طلال سلامة من روما: اكتشف العلماء الأوروبيون في تركيا ثورة لا سابق لها في عادة المشي إذ اكتشفوا عائلة يمشي أعضائها على أيديهم وأقدامهم. وقد يمثل الاكتشاف الحلقة الضائعة التي طالما حاول الخبراء فك طلاسمها حول كيفية انتقال الإنسان البدائي الى قامته المستقيمة. ويمشي أعضاء العائلة التركية، المؤلفة من خمس شباب ونساء، على أطرافهم الأربعة فقط كما يتواصلون مع الآخرين عن طريق معجم محدود يتكون بدوره من حوالي مائة مفردة لغوية.

وتتراوح أعمار هذه العائلة التركية، التي تعيش في قرية نائية جنوب تركيا، بين 18 و34 سنة ويعيشون مع أولاد وبنات أعمامهم ال13. وأثار الخبر الاهتمام الشديد في الأوساط العلمية حول العالم لأن العديد من العلماء يعتبر أن العثور على هذه العائلة من شأنه تزويدهم بمعطيات جديدة ثمينة حول كيفية تطور الجنس البشري من إنسان بدائي يمشي على أطرافه الأربعة الى كائن ذكي قيد العصرنة يمشي بقامة مستقيمة. وكان السيد quot;يونير تانquot; (Uner Tan)، وهو بروفيسور وباحث في فرع الفسيولوجيا بجامعة quot;كوكوروفاquot; التركية، أول من التقى بهذه العائلة معرٌفاً إياها فوراً بالحلقة الناقصة بين القرد والإنسان.

وينتظر بعض علماء النفس الأوروبيين دراسة هذه العائلة في التفاصيل لأنها تفتح نافذة استثنائية تطل على ماضي البشر. ويسود الاعتقاد بأن العائلة التركية لم يُحكم عليها بالمشي على أطراف أعضائها الأربعة بسبب عطل في الجينات إنما نتيجة تركيبة حركية جينية، فريدة من نوعها، تحثهم على المشي مثل القرود.

علاوة على ذلك، يستطيع أعضاء العائلة الوقوف على أقدامهم في شكل مستقيم لعدة لحظات فقط لكن دوماً مع وضع منحنٍ للركبتين والرأس. والجميع مصاب بتأخر في التطور العقلي. أما المشاكل اللغوية فتتمحور حول شكل من النقص في تطور المخ، معروف باسم quot;التخلٌجquot; أي عدم القدرة على تنسيق الحركات العضلية الإرادية.

وطريقة مشي هذه العائلة طريفة وعجيبة، في الوقت ذاته، كون كل من أعضائها يمشي وفق ساقين مستقيمتين ويضع كفي يديه على الأرض، للأمام، على عكس قرد الشمبانزي والغوريلا اللذين يضعان على الأرض، للوقوف أو المشي، البراجم(مفاصل الأصابع في اليد)، وذلك لحماية الأصابع من أي مكروه وتسخيرها لإنجاز مهام معقدة شبيهة بقدرة الجنس البشري.

وتنسب أغلبية المحللين طريقة المشي هذه، على أربعة أطراف، الى نوع من السلوك الذي تميز به الإنسان قبيل أكثر من ثلاثة ملايين سنة. لكن هذه النظرية تناقض ما يشير إليه الآخرون من أن ذلك السلوك البدائي يعود الى الأهل الذين تحملوه وغضوا النظر عنه، دون تصحيح مساره، في أيام طفولة أولادهم. على أية حال، أقلق الاكتشاف العلماء في الوهلة الأولى، عندما صدموا برؤية طريقة المشي الحيوانية لهذه العائلة التركية، لكن سرعان ما تعودوا عليها عندما لمسوا من أعضائها دفئاً وحناناً بشرياً لم يروا مثله على الإطلاق.