قبل أن ينهش المتعصبون بريدي الإلكتروني بحفنة شتائم واتهامات بالعمالة ردا على هذا المقال فأنا أقول لهم بأنه من حقي الدفاع عن الأردن ضد أي ورطة توقعه بها جهالات وضيف أفق سياسييه الجدد من فئة أطفال الأنابيب اللذين أبتلينا بهم في الأردن على مدى السنوات الماضية في السياسة والإعلام، ولكي لايكون حقي بالدفاع عن الأردن موجها أو مغرضا كما سيقول البعض فأنا أتجه الى يمين الخيمة الإيلافية حيث يحق لي فيها فقط إبداء الرأي، وباستثناء ذلك فأنا صحافي أنقل الحدث وأغطيه بالمفردات المتوازنة وأطعمه بالمعلومات المستقاة حتى لوكانت جارحة للبلد الذي أنا منه وإليه وهذا أفهمته مرارا لشخصيات أردنية كانت تطلب مني أن أرحم البلد، لكن اليوم الموقف مختلف، فأنا مع البلد.
لايمكن بأي حال من الأحوال الإقتراب من "العك السياسي" الذي مارسه وزير الخارجية الأردني هاني الملقي ضد الجوار الشقيق شمالا وشرقا وحتى غربا وجنوبا أيضا دون المرور بكومة الأدوية والعقاقير التي تملأ المنضدة أعلى سرير الإعلام الأردني المريض والمثخن بالجراح، فيما هو يصر على عدم تناولها فيضيف للعك الحاصل أزمات أخرى الأردن في غنى عنها. لايختلف اثنان بأن الوزير الملقي قد أخطأ أخطاء جسام في الجزائر وكادت أن تكون قبره سياسيا ودبلوماسيا، ولانختلف أيضا بأن اقامة عرس احتفاء بالدم العراقي الطاهر في مدينة السلط الأردنية هي جريمة لاتغتفر دفعت العلاقات الأردنية العراقية للتشنج رغم بساطتها وأريحيتها في السنوات الماضية، وقد تابعت بتألم شديد تلك "العصبية الجاهلية" التي مارسها كتابا كبارا في الآونة الأخيرة ضد الأردن الرسمي والشعبي مؤيدين احراق العلم الأردني ومحرضين على رد انتقامي فوق الأراضي الأردنية ، ومطالبين بالقسوة على الأردن وعلى الأردنيين وهذا كله مع الإحترام عيب في عيب وعصبية من متسرعين، ولم أشأ الكتابة والرد انتظارا لمقالة هادئة من أحد الكتاب يسقط فيها تساؤلا واحدا لماذا الأردن؟! فقد كان وزراء العراق يتخمونا يوميا خلال مؤتمراتهم الصحفية بأنهم يعثرون على مقاتلين عربا في المدن العراقية كانوا يخططون لتفجير سيارات مفخخة فقد ألقي القبض على سعوديين ومصريين وفلسطينيين ولبنانيين ومغربيين وأردنيين بالطبع فلماذا قامت قائمة البعض داخل العراق ضد رائد البنا لارحمه الله ان كان قد فعلها في الدم العراقي الطهور.. حتما كبار الكتاب كانوا على قدرة لطرح السؤال وكانوا على معرفة بالجواب اليقين وهذا كله مع الإحترام أيضا عيب في عيب، أما العيب الأكبر فقد كان تصدي البعض ممن لايعرفون عن العراق شيئا ويعيشون في الغربة مرفهين ناعمين الحديث بإسم ملايين العراق للمطالبة بقطع العلاقات الأردنية العراقية التي هي أكبر منهم ومن تاريخ ولادتهم.
وقبل العودة الثانية للحديث عن الإعلام الأردني المريض أقول بإختصار شديد شديد أن الزرقاوي يعيش في العراق قبل سقوط النظام العراقي فالعراق وفر له الملاذ وليس من الحكمة أبدا أبدا أن تربط أفعاله الشريرة بالأردن والأردنيين.
أما الإعلام الأردني فهو جاهل فاشل عديم الخبرة، يعطي من هم ليسوا بإعلاميين القدرة للسب والشتم العصبي، وأخشى ما أخشاه أن يستمر كتاب التدخل السريع في الأردن اللذين هبطوا على الإعلام بالباراشوت من الإستمرار في ارتكاب الحماقات، فلازلنا نتذكر ضيق أفقهم وفهمهم بتناول الوصف التحذيري النبيل للفظة العاهل الأردني "الهلال الشيعي" فلايمكن لعاقل أن يفهم أن تحذير الملك هو اساءة للشيعة لأن أسرة الحكم الأردنية هي تنتسب للبيت الشيعي، لكن الإعلام الأردني فهم مقولة ملك الأردن بأنها اشارة لمهاجمة الطائفة الشيعية وتشمير السواعد ضدهم فكتبوا بغباء مطلق، رعم بساطة ماكان يعنيه الملك عبدالله الثاني من الحاجة للتنبه الى سعي ايران فرض الهيمنة السياسية باسم الشيعة. ولولا أن المجالس أمانات لقلت كيف أن زعيما عربيا بعد ساعات من اطلاق عبدالله الثاني لوصفه قد غل العاهل الأردني من كتفيه وهو يستقبله في المطار حبا وحماسة قائلا له لقد قلت مالم نستطع قوله في بلادنا ضد أطماع إيران، وهذا يعني أن الآخرين فهموا ماعناه الملك قبل إعلامنا المريض.
أقول لأهلي وأساتذتي في العراق الحبيب ورطتنا كأردنيين في اعلامنا وليس في نظامنا السياسي الذكي والمحترف، ولاأستبعد أن نكون في الأردن قريبا بين أنياب ورطات أخرى من طراز "الحلة" و "الجزائر" مالم يتدخل صانع القرار الأردني ليبطح الإعلاميين الأغبياء اللذين آذوا البلاد والعباد بحماقات تترى منذ زمن بعيد.

[email protected]