أسامة العيسة من القدس: حولت مجموعات من اليهود المتدينين، ينابيع المياه، جنوب القدس، إلى أمكنة، لممارسة طقوس التعميد والطهارة، وفقا لتعاليمهم واعتقاداتهم الدينية.وحظيت هذه الينابيع، التي تقع في تلال القدس الجنوبية، على جانبي سكة الحديد التي تربط القدس بمدينة يافا، بشهرة لدى أجيال من الرحالة

مراهقون اسرائيليون
المستشرقين، الذين خلدوها برسوم وصور فوتوغرافية نشرت على نطاق واسع في الغرب.وخلال الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1948، والتي أسفرت عن قيام دولة إسرائيل، وتشريد الشعب الفلسطيني، ضم حكام الدولة العبرية المنطقة التي تقع فيها الينابيع، عن طريق المفاوضات بعد أن فشلوا في تحقيق ذلك، خلال المعارك الطاحنة حول القدس.
وتمكن موسى ديان رئيس الوفد الإسرائيلي لمباحثات الهدنة في جزيرة رودس، من إقناع الطرف العربي، بضم هذه المنطقة إلى حدود الدولة الوليدة، بتقديمه خرائط مزيفة تشير إلى أن المنطقة تقع ضمن المنطقة الحرام، وتحت السيادة اليهودية، في حين أنها كانت تحت سيطرة القوات العربية، وأصبحت المنطقة تحت السيادة الإسرائيلية في نيسان (أبريل) 1949م.
ويأتي المتدينون اليهود بشكل فردي وجماعي، إلى هذه الينابيع، خصوصا يوم الجمعة لممارسة طقس التطهر حسب الشريعة اليهودية، الذي يرون انه لا يجوز إلا بالغطس في مياه الأمطار أو الينابيع.
ولا يشعر المتدينون اليهود، الذي يلبسون أردية طويلة، وتضع نساؤهم أغطية راس مثل الحجاب لدى المسلمين، من خلع ملابسهم، والقفز عراة إلى البرك التي تتجمع فيها مياه هذه العيون.
ويدهش التعري المتنزهين اليهود بالقرب من هذه الينابيع، ولكن الأمر يصبح طبيعيا، مع ازدياد عدد الغاطسين في المياه التي يعتبرونها مقدسة.
وتحظى عين يطلق عليها الفلسطينيون (عين الحنية) باهتمام خاص من قبل هؤلاء، وتحمل نفس الاسم لدى اليهود، الذين يحرص عدد كبير منهم على خط اسمه أو رسم نجمة داود على الحجارة القديمة في المكان والتي تشكل بقايا دير بيزنطي قديم.
ولا يستطيع الفلسطينيون الوصول إلى المكان، لتعرضهم لملاحقة حرس الحدود ووحدات الجيش الإسرائيلي الخاصة.
وفي أيام السبت، تكتظ الحقول الخضراء حول الينابيع المتفرقة، بالمتنزهين من اليهود واليهوديات، ولا تجد بعض الشابات اليهوديات حرجا من السباحة بدون أي قطعة ملابس في البرك المليئة بالمياه.
في الطريق الى المياه
ولا يمنع الفضوليون أنفسهم من النظر إلى السابحات، اللواتي عادة ما يتشجعن للنزول إلى المياه، بعد إقدام إحداهن على النزول قبلهن.
وعادة ما تطلب الواحدة منهن، من المبحلقين النظر بعيدا حتى تخلع ملابسها، وتنزل إلى الماء، ولكن بعد أن تصبح تحت الماء، يزول الحرج، ويمكن للمتطفلين البحلقة كما يحلوا لهم، ومتابعة السابحات أيضا في أثناء خروجهن من الماء.
ومن الينابيع المفضلة لدى اليهود المتدينين، ما يطلق عليها الفلسطينيون اسم (عين عليك) بينما يسميها اليهود (العين البيضاء) وهي مثل باقي الينابيع تمتد إلى عدة أمتار في باطن الجبال، وتشكل ما يشبه الشلالات داخل الأنفاق المبنية من حجارة قديمة، تشهد على حضارة تعود لأكثر من ثلاثة الاف عام في المكان، لا يغير من طبيعتها التاريخية الأسماء والشعارات المكتوبة بأحرف عبرية.
وبجانب البركة الرئيسية لعين عليك، بنت الحكومة الإسرائيلية، بركة جديدة، اصغر، من اجل طقوس التعميد
شعارات بالعبرية في بركة المياه
الخاصة بالصغار.
وتظهر المشاهد حول الينابيع التباينات، بين مكونات المجتمع الإسرائيلي، والتي يمكن أن تظهر من ازدراء يهود الفلاشا السود، الذين لا يكفون عن ملاحقة المراهقات الكاشفات عن أجسادهن البيضاء.
ويقول سعيد أبو صوي (27) عاما، بان ما يسميه تدنيسا لينابيع الماء الفلسطينية، هو أمر استفزازي، للفلسطينيين، مطالبا بوقف طقوس التعميد والطهارة، والسماح لأصحاب الأرض الأصليين بالاستفادة من مياههم العذبة.
ويضيف لمراسلنا quot;تم تصوير أفلام خلاعية في المكان، وإقامة سهرات حمراء ليلية خصوصا في اشهر الصيفquot;.
وقال اليهودي يودا لمراسلنا، وهو أحد رجال العالم السفلي المشهورين بالقدس، أن المكان مناسبا لتدخين الحشيش.
وجلب يودا أصدقائه واثنين من أطفاله، تركهما قرب المياه، بينما جلس مع صديقيه في مكان قصي مطل، لتدخين الحشيش.
ويجد كثير من الفتيان والمراهقين اليهود، في المكان ملاذا آمنا للتدخين والسباحة وسرقة بعض الأشياء التي يمكن أن تكون ثمينة، يتركها المتنزهون قرب مياه القدس العذبة المقدسة بالنسبة لكثير من اتباع الديانات التوحيدية.