-1-

صباح الخير يا فلّوجة

صباح الخير يا مقبرة الارهابيين

صباح الخير يا عدّامة المقاولين المرتزقة

صباح الحرية والآمان
صباح الخير والنماء
صباح الحب والرخاء
عندما انفلج صباح الحرية في الفلّوجة أمس، وتحررت الفلّوجة من حكم طالبان العراقي كما تحررت بالأمس كابول من حكم طالبان الأفغاني وهو حكم القرون الوسطى، لم نكن نتصور أبداً أن حكم طالبان العراقي يريد للفلّوجة الحمامة البيضاء أن تصبح "كابول القرون الوسطى" التي كانت تحت حكم طالبان الظلامي.
لم نكن نتصور أن المرأة والحياة الاجتماعية في الفلّوجة قد تحولت إلى جحيم أشبه بجحيم القرون الوسطى التي كانت تحكمها طالبان والقاعدة من ورائها في السنوات الأخيرة.
عندما كنا نقول للناس بأن فلول البعث وفلول صدام وفلول القاعدة وكل مرتزقة "المقاولة العراقية" قد جاءوا إلى (العراق)، ليس لتحرير (العراق)، من
الجيوش الأجنبية وليس لاعادة صدام إلى سدة الحكم ولكن لحكم (العراق)، حكماً طالبانياً قاعدياً مارقاً كما كانت تُحكم كابول الطالبانية قبل 2001 سخر منا الأصوليون الإسلامويون والقمجيون الفاشست، ورمونا بشتى التهم السفيهة، وهددونا بالويل والثبور وعظائم الأمور.

-2-

واليوم ومع بزوغ أول خيوط فجر الحرية في الفلّوجة المحررة من حكم القرون الوسطى تنقل لنا وكالة الأنباء الفرنسية صورة الظلام القروسطي الذي كان مخيماً على الفلّوجة الحمامة البيضاء التي اعتقها لوجه الحرية اليوم الجيش العراقي الباسل والحرس الوطني العراقي بمساعدة قوات التحالف بالعراق.

الصور البشعة والفظيعة لحكم طالبان الزرقاوي في الفلّوجة الحمامة البيضاء خلال الثمانية أشهر الماضية لم تأتِ بها وكالة أنباء أمريكية معادية، ولا وكالة أنباء بريطانية حاقدة، وليست وكالة أنباء ضد النظام المقبور السابق. ولكن الصور التي سوف نقدمها للقاريء العربي الآن علّه يستفيق من النوم العميق
في العسل الأسود، ويصحو من تعاطي المخدرات والأفيون الإعلامي التي تمده به الفضائيات العربية صبحاً ومساءً، والأفيون الديني من الفتاوى التي يمدّه بها بعض أشياخ الدين من الذين باعوا الدين لوجه الشيطان الارهابي الدموي.. هذه الصور البشعة جاءت بها وكالة الأنباء الفرنسية الحكومية التي كانت أكثر وكالات الأنباء الغربية تحفظاً على تحرير (العراق)، وحرية (العراق)، كما نعلم من خلال سياسة الدولة التي تتبعها باعتبارها وكالة أخبار تابعة للحكومة الفرنسية التي كان لها موقفها العدائي المتميز من عملية "حرية (العراق)،".

-3-

دعونا نقرأ بتؤدة وتأمل وعيون وعقول مفتوحة وبعيداً عن تعاطي الأفيون الإعلامي الفضائي العربي الذي تبثه الفضائيات العربية، تقرير وكالة الأنباء الفرنسية الذي يصف حالة الفلّوجة وكأنه يصف حال كابول طالبان، بل حالاً أبشع منها:
"جثث مقطّعة الأوصال ومتعفنة
سجون وحجرات تعذيب داخل المنازل وجثث مقطعة الاوصال ومحترقة ومتعفنة ملقاة على الارض واعدامات متلاحقة هي صور مرعبة تكشف ملامح حكم أصولي بسط نفوذه على مدينة الفلّوجة العراقية طوال ثمانية اشهر.
ولم يتسن لاحد حتى وقت قريب معرفة ما ارتكبه متطرفون عراقيون واجانب بسطوا سيطرتهم على الفلّوجة منذ المواجهات مع مشاة البحرية الاميركية في ابريل /نيسان الماضي، لكن تزامن العثور على تلك الجثث المقطعة مع قصص يتناقلها السكان هناك وكشفها الجنود الاميركيون خلال اجتياحهم الفلّوجة كشفت ملامح خاطفة لعالم جهنمي في المدينة السنية.

منع أشرطة الموسيقى والأفلام والكتب
وحسب روايات السكان، فإن أصحاب المحلات التجارية منعوا من بث اشرطة الموسيقى والافلام والمشروبات الكحولية، في حين جابت سيارات شوارع المدينة مُشهّرة بالمذنبين قبل أن تترك السياط بصماتها على أجسادهم بضربهم ستين او حتى ثمانين جلدة. ويمكن للمرء معاينة آثار حكم المتطرفين للمدينة، فالصور والملصقات لا تزال على الجدران وواجهات المحلات في الشوارع. ويحمل احد الملصقات على خلفية بيضاء علامة مجلس شورى المجاهدين وهو رسم مثلث يضم بندقيتي كلاشنيكوف، مؤرخة في الاول من نوفمبر (تشرين الثاني)، تعلن وجوب ازالة تسعة رفوف من مكتبة المدينة تحت طائلة عقوبة الاعدام!

أوامر للنساء بارتداء الحجاب
احد الملصقات على جدار اسمنتي في سوق الفلّوجة الرئيسي يحمل أمرا للنساء بارتداء الحجاب من الرأس وحتى اخمص القدمين وإلا واجهن الاعدام. وبرهن العثور على جثتي امرأتين أول أمس أن تهديدات من هذا القبيل لم تكن مجرد كلمات. وفي أحد الشوارع، عثر على جثة امرأة عربية الملامح ترتدي لباس نوم بنفسجي اللون، وبجوارها جثة رجل.

فجر الحرية
رجل في الستين من العمر، طلب عدم كشف اسمه لأنه ما زال يخشى المسلحين قال إنه تعرض للخطف يوم الثلاثاء الماضي والاحتجاز أربعة أيام قبل اطلاق سراحه. وأضاف بأنه مسرور لما قام به الاميركيون لان الفلّوجة كادت تختنق تحت وطأة المسلحين الذين اتهمهم بارتكاب جرائم قتل وكانوا يعتقدون انهم محصنون من العقاب".
انتهى تقرير وكالة الأنباء الفرنسية الرسمية.

-4-

فلماذا كل هذا البكاء من الإعلام العربي على تحرير الفلّوجة من حكم القرون الوسطى التي قرأنا صوّره الآن؟
لماذا كل هذا الزعيق والتشنج وإطلاق صفة "المقاومة" المقدسة على مجموعة من قطاع الطرق والمجرمين الذين قتلوا من بين من قتلوا أم العراقيين "مارجريت حسن" ذات الأيادي البيضاء على (العراق)، منذ زمن طويل.
هل خروج القوات الأجنبية من (العراق)، يتم بقتل "مارجريت حسن" وخطف العاملات والعاملين في منظمات انسانية، وحيث اعتُبر قتل مارجريت حسن عملاً مشروعاً كما قال الشيخ فخري القيسي الذي يرأس "المجلس الإستشاري للإفتاء والتوجيه الإسلامي" في العراق في تصريح له لجان بيار بيرّان مراسل جريدة "ليبراسيون" الفرنسية ؟
وهل خروج القوات الأجنبية من (العراق)، يتم بفرض حجاب على المرأة العراقية التي تحررت من حجاب العقل في عهد صدام لتلبس حجاب الوجه في عهد طالبان الزرقاوية.
وهل خروج القوات الأجنبية من (العراق)، يتم بمنع أشرطة الموسيقى والأفلام وبفرض نطام القرون الوسطى على الفلّوجة وعلى جميع أنحاء (العراق)، فيما لو تمكنت قوى الظلام من فرض سيطرتها على العارق، وهو ما يعني نهاية العالم في المخيال الروائي العالمي وفي المخيال السينمائي كذلك.
وهل خروج القوات الأجنبية من (العراق)، يتم من خلال الارهاب الفظيع الذي شهدته الفلّوجه والرمادي والموصل وبغداد وغيرها من مدن (العراق)؟
وهل خروج القوات العراقية يتم من خلال الدعوة لمهاجمة الفاتيكان وقتل كل الموجودين فيه، كما صرّح الشيخ فخري القيسي سابق الذكر للصحيفة الفرنسية المذكورة؟
إن المقاومة تعني أن تتحرر الشعوب قبل الأوطان. فالشعب الحر هو الذي يحرر الأوطان. ولكن ما شهدناه هو استعباد جديد للمواطن العراقي وللمرأة العراقية، واستعباد جديد للقيم الاجتماعية والثقافية، وعودة بنا إلى مجتمعات القرون الوسطى.
فعلى من تسوّقون بضاعتكم أيها الارهابيون؟
لقد قرأنا في التاريخ معظم حركات المقاومة ضد المحتلين، فلم نقراً سطراً واحداً أو كلمة واحدة مما تكتبون كل يوم ومما تفعلون كل يوم .
حتى المجرمون في المافيات الابطالية والأمريكية لم يفعلوا ما فعلتموه في الفلّوجه وغير الفلّوجة، فحق عليكم عذاب الله الذي أرسله لكم بجنود ترونها وجنود لم تروها.
أليست الفلّوجة المحررة الآن هي أمر الله، أم أنكم تنكرون؟
فتبارك الله الذي أرسل للبشرية رسل الحرية وجنود الحرية.

[email protected]