عبد الرحمن الماجدي من امستردام: فوجئ الزوار الذين وصلوا النجف ملبين طلب السيد السيستاني بعشرات الجثث التي طمرتها البنايات المهدمة وتلك التي قضى اصحابها وهم ينزفون داخل الصحن الحيدري. ولم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول لتلك الأماكن التي توجد فيها الجثث إما لصعوبة الدخول في الحارات الضيقة في النجف القديمة حيث دارت معارك الاسابيع الثلاثة العنيفة بين القوات الاميركية والعراقية من جهة وقوات جيش المهدي من جهة اخرى، او لقلة امكانيات المستشفيات في النجف. رائحة الموت المنبعث من الجثث ملأت الصحن والبنايات المهدمة بينما انشغل بعض المقاتلين الذين القوا اسلحتهم من جيش المهدي بحمل جثث زملائهم على اغطية لدفنها مع تلك التي دفنتها القذائف في المقبرة الكبيرة حيث دارت المعارك الشرسة. وحمل الجرحى إلى مستشفيات مزدحمة بجرحى نهار البارحة وسط عجز واضح للمؤسسات الصحية في النجف التي انشغل سياسيوها ببنود وقف النار؛ اذ لم يتم تجهيز مستشفيات ميدانية او الاستعانة بالمستشفيات في المحافظات المحيطة بالنجف. كما فوجيء اصحاب البيوت في النجف القديمة بالدمار الذي لحق ممتلكاتهم حيث دارت المعارك منذ ثلاثة اسابيع منتظرين تنفيذ البند الرابع في اتفاقية السلام الخاص بتعويض المتضررين.

تسليم المفاتيح

مع انتهاء المدة التي حددتها الاتفاقية بين السيد الصدر والمرجع السيستاني بمغادرة الجميع الصحن الحيدري وصل ممثلون عن السيستاني للصحن الذي لم يتبق فيه سوى عدد من كبار مساعدي الصدر حيث تم تسلم مفاتيح الحرم العلوي لمكتب السيد السيستاني الذي سيقوم بالاشراف عليه بعد اجراء الجرد لمحتوياته من النفائس والكنوز. ووقع الشيخ احمد الشيباني احد مساعدي الصدر و حامد الخفاف وثيقة الاستلام للضريح. وتم اغلاق البوابات الكبيرة لمنع دخول الزوار الوافدين للصلاة حيث سيتم تنظيف المكان وترميم ماتعرض منه لاطلاق نار في المواجهات.

نزع ام تسليم الاسلحة

مقاتلو جيش المهدي الذي خبأوا اسلحتهم الثقيلة ظهروا بحقائب تحوي ماخف حمله من اسلحة غادروا بها لمدنهم وقراهم مع القادمين للزيارة. فلم يسلم احد اسلحته للشرطة العراقية التي كانت حددث ثلاثة اماكن في النجف لاستلام تلك الاسلحة، بينما انشغل من يسكن منهم في المدينة المقدسة بدفن مايستطيع من القتلى.
وتنص الاتفاقية على نزع الاسلحة من النجف والكوفة وخروج المقاتلين المسلحين من المدينتين وعدم العودة اليهما، الا انهالا تتحدث عن تسليم الميليشيا اسلحتها للسطات العراقية التي انتشرت عنصر من شرطتها في المدينتين لحفظ الامن فيهما.

لغة التحدي مازالت تسمع من قبل اتباع الصدر الذين يقولون اننا بحاجة لوقت اطول لمغادرة المدينة ونزع الاسلحة الذي كان حددته الاتفاقية العاشرة من صباح اليوم (الجمعة) حسب التوقيت المحلي. وقالوا انهم سيعودون للقتال لو تردت الاوضاع من جديد.

الشيخ احمد الشيباني المتحدث باسم السيد مقتدى الصدر اخبر صحفيين اليوم بان اسلحة الميليشيا لن تسلم للشرطة العراقية وقال إن المقاتلين "سيخبئون اسلحتهم ولن تسلم الى الشرطة او الجيش العراقي".

واضاف ان "الجيش الاميركي يعتقد انه انهى جيش المهدي لكن مقاتلينا ما زالوا موجودين (...) وسيتمكنون من العودة الى مزاولة اعمالهم من جديد ولكن جيش المهدي سيبقى".

وكان السيد مقتدى الصدر طلب من اتباعه مغادرة المدينة ونزع اسلحتهم استجابة لمطالب المرجعية التي يشعر بالامتنان لتنفيذها كما قال في وثيقة وزعت في النجف صباح اليوم تحمل توقيعه وختمه.

من جهة اخرى اطلقت الشرطة العراقية سراح الشيخ علي سميسم كبير مساعدي الصدر الذي اعتقلته قبل ثلاثة ايام. وسيتوجه للنجف هذا اليوم من مكانه الذي اطلق صراحه فيه (بضيافة السيد حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي) اذ اثنى عليه الشيخ سميسم وعلى موقفه بعدم اقتحام الحرم العلوي) كما صرح بذلك لتلفزيون دبي صباح اليوم معبرا عن سعادة باتفاق السلام. وكانت عناصر من جيش المهدي قد اختطفت صهر وزير الدفاع العراقي مشترطة اطلاق سراح الشيخ علي سميسم لاطلاقه.

عدم ملاحقة

السيد قاسم داود وزير الدولة العراقي الذي تولى ملف ازمة النجف صرح بان الحكومة لن تطارد مسلحي جيش المهدي المتخلين عن اسلحتهم ودعاهم للاندماج في الحياة العامة مؤكدا عدم ملاحقة السيد مقتدى الصدر الذي كان رئيس الوزراء العراقي المؤقت اياد علاوي دعاه للدخول في الفعاليات السياسية العراقية وترشيح نفسه في الانخابات. وقد رفض الصدر وقتئذ المشاركة في أي نشاط او منصب سياسي حتى خروج الاحتلال على حد قوله.
من جانب اخر قتل جندي اميركي في حادث سير في الفلوجة مساء امس حين انقلبت السيارة التي كان فيها على احد الجسور قرب المدينة وهو ثالث جندي يقضي في حادث سير قرب المدينة خلال الايام العشرة الماضية.