نضال وتد من تل أبيب:

بعد أشهر من محاولات الظهور بمظهر المتمسك بالخيارات الدولية وفتح حوار بين المجتمع الدولي وبين إيران للتوصل إلى حل دبلوماسي للملف الإيراني النووي، وعلى الرغم من التصريحات المتكررة لأقطاب الحكومة الإسرائيلية بشأن الخطر الإيراني المحتمل وضرورة أن quot;يتصدى العالم الحرquot; للمحاولات الإيرانية لامتلاك قدرات نووية، وان هذه المهمة ليست بالضرورة من اختصاص إسرائيل، عادت إسرائيل لتلوح من جديد بالخيار العسكري ضد إيران.

ففي الوقت الذي أعلنت فيه مصادر رسمية في ديوان أولمرت، أن الأخير سيناقش مع الرئيس الأميركي جورج بوش، الملف الإيراني ليؤكد له أن المعلومات الاستخبارية المتوفرة لدى إسرائيل تؤكد أن إيران لم توقف مشروعها النووي وأن المعلومات الإسرائيلية تؤكد مواصلة إيران لجهودها في هذا المجال خلافا للتقرير الأميركي الذي كان خلص إلى استنتاج مفاده أن إيران قد جمدت نشاطها النووي، فقد صعدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، اليوم، أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، من لهجة التهديد ضد إيران عندما قالت لأعضاء اللجنة : quot; إن على إيران أن تدرك أن التهديد باتخاذ خطوة عسكرية لا يزال قائما ولم يسقط من الخيارات المطروحة على الطاولة، وكلما كان هذا الأمر واضحا أكثر كلما قلت الحاجة لاستخدام هذا الخيار فعليا ولكن يجب أن يبقى هذا الخيار مطروحاquot;.

واعتبرت ليفني أن عامل الوقت هو العامل الحاسم في الوقت الراهن: quot;فالوقت هو الذي يقرر الآن فإي موقف ضعف قد يفسر على أنه تسليم بالأمر، أننا نوضح لكل الجهات التي نجري معها اتصالات أنه في هذه المنطقة فإنك إما أن تضرب فتوة الحي أو تنضم إليه، وأن العالم يقاس وفق نشاطه وتحركهquot;.

وأشارت ليفني إلى أن إسرائيل تجري اتصالات مكثفة في هذا المضمار مع الجهات الدولية المختلفة من أجل تجنيدها في الصراع ضد إيران منذ الآن: فنحن نقول للمجتمع الدولي إن موعد الحسم ليس في اليوم الذي يحصلون فيه على القنبلة وعلى التكنولوجيا اللازمة لذلك وإنما الان وأن كل تردد أو تهاون في مواجهة إيران يولد عند إيران تصور وانطباع بالضعف. إن تخصيب اليورانيوم لا يزال مستمرا في إيران أما الشروط الدولية للحوار مع إيران فلا زالت على ما هي عليه وهي وقف أعمال التخصيب. إن إسرائيل تعمل من أجل أن يصر المجتمع الدولي على هذا الشرط خصوصا في مواجهة عوامل وأطراف دولية تحاول طرح أفكار مغايرةquot;.

ولم يفت ليفني أن تلتفت إلى الجهات العربية التي تعارض مشروع التسلح الذري الإيراني فقد قالت في هذا السياق: quot;إن هناك جهات أكثر اعتدالا في العالم العربي لا تزال تقف جانبا متخذة موقف الحياد وهي تناقش ما إذا كان بمقدورها التسليم بإيران نووية، وهي الجهات الأكثر تعرضا للخطر والتهديد الإيراني ، وقسم منها له حدود مشتركة مع إيران ، وهي دول تسعى إيران لزعزعة أنظمة الحكم فيها. هناك فجوة بين تصريحات هذه الدول في الغرف المغلقة وبين تصريحاتها على الملأquot;.

وتحاول إسرائيل، علنا اعتماد القنوات الدبلوماسية والاكتفاء بالتأكيد على أن مواجهة المشاريع النووية الإيرانية يجب أن تكون مهمة الدول الغربية قاطبة وبعض الدول العربية التي تهددها إيران، وأنها تؤيد الخطوات الدولية المتمثلة حاليا بفرض عقوبات وقيود اقتصادية على إيران، لكنها تسعى دائما إلى إبقاء الملف الإيراني ساخنا ومطروحا على الأجندة العالمية كلما بدا أن هذا الملف غاب عنها بفعل التطورات الدولية والإقليمية.

وفي هذا السياق سعت إسرائيل، وتحت ستار التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، إلى تقديم ملف كامل من المعلومات الاستخبارية إلى الرئيس الأميركي جورج بوش، خلال لقائه المرتقب مع أولمرت، وإقناع الإدارة الأميركية بتبني هذه المعلومات بعد أن كان تقرير اجهزة الاستخبارات الأميركية أشار إلى أن إيران قد جمدت نشاطها النووي.

إلى ذلك فإن إسرائيل تبذل باستمرار جهودا مكثفة للضغط على الدول الأوروبية التي تقيم علاقات وثيقة مع إيران مع التلويح بمقاطعة الشركات الأوروبية التي تعمل في إيران أو تتعامل مع الشركات الحكومية الإيرانية.

إلى ذلك ينتظر أن يستغل أولمرت خطابه أمام منظمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة quot;إيباكquot; لمواصلة الضغط على الإدارة الأميركية ومرشحي الحزبين الأميركيين، لمواصلة اعتماد الخط المتشدد للإدارة الحالية، وابتزاز مكاسب سياسية لصالح إسرائيل، خصوصا فيما يتعلق بالمسارين السوري والفلسطيني، لا سيما وأن الولايات المتحدة اعربت عن استيائها من نشر الحكومة الأميركية مناقصات جديدة لبناء أكثر من ألف وحدة سكنية في مستوطنة جبل أبو غنيم.

وكانت صحيفة هآرتس قالت قبل ثلاثة أسابيع إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، اقترح خلال لقائه برئيسة مجلس النواب الأميركي، نناسي بلوسي، التي زارت إسرائيل عشية مؤتمر الدول المانحة في شرم الشيخ، جملة من الخطوات الإضافية لزيادة الضغوط على إيران.

وقالت الصحيفة إن الفكرة الرئيسية التي عرضها أولمرت هي فرض حصار بحري على إيران في الخليج الفارسي وتقييد حركة السفن التجارية من وإلى إيران، كجزء من الخطوات الرامية لإجبار إيران على وقف تخصيب اليورانيوم في برنامجها النووي.