نبيل شرف الدين من القاهرة: في الوقت الذي كشف فيه اليوم الأربعاء مصدر مقرب من دوائر التحقيقات الجارية في مصر، حول التفجيرات المتزامنة التي ضربت ثلاثة منتجعات سياحية على ساحل البحر الأحمر في سيناء يوم الخميس الماضي‏، عن معلومات تعزز فرضية تورط مجموعة محلية من المتعاطفين مع أيديولوجية تنظيم "القاعدة"، فقد لفت المصدر إلى أن مرتكبي التفجيرات كانوا أربعة أشخاص استخدموا ثلاث سيارات، مؤكدًا أنه لم يثبت لدى السلطات المصرية أن أيّاً من تلك السيارات قد دخل البلاد عبر الموانئ أو المنافذ، مما يعني أن السيارات الثلاث جرى تدبيرها بطريقة أو أخرى من مصادر داخل مصر، وهو الأمر الذي يعيد فتح ملف ما اصطلح على تسميته بـ "الخلايا النائمة" التي لا يعني بالضرورة انتماءها حركيًا لتنظيم "القاعدة"، بقدر اعتناقها أفكاره، وتعاطفه مع أدبياته وسلوكه الإرهابي بحسب المراقبين .

خلايا نائمة

ومضى المصدر ذاته قائلًا إن مشتبهًا به كان يقود سيارة مسروقة من إحدى محافظات صعيد مصر وقام بوضع لوحات معدنية تابعة لمحافظة جنوب سيناء، مشيرًا إلى أن السيارة كانت فيها كمية كبيرة من المواد المتفجرة، موضحًا أن المحققين خلصوا لنتيجة مفادها أن تفجير فندق "هيلتون طابا" يكاد يتطابق تماماً مع الأساليب التي سبق استخدامها في تفجير البنك البريطاني‏ في تركيا، وفندق ماريوت في جاكرتا‏، وتفجيرات أخرى مثل جربا في تونس‏ وهو ما يسمى التفجير الرأسي الذي يصل إلى الطبقات العليا من البناية، الأمر الذي يشير لبصمة لتنظيم القاعدة في تلك العملية‏،‏ لافتًا إلى أنه يتطلب خبرات احترافية لكيفية توجيه السيارة المفخخة، والمحملة بالمتفجرات التي يمكن الحصول عليها بطريقة أو أخرى من المحاجر المنتشرة في المناطق الجبلية بشبه جزيرة سيناء .

ويرى مراقبون منهم الدكتور حسن أبو طالب، الباحث بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والاستراتيجية أن ثبوت هذه الفرضية، التي تحمل مجموعات محلية مسؤولية التورط في تفجيرات سيناء، تعني أن "ثمة عناصر تحمل فكرًا جهاديًا من نفس فكر القاعدة موجودة في مصر، وهى خلايا ليست من قبيل الجماعات الإسلامية المصرية الشهيرة، التي مارست العنف ضد الدولة في التسعينيات من القرن الماضي، ثم تخلت عنه منذ نحو سبعة أعوام، فهي خلايا جديدة تحمل فكرًا راديكاليًا يتوجه بالأساس ضد ما يسمونه "الصليبية والصهيونية"، وهي بذلك جزء من المواجهة الراهنة على الصعيد الدولي بين الولايات المتحدة وحليفاتها من جهة، والأممية الأصولية المنتشرة في بقاع مختلفة من العالم، وأنه "في حال ثبوت وجود خلايا من القبيل نفسه، فهذا يعني أن عمليات أخرى ربما تكون قيد الإعداد هنا أو هناك، وأن ثمة حاجة إلى استراتيجيات أمنية جديدة"، تبدأ برصد الواقع الجديد لهذه "الخلايا النائمة" من المنظمات الراديكالية.

وفي السياق ذاته نقلت صحيفة (الأهرام) المصرية شبه الرسمية عن مصادر أمنية قولها إن السيارة التي نفذت عملية الفندق نصف نقل‏ ، أما الثانية فهي ربع نقل‏، ونفذت عملية منتجع البادية‏ ، في حين كانت الثالثة خاصة من طراز بيجو (504‏)‏ نفذت منتجع جزيرة القمر، وعلم أن السيارة الملاكي صدرت لها لوحات معدنية‏،‏ من إحدى محافظات القاهرة الكبرى.

ورغم نفي السلطات المصرية رسميًا لنظرية إمكانية تسلل الجناة عبر البحر من السعودية أو الأردن مستخدمين زوارق سريعة، فقد أشارت مصادر التحقيقات إلى أن هناك ترتيبات بين مصر والسعودية والأردن لمضاهاة البصمة الوراثية والحمض النووي للجثامين الموجودة، لحسم هذا الأمر بشكل نهائي، وعلى نحو لا يدع أي احتمال قد يذهب بالتحقيقات صوب وجهة أخرى.

سيناريو أمني

ومضت ذات المصادر لتروي تفاصيل ما جرى وفقًا لسيناريو يقوم على ما توافر لديها من معلومات، قائلة إن "سيارة نصف نقل كانت محملة بشحنة متفجرات مخفية أسفل أقفاص ـ يبدو أن بداخلها خضراوات ـ بهدف التمويه دخلت إلى فندق (هيلتون طابا) ومرت عبر منفذ طابا ـ نويبع‏، وهي في طريقها إلى الفندق‏,، وأخفى الإرهابيون ما يزيد على نصف طن من مادة‏ (‏TNT) شديدة الانفجار أسفل شحنة الخضراوات‏،‏ وأوقفت السيارة أمام مدخل الفندق‏،‏ ونزل منها إرهابيان وغادرا المكان‏،‏ وبعد نحو دقيقتين‏ انفجرت السيارة، أما تفجير جزيرة القمر‏،‏ فسيارة من طراز بيجو‏504(7‏ ركاب‏)‏ إلى الجراج الملاصق للمخيم ويتسع الجراج لنحو‏100‏ سيارة ويضم المخيم‏135‏ عشة وكان يقيم داخلها لحظة الانفجار‏85‏ إسرائيليا‏، وعند السيارة إلى الجراج اعترضه الحارس فأضاء في وجهه النور العالي للسيارة ونزل منها وهرب مترجلا وبعد ثلاث دقائق وقع الانفجار‏، وبعد نحو دقيقتين وقع الانفجار الثالث في "مخيم البادية" الذي يقع في مكان مرتفع عن سطح البحر وسط منطقة جبلية‏ وعرة،‏ عندما توقفت سيارة ربع نقل نيسان وتركها سائقها، وانفجرت قبل دخولها المخيم نتيجة لتأخره في الوصول إلى المكان المحدد في المخيم‏،‏ مما كان له أثره في عدم سقوط الكثير من الضحايا.

وميدانيًا يواصل خبراء مصلحة الأدلة الجنائية تحليل العينات التي رفعوها من مواقع التفجيرات، ويؤكد الخبراء أن المادة التي استخدمت في تفجير هيلتون طابا هي‏ مادة (‏ تي‏.‏ إن‏.‏ تي‏)‏ الانفجار‏‏ بينما المادة التي استخدمت في تفجير المخيمين مخالفة تماما عن الأولى وهي مادة شديدة الانفجار غير متداولة في مصر‏،‏ وتحدث قوة تدميرية عالية.
وفي الجانب الإسرائيلي فقد بعث "موشيه زينجل" المدعي العام الإسرائيلي برسالة إلى شركة الفنادق العالمية "هيلتون" يطلب منها تحمل المسؤولية الأمنية وسداد تعويضات عن الأضرار المادية والمعنوية التي تعرض لها إسرائيليون في الحادث، ونقل راديو "لندن" عن المدعي العام الإسرائيلي في رسالته لنائب رئيس سلسلة فنادق هيلتون في غرب أوروبا والشرق الأوسط قوله إن الضحايا دفعوا ثمن إقامتهم بالفندق، ولذلك ينبغي على إدارة شركة الفنادق ضمان أمنهم وسلامتهم الشخصية وحماية متعلقاتهم كنزلاء فيه"، كما لوح المدعي العام في رسالته بأنه سوف يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة في حال عدم تلقيه ردًا في غضون أيام.