مستر جاك شيراك، المتربع على رأس جمهورية عاصمة النور وثورة الحرية والإخاء والمساواة، يغوص في الوحل الذي يوشك أن يصل حتى أذنيه، فهل من مغيث؟!
لقد أوصلته مركبات النقص تجاه الحضارة الأمريكية، وشعوره بالضآلة تجاه السمو الشاهق الذي يحلق فيه النسر الأمريكي، إلى التصرف وهو رئيس دولة عظمى – سابقاً – كالصبيان المرضى بالعناد الناتج عن سوء التربية، أن يبحث عن دور متفرد، أن يظهر كقطب مناهض ومعادل لقاطرة الحضارة الأمريكية، دون أن يمتلك أي نوع من مقومات الدور المأمول، حتى ولو على شاشة دار سينما من الدرجة الثالثة.
اندفع مستر شيراك مسيراً بنرجسية لا مبرر لها إلى معاندة حملة مناهضة واستئصال الإرهاب من العالم، وتحالف مع الروس أصحاب الإمبراطورية المنهارة، والألمان الباحثين عن دور سياسي لا ننكره عليهم، وإن تمنينا ألا يشابه الماضي الأليم، مكونين ثالوثاً، لا هدف له غير المعاندة الصبيانية، وأهداف مادية ضيقة وقصيرة النظر، وشايعهم في موكبهم غير المبجل قطعان المزمرين والمطبلين للإرهاب والإرهابيين، من فاشيي الشرق الأوسط وحكوماتهم غير المبجلة، وقنواتهم التليفزيونية الأرضية والفضائية، المدججة بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة.
هل يتأمل مستر شيراك موقفه اليوم وبعد خطف الصحفيين الفرنسيين؟هل يدري بأبعاد موقفه المزري وقد هبت كل بؤر صناعة الإرهاب والتحريض عليه للدفاع عنه، والمطالبة بإطلاق سراح مواطنيه؟ أيدرك حجم العار الذي ألحقه بفرنسا بالزفة التي يصنعها مروجو الإرهاب من أجل إنقاذ فرنسيين، فيما يقتل الإرهابيون إثني عشر نيبالياً بريئاً، دون أن يكترث بهم المهللون لشيراك ومواقفه العظيمة في مناصرة الأمة العربية وأطفالها المدللين من قاطعي الرؤوس وقاطعي الطرق؟!!
هل يمتلك مستر شيراك الشجاعة الكافية ليقف بعد انتهاء هذه الأزمة – على خير كما نرجو – ليعلن على الملأ إنه أخطأ في حق الإنسانية، وفي حق الشعب الفرنسي والشعب العراقي وكل الشعوب المحبة للحضارة والسلام، وأخطأ في حق ميراث الثورة الفرنسية العظيمة، حين اختار المعاندة، واللعب على الحبال، واستجداء مناصرة وتهليل الهمج والفاشيين في أنحاء الشرق الكبير؟!
هل سيعود كما الابن الضال، لينضم للصف المدافع عن الإنسانية والحضارة والمستقبل؟
هل يقدم اعتذاراً واضحاً وعلنياً لعائلات الضحايا الأبرياء الذين قطع المجرمون رؤوسهم، فيما هو منشغل بموقفه العنتري المخزي والمتخاذل؟!
هل سنسمع من أحفاد فولتيير ومونتيسكيو وجان جاك روسو من يحاسب السيد شيراك على مواقفه وخياراته ونتائجها؟!!
هل سنرى في شوارع باريس مظاهرات تنادي فيها الآلاف والملايين بسقوط شيراك وسياساته وعنجهيته الفارغة المدمرة؟!!
أسئلة كثيرة وموجعة ستجيبنا عنها الأيام.

[email protected]