التحقيق بإصداره أمرا باعتقال معارضين عام 2001 أعدموا نتيجتها
قاضي الأنفال وانتفاضة الجنوب معرض للمحاكمة والسجن
أسامة مهدي من لندن :
يناقش قضاة ومسؤولو المحكمة الجنائية العراقية العليا حاليا الكيفية التي سيتم بها التعامل مع رئيس المحكمة الجنائية الثانية محمد الخليفة العريبي قاضي محكمتي الانفال السابقة وانتفاضة الجنوب الحالية على ضوء اكتشاف وثيقة تحمل توقيعه يصدر فيها أمرا باعتقال 12 معارضا للنظام السابق عام 2001 عندما كان قاضيا للتحقيق في مديرية أمن محافظة الديوانية الجنوبية وتم إعدامهم في اليوم التالي بقطع رؤوسهم بناء على ذلك.
وابلغ مصدر قضائي quot;إيلافquot; في اتصال هاتفي من بغداد اليوم ان الوثيقة تشير الى أن القاضي قد أصدر أمرا عام 2001 باعتقال الاشخاص الاثني عشر بناء على خطاب موجه الى مديرية امن الديوانية صادر عن منظمة quot;فدائيي صدام - الاستخباراتquot; تتهمهم بالانتماء الى أحزاب معارضة من دون تسميتها . وقال إن امر الاعتقال الذي اصدره العريبي لم يحمل اي مادة قانونية يستند اليها في هذا الاجراء مؤكدا انه قد تم تنفيذ الاعدام بهؤلاء الأشخاص في اليوم التالي لإصداره أمر اعتقالهم حيث نفذت الجريمة من دون محاكمة . واوضح ان هذه المجموعة التي اصدر العريبي امر اعتقال افرادها هي واحدة من مجاميع اخرى نفذ فيها الاعدام وينتمي افرادها الى الصدريين مؤكدا أن عناصر فدائيي صدام كانوا ينفذون الاعدام بالمعتقلين بقطع رؤوسهم .

وقال ان مسؤولي المحكمة الجنائية العليا يدرسون حاليا الاجراءات المطلوبة التي سيتم بها التعامل مع القاضي العريبي على ضوء هذه الوثيقة مشيرا الى ان هناك توجها بعزله وتقديمه الى المحاكمة او التكتم على الموضوع مقابل تقديمه استقالته خوفا من تأثير القضية على سمعة المحكمة ومصداقية الاحكام التي اصدرتها في وقت سابق ضد صدام حسين وستة اخرين من مساعديه في قضية الانفال لابادة الاكراد خلال عامي 1987 و1988 ونظرها حاليا بقضية اتهام خمسة عشر مسؤولا سابقا بالمشاركة في قمع انتفاضة الجنوب العراقي عام 1991 . واضاف انه رغم ان قرار الاعدام يحمل اسماء 12 عراقيا بتهمة quot;الانتماء الى احزاب معاديةquot; الا ان عائلات ضحايا تقدموا بشكاوى ضد القاضي يؤكدون فيها ان عدد الذين تم تنفيذ الاعدام بهم 18 شخصا .

واكد المصدر انه قد تم ابلاغ القاضي العريبي بالوثيقة وطولب بتقديم استقالته لكنه ما زال يرفض ذلك . وأشار الى ان جميع قضاة المحكمة الجنائية العراقية كانوا قد وقعوا قبل تعيينهم فيها على استمارات تؤكد عدم الانتماء الى حزب البعث وانه لم تكن لهم علاقة بالأجهزة الامنية للنظام السابق . وقال إن اكتشاف الوثيقة يؤكد ان العريبي وقع على معلومات غير صحيحة ومضللة مما يضعه تحت طائلة القانون . واوضح ان قضاة التحقيق في مديريات امن المحافظات سابقا كانوا لايعينون الا بموافقة من جهاز الامن الخاص الذي كان يقوده قصي نجل الرئيس العراقي السابق صدام حسين .

وكان صدام حسين وخلال محاكمته في قضية الانفال وفي مشادة كلامية مع القاضي العريبي
حين كان يحاول منعه من الكلام قد وجه كلامه له قائلا quot;هذا حق شخصي لنا.. عليك ان تقرأ فقرات القانون جيدا وتتعامل معنا بالقانونquot;. واضاف صدام quot;القانون يجيز لك ان تسمع رأييquot;. وبعد ملاسنة بين الاثنين طرد القاضي صدام من قاعة المحكمة قائلا للحراس quot;اخرجوه من القاعةquot;. لكن صدام رد قبل اقتياده الى الخارج موجها كلامه الى القاضي quot; انت ابوك كان وكيلا في الامن حتى الاحتلال .. انا اعرف اباك وكان اجرى عملية جراحية في جنبهquot; .. فرد القاضي quot; هذا غير صحيح .. واتحداك امام الرأي العامquot; .

وابلغت شخصية عراقية تقيم في عمان quot; إيلافquot; وكانت قد عاصرت اوضاع العراق السياسية منذ وصول حزب البعث الى السلطة عام 1968 عما اذا كان اتهام صدام حسين لوالد القاضي بانه كان متعاونا مع جهاز الامن للنظام السابق صحيحا .. فأكد ان والد العريبي وعمه خلف مجيد الخليفة وهما كانا من شيوخ عشائر quot;البو محمدquot; في مدينة العمارة الجنوبية قد استطاع صدام عام 1969 حين كان نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة الذي كان يترأسه الرئيس الراحل احمد حسن البكر الذي استقال من منصبه عام 1979 بضغط من صدام ليتولى هو رئاسة الجمهورية بدلا من البكر صيف ذلك العام .. استطاع خلال مسؤوليته المباشرة ايضا عن مكتب العلاقات العامة الذي تحول عام 1973 الى جهاز الاستخبارات العامة من زج والد القاضي وعمه ضمن مجموعة من السياسيين والعسكريين ورؤساء العشائر كانت تخطط للإطاحة بنظام البعث . وفعلا استطاع الاخوان من خلال علاقتهما مع رؤساء العشائر الاخرين ان ينضموا الى المجموعة الانقلابية في جانبها العشائري والحصول على تفاصيل كاملة عن مخطط الانقلاب .

واوضحت ان اسرة مجيد الخليفة كانت من الاسر الإقطاعية الكبيرة في العمارة .. وكان مجيد الخليفة نائبا في مجلس النواب ثم عضوا في مجلس الاعيان خلال الحقبة الملكية لكن حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم الذي اطاح بالنظام الملكي على رأس مجموعة من الضباط عام 1958 صادرت معظم اراضي الاقطاعيين وكان بينهم الخليفة.

واضافت الشخصية التي فضلت عدم ذكر اسمها ان الاخوين الخليفة كانا يوصلان معلومات المخطط الانقلابي الذي كان يجري بالتنسيق مع شاه ايران السابق محمد رضا بهلوي الى مسؤولين امنيين كبيرين اثنين كلفهما صدام بتولي امر تعقب تحركات واتصالات الانقلابيين وهما العميد الركن محمد علي سعيد مدير الاستخبارات العسكرية (نفذ فيه صدام الاعدام منتصف السبعينات لشكوك في ولائه) والمقدم فاضل البراك امر قوة حماية اذاعة بغداد (عين بعد ذلك ملحقا عسكريا في موسكو ثم مديرا للامن العام ورئيسا لجهاز الاستخبارات الى ان امر صدام عام 1993 باعدامه بتهمة الاتصال بجهات اجنبية) .

واشارت الشخصية العراقية الى ان معلومات الاخوين الخليفة مكنت السلطات العراقية في كانون الثاني (يناير) عام 1970 من اعتقال عدد من المشاركين والمتعاونين مع المحاولة الانقلابية ممن كانوا داخل العراق والاعلان من اجهزة اعلامها عن القضاء على المتآمرين في القضية التي عرفت بمؤامرة عبد الغني الراوي . وكان اللواء الراوي نائبا لرئيس الوزراء عام 1966 في حكومة الرئيس عبد الرحمن عارف الذي أطاح به البعثيون في انقلاب السابع عشر من تموز (يوليو) عام 1968 (ويقيم الراوي في المملكة العربية السعودية منذ اكثر من ربع قرن) . كما اعلنت السلطات عن ضلوع القائد الكردي الملا مصطفى بارزاني (والد مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان حاليا) واللواء عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء في اول حكومة للبعثيين الذين عزلوه من منصبه بعد 13 يوميا من توليه منصبه ثم نفوه الى المغرب في 30 تموز (يوليو) عام 1968 ومنه غادر الى ايران ثم الى سويسرا ثم عمان فلندن حيث اغتالته فيها عناصر من المخابرات العراقية في تموز (يوليو) عام 1978 وسعد صالح جبر رئيس حزب الامة انذاك (وهو نجل صالح جبر احد رؤساء الوزارات في العهد الملكي خلال اربعينات القرن الماضي) وقد عاد سعد الذي يعتبر عميد معارضي نظام صدام حسين منذ ذلك الوقت الى بغداد بعد الاطاحة بالنظام عام 2003 وهو يقيم فيها حاليا .
وقالت الشخصية انه اثر انكشاف المحاولة الانقلابية نفذ البعثيون حكم الاعدام بمجموعة من العسكريين والسياسيين ورؤساء العشائر الضالعين فيها وبينهم العقيد سليمان الدركزلي والعقيد جبار حسن حداد والعقيد محمود فرج والنقيب رافع عسكر محمود اضافة الى الشيخ راهي عبد الواحد سكر .

كما اتهمت الشخصية العراقية عم القاضي العريبي ايضا باختراق تنظيم الجبهة الديمقراطية الموحدة السرية اتي كانت تضم قياديين وضباطا بعثيين كانوا يعدون للانقلاب على نظام صدام حسين عام 1997 والتي كان يترأسها القائد البعثي السابق احمد طه العزوز والذي صدر ضده حكم بالاعدام خففه صدام الى المؤبد لانه كان ساعد على اخراج رصاصة من ساق صدام لدى اصابته خلال مشاركته في محاولة اغتيال الزعيم العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم عام 1959 . لكنه تم رغم ذلك تنفيذ حكم الاعدام بعشرة من الضباط والبعثيين بينهم العميد علي احمد عزت والعميد الركن فوزي محمود محمد وعلي عليان عضو قيادة فرع بحزب البعث . كما تم الحكم بالاعدام الذي خفف الى المؤبد لاحقا على الفريق عدنان ثابت مستشار وزير الداخلية حاليا .