براثا او أبن العجائب
دير فمسجد مازال مقدسا للمسلمين والمسيحيين

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تعرض مسجد براثا التاريخي يوم أمس الجمعة الى ثلاث هجمات انتحارية باحزمة ناسفة ارتدى اثنان من منفذيها ملابس النساء لتسهيل اختراق الحواجز الامنية المحيطة بالمسجد الذي كان ملئيا بمئات المصلين الشيعة حيث قتل 90 شخصا وجرح 175. ويحظى هذا المسجد باهتمام كبير من قبل المسلمين خاصة الشيعة منهم بالاضافة الى المسيحيين في كل اقطار العالم لاهميته التاريخية والقدسية حيث كان ديرا واسعا واقام فيه رابع الخلفاء الراشدين الامام علي بن ابي طالب لايام اثناء خروجه لمعركة النهروان عام 37 هجرية.
وكان المكان عبارة عن دير يقيم فيه راهب نصراني اسمه حباب حظى اسمه في الذاكرة الشيعية وحواره مع الامام علي بقدسية تستعاد لدى زيارة المكان.

ويطلق البغداديون على المكان اسم المنطكَة (المنطقة) لان الامام علي تمنطق فيه اي ارتدى نطاق الحرب باتجاه النهروان. لكن العامة يعيدون التسمية لاحتواء المقام على صخرة من الغرانيت ساهمت في انطاق الكثير من الاطفال الذين لايستطيعون النطق حسب مايتداوله سدنة المكان والبغداديون.
ولهذه الصخرة قصة مرتبطة بحوار الراهب حباب مع الامام علي بن ابي طالب عام 37 هجرية اثناء اقامته لايام في المكان حين لاحظ ان الراهب يجلب الماء من نهر دجلة الذي يبعد عن المكان مسافة لست بالقريبة. فسأله عن سبب عدم احتواء الدير على بئر فأجابه الراهب انه حاول مرارا حفر بئر لكن في كل مرة كان الماء يخرج الصخرة المنطّقةمالحا. فاشار عليه الامام علي بأن يحفر في مكان معين من المكان وقام عدد من أصحاب الامام علي مساعدة الراهب في الحفر فاعترضت طريقهم صخرة من الغرانيت اجتمعوا على رفعها من الحفرة فخرج الماء العذب من تحتها. وسمي ذلك البئر ببئر علي ومازال ماثلا داخل المقام حيث يتم جلب كمية منه توضع على حفرة في الصخرة ثم يشربها المريض للتبرك. وكان ذلك الحوار سببا لاشهار الراهب اسلامه كما تقول الرواية الخاصة بالمكان.

ويضيف الرواة البغداديون بان هناك صخرة وجدت بالمكان شهدت ولادة السيد المسيح.
ويعتبر مقام براثا مقدسا للمسيحيين والمسلمين لمرور عدد من الانبياء والاوصياء به مثل النبي ابراهيم الخليل والنبي دانيال ذو الكفل والنبي عيسى بن مريم والوصي يوشع بن نون واخرون.

بئر علي
وتعني كلمة براثا السريانية الاصل (ابن العجائب) ويرى مؤرخون انها ألارض الرخوة الحمراء. واخذ المكان اسمه من بانيه براثا. وسبق بناؤه بناء مدينة بغداد بأكثر من مئة سنة.

ويحتل المكان في نظر الباحثين اهمية علمية وتاريخية لكونه من المواقع النادرة والمهمة في مدينة بغداد لوجود اثار كثيرة مازال الكثير منها مدفونا بازائه او بالقرب منه. و احتواه تخطيط مدينة بغداد حين بوشرببنائها واصبح من معالمها. ويبعد عن مركز المدينة 10 كيلو مترا. ويقع في جانب الكرخ من توابع الكاظمية.

وتعرض المقام للهدم سابقا خاصة في عهد الراضي بالله حتّى سوّى به الارض، وعفى رسمه ووصل بالمقبرة التي تليه ومكث خراباً إلى سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة سنة 328 هـ فأمر الأمير بجكم (الماكاني) بإعادة بنائه وتوسعته وإحكامه، فبني بالجص والآجر وسقف بالساج المنقوش ووسع فيه ببعض ما يليه. وتعرض للهدم مرة اخرى بعد ان خربت بغداد عام 451 هجرية. واعيد بناؤه بعد ذلك والاعتناء به خاصة في العصر البويهي.
ومن الشعر القديم حول المكان ماورد على لسان احد شعراء القرن الرابع الهجري وهو ابو محمد العوني:
وقـلت بـراثا كــان بيتاً لمريم وذاك ضعيف في الأسـانيد أعوج
ولكـنه بيت لعيسى بن مريم وللأنبياء الزهر مثـــــوى ومدرج
ولـلأوصياء الطــاهرين مقامهم على غابر الأيـام والحــق أبلج
بسبعين موصٍ بعد سبعين مرسل جباههم فـيها سجود تشجج
وآخرها فيها صلاة إمامنا علي بذا جاء الحديث المـنهج

ويضم المقام مقبرة قديمة توقفت عن استقبال رفات الموتى منذ سنوات لعدم سعة المكانز وتضم رفاة عالم الاثريات العراقي طه باقر والناقد العراقي علي جواد الطاهر بالاضافة الى رفاة عالم الاجتماع العراقي علي الوردي.

كما يضم مكتبة كبيرة كانت تحوي الكثير من المخطوطات التي تم نهبها واحراق بعضها من قبل التكفيريين. ويسعى القائمون على المقام اليوم استعادة مايمكن استعادته من تلك المخطوطات بعد عمليات توسيع بناء المكتبة.

[email protected]