أبو مصعب الزرقاوي
نصر المجالي من لندن: وضعت أجهزة الاستخبارات في دول غربية عديدة نفسها في حال إنذار فوري بعد تسرب معلومات تشير إلى أن أبا مصعب الزرقاوي بدأ تجنيد عناصر له في عواصم هذه الدول لتنفيذ عمليات إرهابية. والزرقاوي الأردني الجنسية، المنتمي إلى قبيلة بني حسن التي تمتد على طول الحدود الأردنية العراقية، متهم بانتمائه الى شبكة القاعدة التي يتزعمها أسامة بن لادن، وهو وراء كل التفجيرات والعمليات الانتحارية التي شهدها العراق في الأشهر القليلة الماضية، حسب تقارير أجهزة الاستخبارات.

ونقلت صحيفة (صنداي تايمز) البريطانية ذات الانتشار الواسع اليوم عن خبراء قولهم إن رأس أبي مصعب وإسمه الأصلي أحمد فضيل نزال الخلايله، مطلوب للولايات المتحدة التي حددت مكافأة قدرها 25 مليون دولار للقبض عليه، و إنه كان قد جنّد أوروبيين لعملياته ضد أهداف أميركية في العراق.

وكان أبو مصعب الزرقاوي الذي تتباين الآراء في شأن وجوده، من حيث إنه حقيقة أو إنه أسطورة، أعلن في الشهر الماضي عبر بيان نشر على مواقع إلكترونية كثيرة تبيعته لأسامة بن لادن زعيم شبكة (القاعدة) المختفي في مكان ما على الحدود الأفغانية الباكستانية، ولم تتمكن عمليات مطاردته من جانب قوات التحالف أو من القوات الباكستانية من النيل منه.

وقال الخبير في المسائل الإرهابية روهان غوناراتنا وهو أحد الخبراء العالميين في شبكة القاعدة الإرهابية إن خطر الزرقاوي يتصاعد في شكل مثير "فقد إستطاع تجنيد الكثيرين في الدول الأوروبية، ومنها بريطانيا، إذ أصبح معروفًا جدًا لدى الجماعات المتشددة في هذه الدول ولذلك فإن مهماته الإرهابية أصبحت دولية، وليس في مكان واحد". وكان غوناراتنا باحثًا في السابق لدى مركز الإرهاب والعنف السياسي التابع لجامعة سانت أندروز الاسكوتلندية الشهيرة، وهو مؤلف كتاب "من داخل القاعدة".

وتتهم أجهزة الاستخبارات الغربية الزرقاوي، بأنه كان وراء عمليات كثيرة في العراق، ومن بينها قطع رؤوس العديد من الرهائن الغربيين، ومن بينهم الرهينة البريطاني كينيث بيغلي.

والحديث عن تهديدات جماعة الزرقاوي بشن هجمات إرهابية في أوروبا، يأتي غداة إحباط سلطات الأمن الألمانية في الأسبوع الماضي محاولة إغتيال رئيس الوزراء العراقي الموقت الدكتور أياد علاوي خلال زيارته الأخيرة، حيث اعتقل ثلاثة رجال بتهمة التخطيط لمحاولة الاغتيال.

وتشير التقارير البريطانية الأمنية، على هذا الصعيد، إلى أن العديد من الشباب الأوروبيين المسلمين توجهوا في الأشهر الأخيرة إلى العراق للقتال إلى جانب جماعات المقاومة التي يتزعم بعضا منها أبو مصعب الزرقاوي ضد قوات الاحتلال الأميركية. وقالت إن الزرقاوي ينتهج الأسلوب ذاته الذي إتبعته شبكة القاعدة في الثمانينات والتسعينات الفائتة من القرن الماضي في تجنيد الجيل الإسلامي الجديد في أوروبا، حين أرسلت هؤلاء للقتال في أفغانستان والبوسنة والهرسك والشيشان.

وقال الخبير غوناراتنا إن كثيرا من متوسطي العمر الذين جندتهم شبكة القاعدة في أوقات سابقة للقتال معها "قد انتهت مهماتهم أو أحبطت، ولكن الزرقاوي بدأ تنفيذ مهماته مع الجيل الجديد المسلم الذي يبدو أنه يدعمه، حيث يحاول الزرقاوي إيجاد قيادة جديدة بزعامته".

وأشار الخبير البريطاني إلى أن عددًا من جماعة الزرقاوي عادوا من مهمة "الجهاد المقدس في العراق إلى الدول التي يحملون جنسيتها ومنها دول أوروبية لبدء حملة تجنيد في أوساط الشباب المسلم للانضمام إلى الجهاد المقدس".

ويقدر عدد هؤلاء العائدين بما بين 150 إلى 200 عنصر، كانوا قد دخلوا العراق عبر الحدود السورية أو الإيرانية المحاذية للعراق، ومن بين هؤلاء ثلاثة بريطانيين كانوا شاركوا في عملية قطع رأس الرهينة البريطاني كينيث بيغلي، حسبما جاء في تقرير صحيفة (صنداي تايمز) نقلا عن أحد قادة المقاومة في العراق في أيلول (سبتمبر) الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن أبا معاوية وهو أحد مساعدي الزرقاوي الذي أمضى ثمانية أشهر في معسكرات "التوحيد والجهاد" ابلغها بأن عددًا من البريطانيين من ضمن المقاتلين غير العرب انضموا للحركة من بعد توصية من رجل دين من الخارج، ويعتقد أن رجل الدين هذا يقيم في بريطانيا.

وأخيرا، فإن خبراء في الإرهاب أكدوا في مؤتمر لهم في واشنطن هذا الشهر أن أوروبا قد تكون الهدف الأكبر لعمليات إرهابية على غرار ما حدث في الدار البيضاء ومدريد واسطنبول، ونقل عن خبير الإرهاب والضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) مارك ساغمان قوله "هؤلاء الإرهابيون ينتمون إلى طبقة فوق المتوسطة في المجتمع، وهم مثقفون ومتعلمون جدًا و 60 % من بينهم حازوا درجات ومؤهلات عليا في العلوم والهندسة".

وختامًا، قال الخبير ساغمان "هؤلاء تعلموا في أوروبا والولايات المتحدة ونصفهم ينتمي إلى عائلات متدينة وهنالك 10 % من بينهم تحولوا من الديانة المسيحية إلى الإسلام"، مضيفًا "إنهم على درجة عالية من الثقافة في المجتمعات التي ينتمون إليها، وهم ذهبوا للغرب لإكمال تحصيلهم العلمي، ولكن حين شعروا بالغربة القاتلة توجهوا إلى المساجد في بلدان الغرب التي يتعلمون فيها، ومن هناك بدأت مسيرة إنضمامهم للجماعات الإرهابية".