بيروت: اعرب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان الاربعاء عن سروره الكبير بالاتفاق الذي توصل اليه القادة اللبنانيون في الدوحة.وقال سليمان من مكتبه في وزارة الدفاع في اليرزة (شرق بيروت) والابتسامة تعلو وجهه quot;انا مسرور جداquot;.وتوقع خلال استقباله عددا من المهنئين الا يتم انتخابه رئيسا توافقيا قبل نهاية هذا الاسبوع.ونص اتفاق الدوحة على الدعوة الى انتخاب سليمان خلال 24 ساعة.

وكان مصدر قريب من رئيس مجلس النواب نبيه بري رجح ان تعقد جلسة انتخاب الرئيس الاحد المقبل.واعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني صباح الاربعاء توصل فرقاء الاكثرية والمعارضة الى اتفاق سياسي من شأنه ان يضع حدا للازمة التي يشهدها لبنان منذ اكثر من 18 شهرا.

ميشال سليمان رئيس توافقي حافظ على حياده

نجح العماد ميشال سليمان الذي نص اتفاق الدوحة الاربعاء على انتخابه رئيسا توافقيا للجمهورية خلال ايام، في الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية رغم احتدام الصراع السياسي في البلاد وما رافق ذلك من تداعيات امنية.وكان سليمان (59 عاما) عين قائدا للجيش عام 1998 عندما كان لبنان يخضع للنفوذ السوري.ورغم ان البعض اتهمه بانه مدعوم من دمشق، تمكن خلال الاعوام العشرة التي تولى فيها قيادة الجيش من البقاء على الحياد وسط الانقسام اللبناني الحاد، وخصوصا مع تفاقم ازمة الاستحقاق الرئاسي.

لكن الجيش لم ينج من الانتقاد خلال المواجهات التي اندلعت بين مناصري المعارضة والاكثرية بين السابع والخامس عشر من ايار/مايو، وذلك ردا على قرارين للحكومة اعتبرا quot;مساسا بسلاح المقاومةquot; ووصفهما الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بانهما quot;بمثابة اعلان حربquot;.ودافع سليمان عن موقف الجيش مؤكدا ان دوره يكمن في البقاء على الحياد وعدم التحول الى طرف في النزاع السياسي.

وقال خلال تفقده وحدات الجيش في جنوب لبنان نهاية الاسبوع الفائت ان quot;توريط الجيش في النزاعات الداخلية يخدم مصالح اسرائيلquot;.واتى الاتفاق على انتخابه اثر مفاوضات شاقة في الدوحة بين الغالبية المناهضة لسوريا والمدعومة من الغرب والمعارضة القريبة من دمشق وطهران برعاية الجامعة العربية، وذلك لاحتواء ازمة سياسية حادة شهدها لبنان وبلغت ذروتها في شغور مقعد الرئاسة الاولى في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت مع انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود.

وبقي سليمان محايدا خلال الازمة الرئاسية ولم يعلن ترشيحه، وظل يحض السياسيين على حل خلافاتهم مناشدا اياهم ان quot;يعودوا جميعا الى تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا ويقدموا التنازلات المتبادلة حتى نتمكن جميعا من العبور الى بر الامانquot;.وقال سليمان يومها في حديث الى وكالة فرانس برس quot;الجيش حياتي، انا متمسك به وارفض ان اراه منقسماquot;.واكد انه يؤيد قيام علاقات حسن جوار مع سوريا رافضا اتهامه بانه يخضع للنفوذ السوري.
واضاف quot;علينا الا نوجه الاتهامات الى سوريا بل ان نقيم معها علاقات متوازنة كبلدين سيدينquot;.

ورغم كونه مارونيا، وهي الطائفة التي ينتمي اليها عادة الرئيس اللبناني، شدد سليمان على رفضه زج الدين في الشؤون السياسية.وقال ان quot;التربية المسيحية الفعلية تعلم المرء ان يحترم الوطن والديموقراطية والحرية وكل الدياناتquot;.واكتسب قائد الجيش احترام اللبنانيين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم قبل عامين حين بادر الى حماية التظاهرات التي شهدها وسط بيروت اثر اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005.يومها، رفض سليمان قمع المشاركين في التحركات الشعبية التي عجلت في انسحاب الجيش السوري من لبنان تطبيقا للقرار الدولي 1559 الصادر في ايلول/سبتمبر 2004.

واتهمت سلسلة تقارير اصدرتها لجنة التحقيق الدولية الاجهزة الامنية السورية بالضلوع في اغتيال الحريري، الامر الذي نفته دمشق.وشهد لبنان احداثا عدة منذ اغتيال الحريري عززت موقع سليمان، وخصوصا انتشار الجيش في صيف 2006 على الحدود مع اسرائيل في مناطق غاب عنها ثلاثة عقود، ثم خوضه معركة شرسة ضد متطرفين ارهابيين في شمال لبنان وانتصاره عليهم في ايلول/سبتمبر الفائت.وفي كانون الثاني/يناير الماضي، فرض الجيش ايضا حظرا للتجول لانهاء مواجهات سنية شيعية في بيروت اسفرت عن اربعة قتلى و152 جريحا.

يتحدر سليمان من بلدة عمشيت الساحلية (شمال) وانضم الى الجيش عام 1967 سائرا على خطى والده الذي كان عنصرا في قوى الامن الداخلي.
وقال quot;حلمت دائما بان اصبح مهندسا لكن الوضع الاجتماعي لعائلتي لم يسعفني فعملت بنصيحة والدي وانضممت الى الجيشquot;، مضيفا quot;لست نادما على هذا القرار رغم ان الطريق لم يكن سهلاquot;.تخرج من المدرسة الحربية عام 1970 وتدرج في الرتب العسكرية حتى عين قائدا للجيش في كانون الاول/ديسمبر 1998.عاش الحرب الاهلية اللبنانية بين 1975 و1990 ولم يحضر ولادة ابنته العام 1975 بسبب المعارك.وقال لفرانس برس quot;رأيتها لاحقا وكان عمرها 22 يوماquot;.وقائد الجيش الذي سيصبح الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية متأهل من وفاء سليمان وله منها ثلاثة ابناء.
يحمل اجازة في العلوم السياسية والادارية من الجامعة اللبنانية، ويهوى السباحة والمشي وكرة المضرب.