توفيق آلتونجي من السويد: مدينة ملتقى الناس الطيبين، ميناء رسا على أرصفتها أبناء شعوب وثقافات مختلفة ورحل من هنا الآلاف الى العالم الجديد. ملتقى الثقافات يقطنها اليوم عدد غير قليل من المهاجرين الذين ضاق بهم الحياة في أحضان أوطانهم وسد عليهم سبل المعيشة والتفكير الحر فاختاروها وطنا جديدا كريما مضيافا محبا للغريب. عندما نزلت المدينة قبل حوالي العقدين من الزمن لم تكن كما هي عليها اليوم وانا على حيرتي تلك باحثا عن عمل التقيت صدفة بأحد رفاقي quot;طارقquot;من ايام الدراسة المتوسطة quot;متوسطة الحكمةquot; في مدينة العذابات كركوك تعرفت علية رغم مرور اكثر من اربعة عقود على دراستنا وجلوسنا على مصاطب الدراسة معا فساعدني مشكورا في إيجاد عمل لم استمر فيها أكثر من خمسة اشهر أقفلت عائدا الى مديني التي لم ابرحها من نزولي لهذه البلاد العاصمة الأبدية لروحيquot; يونشوبينكquot; والتي تنعت ب أورشليم السويد.


عد وردود العديد من الاستفسارات حول كتابتي لاسم المدينة بالصيغة التي لم تحلو للبعض طبعا لوجود صورة نمطية جاهزة لاسم المدينة واني ان اشكرهم جميعا لردودهم التي ان اجتمعت سويا انما تحمل في ماهيتها محبة للمدينة وللمعرفة بصورة عامة وان وجد هناك تعليقات لا تخلو من تعابير غير لائقة لقراء الصفحة الثقافية واني لأنبه القارئ الكريم الى إشارتين مهمتين جاءتا في سياق الموضوع وهي في البدا ان الكتابة يخص يوما معينا وليس جميع ايام المعرض والثانية جاءت في نهاية المقال حين أشرت الى وجود بقية للموضوع ولذا وجب الإشارة الى بعض الأسماء الامعة في عالم الأدب والثقافة المكتوبة بالعربية والذين شاركوا بجهودهم الإبداعية خدمة للكلمة الطيبة، أشير إليهم مع احتراماتي وتقديري الكبيرين في ختام كتابتي هذه.
وبما اني باحث وأجيد ثمانية لغات أتحدث بها الى جانب لغتي الام و استفيد من الرياح التي تهب ضد التيار ليحمل افكاري عاليا في سماء الثقافة العالمية التي انتمي إليها كانسان يؤمن بعالميتها وبآفاقها الرحبة والبعيدة عن التقوقع القومي والعنصري ومهاترات شبه المتعلمين.
قررت ان أعود الى الكلمة وتاريخ المدينة وتسميتها واختلاف الناس على اللفظ العربي للكلمة وفي البدا اعتقد باننا متفقون على الأقل بانه لا توجد حرف الواو كرابط بين الكلمتين المكونتين لاسم المدينة المركبة quot;يوته ndash; بوركquot; وسآتي لاحقا على تفاصيل تأسيسها وتطورها ألاحق..
ان اسم المدينة ربما جاء من لفظ أوائل الهولنديين من المهاجرين الذين نزلوا البر السويدي بمثربة من مكان يمر منه نهر quot;يوتاquot; وهذا ربما يفسر سبب تعين الملك لاحقا احد الجنرالات من أصول هولندية قائدا للحامية العسكرية في الحصن.
وللمدينة تاريخ قديم وقد تغير ملامحها عبر التاريخ وتغير موقعها كذلك وتبدأ حكايتها كالأتي:

لكل مدينة في عالم حكاية في إنشائها وتطورها ومدن العالم القديم ربما ضرب أسسها لاول مرة في حضارات الشرق القديم في الصين وبلاد النيل في والرافدين وسوريا والأناضول وانتقلت لاحقا الى الغرب الأوربي ومنها هذه المدينة التي نحن بصدد سرد تاريخ نشوئها وتطورها. في واقع الامر تتكون اسم المدينة وكما ذكرت من مقطعين وهي كلمة مركبة القسم الاول منها اشارة الى نهر كوتا يوتا الفن
Gouml;ta auml;lv
او بالفظ السويدي يوتا والقسم الثاني بورك تعني حصن او قلعة وتقرأ بقلب الحرف الاول ياء اخر الكلمة ياء والتي سوف أتي الى ذكر تفاصيل خاصة بعلم الأصوات في مكان اخر من هذه المقالة وهي لاحقة تنتشر في اسماء المدن الأوربية بصورة عامة وهناك مدن في الشرق بتلك التسمية كذلك ك quot;قلعة صالحquot; في العراق ومدن الكوردستانية قلعه دزه وقلعه جولان و حيثما تنتشر القلاع والحصن والحاميات العسكرية يبدأ البشر ببناء أسس مدنهم.
مع بدايات عام 1200 حصل السويد على أراضي بالقرب من مدينة لودوسي القديمة والتي تمر من خلالها نهر كوتا وتلك الاراضي كانت تفصل بين النرويج والدنمارك التي كانت آنذاك تحتل جزء من السويد. هذه الأراضي تحولت لاحقا الى ممر مهم في مواجه الجارتين دانمارك والنرويج. عام 1303 يقوم الملك بيركر ماكنوسون ببناء حصن كولبيرك والتي تسمى اليوم سكانسن ليونت والتي تذكر لاحقا باسم ليون هولم في الكتابات الرسمية للملك ماكنوس ايركسون اعوام 1333 وتسمى اليوم ذلك الجزء ب هيسنكن بينما كانت تسمى الجهة المقابلة على البر السويدي الف بورك اعوام 1366. وكانت السويد حاكمة على نهر الف من جهتها بينما كان النروج حاكمة اعاليها. كل هذه التطورات ادى لاحقا في اعوام 1473 الى انشاء اولى المستوطنات البشرية في المنطقة للتجارة تحت تسمية يوتاهولمن quot;هولم تعني ارخبيل في السويديةquot; واليوم يسمى هذا الجزء من المدينة ب كاملا استان quot;المدينة القديمةquot; وببطء بدا استطان المدينة من المواطنين السويدين والالمان وبدات بناء المدينة والعمران مع بدايات عام 1545 الى ان احتلتها الدانماركين عام 1570. مع بدايات عام 1600 بدا علو بنيان مدينة مجاورة لقصر الف بورك في منطقة هيسنكن من قبل الهولنديين والذين استقدموا انذاك للمشاركة من اجل تحسين تجارة النحاس السويدية. هذه المدينة تحصل على فرمان ملكي بتسميتها ب quot;مدينةquot; عام 1607 ولكنها ومع الاسف دكت في حرب كالمار عام 1611. كل هذه التركيبة السكانية التعددية من سويديين ودنماركيين ونرويجيين والمان وتجار هولنديين وبريطانيين انصهروا جميعا في احدى اجمل دول اوربا قاطبة والمنفتحة على الشرق والغرب الا وهي مدينة يوتابرك مدينة الملك كوستاف ادولف الثاني.


التطور السكاني للمدينة:
الاستيطان الحقيقي للمدينة تبدا مع القرن السابع عشر متحولا الى اكبر مدينة في المملكة السويدية آنذاك. حيث نرى ان عدد سكانها كانت الحولي 4000 نسمة عام 1670 ارتفعت تدريجيا لتصل في أواسط القرن الثامن عشر الى العشرة الاف نسمة. ونرى ارتفاعا تدريجيا في تعداد السكان من 13000 عام 1800 الى حوالي 130000 مع بدايات عام 1900. ويصل اليوم عدد سكان المدينة والتي تعتبر ثاني اكبر مدينة من حيث السكان في البلاد الى حوالي 487627 نسمة بينهم حوالي 97000 ممن ولدوا خارج السويد للمزيد يرجى مراجعة الرابط التالي:
http://www.goteborg.se/
علم الأصوات وأسماء المدن:

هنا في السويد نرى العديد من القلاع على طول الساحل المقابل لمملكة الدانمرك التي كانت على طول التاريخ مصدر لقدوم الغزاة ولا ريب ان تاريخ السويد حافل بالحروب والغزوات على مجمل المناطق التي تكون مدن وحواضر المنطقة الجنوبية، المسماة بإقليم quot;سكونهquot; والتي لا تزال تحتفظ بطابعها الثقافي الخاص ولهجتها المتميزة، (كما يحتفظ أهالي مدينة موصل بلهجة عربية متميزة في العراق لا تشبه لهجة أهل الجنوب إطلاقا) والجنوبية الغربية التي تقترب لتشابه لهجة النرويج وهي لغة متكاملة اليوم يفها عادة السويديين كمن يتكلم اللهجة السورية في مصر في حين يتلفظ سكان الشمال نفس الكلمات بصور مختلفة تباعا الى لهجاتهم وهي مخالفة تماما مع بعضها البعض. حيث تتحول وتتحور الكلمات تباعا للغات الأساسية لشعوب المنطقة من غير السويديين من السامر والابيين والفلنديين ولغات دول البلطيق وبعض تلك اللغات لها جذور آسيوية وشبيه باللغة الهنغارية المحكية في المجر والمعتقد مجيئها الى اوربا عن طريق غزو quot;اتيلاquot; لتلك البلاد. تبق لفظ تلك الكلمات يتحكم بها قواعد صوتية الدارجة في لغة الأصلية لناطقها كما هو عليه في العراق حين يحاول عربي الحديث بالكوردية او التركية او السريانية والعكس صحيح. أما الحصون والقلاع العسكرية وما يحيطها من سكان فنرى ان هناك تحفظا وقيمة أساسية شبه مطلقة للموروث الثقافي تصل الى درجة التقوقع في لفظها العديد منها بنيت ولم تستخدم في الحروب وقد زرت عدد منها في كارلس بورك الواقعة في شمال بحيرة فيترن والتي كانت تستخدم كخزينة لنفائس المملكة وذهبها. الجدير بالذكر ان الفكر العنصري القومي مرتبط بالقلاع والحصن ولا نزال نرى مخلفات تلك الارث الثقافي بين ابناء المدن التي بنيت كقلاع كما هي عليها مدينة هالمستاد. اما تخفيف نهاية الكلمة وقلب الجيم كما عليه في لفظ الجيم في كلمة جمال باللهجة العامية المصرية فتعود الى صعوبة تلفظها وانقلابها الى ياء في السويدية في حين نراها تقرء في الإنكليزية والألمانية وتبقى محافظة على صوتها الأصلي في الالمانية انظر الى اسم مدينة هامبورك الالمانية وسالزبورك النمساوية. هذه الخاصية في اللفظ للكلمة السويدية خاصة بهذه اللغة ولهجاتها المختلفة مثلا نرى ان كوبنهاكن اسم العاصمة الدنمركية تتحول الى شوبنهامن في اللفظ السويدي. وكذلك الحال عند مجيئ الأحرف الصوتية وما تسمى بحروف العلة في العربية بعد حرف الجيم المذكور أعلاه محولا اياها ومنقلبا الى ياء كما في جو quot;جيم اللفظ المصريquot; الذي يقرأ يو. فالقراءة الإنكليزية للكمة اصح في علم الأصوات بالنسبة للإنكليزي طبعا. لكن الغريب ان العربي يرى الأسماء على لفظها العربي ولا يتأمل لحظة في كون الأصوات العربية للحروف ناقصة في تعبيرها الصوتي للكلمات ألاتينية.
ان عدم وجود صوت مقابل الضاد في في اللغات الفارسية او التركية وحتى الكوردية يؤدي الى لفظ لجميع الكلمات العربية التي تحتوي على لفظي ظ وض زاء فهي تحتوي على اصوات يصعب على العربي لفظه خذ مثلا صوت الحرف الباء في كلمة باريس الفرنسية فهذا الصوت غير موجود في الأبجدية العربية فقلبت الى باء في حين يتلفظها اللبناني بسولة انظر الى اسم quot;بولquot; لاحظ كذلك بان الفرنسيين يقلبون حرف السين في الكلمة الى ياء ولكن متحدث العربية بتلفظها كاملة ولا يتلفظ على نمط النطق الفرنسي. نرى كذلك ان لفظ الكلمات الأجنبية تختلف بانتماء الثقافي للعربي فالقادم من لبنان يتمكن تلفظ الكلمات بصورة أسهل من القادم من الجزيرة العربية ونرى ابناء الشمال الافريقي يتلفظون الكلمات الفرنسية بصورة اسهل وربما تعود الى فترة الانتداب الفرنسي لتلك البلاد وما يسمى بفترة الاستعمار الثقافي الفرنسي. كما نرى من ناحية معاكسة ان العربي قد اختار اللفظ السويدي لكلمة يوته بوري في قسميها يوته التي تحولت في العربية الى يوتو بلاحقة واو لا وجود له في الكلمة الأصلية او ألاحقة بورك التي تحولت الى القراءة السويدية للكلمة وأصبحت بوري. نحن نقرأ الكلمات على أسس صوتية تعلمناها في لغاتنا الأصلية وتلك الأصوات غالبة وقوية تسيطر على لفظنا للكلمات وهذا ما يجعل للمهاجر القادم من امريكا الاتينية لهجة خاصة به في حين نرى ان التركي والفارسي وللعربي أصواتهم الخاصة عند الحديث بالغات الأوربية وطريقة خاصة في اخراج المخارج وتقوية الأواخر وإتباع قواعد علم الأصوات الخاصة بلغاتهم الام كما للقادم من شمال افريقيا لهجة خاصة عند الحديث بالفرنسية وقد اختلف لهجة اهل الهند في تحدثهم بالإنكليزية الى درجة تطلق كلمة لغة على لهجتهم الإنكليزية كما هي عليها كذلك في الولايات المتحدة واستراليا أيضا. فهي بمرور الزمن تحولن الى لغات لها قواعد صوتية خاصة بها وحتى قواعد لغة ومعاني للمفردات تختلف تماما عن اللغة الام المحكية في المملكة المتحدة وفي لهجة أكسفورد بصورة خاصة. للحديث بقية قارئي الكريم.

* إشارة توضيحية خاصة ب معرض الكتب والمكتبات:
المشاركة العربية التي كنت قد اشرت اليها في حديثي عن المعرض شمل يوما واحدا وقارتاني هنا الاشارة الى الحضور الثقافي العربي الكثيف مشيرا الى الاسماء الامعة في عالم الادب والثقافة العربية:
من لبنان حضرت ايام المعرض الشاعرة جمانة حداد وكان من المقرر حضور الروائي امين معلوف الذي اعتذر لاسباب قاهرة وحضر كذلك الكاتب عقيل العويط والاعلامية ماريا بدينه ابوسماح والتونسي يوناس حسن خميري ومن العراق حضر الاديب محمود البياتي ورندة عبد الفتاح والجزائري محمد مولى السهول وحضرت كذلك الكاتبة الفلسطينية سونيا نمر وياسمينه خضره واخرون.