المنافسة على أوجها لتنظيم دورة 2010
البريطانيون يحدوهم الأملُ في اقتناص الأولمبياد

سلطان القحطاني من الرياض: على طاولة مسطّحة بنية اللون، يبسط المتحدث باسم السفارة البريطانية في الرياض باري بيتش خريطة ملوّنة لبلاده ،التي يحدوها الأمل في اقتناص تنظيم الأولمبياد العالمي المقبل،بينما أنامله تنساب بحنو على الأقاليم المتناثرة على مساحة الخريطة.

ويقول لـ"إيلاف" بعربية متقنة :" إن شاء الله لندن ستفوز ... ستفوز"،في إشارة إلى بدء السباق بين المدن المرشحة لإستضافة الألعاب الأولمبية لعام2012،مع بلوغ المنافسة أوجها مابين لندن وباريس ومدريد ونيويورك.

وتحتاج أي مدينة للفوز نحو 51 في المئة من حجم الأصوات،أي أن لندن تحتاج إلى أكثر من 100 صوت ليتسنّى لها الفوز في تنظيم الأولمبياد،وذلك من أصل 200 عضو،يمثل الصوت السعودي فيها الأمير نواف بن فيصل بن عبدالعزيز.

ويتكئ باري بيتش على جزء من الطاولة وعيناه تجولان في أروقة المكان، بينما هو يداعب ربطة عنقه الزاهية : " سنقوم بإستثمار الأماكن التاريخية التي لدينا...سيكون لدينا ملعباً محدّثاً لكرة القدم في ويمبلي..هناك منشآت رياضية جديدة".

وفي الإعلان الترويجي للندن المدينة المنافسة لتنظيم الأولمبياد تظهر فتاة تمارس رياضة الجري من خلال أماكن بارزة من لندن ، وتتساقط من تحت قدميها أوراق من شجيرات الهايد بارك ، كما تم حشد العديد من الشخصيات البريطانية الشهيرة في الإعلان.

وبدت إبتسامة كيفن ليفنغستون عمدة مدينة لندن نابعة من القلب وهو يظهر في الإعلان التروجي على ظهر باص عام للنقل،على أرض المدينة التي إحتضنت الأولمبياد قبل نصف قرن .

وتم رصد أكثر من 150 مليون جنيه استرليني لتحسين أوضاع البنية التحتية في لندن إستعداداً للاولمبياد ، بعد أن أنهت نحو 60 في المئة منها لإقامة الألعاب المختلفة .

وقال رئيس حملة طلب لندن لإستضافة الألعاب الأولمبية أن هناك إلتزاماً حقيقياً بهذا الطلب في سائر أنحاء بريطانيا وان الزخم يتصاعد في الشهر الأخير من الحملة ،مضيفاً أن العمل جار لتقديم طلب فني كامل يتمتع بالتمويل المادي الازم والتصريح للتخطيط وتقديم الضمانات لإقامة ألعاب الأولمبياد .

وأكد ايضاً " على ضرورة إبراز هذا الإلتزام لهيئة التقييم وللمجتمع الرياضي في العالم وضرورة تحويل ذلك إلى حقيقة من خلال تطوير ثلاثة مواقع رئيسية وملاعب للإلعاب المالية ومرافق لإلعاب الهوكي التي يجري العمل فيها أو غيرها.

نبذة عن تاريخ الدورات الأولمبية الحديثة من دورة أثينا عام 1896 وحتى مكسيكو عام 1968:


أثينا 1896:


بداية هادئة لدورة الألعاب الأولمبية عوضت تعب القلة من كبار الرياضيين الذين سافروا إلى أثينا بالسفن أو القطارات أو سيرًا على الأقدام.

241 متنافسًا فقط، جميعهم من الرجال من 14 دولة، توافدوا على الدورة لخوض منافسات الجمباز وسباقات الدراجات والتنس على الملاعب العشبية والمبارزة والرماية وألعاب القوى.

ولم تعن هذه المنافسات شيئـًا يذكر بالنسبة لليونانيين، الذين لم يهتموا إلا ببطولة واحدة فقط، وهي الماراثون. وسمي الماراثون باسم قرية في أتيكا على بعد نحو 40 كيلومترًا شمال شرقي أثينا، حيث هزم الاثينيون الفرس عام 490 قبل الميلاد.

وتقول الأساطير إن رسولاً يونانيًا نقل الخبر من السهول القريبة من قرية ماراثون إلى أثينا ثم سقط ميتـًا على الفور لإرهاقه الشديد. وشارك 17 متنافسًا بينهم 15 يونانيًا في ماراثون في السباق التقليدي للمسافات الطويلة.

وتقدم الفرنسي ألبان ليرموزيو السباق بمسافة كبيرة في البداية، إلا أنه انهار بعد 32 كيلومترًا ليسمح لسبيريدون لويس من بلدة أماروسيون اليونانية بانتزاع المقدمة. ودخل لويس إلى الاستاد الأولمبي وسط استقبال حافل، وترك أميران يونانيان مقعديهما ليركضا جنبًا إلى جنب مع البطل الجديد في طريقه الشاق نحو خط النهاية.

على الجانب الآخر استهل الأمريكي، توماس بيرك، أكثر من عقد من الهيمنة الأمريكية على سباقات العدو حيث فاز بسباق 100 متر. أما الأمريكي الأخر، جيمس كونولي، ففاز بسباق الوثب الثلاثي ليصبح أول أبطال هذه الرياضة منذ دورة الألعاب الأولمبية القديمة.

وكان الفائزون يحصلون على ميداليات فضية فضلاً عن أغصان زيتون. وأشيد بالدورة الأولمبية التي خلت من مراسم الاحتفال الرسمية باعتبار أنها حققت نجاحًا كبيرًا، ولا شك في أن هذا النجاح أدخل السرور على قلب مؤسسها البارون الفرنسي، بيير دو كوبرتان.

باريس 1900:


جرت دورة الألعاب الأولمبية في باريس على هامش المعرض الدولي الذي استمر خمسة أشهر واتسمت بالفوضى والقصور والخلافات، بل إن بعض الرياضيين لم يكونوا يعرفون أنهم يتنافسون في دورة للألعاب الأولمبية.

بلغ طول المضمار 500 متر وكان بيضاوي الشكل من العشب المموج في بري كاتالان، وجرى سباق الماراثون في الشوارع المتعرجة في المدينة، أما منافسات السباحة فجرت في مياه نهر السين المعتمة. ومع سباحة المتبارين في اتجاه مجرى النهر حطم الرقم القياسي لسباق 200 متر حرة للرجال بفارق 13 ثانية.

وفي سباق الماراثون استغل عامل تسليم البضائع، الباريسي ميشيل تياتو، معرفته بشوارع المدينة، وسلك عددًا من الطرق المختصرة وفقـًا لما ذكره بعض منافسيه الغاضبين ليفوز على لويس ويصبح بطلاً أولمبيًا. وفاز راي يوري، الذي أصيب بشلل الأطفال في طفولته، بثلاث ميداليات ذهبية في رياضة الوثب من الثبات من جملة عشر ميداليات أولمبية ذهبية فاز بها.

سان لويس 1904:


وإذا كانت الدورة التي جرت في باريس سيئة، فإن الدورة التي تلتها كانت أسوأ. فقد جرت مجددًا على هامش حدث آخر كان هذه المرة المعرض العالمي الذي أقيم في الذكرى المئوية لشراء ولاية لويزيانا من فرنسا. ولم تشارك معظم الدول الأوروبية أو كوبرتان نفسه في الدورة التي لا عجب أن هيمن عليها الامريكيون واستمرت لاربعة أشهر ونصف الشهر!

وفاز آرتشي هان الملقب "نيزك ميلووكي"، بذهبية سباقات 60 و100 و200 متر عدوًا، بينما أحرز لاعب الجمباز، جورج ايسر، ست ميداليات رغم أن ساقه اليسرى كانت خشبية. ومرة أخرى ثار جدل حول الماراثون، إذ فاز توماس هيكس بذهبيته حين اتضح أن زميله في الفريق الأمريكي، فريد لورز، قطع معظم المسافة في سيارة.

لندن 1908 :


عقب دورة أولمبية غير رسمية في اثينا عام 1906 كان من أسباب إقامتها استرضاء اليونانيين الذين شعروا بأنهم لا بد أن يستضيفوا كل الدورات الأولمبية، حصلت روما على شرف استضافة دورة عام 1908. لكن استضافة الدورة انتقلت إلى لندن بعد ثورة بركان فيزوف عام 1906، الذي عرض إيطاليا لمشكلات أكثر إلحاحـًا.

مرة أخرى يشكل الماراثون أهم الأمور محور النقاش. فالمسافة الحالية البالغة 42.195 كيلومتر حددت حين قرر المنظمون مسارًا للسباق من قلعة ويندسور إلى المقصورة الملكية في الاستاد الأولمبي.

وفي يوم شديد الحرارة، وهو أمر نادر الحدوث، تبين أن المسافة أطول مما ينبغي بالنسبة للإيطالي دوراندو بيتري، الذي تلقى مساعدة غير مشروعة ليعبر خط النهاية بعد أن كان أول من وصل إلى الاستاد لكنه كان فاقد الوعي فأخذ يتخبط في المضمار سائرًا في الاتجاه المعاكس!

وحصل الأمريكي، جون هايز، على الميدالية الذهبية ليجد الفريق الأمريكي في هذا عزاء بعد أن ثار غضبه حين لم يرفع البريطانيون العلم الأمريكي إلى جانب أعلام الدول الأخرى في الاستاد.

وتفجر خلاف أسوأ في نهائي سباق 400 متر عدوًا، حين اقتنع الحكام أن واحدًا من جملة ثلاثة أمريكيين عرقل العداء البريطاني الوحيد، ويندام هالسويل، فأوقفوا السباق صائحين "خطأ" ليقطعوا الشريط الموجود عند خط النهاية مبكرًا. وخرج من اعتقد أنه المعتدي من السباق، وبعد أن رفض زميلاه في الفريق الركض في إعادة للسباق، ركض هالسويل بمفرده ليفوز بالذهبية!

ستوكهولم 1912:

قد يكون هناك جدل حول ما إذا كان جيم ثورب أعظم رياضيي القرن العشرين. لكن المؤكد أنه كان الأسوأ حظا. ففي بطولة منظمة بشكل يدعو إلى الإعجاب، بدأ فيها استخدام الساعات الإلكترونية فاز الأمريكي صاحب الموهبة الكبيرة بسباقي الخماسي والعشاري، كما حظي بإعجاب الملك جوستاف ملك السويد، الذي قدم له تمثالاً لنفسه وكأسًا فضية على هيئة سفينة للفايكينج، معلقـًا "سيدي .. إنك أفضل رياضي في العالم". ووفقـا لتقارير معاصرة أجاب ثورب قائلا "أشكرك أيها الملك".

بعد مرور ستة أشهر على فوزه، ذكرت إحدى الصحف أنه انتهك وضعه كهاو بمشاركته في بطولة للبيسبول أقيمت في نورث كارولينا لأشباه المحترفين عامي 1909 و1910. وكان العقاب قاسيًا. فقد محيت الأرقام التي حققها ثورب من سجلات الرياضة، وسحبت منه ميدالياته الذهبية، ومات بشكل مزر بعد أن أدمن الكحوليات في حديقة بكاليفورنيا.

والرياضي العظيم الآخر في ستوكهولم كان هانس كولمينين، أول "الفنلنديين الطائرين" الذي فاز بسباقي خمسة آلاف وعشرة آلاف متر واختراق الضاحية.

أنتويرب 1920:

لم تكن مدينة أنتويرب الساحلية ثاني أكبر مدن بلجيكا في حال تسمح لها بإقامة دورة أولمبية، بعد الخراب الذي حل بها في الحرب العالمية الأولى.

سافر الأمريكيون في سفينة شحن صدئة قديمة، وأقام المتبارون في مباني المدارس، وبسبب الأمطار المستمرة لم يكن المضمار مرضيًا بوجه عام. وبالرغم من كل هذه المشكلات شارك في هذه الدورة بعض أعظم الرياضيين، وشهدت أداءً رائعـًا من جانبهم، وفاز كولمينين بالماراثون، غير أن فنلنديـًا آخر هو بافو نورمي، هو الذي لقي الاستحسان.

فقد خسر نورمي سباق عشرة آلاف متر، لكنه فاز بسباق اختراق الضاحية ليحصل على ثاني ميدالية ذهبية بصفته عضوًا في الفريق الفنلدي الفائز. وكانت الفرنسية سوزان لينجلين المتمردة على التقاليد محط الأنظار، إذ لم تخسر سوى تسعة أشواط وفازت بلقب بطولة السيدات للتنس.

باريس 1924:
كانت باريس مركز العالم المتحضر في العشرينات، وكانت مأوى مؤقت لكل من الروائي الأمريكي آرنست همنجواي، والروائي الايرلندي، جيمس جويس، والرسام والنحات الإسباني، بابلو بيكاسو. وبالرغم من موجة حارة كان يمكن أن تتسبب في الا تكون باريس أفضل مكان تقام به دورة الألعاب الأولمبية آنذاك، إلا أن الألعاب كانت ناجحة.

ورغم أن منافسات 1500 متر وخمسة آلاف متر عدوا أقيمتا بفارق 55 دقيقة فقط عن بعضهما، إلا أن الفنلندي بافو نورمي فاز بالسباقين. وفي اليوم التالي وصلت درجة الحرارة إلى 35 درجة مئوية ولكنه فاز بذهبيتين في منافسات الفردي ومنافسات الفرق في اختراق الضاحية. وحصل على ذهبية خامسة في منافسات ثلاثة آلاف متر للفرق. أما البريطاني هارولد أبراهامز، أصبح أول أوروبي يفوز بذهبية منافسات 100 متر عدوًا. وحصل السباح جوي فايسمولر على أول ثلاث ذهبيات له.

أمستردام 1928:

عاد الفنلنديون بقوة، فقد فازت فنلندا بكل منافسات ألعاب القوى من منافسات 1500 متر إلى ما هو فوق ذلك للرجال، وحصل نورمي على آخر ميدالياته الذهبية التسع في منافسات عشرة آلاف متر. وجاء نورمي في المركز الثاني في منافسات خمسة آلاف متر للفرق.

وشهدت الألعاب الأولمبية لأول مرة مشاركة اللاعبات في ألعاب القوى والجمباز. وبعد انهيار العديد من اللاعبات بنهاية منافسات 800 متر، حظر المسؤولون الذين كانوا يعارضون مشاركة النساء في المنافسات، أساسًا كل بطولات السيدات في دورات الألعاب الاولمبية لمنافسات فوق 200 متر لمدة 32 عامًا مقبلة.

وفي إشارة على أن الألعاب أصبحت دولية بحق، فازت الهند بأول ميدالية ذهبية لها من ست ذهبيات تحصل عليها في منافسات الهوكي، وحصلت المجر على الذهبية الأولى من سبع ذهبيات حصلت عليها على التوالي في منافسات السيف للفرق.

لوس أنجليس 1932:

في تحد للكساد الذي دفع ربع الأمريكيين للبقاء دون عمل، نظمت لوس انجليس دورة ألعاب ناجحة شهدت حضورًا لنجوم هوليوود، فقد حرص الممثلون ويل روجيرز وجاري كوبر وكلارك جيبل على حضور المنافسات.

ولأول مرة يقيم الرياضيون في قرية أولمبية، وإن يكن هذا للرجال فقط تحت حراسة رعاة بقر يمتطون الجياد ويدورون حول سور القرية لحمايتها. وتألقت الأمريكية الناشئة، بيب ديدريكسون، في الألعاب، إذ وصلت للدور النهائي في كل منافسات السيدات الخمس التي كانت تنظم آنذاك، بألعاب القوى ولكن سمح لها بالمشاركة في ثلاث منافسات فقط. وفازت بيب بسباق الحواجز مسجلة رقمًا قياسيًا عالميًا، وجاءت في المركز الثاني في منافسات الوثب العالي وفازت بمنافسات رمي الرمح.

برلين 1936:

أثبت جيسي أوينز، وهو حفيد عبد أمريكي، عدم صحة آراء الزعيم النازي الألماني، أدولف هتلر، بتفوق الجنس الآري، إذ فاز بذهبيات منافسات 100 متر و200 متر عدوًا والوثب الطويل، ومنافسات أربعة في 100 متر تتابع.

وشهدت ألعاب برلين ظهور العديد من العناصر التي تعد من السمات التقليدية للألعاب حاليًا، إذ لأول مرة تنظم جولة لشعلة الأولمبياد، والتي بدأت من أولمبيا باليونان، كما عرضت المنافسات لأول مرة على شاشات تلفزيونية كبيرة أقيمت في شوارع المدينة. واستعد الفريق الألماني للألعاب بقوة، فقد كان ينظر النازيون للمنافسات على أنها جزء من ميدان المعركة.

وفي دورة ألعاب تسللت إليها السياسة فاز الكوري كي تشونج سون بسباق الماراثون. وكانت بلاده محتلة آنذاك من اليابان، واضطر إلى المنافسة لصالح قوة الاحتلال تحت اسم كيتي سون. أما الأمريكية ماجوري جسترينج، البالغة من العمر 13 عامًا، ففازت بذهبية الغطس لتصبح أصغر لاعبة تفوز بميدالية حتى يومنا هذا.

لندن 1948:

إستعد استاد ويمبلي لاستضافة دورة ألعاب أولمبية شعارها التقشف، فقد كانت العديد من الأجزاء في المدينة قد تحولت إلى حطام من جراء القصف الألماني.

وكانت فاني بلانكرز كوين، قد شاركت في أولمبياد برلين مع الفريق الهولندي المشارك. وفي عام 1948 كانت في الثلاثين من عمرها وأم، ولكنها تمكنت من التدريب بانتظام تحت الاحتلال الألماني وسافرت إلى لندن كحاملة سبعة أرقام قياسية عالمية. وفي لندن، فازت فاني بذهبيات 100 متر وقفز الحواجز و200 متر وأربعة في مئة متر تتابع، وكان يمكن أن تفوز بمنافسات الوثب الطويل لو لم ينصحها زوجها بالانسحاب.


أما عازفة البيانو الفرنسية، ميشيل أوسترمير، فحققت مفاجأة أخرى في منافسات ألعاب القوى للسيدات بالفوز بذهبيتي رمي القرص ودفع الجلة، وببرونزية الوثب العالي. وفازت الأمريكية، بوب ماثياس، البالغة من العمر 17 عامًا، بمنافسات العشاري.


هلسنكي 1952:


ظهر الاتحاد السوفيتي لأول مرة في الألعاب الأولمبية، وأقام قرية أولمبية يحيط بها حرس مسلح وأسلاك شائكة.


وتدرب التشيكي إميل زاتوبيك بجد وقوة، وعانى منافسوه إذ حقق الفوز في منافسات خمسة آلاف وعشرة آلاف والماراثون. وبدأت أستراليا عقدًا من النجاحات الرياضية.

ملبورن 1956 :


وصل وفد الاتحاد السوفيتي بكامل قوته للمشاركة في أول دورة أولمبية تجرى جنوبي خط الاستواء، باستثناء بطولات الفروسية التي أقيمت في ستوكهولم بسبب قواعد الحجر الصحي الصارمة المطبقة في أستراليا.


وحقق العداء، فلاديمير كوتس، وهو بحار من أوكرانيا، انتصارين دون شفقة في سباقي خمسة آلاف وعشرة آلاف متر، ليحرز اثنتين من 37 ميدالية ذهبية حصل عليها الاتحاد السوفيتي، الذي حصد 98 ميدالية مقابل 74 للولايات المتحدة.


أما حوض السباحة، فشهد إحدى معارك الحرب الباردة كامتداد لإراقة الدماء في بودابست حين أخمدت الدبابات السوفيتية ثورة مجرية لم تستمر طويلاً. وامتزجت الدماء بمياه حوض السباحة خلال مباراة بالدور قبل النهائي لبطولة كرة الماء، جرت بين المجر والاتحاد السوفيتي، إذ تبادل اللاعبون اللكمات فوق سطح المياه والركلات أسفله. وفي نهاية المطاف فازت المجر 4-0 ومضت قدمًا لتنتزع الميدالية الذهبية.


وتألقت أستراليا في سباقات السباحة لتفوز بثماني ميداليات ذهبية وأربع فضية وميداليتين برونزيتين، فيما جمعت بيتي كوثبرت التي كانت تبلغ من العمر حينذاك 18 عامًا بين سباقي 100 و200 متر عدوًا للدولة المضيفة.


روما 1960:


نظمت المدينة الخالدة دورة أولمبية أنيقة وسط الخلفية الكلاسيكية لروما القديمة. وفازت العداءة الأمريكية، ويلما رودولف، بثلاث ميداليات ذهبيات، وسجل الأسترالي هيرب إليوت رقمًا قياسيًا عالميًا في سباق 1500 متر، ليفوز بفارق قياسي بلغ 2.8 ثانية.

وركض أبيبي بيكيلا حافي القدمين ليفوز بالماراثون، ويصبح أول الأبطال الأثيوبيين في الدورات الأولمبية، وفاز الأمريكي ريفر جونسون بمنافسات العشاري، متقدمًا على التايواني تشوان كوانج يانج. وأحرز بول ألفستروم رابع ميدالية ذهبية على التوالي في المراكب الشراعية، وأحرز ولي العهد اليوناني، الأمير قنسطنطين، سباق يخوت.

وفاز فتى أمريكي، يدعى كاسيوس كلاي، بوزن خفيف الثقيل في الملاكمة، وانطلق ليحقق شهرة واسعة بعد ذلك تحت اسم محمد علي بعد اعتناقه الإسلام. وفي ختام هذه الدورة التي لا تنسى، تباهى الاتحاد السوفيتي بتفوق نظامه بعد أن حصد 103 ميداليات مقابل 71 ميدالية فازت بها الولايات المتحدة.


طوكيو 1964:


أنفقت اليابان ثلاثة مليارات من الدولارات، وهو ستة أمثال ما أنفقته أي دولة مضيفة أخرى سبقتها لاستضافة هذا الحدث، في أول دورة أولمبية تقام في آسيا التي نجحت بتفوق في تحقيق هدف طوكيو الأساسي بتجديد المدينة التي ألحقت الحرب بها الخراب. وحققت السباحة الأسترالية، دون فريزر، ثالث ذهبية على التوالي لسباق 100 متر حرة.

وأصبح الأمريكي، دون شولاندر، أول سباح يفوز بأربع ميداليات ذهبية، وحصلت لاعبة الجمباز السوفيتية لاريسا لاتينينا، على ذهبيتين وفضيتين وبرونزيتين ليبلغ حصاد حياتها الرياضية 18 ميدالية. وكان العداء الأمريكي، بوب هيز، رائعـًا في نهائي 100 متر للرجال ليعادل الرقم العالمي البالغ عشر ثوان.

وفاز النيوزيلاندي، بيتر سنيل، بسباقي 800 و1500 متر عدوًا، أما بيلي ميلز وهو أمريكي ترجع أصوله إلى الهنود الحمر، فظهر فجأة ليفوز بسباق عشرة آلاف متر عدوًا متقدمًا على الأسترالي رون كلارك صاحب الرقم العالمي لهذا السباق.

مكسيكو سيتي 1968:

في العام الذي شهد ثورة الطلاب تدخلت السياسة في الدورة الأولمبية تدخلاً مباشرًا، فقد أحنى تومي سميث الفائز بسباق 200 متر عدوًا وجون كارلوس، الحاصل على المركز الثالث، رأسيهما ورفعا قبضتيهما وقد ارتديا فيها قفازات سوداء في تحية "للقوة السوداء" أثناء عزف النشيد الوطني الأمريكي ورفع علم الولايات المتحدة. وطردا من القرية الأولمبية وأعيدا إلى بلادهما، فيما اعتبر حتى في ذلك الوقت رد فعل مبالغ فيه من قبل اللجنة الأولمبية الدولية.

وفاز الأمريكي، جيم هاينز، بسباق 100 متر، بينما أحرز لي إيفانز سباق 400 متر، وفاز البريطاني ديفيد هيمري بسباق 400 متر حواجز. وحقق بوب بيمون 8.90 متر في الوثب الطويل وهي الوثبة التي تجاوزت قدرة القياس داخل الملعب، وأكد المسؤولون هذا الرقم الذي لم يستطع أحد تحطيمه لمدة 23 عامًا، وقاسوا طول الوثبة باستخدام شريط قياس يستخدمه العاملون في مجال مساحة المباني.

وفاز آل أويرتر برابع لقب له على التوالي في رمي القرص، أما ديك فوسبيري فاستعرض تقنيته الجديدة التي مثلت تغييرًا جذريًا في القفز بالزانة ليتجاوز الحاجز بقفزة بظهره، وهو الأسلوب الذي سرعان ما أصبح قاعدة