زحمة يادنيا زحمة
زحمة وتاهوا الحبايب
زحمة ولا عادش رحمة
مولد وصاحبه غايب
....
آجى من هنا...زحمة
هنا أو هنا.... زحمة
وكمان هنا... زحمة
زحمة يادنيا زحمة

كانت هذه إحدى روائع أحمد عدوية والتى دخلت الى عالم الموسيقى الكلاسيكية بعد مرور ما يزيد على ربع قرن على إنتشار هذه الإغنية والتى كانت إرهاصا وتحذيرا للمشكلة السكانية المتفجرة وقت ان كان تعداد مصر أقل من 40 مليون نسمة، وقد تتضاعف سكان مصر منذ بدأ إنتشار تلك الأغنية وحتى اليوم، بدون أن نلاحظ أى تقدم يذكر على صعيد الحد من تلك الزيادة الرهيبة، ولأحمد عدوية الفخر فى أن يقول :"أنا قمت بدورى كفنان وحذرتكم من أكثر من ربع قرن ولم تستمعوا".

و لا أخفى عليكم سرا إذا قلت لكم أننى كنت من أوائل المعجبين بأحمد عدوية منذ ظهوره وإنتشاره فى أوائل السبيعينات، فى وقت كان بالساحة الغنائية نجوم مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الأطرش وفيروز وفايزة أحمد ونجاة ووردة وغيرهم، وإستطاع أحمد عدوية بالرغم من مقاطعة الإذاعة المصرية له أن ينتشر عن طريق الكاسيتات والتى كانت تبيع من أغانيه أكثر من بعض النجوم الكبار، وأذكر أننى كنت أقوم ببناء مدرسة فى إحدى بلاد الخليج وكان يعمل لدى عمال من سوريا و كان لا يحلو لهم العمل فى عز الحر بهمة ونشاط إلا على أنغام أغانى أحمد عدوية. وكان نجاح أحمد عدوية فى الأوساط الشعبية هو أفضل الرد على أجهزة الإعلام الرسمية التى قررت حجبه عن جماهيره ولكنها لم تنجح، وكان نجاح أحمد عدوية أفضل الرد على بعض المثقفين (وخاصة اليساريون منهم) هؤلاء المثقفون الذين إختاروا التعالى على الجماهير وعلى ذوقها، وحتى (إستكتروا) على تلك الجماهير المطحونة والغلبانة فى أن يكون لها مطرب خاص بها نشأ وترعرع وسط تلك الأجواء الشعبية وإختار ألا ينفصل عنها مثل معظم المثقفين، وكنت أسخر كثيرا من أدعياء المثقفين الإشتراكيين والشيوعيين والذين كانوا ينظرون بإشمئزاز الى أحمد عدوية وإلى جمهوره من طبقة (البروليتاريا)، هل كانوا يتوقعون من هذا الجمهور الذى يجهل فى معظمه القراءة والكتابة أن يحاول الإستماع الى رباعيات الخيام أو قصيدة جبل التوباد أو السيمفونية التاسعة لبيتهوفن أو أوبرا كارمن أن يستمتع بمشاهده باليه كسارة البندق. حتى البعض منهم والذى كان يحب أغانى أحمد عدوية، كان يستمتع اليها سرا حتى لا يتهم فى ذوقه وثقافته. وقد سبب لى إعجابى بأحمد عدوية مشكلة كبيرة مع خطيبتى السابقة، والتى نظرت لى بإشمئزاز شديد وأنا أضع أول شريط لأحمد عدوية بكاسيت السيارة !!، وأرجو ألا يتبادر الى ذهن القارئ أن إعجابى بأحمد عدوية كان وراء فسخ الخطوبة !! حتى زوجتى الحالية لاتعترف بفن أحمد عدوية، ولا تدرك والحمد لله أننى معجب به الى هذا الحد!!

ومنذ عدة أيام شاهدت فى أحدى الفضائيات العربية، شاب مصرى أسمر، خفيف الظل جدا، وهو يغنى ويرقص، وهو خليط محبب من أحمد عدوية على شعبان عبد الرحيم على مايكل جاكسون على جيمس براون، والإيقاعات التى يغنيها خليط من الواحدة والنص وأغانى البوب والراب الأمريكية، وكان جمهور المشاهدين يتفاعل معه بشدة، وكان يتكلم بعفوية شديدة مع مذيعات الفضائيات وكأنه جالس معهم على قهوة بلدى فى حى السيدة زينب، وأسم هذا المطرب هو (ريكو)، ولما سألته المذيعة من أين جاء بإسم (ريكو)، فأخبرها أن هذا الأسم من إختيار (الحاجة) أمه، وقد أعجبت بهذا الشاب وبجرأته وحيوته وعفويته ورغم أننى لا أعرف أسمه سوى (ريكو) إلا أننى قررت أن أكتب عنه لأننا يجب" ندع كل الزهور تتفتح"، والكتاب الذين يهاجمون الأغنية الشبابية وأغانى الشباب بصفة عامة، إنما يهاجمونهم لأنهم نشأوا فى ظل نظام الحكم الواحد، الزعيم الأوحد، الكاتب الأوحد، المطرب الأوحد، المطربة الدكتاتورة، أما الآن ومع الثورة العلمية الهائلة من فضائيات وإنترنت وخلافة فقد زالت الحدود، وخد على سبيل المثال كاتبا مثلى، لم يدر بخلدى مطلقا أنى سوف أكتب للناس وسوف يكون لى قراء، ولقد سبق وأرسلت الى الصحف الورقية عددا من المقالات فكان مصيرها صندوق القمامة، فشكرا للحاج (أنترنت) والذى بدونه لما كنت قرأت لى أى شئ عزيزى القارئ، وحتى لو كنت كاتبا متوسطا أو دون المتوسط، فإن من حقى أن أحاول الكتابة، ومن حق القارئ أيضا أن يكون أمامه المجال مفتوحا للإستماع ولقراءة من يرغب. مش كفاية الحكام مقررين علينا من المهد الى اللحد، خلونا نستمع ونقرأ ونشاهد من نريد، حتى لو كان (ريكو)!!

[email protected]