وزير الدفاع العراقي يكتب لـ"إيلاف" حول "الازدواجية":
تأثيرات كبيرة لنجاح التجربة الديمقراطية العراقية

فتى عراقي يمر أمام شجرة الميلاد وفي الإطار حازم شعلان
إيلاف خاص: يعتقد حازم شعلان وزير الدفاع العراقي أن الانتخابات التي ستنظم في العراق الشهر المقبل ستشكل "مصدر خوف وألم واضطراب بالنسبة لقوى الديكتاتورية والقمع والظلام" وفي اعتقاده فإنها أي الانتخابات "ظاهرة لا توفر للقوى الديكتاتورية للاستمرار باحتكار الإرادة". ويقول الشعلان في مقال كتبه لـ"إيلاف" إن حراكًا هائلًا في الشارع العراقي حاليًا يبدو وكأنه.. مشهد غير مألوف".

في ما يلي نص مقال المسؤول العراقي. "عشرات القوائم الانتخابية تتقدم إلى لائحة الترشيح، وهناك مئات المستقلين، والتحالفات على قدم وساق، بلا شروط مسبقة، سواء كانت شروطًا من نوع عقدي أو من نوع سياسي أو من نوع ديني .. وهناك حوار ساخن حول الانتخابات ذاتها، هل هي ضرورية أم لا؟ هل وقتها ملائم أم لا؟ هل ستجري بسلام أم لا؟ هل تكون نزيهة أم لا؟ ..

حراك هائل، حراك اجتماعي وسياسي وفكري في العراق ... حراك حر، في الشوارع، في المقاهي، في المدارس، في البيوت، في المحلات العامة والخاصة .. ذلك في العراق .. نعم، في العراق الذي كان يحكمه الحزب الواحد بل الشخص الواحد!

أليست هي ظاهرة عجيبة؟
نعم هي ظاهرة عجيبة ليس بالنظر إلى ما كان عليه واقع الحال بالنسبة للعراقيين قبل سقوط نظام الطاغية صدام، بل هي ظاهرة عجيبة بالنسبة لواقع المشهد السياسي في عامة الوطن العربي على درجات متفاوتة، إنه باختصار مشهد غير مألوف، ليس لأنه غريب على أماني هذه الشعوب وتطلعاتها، بل لغياب الديمقراطية بقاعدتها الفكرية العريضة.

لا ندعي ذلك بلغة المطلق، هناك استثناءات بلا شك، ولكن ليس كما عليه الساحة العراقية الآن، ففي العراق اليوم مشهد صارخ بالمعالم الديمقراطية، وقضية الانتخابات تشكل إحدى هذه المعالم، بل أهمها لأنَّها جوهر العملية الديمقراطية، بل هي الجوهر والدليل في آن واحد، هذا المعلم مدوي، ظاهر للعيان.

هذه الظاهرة السياسية الحضارية الكبيرة التي يعيشها الشعب العراقي بقدر ما هي ظاهرة جميلة مفرحة بالنسبة للخيرين الذين يصبون لواقع سياسي جديد في العالم العربي يعبر عن طموحات الشعوب العربية ويكرس إرادتها الحرة، هي في نفس الوقت مصدر خوف وألم واضطراب بالنسبة لقوى الديكتاتورية والقمع والظلام، لأنها ظاهرة لا توفر الفرص لمثل هذه القوى للاستمرار باحتكار الإرادة والاستفراد بحق الحرية والتسلط على رقاب الناس. لهذا تجتذب هذه الظاهرة اليوم توقعات السياسيين وتستجلب اهتمام الحكام والمحكومين، خاصة في العالم العربي والإسلامي، فإن نجاحها ولو بنسبة متواضعة سوف يضع الكثير من الأمور في هذا العالم على محك المحاكمة والمراجعة، بل على محك المصير والنتيجة، وفي مقدمة هذه الأمور ما يتصل بالحكم وأنظمته ودساتيره وحق الشعوب باختيار حكامها.

كان لسقوط صدام حسين إنعكاساته الكبيرة والخطيرة على مجمل الأوضاع في العالم العربي والأسلامي، خاصة دول الجوار، ولكن سيكون لنجاح هذه التجربة، الظاهرة تأثيرات أكبر خطرًا وأبعد مدى، ولكن في الاتجاه الصحيح.