يشهد تاريخ الدول الدينية إن ما تحقق هو مصالح الرجال لا مصلحة الله(2-2)

تعرض الجزء الأول من المقال إلى العنف الذي صحب الدولة الدينية المجوسية واليهودية والمسيحية. وكيف سرقت هذه الدولة حلم الأتباع بعدالة السماء، رغم أن السيد المسيح لم يطلب حكومةً وتاجاً، ويرى أحبار يهود في قيام دولة إسرائيل افتراءً على التوراة، وكذلك زرادشت وماني لم يسعا إلى قيام دول. طرحت الدولة الدينية نفسها دولة سماوية، تحكم بنصوص مقدسة، مع ما فيها من العنف الدنيوي المفارق للروحانية الكونية، والكابح للأمل في اللامحدود، وبالتالي حققت مصالح الرجال لا مصالح الله والأنبياء. يتعرض هذا الجزء إلى الدولة الدينية الإسلامية، ومطلب الخلافة والحاكمية فيها، وما أسفر عنها من تعسف طال المسلمين وأهل الأديان الأخرى. وهي الدولة التي مازالت مطلباً عند الأحزاب الدينية، فإن عجزوا عن تحقيقها بالقوة لجأوا إلى ركوب الديمقراطية مطية للوصل إليها، باسم الشريعة والنص المقدس عموماً.
هناك ثلاثة كتب، أو ثلاث رسائل، هامة في تاريخ الفكر الإسلامي عالجة أمر الدولة الدينية. أظهرت أن الدولة شأن دنيوي، لا يتحقق عبر الدين، بل يتحقق بإجماع الناس بعيداً عن حصر ذلك في أهل الحل والعقد. والكتب هي: "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" لعبد الرحمن الكواكبي (ت1902)، وتنبيه الأمة وتنـزيه الملة" لمحمد حسين النائيني (ت 1936)، و"الإسلام وأصول الحكم" لعلي عبد الرازق (ت1966). تنبه المفكرون الثلاثة، وهم من أئمة الدين وشيوخه، إلى مخاطر الدولة الدينية في تكريس الاستبداد. فوقف العثمانيون ضد الكواكبي، وأصحاب المشروطة أو المستبدة ضد النائيني، ووقف فقهاء الأزهر ضد عبد الرازق.
أدركت الكتب الثلاثة وغيرها مخاطر تورط الدين في الحكم. لكن أوضحها عبارة كان كتاب "أُصول الحكم...". أثر صدور كتابه حُرم الشيخ عبد الرازق من التدريس ومن كل وظيفة ومن المشيخة أيضاً. فعندما دخل إلى مجلس علماء الأزهر أمتنع زملاؤه من رد التحية عليه، إيماءة منهم إلى خروجه من الإسلام. وكان قد حسب حساب ذلك فأورد الشهادتين في مستهل كتابه. قال: "أشهد أن لا إله إلا الله، ولا أعبد إلا إياه، ولا أخشى أحداً سواه. له القوة والعزّة، وما سواه ضعيف ذليل، وله الحمد في الأولى والآخرة، وهو حسبي ونعم الوكيل. وأشهد أن محمداً رسول الله، أرسله شاهداً ومبشراً ونذيرا...ً"(1). أشار أصحاب الكتب المذكورة إلى أن العلمانية لم تعنِ الإلحاد مثلما يصورها فقهاء الأحزاب الإسلامية، من السنُّة والشيعة معاً، ذلك لغرض التحريض ضدها، بقدر ماتعني فصل الدين عن الدولة. فمنهم مَنْ أفتى بالفصل بصريح العبارة، مثل الكواكبي وعبد الرازق. أما النائيني فرفع المانع من التأثر في دساتير وقوانين غير الإسلامية، وأراد إنهاء الاستبداد الديني والسياسي معاً بتقييد الحكومة بدستور يتفق عليه الناس، إلا أنه تراجع عن آرائه بعد سنوات قليلة، فإن أصر على رأيه سيكون مصيره مصيرالشيخ الأزهري.
كان أول الداعين من الأحزاب إلى دولة دينية هم الخوارج، عندما قالوا: "لا حكم إلا لله"(2). وخروج الخوارج على الخلافة لم يكن دافعه التحكيم بين الإمام علي ومعاوية بن أبي سفيان فقط. بل يعود إلى احتجاج قديم بدأ منذ السقيفة، وتأسيس دولة دينية على أساس حديث نبوي قيل إن النبي محمد قاله وهو على فراش الموت، وهو حصر الإمامة في قريش. وما يلفت النظر في أمر الخوارج، أو الشراة أو الحرورية، أن أبرز قادتهم انحدروا من اليمامة حيث الأرض الخصبة، مثل نافع بن الأزرق ونجدة بن عامر وعطية بن الأسود. السؤال، هل يتوافق ذلك مع ما كان بين قريش بالحجاز وبني حنيفة باليمامة، وهي الأكثر رزقاً وخصوبة عندما رفضت تسليم زكاتها وصدقاتها إلى قريش؟ وبالتالي هل هي عودة إلى انشقاق أبي ثمامة مسلمة الحنفي (ت12هـ) المعروف في التاريخ الإسلامي بمسيلمة الكذاب؟ أم هي مصادفة أن يتولى يماميون حنفيون أمر الخروج على التحكيم، وعلى الخلافة بالكوفة ممثلة بالإمام علي بن أبي طالب، والإمارة بالشام ممثلة بمعاوية بن أبي سفيان، وكلاهما من قريش؟ وإن صح التوافق بين الحدثين فإن ما حدث في اليمامة هو خروج على إمامة قريش وليس على الإسلام، وهو عصيان اقتصاد لا عبادة وإيمان. فمما قاله مسيلمة: "لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشاً قوم يعتدون"(3).
ظلت حاكمية الخوارج تتداول كمعارضة بالسيف، يصاحبها معارضة بالفكر شاركهم فيها، في ما بعد، المعتزلة ضد حكم قريش المدعوم بنص نبوي، والمعتزلة أيضاً ليسوا عرباً، وبالتالي ليسوا قريشيين. فمنهم مَنْ قال: تصح الإمامة ولو في العبد الحبشي، ومنهم مَنْ ألغاها من الأساس، فالناس قادرون على تدبير أمرهم من دون إمام. لكن الحكومة تحققت لقريش بداية من خلافة أبي بكر الصديق وحتى آخر خلفاء بني العباس المستعصم بالله، أي بين (11-656هـ). كان حكم الشريعة طوال هذه الفترة هو النافذ، بحدود ما يخدم الحاكم والمذهب الرسمي، وكانت المذاهب السنُّية هي المتقدمة. أما الشيعة فظلوا معارضة يدعون إلى العدل ودولة الخلافة المقدسة، التي يتولها المعصومون، سراً. وأصبح العدل والإمامة أصلين من أُصول المذهب، إضافة إلى التوحيد والنبوة والميعاد(4). كذلك أصبح العدل أصلاً من أصول فرقة المعتزلة، ويظهر لمَنْ يدرسه بعناية أنه مقرر لدولة غير دينية، لأنه يعتمد أساساً على نفي القدر، ولا يكون الإنسان حراً إذا خضع لمشيئة القدر في اختياره للحاكم أو في ممارسة الحكم.
لكن الشيعية التي ظلت فرق منها معارضة طوال الدولة الدينية، مارست فرقها الأخرى الحكم، مثل الإسماعيلية والزيدية باليمن، وبالعراق في العهد البويهي، وحكمت الإمامية أيضاً في العهد الصفوي بإيران والعراق. غير أنها لم تحقق العدل المرجو من الدولة الدينية، مثلما كانت تطلبه في المعارضة. فالفاطميون حكموا مصر والمغرب لقرون وظهر في سيرهم العنف والجور، رغم ما تقدموا فيه من علوم وصناعات، وخلفوا من الآثار الفنية والعمرانية ما خربه بعدهم صلاح الدين الأيوبي، الذي جمع بين الجور والسلفية جمعاً خانقاً. أتضح ذلك بقتل الفيلسوف المتصوف السهروردي، واضطهاد المذاهب غير السنُّية، وكل ما يتعلق بالفلسفة وعلم الكلام. وتأسست دولة شيعية بالبحرين، وهي الدولة القرمطية ذات الأُصول الإسماعيلية. أظهرت هذه الدولة عدالة اجتماعية وابتعاداً عن صفة الدولة الدينية إلى حد ما. فحسب شاهد عيان هو الرحالة ناصر خسرو في كتابه "سفر نامة" أنهم كانوا يدفعون مساعدات مالية للعاطلين عن العمل، ويساعدون مَنْ له حرفة من الغرباء، وسخروا مطاحن الدولة لعامة الناس، لا يصلون صلاة الجمعة جماعة، ولا يبنون مسجداً لكنهم لا يمنعون أحداً من الصلاة أو من بناء مسجد، وجعلوا الدين من شأن الناس ومؤسساتهم، ولم يتدخلوا في العقائد. غير أن هذه الدولة ظلت محكومة بعصرها وهو الاستبداد السياسي، وأرادت تحقيق مصلحة اقتصادية في الاستحواذ على الحجر الأسود وحمله إلى ديارها، كي تستفيد من مردوده المادي وتمنع الخليفة العباسي ببغداد منه.
تريد الحاكمية التي نطق بها الخوارج وظلت متداولة حتى عصر أبي الأعلى المودودي، وسيد قطب والأحزاب السلفية، الحكم بكتاب القرآن والسنُّة النبوية. وتزيد الأحزاب والمنظمات السياسية الشيعية عليها عترة النبي، والتي نجد تراثها عن النبي في الكتب الأربعة وهي: "الكافي" لمحمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ)، وتضمن (16199) حديثاً، و"مَنْ لا يحضره الفقيه" لمحمد بن علي بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ) وتضمن (5964) حديثاً، و"الاستبصار" و"التهذيب" لشيخ الطائفة الطوسي (ت460هـ) وتضمنا معاً (19101) من الأحاديث(5). تقابل الكتب الأربعة الشيعية كتب الحديث الستة السنُّية، التي أبرز أسانيدها هو أبو هريرة، الذي تكذبه الشيعة في العديد من رواياته. مثلما كذب كُتاب السنُّة الشيخ القمي، فلقبوه بالكذوب. لذا رد الشيعة عليهم ولقبوه بالصدوق، وكذلك كذبوا الإخباري الشيعي عبد الله الجعفي. غير أن إخباريي السنُّة لا يتعدون أو يجازفون إلى تكذيب جعفر الصادق، رغم أنه تقريباً مصدر حديث الشيعة الأهم، فاعتبروا أحاديث هذه الكتب أكاذيب على جعفر الصادق من قبل رجال الشيعة. وفرقة من الشيعة استراحت من هم الإمامة بعد وفاة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري فجعلتها من مسؤولية ولده الغائب المهدي المنتظر، وبعد انقضاء عهد السفراء الأربعة أعلنت الغيبة الكبرى ليحكم الناس أنفسهم بأنفسهم حتى ظهوره، فكانت في هذه الخطوة الأقرب إلى اليبرالية والعلمانية، لكن هناك مَنْ تحايل على هذا المبدأ فخرج علينا بولاية الفقيه أو الولاية العامة كنموذج من نماذج الدولة الدينية المستبدة.
الخلاف مستمر بين المسلمين حول السنُّة النبوية، فكيف تتحقق عدالة أو حكم غير استبدادي ديني مع وجود الخلاف الحاد في التشريع بين مذهب ومذهب آخر. وإذا تجاوزنا هذا الخلاف فما العمل في الخلاف حول تفسير أو تأويل نصوص القرآن التي لا توكد خلافة ولا إمامة دينية صريحة، بل رموز يؤلها الطرفين حسب اجتهادهما.
حاول الشيخ علي عبد الرازق أن يجد نصاً في القرآن يسمي النبي محمد بالإمام أو الخليفة أو الحاكم أو الملك، لكنه وجد ما يسد على خلفائه بالأمس واليوم قيام دولة دينية. قال: "ظواهر القرآن المجيد تؤيد القول بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن له شأن في الملك السياسي، وآيات متظافرة على أن عمله السماوي لم يتجاوز حدود البلاغ المجرد من كل معاني السلطان"(6). وهنا نذكر فقط ما وصف فيه القرآن النبي محمد، ونترك القارئ والتفاصيل في المصدر المذكور. وصف القرآن النبي أنه ليس بالحفيظ، ولا بالوكيل، ولا بالمصيطر، وما عليه إلا البلاغ، وسماه بالمُذكِّر.
وكل هذه الأوصاف منافية للسلطة والدولة، فالحاكم وكيل وحفيظ ومسيطر وليس مذكراً ولا مبلغاً. وهناك نص نبوي يشير إلى حقيقة أن الإسلام رسالة وليس دولة أو حاكمية. قال النبي لوجهاء قريش: "ما أدري ما تقولون؟ ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم. ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل عليَّ كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوا عليَّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم"(7). ويتعلق الأمر أيضاً بتراث الحجاز بيئة الدعوة الإسلامية، فهي لم تألف المُلك ولا الرئاسة، فلا مكة ولا المدينة بما فيها من يهود ومسيحيون وأحناف ومقدسو أوثان يألفون المُلك، بل كانت لهم مجالس وندوات يحتكمون إليها، ولديهم ليبرالية دينية، لا تمنع مَنْ يريد أن يتعبد بدينه، فهناك كانت اليهودية والمسيحية والمجوسية، ورواية الصور التي وجدت يوم فتح مكة معلقة داخل الكعبة معروفة في كتب السيرة والتاريخ.
الأمر الآخر الذي يصعب معه إرساء دولة دينية غير استبدادية، مع الاختلاف في تفسير آي القرآن، هو ظاهرة أن القرآن حمال أوجه. بمعنى أن فيه كل ما ترجوه المذاهب من إسناد لرأيها. فيه السلم واللين وفيه الحرب والعنف أيضاً. قال علي بن أبي طالب لعبد الله بن عباس وهو يفاوض الخوارج: "لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمّال ذو وجوه، تقول ويقولون"(8). ويشرح ابن أبي حديد هذه العبارة بالقول: "إن القرآن كثير الاشتباه، فيه مواضع يظن في الظاهر أنها متناقضة متنافية"(9). وجاء في الحديث "القرآن ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه"(10). وأتت نصوص في غمار الحرب والخصومة مع قريش، وفيها ما فيها من العنف الذي لا يريد سلفيو اليوم فهم زمنيتها.
لا تقوى الدولة الدينية على تجاوز آيات سورة براءة، التي وردت فيها آية السيف "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم"(11). وهي لتكريسها للقتال خلت من استهلالها بالبسملة، ولما سئل علي بن أبي طالب عن سر ذلك قال: "لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف"(12). ولا تقوى على تجاوز سورة الأنفال، التي ألغت أشهر السلام أو الحُرم، التي لا يجوز فيها الحرب "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير"(البقرة، 217). نسخت هذه الآية أشهر تحريم القتال كما اتفقت عليها العرب منذ القدِم، لأمر طارئ، ليس له أن يصبح قانوناً دائماً. فلكثرة الحروب لابد من زمن يتهادن فيه الناس، حتى لا يعيشون في حرب دائمة. ونسخت آية السيف آيات التسامح كافة، وهي الثابتة في أذهان أصحاب الحاكمية، لأنها نص مقدس. فإما أن يؤخذ القرآن جميعه في الحكم وإما لا يؤخذ منه شيئاً، وبالتالي مَنْ يترك نصاً منه يصبح كافراً، ويحكم بحكم الردة (أتينا على نسخ آية السيف للآيات الأخرى في الإيذاء المتبادل بين الدين والسياسة، مكتبة إيلاف). ويطرح السؤال نفسه أيضاً، لماذا يتجاوز المشرعون مثل هذه النصوص للتجاوب مع المستجدات، بينما لا يتجاوزون نصوصاً خاصة بالنساء، مثل الإرث، أو إلغاء القوامة، أو عدم فرض الحجاب، أو تعدد الزوجات مع ما جاء في التشريع الأخير من نص ممتنع، وهو "لن تستطيعوا أن تعدلوا"؟ وأن الالتزام بهذا التشريع هو ما يسميه الإسلاميون الحزبيون بكرامة المرأة.
وبنص قرآني حلل الخوارج الأزارقة قتل أطفال المخالفين، فقالوا مستشهدين بالقرآن: "ربي لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فجاراً كفاراً، فسماهم كفاراً وهم أطفال"(13). قال الداعين إلى هذه الشريعة: "كيف كان ذلك في قوم نوح ولا نكون نقوله في قومنا". فمن الخلافات الكبيرة بشأن الأطفال في إسقاط ذنوب آبائهم عليهم ما حدث من انشقاق داخل معسكر الخوارج. فبعد تحريم نافع بن الأزرق، وهو من أشد الداعين إلى الحاكمية، قتل الأطفال أو ما عُرفوا في الروايات التاريخية بالذراري، عاد وقرر قتلهم بعد سماعه لرأي أحد مستشاريه الذي قال له: "إن لم آتك بهذا من كتاب الله فاقتلني"، يعني الآية المذكورة في سورة نوح. بعدها جنح نجدة بن عامر وجماعة معه عن الأزارقة بعد إقرار قتل القعد (معتزلة الحرب لرأي أو لضعف) والأطفال. أعلن نجدة ذلك في كتاب حرره إلى ابن الأزرق يناشده فيه التراجع عن هذا القرار، ويذكره بمزاياه. المعنى أن هناك خلافاً حول القرآن، فهو حمال ذو وجوه، ومن المفروض أنه رسالة سماوية وكتاب روحي، لا يجوز إنزاله إلى مستوى الحكم، فيجد فيه أحدهم طريقاً إلى قتل الأطفال وطريقاً إلى اضطهاد أهل الأديان الأخرى، وطريقاً إلى اضطهاد النساء، ويستدل فيه بالسياسة إلى ولاية الفقيه، أو إلى الولاية العامة، أو يجد فيه أهل الحل والعقد رغبتهم في التسلط.
كذلك يظهر القرآن حمال ذو وجوه في النصوص الخاصة بأهل الأديان الأخرى. فالمشرع الذي يتطلب السهولة يجدها فيها، ومَنْ يتطلب التعصب ضدهم يجدها فيها أيضاً، وهذا هو ما بين المذهب الحنفي والمذهب الشافعي تجاههم. فآيات تعترف لهم بحقوق صريحة، بينما تعلن آيات أخرى تكفيرهم ونسخ ديانتهم بدين الإسلام، وتوصي بصغر رقابهم عند دفع الجزية. جاء ما يشرع إلى اللين في معاملتهم: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وقولوا آمنا بالذي أُنزل إلينا وأُنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون"(العنكبوت، آية 46)، و"اليوم أُحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم"(المائدة، آية 5)، و"وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"(آل عمران، آية 110)، و"ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون"(المائدة، آية 82). بينما في آيات أخرى جاء ما يفيد الشدة ضدهم، مثل قوله: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"(التوبة، آية 29)، و"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمون"(المائدة، آية 51)، و"يا أهل الكتاب لما تكفرون الله وأنتم تشهدون"(آل عمران، آية 70). ألا يشعرنا هذا بظرفية النصوص، وأنها استجابة لحدث ما؟ فكيف يمكن الالتزام فيها كشريعة رسمية مؤبدة؟ رغم أن تطبيقها أو عدم تطبيقها لا يؤخر ولا يقدم في عبادة المسلمين، بل عدم إلزام المجتمع بها يوسع الإسلام، ويقربه من الآخرين.
ظهر على أساس هذا التعارض بين النصوص ما عرف بالوصايا العمرية وهي الخاصة بمعاملة أهل الذمة معاملة لا تقرها حقوق الإنسان أبدا (للمزيد راجع كتابنا، الأديان والمذاهب بالعراق، فصل المسيحية). وكذلك الحال بين فقهاء الشيعة، منهم مَنْ أفتى بنجاسة أهل الكتاب ومنهم مَنْ أفتى بطهارة الإنسان عامة وخصوصاً أهل الكتب. فأي آية يركن لها الدستور في التعامل مع هؤلاء. ألا يكون الأولى أن يسن دستور على أساس المواطنة لا الديانة، حتى لا يظلم أحد بتشريع أو رأي فقيه، أو نص جاء لزمن مضى. وإذا أقر إلغاء تشريع الجزية مثلاً، وهو ملغي اليوم حتى في الدول والإمارات المتشددة إلى حد ما مثل إيران والشارقة، إذاً هناك مجال في التعامل مع النصوص الأخرى، بل وهناك مجال في فصل الدين عن الدولة من دون التعرض إلى غضب الله وسخطه.
إن قراءة عامة لكتب التاريخ الإسلامي تكشف فضاعة الاستبداد الديني، عندما يتحول الدين إلى سلطة وقانون يحكم بموجبه. فأصناف العذاب وأساليب القتل تنبيك عن تاريخ صفحاته منقوعة بالدماء، شوهت روحانية الدين وشفافيته. فقد تحول أسلوب الدعوة بمكة من النصح وتوكيد الروحانية إلى القتل والحروب، وسطوة العشائرية بكل جبروتها. فهل تجيز الدولة الدينية، الصافية لله، المؤامرة والاغتيال؟ نسأل! مَنْ اغتال زعيم الخزرج سعد بن عبادة، واتهم الجن بقتله؟ ومَنْ قتل مالك بن نويرة من أجل اغتنام زوجته الجميلة؟ ومَنْ عمل الفضائح في الفتوحات مِن قتل وترويع؟ أهو الدين أم دولة الرجال من أجل الغنيمة والسلطان؟ كان الأقوام التي فتحت ديارهم يعرفون الله حق المعرفة ولديهم كتبهم السماوية أيضاً. وهل من فنون الدين إدخال محمد بن أبي بكر في جوف حمار وإحراقه؟ مثلما عمرو بن العاص بمصر. ومَنْ قتل حجر بن عدي، والحسين بن علي؟ أليس الدولة الدينية قالت في قتل السبط: إنه قتل بشرع جده. وشرع جده، حسب ما وضع من الأحاديث هو "إذا كان في الأرض خليفتان فاقتلوا آخرهما"(14). والدولة الدينية توصي بالقبول بالاستبداد في الحديث: "أسمع وأطع ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة"(15).
يوجز عبد الرحمن الكواكبي الاستبداد السياسي بالقول: "تضافرت آراء أكثر العلماء الناظرين في التاريخ الطبيعي للأديان على أن الاستبداد السياسي متولد من الاستبداد الديني"(16). وهذا شيخ دين سياسي معاصر، يناضل من أجل قيام دولة دينية، لا يرى وجوداً لها في التاريخ إلا في فترة النبي. قال الآصفي، أحد قادة حزب الدعوة بالعراق: "الفترة التي تمثل الإسلام تمثيلاً صحيحاً، ولا يجد الكاتب المسلم حرجاً في نفسه أن يستعرضه كنموذج حي للحكم الإسلامي هو الفترة التي حكم فيها صاحب الرسالة (ص)، وفترة قصيرة من بعده"(17). والفترة القصيرة التي يعنيها القائل، على ما اعتقد، هي فترة حكم الإمام علي بن أبي طالب. لكن هل استطاعت هذه الفترة من دولة دينية في ظل الثورات التي كانت ضدها والحروب المستمرة مع الخوارج والأمويين وأصحاب الجمل، وخيانات الولاة؟ وهل تمكن علي من تحقيق الدين بمثاليته في السياسة؟
ماذا يفهمك مثل هذا الرأي الصادر من رجل دين يسعى إلى دولة دينية، على طريقة ولاية الفقيه، غير أن دولة دينية يعتز بها لا تقوم إلا بوجود النبي الذي كلامه هو وحي يوحى أو وصيه علي. وهل هناك مَنْ يقوم مقام النبي ومقام الإمام علي حتى يحقق الدولة الدينية الصحيحة؟ مَنْ ينظر في تاريخ تلك الفترة سيجد ظهور الردة حتى في أيام الرسول وبعد وفاته بأيام. أرتد أهل اليمن بزعامة عبهلة العنسي، وقد سمي بأبي الأسود العنسي، وارتدت اليمامة، وارتد بنو أسد وتميم، وكما ارتدت حضرموت والبحرين وعُمان. فيا ترى هل كل هؤلاء كانوا ضد الله، أم إنهم اكتشفوا أن صدقاتهم وزكاتهم تذهب إلى الدولة الدينية بالحجاز؟ لكن أبلغ ما فعلته الدولة الدينية أنها حاربن هؤلاء كأعداء لله، وهنا جاء دور توظيف النص المقدس "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"(18). فأسهل لفظ كان لفظ "يا عدو الله"، وقد حل محل يا "عدو الآلهة". ومَنْ يدرك عظمة الخالق يصعب عليه وضع مخلوقاً من مخلوقاته عدواً له، فالعداوة تعني المقابلة والموازنة، فمَنْ هو جدير بعداوة خالق السموات والأرض وما بينهما؟
عند وفاة النبي أنقطع الوحي، وتحول الأمر إلى أصحابه، فبعده بلحظات افترقوا إلى شيع، وجالت السيوف في ما بينهم البين. قتل خليفة خليفة النبي عمر بن الخطاب، والخليفة وزوج ابنتيه عثمان بن عفان، وابن عمه وزوج ابنته علي بن أبي طالب، وخرج من المبشرين بالجنة الزبير بن العوام وطلحة بن عبد الله وعائشة أم المؤمنين ضد علي بالبصرة، وحلت الدولة الاستبدادية التي لم يرفضها عدد كبير من الفقهاء، بل أخذوا يسنون لها شرائع القتل والتنكيل.
هناك حقيقة أخرى وهي أن الدولة الدينية، مسيحية كانت أو يهودية أو إسلامية مبنية على فكرة المقدس، الذي لا نقاش حول تعليماتها. فإذا أُدخل النص الإلهي في دستور تحول هذا الدستور إلى دستور استبدادي، وهذا ما يسميه محمد حسين الطباطبائي (صاحب تفسير الميزان المشهور) بالثابت من القانون. قال: "فمن ناحية الجزء الثابت من القانون يذهب الإسلام إلى أن تعالى وحده هو الذي يصلح لوضع الدستور، وهو الذي يختص بتشريع أسس الحكم. وليس لأحد أن يتداخل في شأن من شؤون التشريع في هذا الجزء من النظام، حتى النبي ذاته"(19).
لكن كيف أنزل الطباطبائي الله تعالى إلى مستوى وضع الدستور، وتأبيد القانون وهو يخلق يومياً ما يخلق من الجديد! وكيف يتحول الله وهو "العدل" إلى مستبد يفرض دستوراً أو قانوناً سياسياً، تتنازع حوله الأحزاب؟ وهل القائل "لا إكراه في الدين" يتبنى الدولة الدينية التي لم تنفذ غير الاستبداد في معاملة الرعية؟ وكيف يضع الله دستوراً إسلامياً والناس مختلفون، ليسوا كلهم مسلمين، وهو سبحانه لا يريدهم لهم المشابهة بل أراد لهم الاختلاف. جاء في القرآن: "لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً ولو شاء ربك لجعلكم أمة واحدة"(20)، و"ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل مَنْ يشاء ويهدي مَنْ يشاء"(21)، و"ولو شاء ربك لجعل الناس أُمة واحدة ولا يزالون مختلفين"(22). وتوكد الآية التالية "وما كان الناس إلا أُمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقُضي بينهم فيما فيه يختلفون"(23) أن الله لا يريد إزالة الاختلاف بين الناس. فحسب المفسرين لو أراد جلالته ذلك لفصل بينهم وهلك العصاة وجعل الدنيا للمؤمنين (24). إذاً لماذا تريد الدولة الدينية الاستبداد على الناس بدستور وحكم أبدعه حزب سياسي، قائم على فكرة "لا حكم إلا لله" رغم أن الهالكين تحت ظلال سيوفه هم المسلمون أنفسهم؟
هناك تعارض كبير بين العقل واختيار الإنسان وبين النص الثابت، وهذا ما تفرضه مستجدات الحياة. فلم تبق العقوبات القديمة صالحة لقوانين العقوبات اليوم، ولم تبق الممنوعات السابقة نافذة حتى اليوم. فإن حرمت الدولة الإيرانية اليوم في دستورها المستمد من الوحي، حسب تصورها، النساء من الوصول إلى رئاسة الجمهورية فغداً تتغير الأمور، وتظهر بإيران أنديرا غاندي إيرانية تكسر هذا الطوق، وإن شرع شرعها المقدس الحجاب فنساء إيران اليوم لم يلتزمن مثلما التزمن تحت حراب الحرس الثوري بالحجاب في أول أيام الثورة، ولم تعد ولاية الفقيه جذابة بين العديد من المتحمسين لها سابقاً. فكيف تحسب هذه المتغييرات، هل هي خروج عن الشرع المقدس، أم هي تجاوب مع المستجدات؟
ينقسم دعاة الدولة الدينية إلى قسمين: الأول، وهم الثوريون أحفاد الخوارج، وكل دولة دينية لا تقوم إلا وفق مبدأ "لا حكم إلا لله ولا نحكم الرجال"، فزعيم الحزب أو الفقيه الثوري هما يمثلان حكم الله! والثاني، هم أحفاد وعاظ السلاطين. أسس لهم أبو الحسن الماوردي في "الأحكام السلطانية" بالقول: "فإن الله جلت قدرته ندب للأمة زعيماً خلف به النبوة، وحاط به الملة، وفوض إليه السياسة، ليصدر التدبير عن دين مشروع، وتجتمع الكلمة على رأي متبوع فكانت الإمامة أصلاً عليه استقرت قواعد الملة، واستثبتت بها أمور العامة"(24). وهنا لابد من ذكر التحالف في الدولة الدينية بين الفقيه وبين الخليفة، فكان أمثال عبد الرحمن الأوزاعي (ت 157هـ) مع الأمويين، وأبو يوسف (ت182هـ)، وأبو الحسن الماوردي وغيرهما مع العباسيين. وخلاف إصرار دعاة الدولة الدينية على التقيد بالشريعة رغم ما بينها وبين المستجدات من التباعد جاءت محاولة إخوان الصفا في التوفيق بينها وبين الفلسفة، وهي مدخل إفلاطوني في الفكر السياسي الإسلامي، أن يتولى الفيلسوف الإمامة، وما في ذلك من تخفيف من شدة الشريعة. إلا أن هذه المحاولة ظلت مكتومة في رسائل الإخوان السرية، بعد تعرضها إلى التكفير والتهميش.
عموماً، تبقى حاكمية الله وخلافة النبي آيديولوجية نمت في تاريخ الخلافة الإسلامية وفي تاريخ المعارضة معاً، وهي متعارضة مع حرية الإنسان وليبرالية الحكم. لأنها تريد سَوس الناس بدستور سماوي لا وجود له إلا في ثقافتها. فالله مع الاختلاف ومع العقل. فمن الجور وهو العادل أن يفرض حكماً أو يضع دستوراً، أو يشترط زج كلماته في قوانين ولوائح الدولة.
لم يجرأ على كشف هذه الحقيقة قبل عبد الرحمن الكواكبي في "طبائع الاستبداد" وعلي عبد الرازق في "الإسلام وأُصول الحكم" غير علي بن طاوس (ت 664هـ) عندما أفتى فتواه المشهورة، وقد تعرضنا لها في مقال سابق، ومنطوقها يقول: تفضيل السلطان الكافر العادل على السلطان المسلم الجائر. وأدركتها قبل ذلك قبيلة في عرض الصحراء الأفريقية، ولأهمية الحدث وقوة مغزاه نأتي على سرده. جاء في تاريخ أبي الفداء (ت732هـ)، وهو يتحدث عن ابتداء دولة المرابطين بأفريقيا: السنة 448هـ "فلما كانت هذه السنة توجه رجل منهم اسمه جوهر من قبيلة جدالة إلى أفريقيا طالباً الحج فلما عاد استصحب معه فقيهاً من القيروان يقال له عبد الله بن ياسين الكزولى، ليعلم تلك القبائل دين الإسلام، فإنه لم يبق فيهم غير الشهادتين والصلاة في بعضهم. فتوجه عبد الله بن ياسين مع جوهر حتى أتيا قبيلة لمتونة، وهي القبيلة التي منها يوسف ابن تاشفين، أمير المسلمين، ودعياها إلى العمل بشرائع الإسلام. فقالت لمتونة أما الصلاة والزكاة فقريب، وأما قولكما مَنْ قتل يُقتل ومَنْ سرق يقطع ومَنْ زنا يرجم فهذا أمر لا نلتزمه. أذهبا عنا! فمضى جوهر وعبد الله بن ياسين إلى جدالة قبيلة جوهر فدعاهم عبد الله بن ياسين والقبائل التي حولهم إلى شرائع الإسلام، فأجاب أكثرهم، وامتنع أقلهم. فقال ابن ياسين للذين أجابوا إلى شرائع الإسلام يجب عليكم قتال المخالفين لشرائع الإسلام"(26). لقد استبق السياسي الحدث فتنبه إلى توظيف الشريعة في إقامة دولة، فبهذه الذريعة قامت دولة الملثمين، وهي دولة المرابطين نفسها بحد السيف والشريعة.
لا يختلف دعاة الدولة الإسلامية أو الدينية، على وجه العموم، عن جوهر وعبد الله بن ياسين، فهم يطلبون ويحاولون مرة عبر السياسة وأخرى عبر السيف لتطبيق الشريعة، فسلطانهم لا يتوقف عند البرلمان والدائرة الحكومية بل يحاولون الهيمنة على الشارع وتغطيته بغطاء دين، مع ضمان الإمداد المالي والسطوة الاجتماعية، وهذا ما حاولته السلفية في الجزيرة العربية بالدرعية والعينية، بعد فشلها بالبصرة. هنا سيبرز رجل الدين الحقيقي ويبدأ دوره في تخليص الدين من براثن السياسة، متجاوباً مع رجل السياسة الذي يسعى إلى تخليص السياسة من هيمنة الدين، وهو والدين لا يتدخل إلا عبر الرجال، منهم حاسري الرؤوس ومنهم المعممين، وفي الأخيرين قال محمد عبدة:
ولستُ أبالي أن يقال محمدٌ
أبلَ أو اكتظت عليه المآتمُ
ولكنَّ ديناً مثل دين محمدٍ
أحاذرُ أن تقضي عليه العمائم
بعد هذا ألم تسرق الدولة الدينية باستبدادها واستحواذها على المقدس حلماً طالما استمد البشر منه العون الروحي، لقد اسنخفت هذه الدولة بعقولنا، إلا أنها جعلتنا في مواجهة الحقيقة العارية وهي أن الله لا يضع دستوراً ولا يكلف حزباً أو أو جماعة أو فرداً يحكم باسمه، والدين شيء والدولة والسياسة شيء آخر.

الهوامش
(1) الإسلام وأصول الحكم. تونس: دار الجنوب للنشر، 1993.
(2) الشهرستاني، الملل والنحل، بيروت: دار المعرفة 1ص116.
(3) الباقلاني، إعجاز القرآن، مصر: دار المعارف، ص 239.
(4) كاشف الغطاء، أصل الشيعة وأُصولها، بيروت: دار المطبوعات 1993، ص 68، 75.
(5) محمد حسن الطالقاني، الشيخية نشأتها وتطورها ومصادر دراستها، بيروت: الآمال للمطبوعات 1999 ص34.
(6) الإسلام وأُصول الحكم، ص80.
(7) ابن إسحاق، سيرة ابن إسحاق (النبوية)، ص179.
(8) نهج البلاغة، شرح محمد عبدة، وصية رقم 315.
(9) شرح نهج البلاغة، دار مكتبة الحياة 5ص250.
(10) الري شهري، ميزان الحكمة 8ص 102.
(11) سورة التوبة أو براءة، آية 5.
(12) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 1ص142.
(13) سورة نوح، الآية 26-27.
(14) الهندي، كنز العمال، حديث رقم 43542.
(15) المصدر نفسه، رقم الحديث: 14815.
(16) طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، منشور في "الكواكبي"، بيروت: دار الملايين، ص34.
(17) مقدمة لكتاب محمد حسين الطباطبائي، نظرية السياسة والحكم في الإسلام، ترجمة عن الفارسية وتقديم محمد مهدي الآصفي، بيروت: الدار الإسلامية، 1982، ص14.
(18) سورة الأنفال، آية 60.
(19) نظرية السياسة والحكم في الإسلام، ص46.
(20) سورة المائدة، آية 48.
(21) سورة النحل، آية 93.
(22) سورة هود، آية 118.
(23) يونس، آية 19.
(24) الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت: دار المعرفة، 1986، 5 ص 149.
(25) الماوردي، الأحكام السلطانية، بيروت: دار الفكر، ص3.
(26) المختصر في أخبار البشر، مصر: المطبعة الحسينية، 2ص174.

[email protected]