لندن: اهتمت صحيفة الجارديان بدعوة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الى مسيرات حاشدة في العراق ضد الاحتلال الاميركي ولمناسبة الذكرى الخامسة لسقوط بغداد.
وتقول الصحيفة ان دعوة الصدر تأتي في وقت قتل فيه ستة مدنيين عراقيين في غارة جوية اميركية على منزل في البصرة، حيث قالت القوات الاميركية ان الغارة قتلت مسلحا.
ودعا بيان صدر عن مكتب الصدر العراقيين الى التوجه الى النجف في التاسع من ابريل/ نيسان الجاري تعبيرا عن الاحتجاج على استمرار الاحتلال الاميركي للعراق.
وفي تعليق للجارديان على معارك البصرة الاخيرة قالت الصحيفة ان تلك المعارك التي توقفت الاحد كانت كارثة على الجميع باستثناء من استهدفتهم، في اشارة الى مليشيا جيش المهدي التابعة للصدر.
وتقول الصحيفة ان عشرات الآلاف من الاسر اصبحت حبيسة بيوتها لاسبوع وحرمت من الكهرباء والماء ووسائل الاتصال، إلى جانب سقوط العديد من الضحايا المدنيين الذي لا يعرف عددهم على وجه الدقة، لكن الصحيفة تقدرهم بالمئات.
وتقول الصحيفة ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي امر بتنفيذ العملية في البصرة والاشراف عليها بنفسه، واضعا سمعته السياسية على المحك، وهو ما تسبب في اضعاف سلطته كرئيس للوزراء على نحو بالغ.
وتشير الصحيفة الى ان القوات الحكومية العراقية من الشرطة والجيش تعرضت لطرق وضربات شديدة من مليشيا جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر، حيث شهدت تلك الاحداث تحول وحدات كاملة من تلك القوات الى الجهة الاخرى، وهو ما يعني اعترافا بهزيمتها.
وتقول الصحيفة ان الصورة التي تحاول ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش رسمها عن عراق اكثر استقرار وهدوءا بعد سياسية التصعيد وزيادة القوات بمعدل 30 ألف جندي، لم تعد مقنعة للشعب الاميركي الذي يزداد تشاؤما وانتقادا لما يحدث في العراق.
واعتبرت الصحيفة ان احداث البصرة كانت ضربة قوية للقوة البريطانية الموجودة في مطار البصرة، والتي يقدر عددها بنحو 1600 جندي، بعد ان كانت تأمل في مغادرة العراق بحلول الربيع الحالي.
وتقول ان الحكومة البريطانية شعرت بأن عليها دعم المالكي وبوش من خلال تأخير تقليص تلك القوة، وهو ما يعني، حسب الصحيفة، ان القوة البريطانية صارت رهينة انقاذ سمعة السياسيين مجددا.
وترى الصحيفة ان مقتدى الصدر، المستهدف من هذه العملية العسكرية، خرج منها اكثر قوة وتماسكا، فجيش المهدي لم يخسر شيئا يذكر، واظهر سلطته على رجاله عندما اعلن سحب مسلحيه من الشوارع، على الرغم من ان بعض قياداته ليست سوى مجموعة من المجرمين ورجال العصابات، لكنهم مع ذلك اطاعوا توجيهات زعيمهم السياسي.
وتضيف الصحيفة ان الاسئلة الكبيرة تظل في تلك المفاوضات السرية التي ادت الى وقف القتال، ففي اعلانه عن وقف الاعمال المسلحة دعا الصدر المالكي الى وقف حملة الاعتقالات التي تقوم بها الحكومة ضد ممثلي التيار الصدري في بغداد ومدن عراقية اخرى.
وهذه الحملة استمرت، حسب الجارديان، عدة اشهر بدون رد فعل من الصدر. كما طالب الصدر بالافراج عن المعتقلين، الذي يقدرون بنحو الفين، لكن من غير الواضح ما اذا كانت الحكومة قد وافقت على تلك المطالب قبل مفاوضات وقف النار.
وتشير الصحيفة ان عرض الصدر ربما كان سخيا حتى لا تظهر الحكومة وكأنها مهزومة، لكن يظل الكثير معتمدا على ما اذا سينفذ المالكي الوعود التي تعهد بها، وهو امر اذا ما لم يتحقق قد يعيد الاقتتال من جديد، وعندئذ سيكون صاحب المباردة هو مقتدى الصدر.
مسؤول اميركي: المالكي بحاجة الى وقت طويل لينتصر
من جهة ثانيةاعتبر مسؤول اميركي اليوم ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بحاجة الى وقت طويل لينتصر لكنه اتخذ الخطوة الأولى باتجاه ذلك.
وقال نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى لورنس باتلر في حديث مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) quot;سيمر وقت طويل قبل ان ينتصر رئيس وزراء العراق...
الشيء المهم الان انه اتخذ الخطوة الاولى لفرض سيطرته وتبع الجيش العراقي اوامرهquot;.
واضاف quot;انها طريق طويل قبل تقليص المنظمات المجرمة في العراقquot;.
وبدأت القوات الامنية العراقية عملية عسكرية في البصرة ضد ميليشيات تابعة لمقتدى الصدر في 25 مارس الماضي قبل ان يعلن الصدر نفسه هدنة منذ يوم الاحد الماضي.
واعتبر باتلر quot;اكثرية جيش المهدي هم من المعتدلين...اناس يمكن مصالحتهم مع الحكومة الوطنية ولديهم مستقبل في الحياة السياسيةquot; مشيرا الى ان المواجهة هي quot;ضد من لا يخضعون لقوانين البلاد ولا يحترمون سلطة بغداد وليست ضد مقتدى الصدرquot;.
وأشار المسؤول الاميركي الى ان هذه المجموعات الخاصة quot;لا تأخذ اوامرها من وجوه سياسية بل تتبع حوافزها الاجرامية الخاصةquot;.
لكن باتلر الذي يشغل هذا المنصب المعني بالعراق منذ يناير 2007 امتنع عن التعليق على مدى سيطرة مقتدى الصدر على جيش المهدي وعلى اذا ما كانت السفارة الاميركية في بغداد قد لعبت اي دور في اعلان الهدنة بالبصرة.
وتابع قائلا quot;اظهرت حركة الصدر اشارات برغبتها في الانخراط بالمسار السياسي بعدما خرجت منه في العام الماضيquot; مشيرا الى ايجابيات في المصالحة السياسية في بغداد بعد انخراط السنة في العملية السياسية وquot;تواصل الصدر مع رئيس الوزراء والوقوف على جنب من اجل السماح بعزل العناصر المجرمةquot;.
ونوه بأداء القوات الامنية العراقية quot;المشجع جداquot; في عملية البصرة مشيرا الى ان عليها التعلم من هذه التجربة لعدم تكرار بعض الاخطاء التي ارتكبتها في الماضي.
وعلق باتلر على تصريح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي جو بايدن الذي شبه عملية البصرة بالحرب الاسرائيلية على حزب الله اللبناني بحيث عزز ايضا جيش المهدي موقعه بعد هذه المواجهة فقال quot;ان حزب الله هو نموذج لسلطة غير شرعية تدعي العمل كحكومة محليةquot; واضاف quot;الافتراض انها (عملية البصرة) عملية فاشلة او انها تقوي جيش المهدي هو سرد لهزيمة لا اتفق معهquot;.
ورأى ان ما حصل في البصرة ليس مواجهة بين اطراف شيعية بل quot;سلطة وطنية تواجه عناصر مجرمةquot; مشيرا الى ان دور ايران في توفير الاسلحة والتمويل quot;تم كشفه وهو بائسquot;.
وتحدث عن دعم الاحزاب السياسية الكردية والسنية لموقف المالكي quot;في جهوده لفرض السيطرة واظهار ان البصرة هي ايضا جزء من دولة العراقquot;.