أسامة العيسة من القدس:

يهودي يصلي
ترتفع هذه المرة، أصوات إسرائيلية تشتكي من احتمال حدوث انهيارات في حائط البراق (المبكى) وهو الحائط الغربي للحرم القدسي، بعد أن كانت الشكوى سابقًا مقتصرة على المسلمين، الذين كانوا حذروا من انهيار أجزاء من سور القدس، بل والمسجد الاقصى نفسه، بسبب استمرار الحفريات الإسرائيلية بجانبه.

وكانت سلطات اسرائيل، هدمت حارة المغاربة، بعد أيام من احتلال القسم الشرقي من القدس في حزيران (يونيو) 1967، لتوسيع الساحة أمام حائط البراق، وطوال أربعين عامًا لم تتوقف الحفريات في المكان، وقبل نحو عام استثار الرأي العام العربي والإسلامي، لأعمال حفريات إسرائيلية تمهيدًا لبناء جسر يفضي من ساحة البراق الى الحرم القدسي عبر باب المغاربة، الذي يطلق عليه ايضًا اسم باب النبي، نسبة للنبي محمد، اعتقادًا من بعضهم بأنه دلف الى المسجد الاقصى من هذا الباب، في رحلة الاسراء، من مكة إلى القدس.

ووفقًا لمصادر إسرائيلية، فإن حجارة صغيرة من أعلى حائط البراق، سقطت مؤخرًا، مما يشير إلى أن الحفريات الإسرائيلية، غير الشرعية وفقًا للقوانين الدولية التي تحظر اجراء حفريات اثرية في الاراضي المحتلة، تؤثر أيضًا على ما يعتبره اليهود مكانًا مقدسًا لهم، ولا يقتصر ذلك على الأماكن المقدسة الإسلامية، خصوصًا الحرم القدسي، المهدد بالانهيار، نتيجة هذه الحفريات، وفقًا لنشطاء إسلاميين، مثل الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية في اسرائيل، الذي كشف بأن الحفريات الاسرائيلية وصلت الى تحت المسجد الاقصى مباشرة.

ويعتبر اليهود، بأن حائط البراق، هو الجدار الوحيد المتبقي، من الهيكل الثاني الذي بناه حاكم مقاطعة فلسطين الرومانية هيرودس، لليهود، ودمر لاحقًا على يد الرومان.

ووفقًا لعلماء الآثار فإنه يمكن تحديد ثلاثة أنواع من الحجارة المبني منها الحائط، ففي الأسفل، توجد طبقة تعود لعصر هيرودس، ويقدر تاريخها إلى عام 19 قبل الميلاد، وتتميز هذه الطبقة بحجارتها الضخمة.

وفوقها، توجد أربع طبقات من الحجارة، تعود للعصر الأموي، أي نحو عام 700 ميلادي، اما الطبقات العليا الأخيرة من الجدار، فمبنية من حجارة اصغر، وهي التي تساقط بعضها.

ومن الصعب تحديد الفترة التي تعود لها هذه الحجارة الصغيرة نسبيا، والتي يمكن أن تكون بنيت، اثر الزلازل التي ضربت القدس، وربما تعود لحقب متنوعة، فاطمية، وصليبية، ومملوكية، وعثمانية، ولكن الصفوف الثلاثة العليا من الجدار، بناها المجلس الإسلامي الأعلى، اثر الانهيار الذي حدث بعد زلزال عام 1927.

وتزعم بعض الأوساط اليهودية، أن الذي بنى الصفوف العليا من الحائط هو الثري اليهودي موسى مونفتري، الذي حاول شراء الحائط، في القرن التاسع عشر ليصبح ملكًا لليهود، الذين كان يسمح لهم بالصلاة بجانبه، ولكن المختصين الإسرائيليين أنفسهم، ينفون هذا الزعم.

واطلق الحاخام شموئيل رابينوفتش، ما وصفها بصرخة إنذار، من احتمال انهيار الحائط، وهو ما يذكر، بتحذيرات مماثلة تطلق باستمرار، من قبل علماء الدين المسلمين، ودائرة الأوقاف الإسلامية التي تشرف على الحرم القدسي الشريف، والتي تركزت أخيرًا على المكان نفسهالذي يتحدث عنه الحاخام رابينوفيتش.

وقال رابينوفيتش quot;الحجارة التي تنهار، هي الجديدة والصغيرة، وليست تلك الكبيرة التي تعود لعصر الهيكل الثاني، وهي قوية ومستقرةquot; في إشارة إلى الحجارة الهيرودية.

وحث رابينوفيتش، الحكومة الإسرائيلية، بإجراء صيانة شاملة وجذرية للحائط، خلال فصل الصيف المقبل، وقبل قدوم الشتاء، تحسبًا لحدوث انهيار كبير في الحائط.

وقال quot;إذا حل الشتاء، فان الحجارة ستبدأ بالتساقط على رؤوس المصلين، لذا يجب التحرك بسرعة ومن دون إبطاءquot;.

ويتوقع أن تتم الاستجابة لاستغاثة الحاخام، على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية لم تستجب لاستغاثات دائرة الأوقاف، ومطالب علماء آثار، وأعضاء من الكنيست الإسرائيلي، بمنح التصريح اللازم للأوقاف، لإجراء ترميمات خاصة في السور الجنوبي، المعرض للانهيار.

وحاولت الجهات الإسرائيلية الرسمية المختصة أن تقلل من الأنباء التي تتحدث عن احتمال حدوث انهيارات في الحائط، خشية تأثير ذلك على السياح وعلى اليهود المتدينين، ووفقًا لهذه الجهات فإنه خلال العام الماضي، زار الحائط الغربي اكثر من خمسة ملايين شخص.

ويذكر أن كبار ضيوف الدولة العبرية، يحرصون على زيارة الحائط، ويضعون أمنياتهم، التي خطوها على ورق في شقوق الجدار، وهم يرتدون القبعات اليهودية، وخلال السنوات الماضية زار الحائط الكثير من الشخصيات الشهيرة، مثل نجم الكرة مارادونا، والممثلة شارون ستون، والمغنية مادونا.

وفي صباح كل يوم، يصل إلى الحائط موظف من شركة الاتصالات الإسرائيلية، وبحوزته ما وصل إلى الشركة عبر خط الفاكس الذي خصصته ليهود العام، الذين يبعثون برسائل تتضمن أمنيات ودعوات ومطالب، لوضعها في شقوق الجدار، باعتبار ذلك، اقرب طريقة لتصل إلى الله، وفقا لاعتقادهم.

وقال رعنان كيسليف، مدير دائرة حفظ الآثار في سلطة الآثار الإسرائيلية quot;لا يوجد خطر فوري من سقوط حجارة الحائط، وعلى الجميع أن يطمئنquot;.

حائط البراق في الليل
واضاف quot;نحن نتابع باستمرار ما يجري في هذا المكان المقدس، وفي محيطهquot;، معترفًا، بوجود مصاعب لإجراء ترميمات، بسبب ما وصفه باختلاط الأمور الهندسية بالدين، مشيرًا إلى ما وصفه بالتحريم التوراتي، لإزالة أي من حجارة الجدار، باعتباره جزء من الهيكل الثاني، حتى لو كان الغرض من ذلك الترميم أو الإصلاح.

وقال إنه توجد مشاورات مكثفة بين دائرة الآثار، والمهندسين، والهيئات الدينية اليهودية، من اجل إيجاد حل، وحماية المصلين والزوار.
وقبل سنوات كان الحاخام شلومو عمار، حاخام اليهود الشرقيين، صرح بأنه من المحرم اصلاح او ترميم الحائط بايدي غير يهودية.
وتخشى الأوساط الفلسطينية، من أي أعمال ترميم قد تجرى على الجدار الغربي للحرم القدسي، لأنه قد يكون مقدمة لتغيير الوضع القائم، ويكون حجة لدخول الإسرائيليين إلى الحرم نفسه.