والوديان والشعاب، كما أنّه أضحى من السهل على أي زائر عادي لمقاهي الأنترنيت، أن يبحر في موقع إسلامي لزيارة مواقع (مجموعات جهادية)، هذه الأخيرة أصبحت تستخدم شبكة الأنترنت كوسيلة لا تطالها أجهزة الرقابة، تنهض بالدعاية لنفسها، وتجنيد عناصر جديدة في صفوفها.

وتنفرد منظومة الأنترنيت في الجزائر، بتجردها عن أي حجب أو رقابة ومصادرة، وبشكل عام، ظلت الشبكة العنكبوتية هناك تتمتع بحرية كبيرة دون مضايقات، ورغم عدم وجود رقابة مركزية على تصفح شبكة الأنترنت فى الجزائر، إلا أن المسئولية القانونية على المحتوى الذى يتم نشره تقع مباشرة على مزودي الخدمة حيث تنص المادة 14 من مرسوم الاتصالات الصادر العام 1998 على مسئولية مزودى خدمات الانترنت عن المادة المنشورة والمواقع التى يقومون باستضافتها، وينص نفس المرسوم على ضرورة اتخاذهم كافة الإجراءات المطلوبة للتأكد من وجود رقابة دائمة على المحتوى لمنع وصول الزبائن إلى المواد التي quot;تتعارض مع الأخلاق أو ما يتنافى مع أدبيات الرأي العامquot;.

وفي فترة سابقة، كانت الشرطة تطلب من مديرى المقاهى الاحتفاظ بمعلومات كاملة عن الزوار بما فيها الاسم والعنوان وتاريخ الميلاد ورقم البطاقة الوطنية وتسليم القوائم يوميا لقسم الشرطة كما تفعل الفنادق، وكان الأمن أيضا يطلب من أصحاب المقاهى الإبلاغ عن أى نشاط مشتبه به يقوم به الزائر داخل المقهى، وهى الإجراءات التي ثار عليها الجزائريون، واعتبروها انتهاكا لحريتهم الشخصية، بل ووصل الحد ببعض أصحاب المقاهي إلى حد التلويح برفع دعاوى قضائية ضد عرّابي هذه الإجراءات، وهي زوبعة أعقبتها (هدنة مطوّلة) بين الجانبين.

في مقام مستقل، ينتقد خبراء في الأمن والاتصالات، الوضع الحالي في قطاع الأنترنيت في الجزائر، ويرون أنّ عدم خضوع مواقع الأنترنيت هناك لأي رقابة وما يطبعها من فراغ قانوني، حولها على نحو ما إلى أداة إجرامية متداولة، خاصة من طرف مجموعات الإرهاب، ووسيلة اتصال بين مختلف شبكات الجريمة المنظمة، وما يرافق ذلك من سهولة التأثير على الشباب، طالما أنّ 25 مليون جزائري تقل أعمارهم عن 30 عاما.

ووفق معطيات موثقة، يطرح بحدة شبح quot;سوء استعمال الأنترنتquot;، بحكم أنّ 20 بالمائة من المترددين على المواقع يقومون بالبحث عن معلومات، في وقت يستعمل 80 بالمائة الأنترنيت للدردشة مع أشخاص يجهلون هوياتهم الحقيقية غالبا، لذا يقترح مختصون إنشاء نظام مراقبة أكثر نجاعةquot;،وتشديد التدابير القانونية للتصدي لما تسمى لـquot;الجريمة الالكترونيةquot;، بجانب القيام بحملات تحسيسية باتجاه تأمين الاستعمال السليم للأنترنت.