لقد تم تطبيق مبدأ الجهاد وما يترتب عليه حسب الكيف والمصالح عبر التاريخ، فما هي مصالح المسلمين اليوم في جزّ رقاب الخراف الآدمية وتفجير المصلين في الحسينيات وفي الكنائس العراقية؟ وما هي المكاسب التي حققها "المجاهدون" بغزواتهم المباركة؟ فقط لم يحققوا سوى القتل، وإذا كان القتل هدفاً في حد ذاته، فهو ما يعني أننا قد هبطنا إلى ما دون الحيوانات المفترسة التي تفترس لتأكل، ولهذا خلقت، فلماذا خلقنا؟!

الشيخ يوسف القرضاوي منزعج أشد الانزعاج ممن قال عنهم "من يسعون إلى تفكيك الإسلام فيريدونه إسلاماً بلا جهاد ومصحفاً بلا سيف". دون أن يوضح لمتابعيه ماذا حقق هذا السيف حتى الآن وماذا فعل الجهاد بالمسلمين؟

أما الشيخ علي جمعة المفتي المصري فقد دعا العالم كله إلى استبدال كلمة "إرهاب" بكلمة "إرجاف"؟ وكيف سيقولونها يا مولانا؟! وهل للإرجاف معنى معلوم حتى لدى المسلمين؟ ولماذا كل هذه المشقة؟ ما العيب في كلمة "إرهاب" الواضحة البسيطة والتي تعني ترويع الآمنين والاعتداء عليهم؟ السبب أن الكلمة وردت في القرآن "ترهبون به عدو الله وعدوكم"، ولا يفهم المسلم هل سننزع عن الآية معناها المقصود والواضح، أم سنظل نستخدمها، لكن نستخدم لذات المعنى كلمة أخرى هي الإرجاف في حال حدوث إرهاب اليوم؟ ويرى السيد المفتي أن كلمة إرجاف هي التعبير الصحيح، كما أرجفت المدينة بعد غزوة أحد وأثناء غزوة الخندق، عندما ارتفع صوت المعارضين أو المنافقين في حال ضعف الإسلام المؤقت، والذي كان يقابل بروع مسلح سريع وقوي تم فيه اغتيال عدة رؤوس من أهل المدينة لمجرد أن واحداً شبب بنساء المسلمين أو أن آخر قال قصيدة هجاء أو تحريض. إن بن لادن والزرقاوي لا يشببان بنساء أميركا ولا يقولان قصائد هجاء حتى تسمى فعلتهم إرجافاً كما تقول كتب التراث (وأرجفت المدينة) أي تكلم أهلها وعلا صوتهم بالمعارضة والنقد. إن الزرقاوي وبن لادن وميليشيات الإرهاب لا تقف عند حد الكلام الذي كان يتم إخراسه في زمنه بالسيف، إنما هي تحرق وتذبح وتسلخ وتدمر أهلنا بالعراق، والإنسانية في أي مكان.

طالب فضيلته باصطلاح الإرجاف بدلاً من الإرهاب في ندوة بمسجد النور بالقاهرة، وأكد أن "الحضارة والثقافة الإسلامية باقية وصامدة ولم تمت، وإنما نامت لبعض الوقت وهي الآن بحاجة لمن يوقظها لمصلحة البشرية". الدكتور جمعة مهموم بالبشرية المحرومة من أنوارنا، وأنها بحاجة لأمتنا النائمة بـ"تعبيره"، وعلى أحد ما أن يهز الأمة أو يسكب عليها عارها حتى تصحو من النوم لتأخذ بيد البشرية نحو النهضة المباركة.

لا زال هؤلاء يعتقدون أنهم مناديب السماء وأن علينا واجباً ربانياً لهداية البشرية، ولا يفهمون أبداً أن للآخرين أديانهم وأنهم يحبونها ويحترمونها وأن علينا أن نحترم ذلك.

الدكتور محمد زيدان تلقف "الإرجاف" ليشرح كيف أرجفت المدينة والمرجفون "الذين يزعزعون الاستقرار والمثبطين" أي المعارضين في يثرب... المعارضة بالكلام هي الإرهاب، أما الرد على المعارضة حسبما قال زيدان -أكثر الله أمثاله- "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم".. الأحزاب، أي سنغرينك بقلتهم.

ولا يكتفي سادتي أهل الدين بهذا التعريف للإرهاب، إنما يضيفون لمفهوم كلمة إرجاف معاني جديدة معاصرة، فالمرجفون أيضاً "هم الذين يسيرون وراء كل ناعق، الذين يشنون على الأمة حروباً معنوية ليدفعوها للتبعية للغرب"... هذا إذاً هو الإرجاف، فأين ذهب الإرهاب؟!.