خمس وعشرون عامًا مضت على رئاسة البابا بولس الثاني الذي يناهز الـ84للكنيسة الكاثوليكية .. مدة ترك فيها أقوالًا وأفعال بارزة ستبقيه حيًا في النفوس حتى ولو غيبه المرض.

ولطالما عرف عن البابا مواقفه العالمية الحاسمة؛ المناهضة للحروب والمؤازرة لقوى السالم والمدافعة عن الإنسانية في مواقعها ومعانيها.

وفيما يليلمحة تاريخية لأبرز المحطاتمنذ الصبا وحتى اليوبيل الذهبي.

قدر للطفل كارول فويتيلا (إلى أعلى من اليمين، بالمعطف الأسود) أن يصبح أصغر بابا يتولى المنصب في القرن العشرين.

كبر كارول في قرية فادوفيتش بجنوب بولندا، وكان والده ضابطا بالجيش. كانت تربية كارول صارمة وورعة، وقد توفيت أمه وأخوه قبل أن يبلغ الرابعة عشرة. وكشاب كان فويتيلا يعشق الرياضة، ومنها كرة القدم والتزحلق على الجليد، كما كان يحب التمثيل والمسرح.

وكان في سن المراهقة حينما اجتاحت الدبابات الألمانية بولندا عام 1939.

وخلال الحرب العالمية الثانية والاحتلال النازي اشتغل فويتيلا كعامل بينما كان يدرس اللاهوت سرا.

وفي عام 1944 عقب حملة على التعليم الديني اضطر فويتيلا للاختباء، وأرسل الكثير من أصدقائه لمعسكرات الاعتقال.

وواصل فويتيلا دراسته بعد الحرب، ورسم قسا في عام 1946، وبحلول عام 1964 وصل إلى منصب رئيس أساقفة كراكوف وأصبح كاردينالا بعد ذلك بثلاث سنوات.

وخلال هذه السنوات حظي فويتيلا بالاحترام لموقفه إزاء النظام الشيوعي ببولندا.
لقد جاء اختيار كارول فويتيلا غير متوقع لتولي البابوية حينما انتخب للمنصب عام 1978، ولم يكن قد تجاوز الثامنة والخمسين من عمره.

وكان فويتيلا هو أول بابا غير إيطالي منذ 450 عاما وكان ينظر إليه على أنه غريب على المنصب، وقد تولى البابوية تحت اسم يوحنا بولس الثاني.

وبين أولى زيارته زيارة قام بها لمسقط رأسه بولندا – وكانت أول زيارة بابوية لبلد تحت حكم شيوعي. غير أن زيارته شجعت الناس وساعدت في زرع بزار الثورة التي قدر لها الميلاد بعد ذلك بعشر سنوات. وبعد اثنين ضعفاء في المنصب، نظر إلى يوحنا بولس الثاني على أنه رجل أفعال. وأصبح يوحنا بولس الثاني أكثر بابا يقوم بجولات خارجية في التاريخ. وقد حذره مستشاروه من أن نفوذه المتنامي قد يجعله هدفا للاغتيال، غير أنه لم يقلل من ظهوره بشكل عام.

وفي 13 أيار(مايو) 1981، تعرض لإطلاق النار وأصيب برصاص شخص مأجور في ساحة القديس بطرس بينما كان يميل لتحيه الجماهير. وفي الصورة يبدو قبل لحظات من إطلاق النار.

وبعد فترة طويلة من التعافي التقى البابا مع التركي محمد علي أغا الذي أطلق عليه الرصاص، وأعلن له عن صفحه.

وفي مايو/أيار 2000 كشف الفاتيكان عن أن ثلاثة أطفال في البرتغال شاهدوا في عام 1917 رؤية كانت بمثابة نبوءة بمحاولة الاغتيال.

وأطلق على ذلك السر الثالث من أسرار فاتيما – نسبة للبلدة بالبرتغال التي ينتمي إليها الأطفال الثلاثة – وهو الأمر الذي أبقي طي الكتمان لعقود، وتم الكشف عنه تزامنا مع زيارة للبابا لضريح فاتيما.

ويعتقد البابا أن العذراء أنقذت حياته.

وقد تم تشديد الأمن المحيط بالبابا منذ محاولة اغتياله عام 1981، واشتهر البابا خلال جولاته الخارجية العديدة بالعربة البابوية التي تنقله.

وأمكن للبابا الوقوف داخل العربة البابوية المحاطة بالزجاج المضاد للرصاص، حيث تشاهده الحشود التي يبادلها التحية.

وشهد البابا الكثير من التغيرات السياسية في العالم بما فيها سقوط الشيوعية في شرق أوروبا ونهاية نظام الأبارتيد بجنوب أفريقيا.

وفي سبتمبر/أيلول 1995 زار البابا جنوب أفريقيا وفي الصورة يظهر في جوهانسبرج إلى جانب أول رئيس أسود للبلاد، نيلسون مانديلا.

وفي السنوات الأخيرة زادت المتاعب الصحية للبابا بسبب التهاب المفاصل وداء باركينسون (الشلل الرعاش).

وقد أجريت له جراحة في الفخذ في أبريل/نيسان 1994، وقد سقط مغشيا عليه خلال رحلة لفرنسا عام 1996، ولكنه واصل رحلاته بشكل مكثف.

وفي يناير/كانون الثاني 1998 زار البابا كوبا وكان فيدل كاسترو في استقباله، وهو الزعيم الشيوعي للبلد الكاثوليكي تقليديا.

البابا على جبل نبو، غربي عمان بالأردن، حيث يعتقد المسيحيون أن موسى لمح من بعيد أرض الموعد للمرة الأولى. وكان ذلك خلال جولة للأماكن الدينية في عام 2000 تزامنا مع انقضاء الألفية الميلادية الثانية.

وفي فبراير/شباط أصبح أول بابا يزور مصر، التي أغلب سكانها من المسلمين، حيث دعا إلى الوئام بين الأديان.

وفي مارس/آذار أعرب عن تعاطفه مع محنة الفلسطينيين، كما أعرب عن حزن الكنيسة للاضطهاد المعادي للسامية الذي ارتكبه المسيحيون ضد اليهود.
وقد وضع البابا يوحنا بولس الثاني جدولا مضنيا لعام 2000، كما صمم على تزعم المراسم الخاصة بـ"سنة اليوبيل" الكاثوليكية.
وكانت ذروة المراسم الرسالة التي ألقاها خلال عيد القيامة في عظة مفتوحة بساحة القديس بطرس بالفاتيكان. واحتفل البابا في الشهر الذي تلى ذلك بعيد ميلاده الثمانين. ورغم ضعفه المتزايد واصل البابا العمل، حيث قام بزيارة مؤثرة لمسقط رأسه بولندا عام 2002 وأعرب عن معارضته لحرب العراق عام 2003.

من أبرز أقوال البابا
الزواج والأسرة
1979:
"قد يغير الخوف من الالتزامات الدائمة الحب المتبادل بين الزوج والزوجة إلى حب كل منهما لنفسه - حبان قائمان جنبا إلى جنب - حتى ينتهي الأمر بانفصالهما".

1986:
"بينما تمضي الأسرة، تمضي معها الأمة وكذلك يمضي العالم بأسره الذي نعيش فيه".

عن الأطفال والشباب
1979 - كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:
"اختارت منظمة الأمم المتحدة عام 1979 عاما للطفل. ترى هل سيرث الأطفال عنا سباق التسلح بالضرورة؟"

1988:
"الشباب مهددون ... بالاستخدام الشرير لأساليب الدعاية التي تحفز النزعة الطبيعية لتجنب العمل الشاق عن طريق الوعد بالإشباع الفوري لكل الرغبات."

1981 - كلمة أمام رجال دين في الفلبين:
"أنتم قساوسة، ولستم قادة سياسيين أو اجتماعيين. لنتجنب الوقوع في الوهم بأننا نخدم الإنجيل عن طريق الاهتمام المبالغ فيه بالمجال الواسع من المشاكل العابرة."

1994 - خطاب رسولي إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية:
"لقد حافظت التقاليد الثابتة والشاملة للكنيسة على التعاليم القاضية بأن تقتصر الرِسامة الكهنوتية على الذكور، وكانت السلطة التي تمنحها الكنيسة لتعليم مذهبها الديني حازمة في تدريس هذه التعاليم.

وبمقتضى واجباتي الكهنوتية في تثبيت الأخوة للعضوية الكاملة في الكنيسة، أعلن أن الكنيسة ليس لها أدنى سلطة في إضفاء الرِسامة الكهنوتية على النساء بأي حال من الأحوال، وأن هذا حكم نهائي سيلتزم به كل رعايا الكنيسة."


الدول الاشتراكية السابقة
1991:
"التجربة التاريخية للدول الاشتراكية أظهرت للأسف أن مبدأ الجماعية لا يذهب العزلة بل قد يزيدها، بالإضافة إلى نقص الاحتياجات الأساسية وانعدام الكفاءة الاقتصادية."


الولايات المتحدة
1995:
"ليست الحرية أن نفعل ما نحب، بل أن يكون لنا الحق أن نفعل ما ينبغي فعله."

1999:
"التغيرات الجذرية في السياسات العالمية ألقت مسؤولية كبرى على عاتق أمريكا، وهي أن تكون مثالا حقيقيا للمجتمع الإنساني الحر والديموقراطي والعادل ."


البيئة

1990:
"لن يجد المجتمع المعاصر حلا لمشكلة البيئة وعلاقتها بالكائنات الحية ما لم يلق نظرة مدققة على أسلوب حياته."


أغا الذي حاول اغتياله
2000:
"بمناسبة عيد الميلاد وعام الخلاص المجيد، تسنى لي لقاء شخص تعرفونه جميعا بالاسم، علي أغا، الذي حاول قتلي في 13 من مايو/ أيار عام 1981.

لكن العناية الإلهية أخذت مجراها، بطريقة أرى أنها استثنائية، لذا تسنى لي اليوم لقاء الشخص الذي هاجمني وأعدت على مسامعه العفو الذي منحته له على الفور."


الحرب
1982 - لدى وصوله إلى بوينس إيرس قرب نهاية الصراع بين الأرجنتين والمملكة المتحدة على جزر فوكلاند:
"على الإنسانية أن تسأل نفسها، مرة أخرة، عن ظاهرة الحرب اللامنطقية والظالمة دائما، وعلى مسرح الموت والألم الذي تجلبه لا يبقى من قائم سوى مائدة المفاوضات التي كان يمكن وكان يتعين أن تجنبنا الحرب".