عامر الحنتولي من عمان: قالت مصادر دبلوماسية أميركية معنية بشؤون مكافحة الإرهاب وتحليل الأداء السلوكي لمتطرفين وإرهابيين لـ"إيلاف"، أنها اطلعت على تقارير إستخباراتية مهمة تضمنت تحليلات أمنية لمضامين وإشارات بعث بها زعيم تنظيم "القاعدة "الإرهابي المتشدد أسامة بن لادن خلال شريط الفيديو الذي سجل حديثًا، وبثت الجزيرة القطرية مقتطفات منه.

ورغم تركيز شريط بن لادن على الشأن الأميركي وتطرقه للإنتخابات الأميركية ومهاجمته للرئيسين بوش الأب وبوش الإبن، إلا أن تلك التصريحات من شأنها أن تأتي بالفائدة على المعسكر الجمهوري لدفع المترددين من الأميركيين وعددهم بالملايين الى التصويت بكثافة لجورج بوش خلال الإنتخابات التي ستجرى بعد غد بسبب إعجابهم وثقتهم بجدوى تصريحات بوش السريعة والمقتضبة تعقيبًا على ماقاله بن لادن.

وتؤكد التقارير بحسب المصادر الأميركية، أن بن لادن تقصد تمرير عبارة "الأنظمة الملكية" وهو ماقد يجعلها شفرة لخلايا القاعدة النائمة في الدول ذات النظم الملكية في العالم العربي لتنفيذ هجمات إرهابية ضد مصالح غربية في تلك البلدان، إذ تستعد المخابرت الأميركية لتمرير تقارير إستخباراتية سرية تحذر فيها الأردن والسعودية والبحرين والمغرب من "هجمات وشيكة" للقاعدة خلال الأسابيع المقبلة.

وتقول المصادر، إن بن لادن الذي لم يأت لأول مرة قياسًا بخطابات وأشرطة سابقة له على التطرق لمايجري في العراق وأفغانستان بحسب مابثته الجزيرة من مقتطفات، يحترف تمرير أوامره الى خلايا تنظيمه الذي لم يتأثر بينما بدا من نبرة بن لادن، عبر "شيفرات" متفق عليها كما كان الحال قبل هجمات الحادي من أيلول (سبتمبر) التي كرر بن لادن وصفه لها بأنها "غزوة مانهاتن"، ويقول تقرير المخابرات الأميركية إن دولا عربية ذات أنظمة ملكية باتت عرضة لهجمات إرهابية من قبل تنظيم القاعدة.

وقالت المصادر لـ"إيلاف"، إن ظهور بن لادن بعد طول غياب قارب العامين واقفًا على منصة شأنه شأن القادة والرؤساء يدفع للإعتقاد بأن الرجل المطارد الأول في العالم، وكذلك المطلوب الأول للولايات المتحدة على نحو خاص يخطط "لعمل شرير" يفوق دموية ودمار الحادي عشر من أيلول(سبتمبر).

وكان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قد وجه رسالة إلى الشعب الأميركي عبر قناة الجزيرة ومقرها الدوحة بدولة قطر. ونقلت الرسالة عن قناة الجزيرة معظم القنوات الأميركية التي ترجمتها وحللتها على جناح السرعة. بينما تصدرت صورة زعيم القاعدة التي ظهر عبرها في الجزيرة صدر الصفحات الرئيسية في الصحف الأميركية الصادرة صباح السبت.

وفي بداية رسالته تحدث بن لادن عن الأسباب التي دعته بداية لاختيار الولايات المتحدة لكي ينفذ فيها أحداث 11 أيلول.

وقال "أيها الشعب الأميركي حديثي هذا لكم عن الطريقة المثلى لتجنب منهاتن أخرى عن الحرب وأسبابها ونتائجها، وبين يدي الحديث أقول لكم إن الأمن ركن مهم من أركان الحياة البشرية وإن الأحرار لا يفرطون بأمنهم بخلاف ادعاء بوش بأننا نكره الحرية، فليعلمنا لمَ لم نضرب السويد مثلا، ومعلوم أن الذين يكرهون الحرية لا يملكون نفوسا أبية كنفوس التسعة عشر رحمهم الله, وإنما قاتلناكم لأننا أحرار لا ننام على الضيم نريد إرجاع الحرية لأمتنا، فكما تهدرون أمننا نهدر أمنكم".

كما تحدث بن لادن لأول مرة عن الدوافع التي جعلته يفكر في التخطيط لهجمات أيلول، مؤكدًا على أن الاجتياح الإسرائيلي للبنان كان أول الأحداث التي جعلته يفكر في ذلك.

وقال "ولكني أعجب منكم، فبالرغم من دخولنا السنة الرابعة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر فما زال بوش يمارس عليكم التشويش والتضليل وتغييب السبب الحقيقي عنكم، وبالتالي فإن الدواعي قائمة لتكرار ما حدث وإني سأحدثكم عن الأسباب وراء تلك الأحداث فسأصدقكم القول".

وأضاف "ففي اللحظات التي اتخذ فيها هذا القرار لتتفكروا سأقول لكم علم الله أنه ما خطر ببالنا ضرب الأبراج ولكن بعد ما طفح الكيل وشاهدنا ظلم وتعسف التحالف الأميركي الإسرائيلي على أهلنا في فلسطين ولبنان، تبادر إلى ذهني ذلك. وأن الأحداث التي أثرت في نفسي بشكل مباشر، ترجع إلى عام 1982 وما تلاها من أحداث عندما أذنت أميركيا للإسرائيليين باجتياح لبنان وساعد في ذلك الأسطول السادس الأميركي".
وأوضح "وفي تلك اللحظات العصيبة جاشت في نفسي معان كثيرة يصعب وصفها ولكنها أنتجت شعورًا عارمًا برفض الظلم وولدت تصميمًا قويًّا على معاقبة الظالمين. وبينما أنا أنظر إلى تلك الأبراج المدمرة في لبنان انقدح في ذهني أن نعاقب الظالم بالمثل، وأن ندمر أبراجًا في أميركا لتذوق بعض ما ذقناه, ولترتدع عن قتل أطفالنا ونسائنا."

واعتبر بن لادن في رسالته أن النتائج التي حققتها هجمات أيلول كانت ناجحة على حد تقديره، وعزا السبب في ذلك إلى ما اعتبره من تشابه بين نظام الحكم الأميركي في عهد بوش الأب والأنظمة العربية التي قال إن بوش الأب تعلم الكثير منها أثناء زياراته لها.

وقال "إننا لم نجد صعوبة في التعامل مع بوش وإدارته, نظرا للتشابه بينها وبين الأنظمة في بلادنا، والتي نصفها يحكمها العسكر والنصف الآخر يحكمه أبناء الملوك والرؤساء، فخبراتنا معهم طويلة، وكلا الصنفين يكثر بينهم الذين يتصفون بالكبر والغطرسة والطمع وأخذ المال بغير حق".

وأضاف "فقد بدا هذا التشابه منذ زيارات بوش الأب للمنطقة، ففي الوقت الذي كان بعض بني جلدتنا، منبهرًا بأميركا ويأمل أن تؤثر هذه الزيارات في بلادنا، وإذا به يتأثر هو بتلك الأنظمة الملكية والعسكرية، ويحسدهم على بقائهم عشرات السنين في مناصبهم يختلسون مال الأمة العام دون حسيب ولا رقيب، فنقل الاستبداد وقمع الحريات إلى ابنه (جورج بوش الابن) وسموه قانون الوطنية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، واستحسن بوش الأب تولية الأبناء على الولايات كما لم ينس أن ينقل خبرات التزوير من رؤساء المنطقة إلى فلوريدا للاستفادة منها في اللحظات الحرجة".

وفي ختام رسالته، قال بن لادن، إن أمن الأميركيين منوط بالسياسة التي ينتهجونها بغض النظر عن الفائز في الانتخابات. وقال "إن أمنكم ليس بيد كيري أو بوش أو القاعدة, إن أمنكم بأيديكم وحدكم، إن كل ولاية لا تعبث بأمننا فهي تلقائيا قد ضمنت أمنها".
ويعود اخر شريط فيديو يظهر فيه بن لادن الى سبتمبر 2003 عشية الذكرى الثانية لاعتداءات الحادي عشر من ايلول، إذ مدح وقتذاك منفذي الهجمات الذين أتى على ذكرهم، مشيدا بما أسماها مناقبهم وجرأتهم.