خسرو علي أكبر: لم يعد من الصعب التطرق الى ظاهرة الشذوذ الجنسي في وسائل الاعلام الايرانية، بعد الانفتاح الذي شهدته ايران في السنوات الاخيرة، وقد ساعدت قضية اللاجئين الايرانيين في هولندا على فتح هذا الملف في ايران بشكل أوسع، وربما كان تصريح السيدة شيرين عبادي الحائزة على نوبل للسلام في هذا الصدد من التصريحات المثيرة للاهتمام والاستغراب في آن والتي قالت فيه ان القانون الايراني لايعاقب من ادعى الشذوذ،وهو قول قريب من تصريحات ممسؤولين ايرانيين رأت ان الحكومة الايرانية لم تنفذ حكم الاعدام ولا لمرة واحدة بالمثليين.

الصحافة الهولندية بدورها ناقشت هذه القضية بسبب ارتباطها بالتسهيلات التي تقدمها حكومتهم للمثليين من اللاجئين الايرانيين، وقد راى بعض الصحافيين الهولنديين ان نسبة عالية من هؤلاء اللاجئين يقدمون انفسهم كذبا كشاذين ويطرحون في ملفاتهم مخاطر وهمية تعرضوا لها في ايران بسبب شذوذهم.

واذا كانت الأصوات المطالبة بحقوق المثليين، تصدر في أغلب الأحيان من خارج ايران،مما يعطي الفرصة لخصوم المثليين بتوجيه تهم سياسية لهم،فان حدثين مهمين وضعا حدا لهذا الاتهامات،يتلخص الأول بالموقف السلبي للرئيس الاميركي جورج بوش من المثليينفي داخل الولايات المتحدة، والحدث الثاني صدور بيان وقعه عدد كبير من المثقفين والصحفيين والكتاب والفنانين الايرانيين في السابع عشر من آيار اليوم العالمي ضد رهاب المثليين. رهاب المثليين
،دعوا فيه الى التضامن مع حقوق المثليين، وأكدوا فيه على أن المثلية ووفقا لمنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الطبية والنفسية المعتبرة لاتحسب مرضا أو انحرافا جنسيا أو نفسيا بقدر ماهي حاجة روحية وعاطفية بين فردين من نفس الجنس، وهي غير محددة بعرق او قومية او مجتمع دون آخر، كما ركز الموقعون على ضرورة نشر الحقائق العلمية التي تساهم في اشاعة ثقافة جنسية سليمة في المجتمع الايراني تضع حدا للضغوط التي يتعرض لها المثليون وقيود العزل العائلي والاجتماعي والنظرة الدونية تجاههم.

سيروس،عامل 28 عاما،من أهالي مدينة زنجان، يرى أن هناك مفاهيم خاطئة حول المثليين في ايران،اذ ينظر الى الرجل المثلي على انه يخفي شخصية اجرامية خطيرة بسبب انحرافه الجنسي، وقد يكون مستعدا من أجل ارضاء شهواته الجسدية للاغتصاب quot; شخصيا أعرف الكثير من الرجال الذين يخونون زوجاتهم،ولكني لم أخن عشيقي الذي أقيم معه علاقة جنسية منذ سنوات،بسبب حبي الكبير له، العلاقة بيننا روحية بالدرجة الاولى quot;.
quot;لماذا يتوجب علي أن أخفي حبي لصديقتي ؟quot;تتساءل شهلا (22سنة) وتضيف quot;ان حبي لفتاة، قد ينظر اليه كشذوذ،وهو ليس كذلك، باعتبار ان المثلية عمرها عمر البشرية،فكيف يمكن ان نصف ظاهرة بالشذوذ وقد تجاوز عمرها آلاف السنين و هي منتشرة في كل المجتمعات ؟quot;.

وهناك من يرى ان المشكلة الكبيرة التي يعاني منها المثليون،تكمن في عدم التمييز بينهم وبين اغتصاب الآباء لابنائهم،
يقول مرتضى( 55 سنة اعلامي) quot; انه فهم خاطئ ولاتوجد اية احصائية تثبت ذلك،ويحتمل ان تزول هذه الظاهرة بعد الاقرار بحقوق المثليين،من المفروض ان لاتشكل قضية المثليين في ثقافتنا معضلة كبيرة، فنسبة المثليين ليست مرتفعة،ومن حق الفرد اختيار شريك حياته، ان المشكلة الكبرى والتي يجب مناقشتها تكمن في الثقافة الدينية التي تسمح باستغلال المرأة الايرانية وتحولها الى سلعة تباع وتشترى وفقا لتعاليم دينية وعادات وتقاليد متخلفة، وكلها تتم تحت غطاء الزواج التقليدي والزواج الشرعي quot;.


بعض الكتاب الايرانيين اعتبروا أن الأدب الفارسي الكلاسيكي يقدم ارضية مناسبة لدعم المثلية،بسبب تغزل كبار الشعراء الفرس بالمعشوق المذكر ووصف جماله وطلعته البهية وما شاكل من الأوصاف، لكن للشاب برويز(33 سنة مقيم في برلين) وجهة نظر مغايرة فهو يرى ان أغلب الغزل الفارسي غير العرفاني، يقتصر على الغلمان دون الثامنة عشر من العمر، وهذا ما يتضح من وصف كثير الاستعمال يشير الى خط الشفتين الأخضر،أي الذي لم ينبت عليه الشعر بعد، وهو يختلف عن المثلية في اوربا المدعومة بالقوانين، المثلية التي كانت رائجة في ايران في القرون الماضية تكشف عن مسايرة الشعراء لظاهرة استغلال الغلمان وترسيخ الرق والعبودية،والفقهاء ايضا كان لهم دور حينما أجازوا ممارسة الجنس مع الغلمان،وهي ظاهرة انتشرت في قصور السلاجقة،ونظّر لها وزير السلاجقة المشهور نظام الملك الطوسيفي كتابه الشهير سياست نامه أو سير الملوك وكذلك كتاب quot;قابوس نامه quot;لمؤلفه عنصر المعالي كيكاووس بن اسكندر بن قابوس، وقد كان للغلمان رتبة دنيا وينظر لهم كعبيد وتوضع الأقراط في آذانهم لتمييزهم عن الآخرين، أما في الغرب فللمثليين كافة حقوق المواطنة وبامكانهم ان يحتلوا أعلى المناصب الادارية و السياسية quot;.
مهدي خرم يكتب في موقع الكتروني عن ضرورة النظر الى المثليين كبشر طبيعيين،يرغبون في اقامة علاقاتهم الجنسية مع الجنس الموافق،ويعتقد ان هذه النظرة لن تسود في المجتمعات الاسلامية مع وجود احكام فقهية تجيز انزال أشد العقوبات بمرتكبي اللواط والسحاق حسب القاموس الفقهي.