إيلاف تقتحم عالم المثليات الشرقيات 1- 2
المثليات من مطرقة الدين لسندان الرغبة

نزار جاف من بون: quot;المعاناة تبدأ من نقطة الرفض التي تتوزع على عدة أبعادquot;دينية و اجتماعية و أخلاقيةquot; وكلها تلتقي في رفض المسألة جملة و تفصيلاquot;هكذا بدأت بالكلام (قطر الندى) المغاربية كما سمت نفسها وهي تشرح لي معاناتها من كونها مثلية و تريد من الاوساط الاجتماعية الشرقيةquot;المقيمة في أوروباquot;الاقرار بوجودهن و بحقوقهن و متعلقات أخرى.

ولم يكن لقاء قطر الندى سهلا و لاحتى أمرا عاديا، وقد استمر الاتصال بيني و بينها عبر البريد الالكتروني أولا و من ثم الهاتف ثانيا بضعة أيام كانت خلالها تريد مني أن أمنحها الثقة و الاطمئنان لكي يتم اللقاء بيننا و

قطر الندى
حدثتني عن خصوصيات و شجونquot;المثليات الشرقياتquot;، خصوصا بعد أن نشرت تحقيقا سابقا بخصوص علاقات الحب بين الشرقيين و الاوروبيات حيث أخبرتني بأنه ليس هناك أي معاناة أو مشكلة أساسا في
وضوع الشرقيين و الغربيات لكن المشكلة و الازمة الكبرى هي في علاقات الحب التي تربط بين الشرقيات أنفسهنquot;على حد تعبيرهاquot;.

وتم اللقاء على أرض محايدة إذ لم يتم في مدينةquot;بونquot; و لا في مدينتهاquot;..quot;، وإنما جرى في مدينة quot;ديسلدورفquot;حيث كان لقائي لأول وهلة بها عند الرصيف رقم خمسة في المحطة الرئيسة لقطارات المدينة. لكن المفاجأة كانت حين وجدتها برفقة فتاة أخرى وتبادر الى ذهني منذ الوهلة الاولى إنها من النمط نفسه ولاسيما أنها كانت متشبثة بذراع قطر الندى بقوة وكانت تضمها إليها في بعض الاحيان.

قطر الندى كانت سمراء مكتنزة الجسد و ذات عيون فيها مسحة جمالية خاصة، في حين كانت زميلتها شقراء ممتشقة القوام لم تكف عن التلاعب بلسانها طوال فترة بقائنا معا. ومنذ البداية سعيت إلى التعامل معها بصورة طبيعية خصوصا وأنها أشارت خلال مكالماتنا التلفونية الى التعامل غير الطبيعي الذي يصدر من الاوساط الاجتماعية حيالهن حينما يعلمون بكونهن مثليات ولاأدري لماذا، لكن كان هناك إحساس يحضرني من إنها تدرك إنني أحاول تقمص حالة هي غير حالتي الاعتيادية، وفي المقابل وجدتها امرأة تتصرف بشكل طبيعي رغم إنها كانت في بعض الاحيان توحي لمقابلها بأنها تشعر بشيء من القلق و الإرتباك. وهنا لابد من أن أشير الى ذلك الاحساس الغريب الذي تملكني وأنا أقترب من محطة قطارات ديسلدورف، إحساس كان يجمع بين التوجس من شيء أو التردد من أمر ما مع الشعور بنشوة السبق الصحافي في موضوع ما، ولاسيما أن الزميل المشرف على التحقيقاتشجعني على اتمام الموضوع لأهميته الصحافية.

الميول المثلية بدأت بعد الزواج
قطر الندى رفضت منذ البداية استخدامي لكلمةquot;سحاقيةquot; وقالت إنها تكره تلك الكلمة و ترفضها تماما وتفضل إستخدام كلمةquot;المثليةquot;عوضا منها.
quot;صدقني لم أكن أميل للنساء قبل الزواج و كانت علاقتي طبيعية جدا، لكنني و بعد الزواج و تحديدا بعد إنجابي للطفل الثاني، شعرت بإنني أحس بحالة من الهيجان و الاثارة كلما رأيت مفاتن امرأة جميلة حتى جاء اليوم الموعود عندما سكنا في عمارة كانت جارتنا (العربية المشرقية) تحمل الميول نفسها لكنها ولاسباب إجتماعية و إعتبارات أخرى كانت تكبتها. وقد بدأت بعدها علاقة حميمة بيني و بينها لم يكتب لها الاستمرارlrm;quot;وقاطعت (قطر الندى) سائلا عن السبب فقالتquot;سبب خاص أرجو أن تعفيني من ذكره، لكنني وبعد فترة تعرفت إلى صديقة جديدة من احد quot;البلدان الشرقيةquot;(لم تحددها عن قصد) وهيquot;ربىquot;(التي ترافقها)، إلتقيتها صدفة في أحد الاماكن العامة وكانت بمثابة البوابة التي أدخلتني لمدينة المثليات فهي كانت على معرفة وطيدة بالعديدات منهن، لكنني عشقتها هي نفسها ولم أهتم للباقيات و لازلت على علاقة قوية بهاquot; وقاطعتها مرة أخرى لأسألها بفضول، وهل كانت ربى تبادلك الحب بالاندفاع نفسه ؟ فأجابتني بابتسامة فيها شيء من المكر و الدلعquot;حبها لي قد يكون أقوى من حبي لها رغم إنني أحبها لدرجة فظيعة غير إنني حين أنقطع عنها لفترات قد تطول بعض الاحيان لأسباب عدة، تكلمني في الهاتف و تبكي كالثكلى و حتى إنها أقسمت في إحدى المرات ان لم أذهب إليها فورا فسوف تنتحر و هرعت إليها فقد كانت تفعلها المجنونةquot;.(ربى كانت تستمع الى هذه الكلمات وهي تبتسم إبتسامة عريضة) وسألتها، بعد أن عشقت هذه، هل كنت مستمرة في الاهتمام بالنساء الآخريات؟ فضحكت وقالتquot;من جانب نعم و من جانب آخر لاquot; فسألت هل لك بتوضيح الجانبين فأردفت قائلةquot;من جانب روحي و معنوي فإنني أشعر معها بالطمأنينة، لكنني من جانب جسدي أشعر مرات بإنني بحاجة لأمرأة أخرى بمواصفات خاصةquot;)هنا لمحت تجهما عارضا في وجه ربى لكنه لم يستمر طويلا).

ووجدت نفسي أصفعها بأسئلة شعرت بانقباضها منها من خلال إجاباتها وكان السؤال الاول من هذا النوع

ربى
هو عن تصورها لنظرة الدين لحالتها فقالت بامتعاض واضحquot;أنا لاأظن أن الانسان أي إنسان بمقدوره أن يحدد مسار شخصيته و محتواها من اللحظة الاولى، الامر يخضع لأمور هناك العديد منها خارج سيطرة ذات الانسان، وحالتي كمثلية تصب في هذا السياقquot;غير انها أردفت مستطردةquot;لكنني لاأعتقد أن الرحمة الالهية مثل القسوة الاجتماعية للإنسان، برأيي ان الانسان يقوم بتحوير النصوص الدينية تبعا لمصلحتهquot; وقاطعتها لأقول لها إن الاديان تكاد جميعها تتفق على نظرة واحدة وهي الرفض لحالتهن، فقالت معقبةquot;لو حاولنا أن نطبق التعاليم الدينية على الواقع، صدقني لن يكون هناك من لا يطاله الامر وقد نكون نحن المثليات في أسفل القائمةquot;وقاطعتها مرة ثانية، هاتفا إذن انت تقرين بالخطيئة؟ فباغتتني من دون توقف و هي تتكلم بشيء من الغضبquot;الخطيئة في كل مكان، كلامك معي بحد ذاته خطيئة، السياسة و الفن و التجارة و قضايا أخرى كثيرة كلها تسبح في الخطيئةquot;. ومن دون أن أسمح لها بالتقاط أنفاسها سألتها، هل تعتبرين نفسك سوية من الناحية الاجتماعية؟ فقالت مغتاظةquot;ولماذا لا أعتبر نفسي سوية؟ بحق من قد أجرمت؟quot;فقلت لها إنها من الناحية الاجتماعية تعتبر غير سوية كما إنها من الناحية النفسية أيضا تعتبر بحكم المريضة فقالت بحنق و ازدراء واضحينquot;سوف لا أتحدث عن الوطن العربي و حتى الشرق كله وإنما سوف أتكلم بصورة عامة جدا، قل لي هل هناك إنسان في العالم كله ليس مريضا من الناحية النفسية؟ وليس بالضرورة أن يتفق المجتمع دائما على كل ماهو صحيح فهناك الكثير من نقاط الضعف و الخلل في بنائنا الاجتماعيquot;.

طيب سوف لن أعترض على كلامك، لكن اسمحي بسؤال واحد ولكن بإجابة قاطعة من دون لف أو دوران، إذا وجدت نفسك سوية هل ستسمحين لبناتك أن يصبحن مثليات في المستقبل خصوصا إذا كان بإمكانك أن تحولي دون ذلك؟ فقالت وهي تتلعثمquot;الحقيقة، لاأدري، لكنني سأساعدها جهد إمكانيquot; تساعدينها في ماذا؟ في سيرها قدما كمثلية أم في مساعدتها للإبتعاد عن ذلك؟ فقالتquot;هي حرة الامر في يديهاquot; ولكن ما دورك كأم قالت وهي تحاول أن تغلق الموضوع من أساسهquot;إسأل الدين و المجتمع و ضميرك عن ذلك ما ذنبي و ما ذنب ميولي!!quot;

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاثنين 23 نيسان 2007