ملّوا البقاء في البيوت خوفا من المفخخات
العراقيون يتحدون الموت بالفرح في ايام العيد

اسماعيل ابراهيم من بغداد: تحدى العراقيون شبح السيارات المفخخة التي تتربص بهم في عيد الفطر وخرجوا زرافات ووحدانا متغلبين على طقس الحزن الذي اطر حياتهم منذ سنتين بفعل التفجيرات اليومية التي لاتفرق بين طفل وشيخ وشاب وامراة وشرطي وجندي ودبلوماسي.
قبل انقضاء شهر رمضان كانت العاوائل تسهر الليل خارج بيوتها وخاصة في الاسواق لغرض شراء احتياجات العيد من حلوى وملابس واطعمة حيت تقتضي العادة في العراق ان يتزاور ابناء الحي الواحد اذ تقدم حلوى (الكليجة ) التي تسمى في بلدان اخرى المعمول.
وعادة مايبقى بعض الصيوف لطعام الغذاء.
لكن ماتميز به هذا العيد هو الخروج الجماعي للعوائل البغدادية والمحافظات للمتنزهات واماكن اللعو والالعاب.
ففي منطقة الكرخ من بغداد غص متنزه الزوراء بالعوائل البغدادية التي استغلت الهدوء النسبي الذي سبق ايام العيد متحدية اي خوف من الارهابيين. ويحوي المتنزه حديقة حيوانات ومدينة العاب وكان تم انشاءه في السبعينيات من القرن الماضي ولحقه الكثير من الاهمال.
حيث لفترشت العوائل المساحات الخضراء من المتنزه الواسع الاطراف بينما راح الاطفال يلهون في الالعاب وسط فرحة خجلى على افواه الاهل افتقدوها منذ سنوات.

والامر ذاته تكرر في مدينة الالعاب في الرصافة التي لم تسع للجموع الزاحفة نحوها مشيا او بالسيارات التي غصت بها الشوارع المحيطة بالمدينة الكبيرة جدا والقريبة من مدينة الصدر البلديات وبغداد الجديدة وشارع فلسطين وبقية احياء الرصافة في بغداد اذ يتوجب على القادم من الطرف الشرقي لبغداد ان يعبر جسر قناة الجيش التي الضيق والذي توقفت حركت الجموع فوقه منذ اول ايام العيد بفعل الازدحام الكبير جدا للذاهبين والعائدين.
في الطريق المؤدي الي مدينة الالعاب في بغداد بجانب الرصافة لا تكاد تستطيع الوصول اليها من جراء ازدحام السيارات وبعد انتظار ساعة تقريبا وصلت الى مدخل المدينة وقد اكتظت بمئات العوائل والذين جلبوا اطفالهم ونسائهم معهم، وقد افترشت عوائل كثيرة الارض ووضعت ما جلبته معها من ماء وطعام بالقرب منها وتركت الاطفال يمرحون ويلعبون في المدينة والمنظر لا يكاد يخلو من الفتيات البغداديات الجميلات وهن يشاركن عوائلهن في صباح هذه العيد. المكان يبعدك عن شبح الموت وينقلك الي ارض الاحلام وكانك في بلد غير العراق.
وقد لاحظنا غلبة ارتداء الحجاب من قبل النساء حتى اولئك اللواتي لايرتدينه تجنبا للتحرش بهمن حيث تكثر التحرشات اللفظية والجسدية في هكذا مناسبات.

ايلاف التقت بعدة عوائل وكنا نبادرهم باول سؤال الا تخشون من سيارة مفخخة لا سامح الله ابتسمت ام محمد " وهي في الاربعين من عمرها " وقالت بابتسامة عريضة تملا وجهها لقد تعودنا.. اصبحت هذه قديمة " وقالت: ابني محمد تزوج منذ شهرين وقد طلبت منهم ان لا يخرجوا بعد الزواج خوفا عليهم، لكن في الشهر الكريم والحمد لله الجميع قد ادى فريضة الصيام وعدتهم بسفرة الي مدينة الالعاب وقد نفذت وعدي والله يستر ونرجع للبيت سالمين والابتسامة لا تفارقها فقلنا لها امين.

كما التقينا بعائلة ( كريم وادي ) 37 سنة له ثلاثة اطفال " مريم و طه وخديجه" وزوجته ام مريم، قال ابو طه كما يحب ان اسميه وطه هو اصغر اولاده 4 سنوات ان " الاطفال قبل ان ياتي العيد بايام وهم يطلبوا مني ان اجلبهم الى مدينة الالعاب توكلت على الله واتيت بهم وانشاء الله ماكو شيء الله يستر على امة محمد " وقد التفت الى مريم وقلت ماذا تقولين قالت " عمو احنه ما نخاف وملينا من البيت".

مجموعة من الشباب اعمارهم لا تتجاوز 16 سنة قالوا نحن من الصباح هنا قلنا لماذا مدينة الالعاب بالذات وليس غيرها قال احدهم " لا يوجد افضل من مدينة الالعاب السينما تعرض افلام قديمة ولا يذهب اليها الا العصابات نقضي وقتنا هنا
افضل".
عند الخروج من المدينة كان هنالك مجموعة من الشرطة تنظم زحمة السيارات ولا تسمح لها بالتوقف وكان بالقرب من المدينة بارك ضم العشرات من السيارات.
اخذ قلبي يخفق من زحمة المكان وكأن هنالك خطر قادم نحوي وعندما تذكرت الاطفال هدئت من روعي وقلت بيني وبين نفسي انهم حقا ابطال.
فهم يتحدون الموت بالحياة وهذه بلا شك بطولة ان ملكتها الشعوب هانت عليها كل الجراحات والالام والماسي.