لو استعرضنا تاريخ علاقة العرب مع إيران قبل الإسلام وبعد الإسلام لرأينا أن إيران لم تقدم للعرب يوماً ما ينفعهم، بل على العكس من ذلك كانت الأيديولوجية الإيرانية في عهد الشاهنشاهية وفي العهد الملالي الجديد كارثة على العرب وعلى الإسلام في الوقت ذاته. فإيران هي التي تصرُّ مثلاً على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي وهي التي استولت من الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث طمب الكبرى وطمب الصغرى وجزيرة أبو موسى، ورفضت كل محاولات العرب والمسلمين للوساطة وإعادة هذه الجزر لاصحابها الشرعيين.

وإيران هي التي حاولت بعد الثورة الخمينية تصدير الثورة إلى دول الخليج وكان بينها وبين السعودية في الثمانينات ما صنع الحداد ، وخاصة في مواسم الحج التي استغلتها إيران لنشر الأفكار الخمينية الهدامة، كما كانت علاقاتها مع كافة الدول العربية الخليجية سيئة طيلة الثمانينات مما دفع الأنظمة السياسية في الخليج العربي إلى دعم صدام حسين في حربة مع إيران 1980-1988 ليس حباً في الديكتاتور المنهار ولكن دفعاً للبلاء الأعظم، وهو تصدير الثورة الخمينية إلى الخليج العربي أولا ثم إلى باقي الدول العربية.
وإيران هي التي أنشأت حزب الله في لبنان 1982 ليكون رأس حربة دينية سياسية ضد أنظمة الحكم في بلاد الشام وليكون الذراع الإيديولوجي الديني الإيراني في أكثر الدول العربية علمانية وهي لبنان ، وفي أكثر المجتمعات العربية حداثة وليبرالية وهو لبنان، وفي أكثر الثقافات العربية اتصالاً بالغرب وهي الثقافة اللبنانية. فكان حزب الله نبتاً أصولياً غريباً في لبنان الحداثي والعلماني.

وإيران هي التي انشأت في لبنان الإعلام الأصولي اليميني المتطرف كفضائية "المنار" التي منعتها بالأمس فرنسا لتهديدها الأمن القومي الفرنسي وتبعتها أمريكا، ونأمل من فرنسا وامريكا أن يمنعا بث قناة "الجزيرة" كذلك والتي هي أخطر وأقوى من "المنار".

وإيران هي التي أنشأت قناة "العالم" التلفزيونية كذلك لكي تقوم بدور الإعلام الأصولي الديني إلى جانب قناة "المنار"، ولتحارب الحداثة والليبرالية في العام العربي، ولكي تنشر الفكر الأصولي وتشجع العمليات الارهابية في فلسطين وأفغانستان والعراق وفي كل مكان في العالم العربي. وبالأمس فاض الكيل في العراقيين بعد أن عبثت إيران بالعراق وفتحت حدودها وخزائنها للارهابيين، وقال وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان "ان إيران تدير شبكة ارهابية كبيرة داخل العراق . وأعاد الشعلان الى أذهان مستمعيه أنه قال من قبل "ان إيران هي العدو الاول للعراق وأنها عدو للعراق منذ ما قبل الاسلام لأنها ساعدت أعداء العرب والانسانية".

وإيران هي الدولة التي تسعى إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل وهذه الأسلحة لا تهدد غير دول الخليج والدول العربية الأخرى. وهي التي تعلم أنها لن تستطيع محاربة اسرائيل يوماً ما حيث لا صراع سياسياً بينها وبين اسرائيل ولا تطمع في أن تستولى على أرض اسرائيلية وانما طمعها في الأراضي العربية ولذلك احتفظت حتى الآن بالجزر الإماراتية الثلاث.

وإيران هي الدولة الدينية المتعصبة الوحيدة في منطقة الشرق، ومن هنا فهي شوكة كبيرة في حلق الحداثة والعلمانية، وتقف في وجه التجديد وتسعى لتحويل العالم العربي كله إلى دولة دينية مقيتة ومغلقة ومعزولة عن العالم يتولى فيها الفقيه الحكم ، وإن كان لا يُفرّق بين العصا والجزرة.

ومن هنا فإن إيران أصبحت أكثر خطراً على العرب من اسرائيل. ولا يغرنّكم أنها دولة مسلمة، فقد سبق للدولة العثمانية المسلمة أن استعمرت العالم العربي لمدة أربعة قرون وأذاقت هذا العالم كؤوس المر المرير، وكانت سبباً رئيسياً في تخلفه وانحطاطه.

[email protected]