شاهد أمام عينيه مقتل أمه واغتصاب أخته
جوزيف... قصة لاجئ سوداني حرم من حق الحياة!

زيد بنيامين من دبي: كان عمر جوزيف، أحد أفراد قبيلة (دنكا) المسيحية، 12 عامًا حينما شاهد أمام عينيه مقتل أمه واغتصاب أخته، ومن ثم قتلها أمامه أيضًا، وذلك من قبل ميليشيا تابعة لحكومة السودان المركزية، بعد أن هاجمت قريته في جنوب البلاد، هو نفسه جرى أسره وبيعه كعبد لأحد رجال الأعمال السودانيين في غرب البلاد كجزء من سياسة العبودية التي شجعتها حكومة السودان من أجل إضعاف حركة التحرير السودانية، حيث جرى الإعتداء عليه بالضرب بمناسبة ودونها.

وإمعانًا في الإذلال جرى إلباسه ملابس رثة تشير إلى أنه من العبيد، وحاول رجل الاعمال الذي اشتراه إجباره على تغيير دينه إلى الاسلام وبعد فترة تم شراء جوزيف من قبل منظمة لتحرير العبيد ونقلته الى العاصمة السودانية الخرطوم، ثم ألقت السلطات الامنية السودانية القبض عليه بتهمة تشجيع العامة على اعتناق المسيحية.

لم يكن امام جوزيف سوى الهروب الى العاصمة المصرية (القاهرة) وايجاد العمل هناك، لكن هروبه لم ينجح إذ تم القاء القبض عليه مرتين وأعيد إلى السودان، وكجزء من التعذيب على فعلته هذه جرى ازالة بصمة جميع اصابعه في أيلول/سبتمبر 2005 كما تم حرق يديه ومؤخرته، إضافة الى تهديده بالموت من قبل متطوعين مصريين يعملون تحت إمرة قوات الأمن السودانية.

جوزيف كان سعيدًا حينما عبر الحدود المصرية الاسرائيلية الصيف الماضي... لأن هذا كان يعني شيئًا واحدًا... الحرية

كان جوزيف أخيرًا في يدي الشرطة (الاسرائيلية) التي عاملته بلطف وأجرت له الفحوصات الطبية اللازمة قبل نقله الى سجن اللاجئين في الصحراء القريبة من الحدود المصرية، ولكنه في الوقت نفسهيخشى ان تتم اعادته إلى مصر مرة اخرى، جوزيف هو الوحيد الذي اعطى اسمه الحقيقي لصحيفة الاندبيدينت البريطانية التي اجرت لقاءً معه، ولكن تم تغيير الاسم من قبل الصحيفة في التحقيق الذي نشرته الاربعاء الماضي، وعلى الرغم من كل ما مر به، فهو يطمع في ان تمنحه الامم المتحدة حق اللجوء والحياة من جديد.

جوزيف يعرف المصير الذي ينتظره في مصر والسودان إذا غادر اسرائيل كما تقتضي اوامر حكومة ايهود اولمرت quot;اذا اعادوني الى مصر فأنا سأموت، إنهم يبحثون عنيquot;.

جوزيف هو واحد من 1400 سوداني هربوا من المحرقة السودانية لمسيحيي البلاد حيث يعتقد أن السودان تعيش اكبر محرقة بشرية سيسجلها العالم في أوراق تاريخ القرن الحادي والعشرين، خمسون افريقيًا اعيدوا الى مصر السبت في 18 آب (أغسطس) وغالبيتهم كما تقول صحيفة (ها ارتس) الاسرائيلية قادمون من دارفور!، وقرار الحكومة الاسرائيلية بطرد اللاجئيين السودانيين يحظى بمعارضة الجمعيات الانسانية الاسرائيلية التي تقول quot;ان المهاجرين الافريقيين يطلبون اللجوء دون ان يتبعوا الاساليب الدولية المعتمدة لتحديد اذا ما كانوا لاجئين حقًاquot;.

مصر بدورها تقول إن سلامة اللاجئين هي أمر في قمة الاهمية كونه يأتي بتوجيه من الرئيس المصري حسني مبارك ولكن هذه الاقوال تم دحضها حينما قام التلفزيون الاسرائيلي ببث شريط يظهر قيام القوات المصرية بقتل اربعة سودانيين عبر اطلاق الرصاص عليهم بعد ان حاولوا تخطي الحدود المصرية الاسرائيلية للوصول الى اسرائيل الشهر الماضي. ويظهر جوزيف هاربًا من بطش القوات المصرية في احد مشاهد ذلك الفيلم.

السلطات الاسرائيلية تقول انها ستعيد كل اللاجئين الافارقة ومن بينهم القادمين من دارفور والذي يعبرون الحدود بصورة غير شرعية مهما كانت الاسباب ومعنى هذا ان 500 شخص من بين الـ 1400 شخص سيعودون الى وطنهم.

يقول جوزيف ان الميليشيات التابعة للحكومة السودانية ما زالت تمارس القتل بحرية في جنوب السودان،على الرغم من اتفاق السلام الذي وقع بين الحكومة وممثلي المعارضة ويضيف quot;الكل يتحدث عن دارفور وليس ما يحدث في جنوب السودان، ولكننا كنا من اوائل الضحايا في هذه الحرب بين المسلمين والمسيحين، انهم يسمونها الحرب المقدسة ويقولون انهم سيذهبون الى الجنة لو قتلونا!quot;.

اسرائيل لا تريد الاعتراف بأن خطوتها القاضية برفض اللاجئين مرده الى عدم رغبة الدول الغربية ايوائهم بينما يرى يهودا باور الاستاذ الجامعي والباحث في شؤون المحرقة اليهودية ان على اسرائيل التزامًا اخلاقيًا تجاه اللاجئين السودانيين ويتفق على وجود محرقة اسلامية لمسيحي الجنوب في جنوب السودان. ويضيف quot;رقم اللاجئين لدينا ليس كبيرا، انه يصل الى 100 الف مهاجر غير شرعي من دول مختلفة منها تايلاند ورومانيا يبحثون عن مستقبل في تل ابيب وهذا يذكرنا بأيام رفض اللجوء اليهودي، وخصوصًا سكان الناصرة الى البلدان الاوروبية ومنهم بريطانيا، اننا ننتحر لاننا نتبع أساليب الرفض نفسها التي مورست ضدنا من قبل في الماضيquot;.

في خيتزوت تم فصل 120 طفلاً وامراة عن الرجال وتم توسيع السجون مع رعاية صحية فائقة حيث يمكن للسودانيين الاسترخاء والابتعاد عن اثار حياتهم السابقة في بلدهم السودان ويحاولون ايجاد العمل ايضًا في تعليم اللاجئين الآخرين والاطفال ايضًا ولكن يظل السجن سجنًا في النهاية، تقول اغنيس سامبسون وهي سودانية تبلغ من العمر 20 عامًا quot;لقد احببت اسرائيل... ولكن ليس هذا المكان!quot;

متحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية تحدث الى الصحيفة البريطانية قائلاً إن ما يلقاه اللاجئون الافارقة وخاصة من دارفور من عناية هو نابع من تجربة اللجوء الاسرائيلية فلذلك فإن اسرائيل تسعى الى تقليل الالم ويدافع المتحدث في المقابل عن قرار اسرائيل ارجاع الاسرى الى وطنهم بالقول quot;اسرائيل بلد صغير وقد دعونا البلدان الاخرى لتحمل المشكلة معنا ولدينا كل الاستعداد للعمل عالميًا من اجل ايجاد حل لهذه المشكلةquot;.