بهاء حمزة من دبي: فجأة وجد أهل الإمارات أنفسهم أمام أزمة حقيقية يثار حولها جدل حاد من المتوقع أن يتصاعد خلال الأيام المقبلة خاصة إذا دخلت أطراف خارجية على الخط كما هو منتظر كون الموضوع يمثل أحد المطالب الاميركية المتكررة من اغلب الدول العربية والإسلامية.

الأزمة حول المناهج الدينية في الإمارات ومدى مناسبتها للعصر الحالي وقد ثارت لأول مرة في الإمارات أمس الأول فقط بعد نشر خبر في جريدة الشرق الأوسط يزعم وجود تقرير سري للجنة حكومية تتهم فيه المنهج الديني بالتخلف والسلبية مما يجعل الأطفال فريسة لكل من يحاول التأثير عليهم سواء كان باتجاه التطرف أو الانحراف. وما أن نشر التقرير حتى بادر وكيل وزارة التربية والتعليم والشباب الدكتور جمال المهيري بنفي وجود مثل هذا التقرير من الأساس متهما مراسل الصحيفة في الدولة بالتلفيق على اعتبار أن وجود مثل هذا التقرير لا يتعارض فقط مع السياسة التعليمية للوزارة وإنما يخالف توجهات الدولة والواقع الذي تعيشه ولاسيما فيما أشار إليه الخبر من وجود تحيز في منهج التربية الإسلامية لمصلحة الرجل دون المرأة مشيرا إلى أن المنهج لقي إشادة خاصة من مشيخة الأزهر الشريف التي تعد المرجع الديني الابرز للسنة في العالم.

وقال المهيري في تصريحات وزعت على الصحف المحلية والمراسلين المعتمدين في الدولة أن وثيقة منهج التربية الإسلامية استندت في إعدادها إلى 8 مرتكزات أساسية في مقدمتها دستور دولة الإمارات العربية المتحدة الذي ينص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وأن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، فضلاً عن تراث الدولة وتاريخها بوصفها جزءاً من التراث العربي الإسلامي مع مراعاة خصوصية بيئة الدولة، والسياسة التعليمية في الدولة التي تستند إلى الدين الإسلامي، ورؤية التعليم 2020 التي تهدف إلى جيل مسلح بالعلم والمهارات وملتزم بأهداف التنمية الوطنية بما يمكنه من توفير الأمن والرخاء لشعب الإمارات ، ووثيقة تطوير التعليم الأساسي والثانوي والسلم التعليمي الجديد وتقرير تقويم منهج التربية الإسلامية الصادر في عام 1998 ، ووثيقة المنهج الصادرة في حزيران/ يونيو 2001.

أما مدير مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية في وزارة التربية الدكتور عبيد بن بطي المهيري فقد اختار المبادرة بالهجوم على اعتبار انه خير وسيلة للدفاع إذ تساءل عن مصدر التقرير المذكور موضحاً أن جميع الجهات المنوط بها إصدار تقرير كهذا شاركت أو أشرفت واطلعت على وثيقة منهج التربية الإسلامية مشيرا إلى انه لم يسمع عن أي تقرير بخلاف تقرير الأزهر الشريف الذي يؤكد أن المنهج صالح لتحقيق الغرض الأسمى من تدريسه.

ورغم قوة رد الوزارة على التقرير المزعوم إلا انه ليس من المتوقع أن يسدل الستار على الأزمة في مهدها لعدة أسباب أبرزها أن مبدأ تغيير المناهج الدينية التي تدرس حاليا في مدراس الدول العربية مطلب اميركي ملح وهي بدأت صراحة بالضغط على الحكومة السعودية لتغيير منهج الدين المقرر على طلابها ضمن خطة إصلاحية شاملة تطالب بها الحكومة الاميركية وهو الأمر الذي يلقى صعوبة في تنفيذه خاصة في ظل وجود معارضة لا يستهان بها من أعضاء بارزين في المؤسسات الدينية في السعودية ذات النفوذ الواسع هناك. كما أن طلبا مشابها في طريقه إلى التنفيذ في مصر رغم معارضة البعض له هناك سواء لتعارضه مع مكانة مصر وسط الدول الإسلامية أو لكونه صادرا من الحكومة الاميركية التي لا تحظى بشعبية وسط المصريين . والأكيد أن اميركا سوف تسعى لاستغلال مناخ الجدل الإماراتي لتلقي بثقلها نحو تغيير المنهج بما يتوافق مع رغباتها خاصة أنها تتهم المناهج الدينية صراحة بأنها المسؤولة عن دفع نسبة كبيرة من الشباب العربي نحو التطرف وتولد في نفوسهم كراهية اميركا وإسرائيل.