خديجة العامودي من الرباط: انتقد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش (منظمة غير حكومية) بشدة ما وصفه "بالردة" التي شهدها تقدم حقوق الإنسان في المغرب بسبب الحملة المضادة للإرهاب. وقال التقرير الذي يقع في سبعين صفحة بعنوان "حقوق الإنسان في المغرب عند مفترق الطرق" إن ما أسماه "الحملة التي يشنها المغرب ضد المتشددين الإسلاميين المشتبه فيهم أوهنت التقدم الذي حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان خلال الأعوام الأخيرة خصوصًا بعد أن تبنى المغرب قانونا جارفا لمكافحة الإرهاب".وحذر التقرير الذي سيرفع إلى الأمم المتحدة من أن "السلطات إذا لم تكافح العنف المتطرف بطرق منسجمة مع التزامها العلني بحقوق الإنسان فإن حقوق المغاربة ستكون في خطر".

وحث التقرير، الذي عرضته منظمة هيومن رايتس ووتش خلال مؤتمر صحافي عقد اليوم (الخميس) في الرباط في مبادرة غير مسبوقة، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على "دمج مسألة احترام حقوق الإنسان في التعاون الأمني المتزايد مع المغرب، وعدم الإرجاع القسري أو تسليم الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهاب إلى المغرب إذا لم تقدم الحكومة ضمانات قابلة للفحص بعدم تعرض هؤلاء للتعذيب وسوء المعاملة". وأضاف أن قانون مكافحة الإرهاب "سن على عجل بعد تفجيرات الدار البيضاء ويتضمن تعريفات غير مضبوطة لتهم الإرهاب فتحت المجال أمام انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان".

وأوضح التقرير أن السلطات المغربية عرضت عددا كبيرا من المغاربة لخطر الانتهاك بعد اعتقالها لأكثر من 2000 مشتبه في ضلوعهم في تفجيرات الدار البيضاء، ووضعهم في الحبس الانفرادي لفترات طويلة وتعرضهم لانتهاكات أخرى خاصة بتطبيق الأصول القانونية والضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.
وانتقد التقرير، الذي أعد بناء على بحوث ميدانية وتحقيقات وشهادات محامين وعائلات سجناء مغاربة خلال زيارة استقصائية أجريت في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) الماضيين، ما وصفه بالمسار السريع لملفات المتهمين في إطار قانون الإرهاب نحو الإدانة، وعدم "اهتمام النيابة العامة والقضاة بمسالة كيفية حصول الشرطة على إفاداتهم التي صرح عدد كبير من السجناء بأنها انتزعت منهم تحت التعذيب.

وعزا التقرير الذي اعتمد أيضا على تعاون السلطات المغربية التراجع الذي عرفه مجال حقوق الإنسان في المغرب إلى القضاء الجنائي الذي يحتاج إلى إصلاحات جوهرية ودعا في السياق نفسه إلى الضغط على الحكومة لجعل استقلال القضاء حقيقة واقعة.

وثمن بالمقابل مبادرة إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة التي تعنى بالتعويض عن انتهاكات الماضي ووصفها بكونها أكبر جهد جدي في العالم العربي حتى الآن للاعتراف بالتعامل مع انتهاكات الماضي بيد أنه أبدى تحفظه إزاء "محدوديات تفويض وصلاحية هذه الهيئة".

يذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش هي منظمة غير حكومية تأسست سنة 1978 وتغطي نشاطاتها دول إفريقيا والأميركيتين وآسيا والشرق الأوسط وتنشغل بقضايا التمييز وحقوق الطفل ونقل الأسلحة وحقوق الإنسان.


تصوير عبداللطيف الصيباري